بينما تتقدم القوات الإسرائيلية جنوبا في غزة، يشير المسؤولون الإسرائيليون إلى ما يمكن أن يكون هدفا مركزيا ومحفوفا بالمخاطر السياسية للمرحلة التالية من الحرب: السيطرة على المعبر الحدودي مع مصر.

منذ كانون الأول/ ديسمبر، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرارا أن "إسرائيل" لا تستطيع القضاء على حماس دون ممارسة سلطتها على المنطقة الحدودية الجنوبية لغزة، بما في ذلك معبر رفح المصري، الذي كان بمثابة نقطة عبور حيوية للأشخاص والمساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" ترجمته "عربي21".



وقال نتنياهو في أواخر كانون الأول/ ديسمبر: "محور فيلادلفيا – أو، بشكل أكثر دقة، حدود[قطاع غزة] الجنوبية – يجب أن يكون في أيدينا. يجب إغلاقه"، في إشارة إلى الطريق العازل على طول الحدود. وأضاف"ومن الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه".

قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كانت سلطات الحدود المصرية و"حماس" تدير جانبي معبر رفح، الذي يقع على محور فيلادلفيا، وهي أرض محظورة يبلغ طولها حوالي تسعة أميال وعرضها عدة مئات من الياردات وتمتد من أقصى الطرف الجنوبي من قطاع غزة إلى البحرالابيض المتوسط. ولم يكن لإسرائيل أي قوات على الأرض على طول الحدود منذ عام 2005، عندما سحبت الدولة قواتها من قطاع غزة.


وستكون إعادة السيطرة الإسرائيلية على المنطقة أمرا حاسما لخلق "وضع استراتيجي جديد في غزة" حيث تكون حماس غير قادرة على مهاجمة "إسرائيل" مرة أخرى، وفقا لمايكل ميلشتاين، الزميل البارز في جامعة رايخمان والرئيس السابق للشؤون الفلسطينية في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.

لقد ألحقت الحملة العسكرية الضرر بحماس، لكن من المعتقد أن الجماعة لا تزال تقود آلاف المقاتلين. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن كبار قادتها ما زالوا أحرارا، كما أن الكثير من شبكة أنفاقها، خاصة في الجنوب، سليمة.

وقال ميلشتاين: "يجب أن تسيطروا على هذا المحور، بما في ذلك معبر رفح الحدودي. وإلا فإن ذلك يعني أنه إذا كان هناك وقف لإطلاق النار أو حتى تسوية أوسع في غزة، وستظل الحدود بأكملها مفتوحة، فإن حماس ستحصل بسرعة كبيرة على كل ما تحتاجه هذه المنظمة من وجهة النظر العسكرية" وتعيد تشكيل نفسها.

لكن فكرة عودة القوات الإسرائيلية إلى الحدود أطلقت أجراس الإنذار في القاهرة، التي قالت في الأسابيع الأخيرة إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تخاطر بتقويض معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية لعام 1979 - وهي اتفاقية أدت إلى نصف قرن من التعايش المشترك. والتعاون بين الأعداء اللدودين.

وأوضحت مصر أنها تعتبر الحدود خطا أحمر.

وقال ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، في بيان له الأسبوع الماضي: "يجب التأكيد بشكل صارم على أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه سيؤدي إلى تهديد خطير للعلاقات المصرية الإسرائيلية".

وتبادل المسؤولون والمعلقون المصريون والإسرائيليون الاتهامات هذا الشهر حول الجهة المسؤولة عن تهريب الأسلحة إلى حماس في غزة، مما يكشف عن تزايد الصدوع في العلاقة التي كانت بمثابة حجر الأساس للاستقرار في منطقة مضطربة.

وقال عضو سابق في البرلمان المصري، محمد أنور السادات، ابن شقيق أنور السادات، الرئيس المصري الذي وقع على معاهدة عام 1979 والذي تم اغتياله لاحقا: "هناك نقص في الثقة أو التفاهم من الجانبين، وهو أمر لم نعتد عليه.. بصراحة، نعتقد أننا عدنا إلى المربع الأول عندما يتعلق الأمر بعلاقتنا مع إسرائيل – إلى السبعينيات".

ولطالما دعت مصر إلى حق تقرير المصير للفلسطينيين، بينما كانت بمثابة محاور رئيسي بين "إسرائيل" والسلطات الفلسطينية. لم تكن العلاقات بين "إسرائيل" ومصر دافئة على الإطلاق، لكن البلدين طورا شراكة أمنية وثيقة في السنوات الأخيرة وكانا يسعيان إلى علاقات أعمق في مجالي الاقتصاد والطاقة.

ومنذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة بعد انقلاب عسكري عام 2013، دمرت مصر مئات الأنفاق المستخدمة لتهريب الأسلحة والبضائع من وإلى غزة. كما قامت الحكومة بتهجير عشرات الآلاف من سكان شمال سيناء وهدمت المباني القريبة من الحدود لإنشاء منطقة عازلة عسكرية بعمق حوالي ثلاثة أميال.

وفي الوقت نفسه، سمحت "إسرائيل" لمصر بإرسال قوات عسكرية إلى سيناء لمحاربة المسلحين التابعين لتنظيم ولاية سيناء، بما يتجاوز ما سمحت به معاهدة 1979.

وقال سمير فرج، وهو جنرال مصري سابق ومسؤول دفاعي، إن التعاون الأمني "كان ممتازا – حتى السابع من تشرين الأول/ أكتوبر".

وقد أثارت الإشارة من جانب "إسرائيل" بأن مصر فشلت في اتخاذ إجراءات صارمة ضد التهريب على نحو كاف، وترا حساسا بين المسؤولين المصريين، الذين يعتبر الأمن أمرا بالغ الأهمية بالنسبة لهم. ومن وجهة نظر القاهرة، فقد أقدم السيسي بالفعل على مخاطر سياسية كبيرة من خلال تعزيز الحصار الإسرائيلي على غزة، حتى في الوقت الذي يبحث فيه أكثر من مليون فلسطيني نازح عن الأمان في رفح.

وقال أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية، في برنامج حواري حديث: "مصر تسيطر بشكل كامل على حدودها".

وقدم رشوان، رئيس الإعلام الحكومي، دفاعا مطولا عن الجهود التي تبذلها مصر للقضاء على التهريب - مشيرا، من بين تدابير أخرى، إلى جدار خرساني بعمق 20 قدما شيدته مصر على طول الحدود في السنوات الأخيرة. وانتقد تلميحات "إسرائيل" بأن المسلحين يستحوذون على المساعدات الإنسانية لأغراضهم الخاصة.

وقال: "إن أي ادعاء بأن عمليات التهريب تتم عبر شاحنات تحمل مساعدات وبضائع إلى غزة من الجانب المصري لمعبر رفح هو كلام فارغ وسخيف".

وكانت التوترات بين البلدين مرتفعة بالفعل بعد دعوات المشرعين الإسرائيليين اليمينيين إلى تهجير سكان غزة إلى سيناء، وهو سيناريو كابوس لمصر. كما وجهت الحرب في غزة ضربة أخرى للاقتصاد المصري المتعثر: فقد انخفضت عائدات السياحة، وانخفض الدخل من الشحن عبر قناة السويس بعد أن بدأ المسلحون الحوثيون في اليمن بمهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر احتجاجا على الحرب.

وقالت ميريت مبروك، مديرة برنامج الدراسات المصرية في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن: "إن الضغط المفروضة على مصر في الوقت الحالي أمر غير عادي. إن أمن مصر يعادل أمن "إسرائيل"، لذلك عندما تستمر في محاولة زعزعة استقرار مصر، أو إذا كنت تتقدم بطريقة من المحتمل جدا أن تزعزع استقرار مصر، فهذا ليس في مصلحتك".

وقال فرج، الجنرال السابق، إن مصر تدرس مجموعة من الخيارات للرد إذا سيطرت القوات الإسرائيلية على المنطقة الحدودية، لكنه امتنع عن الخوض في التفاصيل.

وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي، السبت، إن العلاقات مع مصر "مستمرة وطبيعية" بعد تقارير أفادت بأن القاهرة تدرس استدعاء سفيرها من تل أبيب.

وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية هذا الأسبوع أن الجيش الإسرائيلي لن يقوم بعملية برية على طول ممر فيلادلفيا إلا بموافقة المسؤولين المصريين.

وقال ميلشتاين إن الحفاظ على علاقتها مع القاهرة هو "اعتبار مهم للغاية من وجهة النظر الإسرائيلية".


قال دبلوماسي عربي سابق مطلع على مخاوف القاهرة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة هذه القضية الحساسة، إن القوات الإسرائيلية على طول الحدود من المرجح أن تصبح أهدافا لحماس أو المسلحين المتحالفين معها، مما سيوصل العنف إلى عتبة مصر مباشرة ويقف في طريق السلام الدائم.

وأضاف الدبلوماسي أن استيلاء إسرائيل على المعبر الحدودي سيقطع أيضا الرابط الجغرافي لمصر مع غزة، مما قد يقوض نفوذ مصر مع حماس ويضعف دورها كوسيط بين السلطات الإسرائيلية والفلسطينية. وتواصل مصر، إلى جانب قطر والولايات المتحدة، لعب دور رئيسي في المفاوضات بين إسرائيل وحماس بشأن وقف محتمل لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

وقال خالد الجندي، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط، إن "مجرد وجود" الجيش الإسرائيلي في غزة "من المرجح أن يظل مصدرا للعنف المستمر.. إذا قالت إسرائيل: 'لن نغادر غزة أبدا'، فيمكننا أن نتطلع إلى تمرد دائم".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة مصر محور فيلادلفيا مصر غزة الاحتلال محور فيلادلفيا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الإسرائیلیة على طول الحدود فی غزة

إقرأ أيضاً:

تصاعد الانتقادات لإسرائيل بسبب تسليح مليشيا أبو شباب بغزة

تصاعدت داخل إسرائيل انتقادات لإقدام حكومة بنيامين نتنياهو على تسليح ما تعرف باسم مليشيا ياسر أبو شباب بهدف الحد من نفوذ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين لم تكشف هويتهم أن مليشيا أبو شباب "لها سجل في تنفيذ هجمات ضد إسرائيل وعلاقات مع تنظيم الدولة الإسلامية، وتاريخ إجرامي".

بدوره، قال زعيم حزب إسرائيل بيتنا، أفيغدور ليبرمان، إن "المليشيات التي يسلحها نتنياهو أطلقت صواريخ على إسرائيل وقاتلت مصر مع تنظيم الدولة ويجب ألا تسلح".

وأضاف ليبرمان الذي سبق له تولي وزارتي الدفاع والمالية في إسرائيل أن "المليشيات التي يسلحها نتنياهو شاركت في عمليات قتل فيها 13 جنديا إسرائيليا، وضالعة في أسر الجندي الإسرائيلي (جلعاد) شاليط".

تعمل بالتهريب

وبينما نقل موقع "والا" الإسرائيلي عن مصادر أمنية أن مليشيا أبو شباب انتقلت مؤخرا إلى تنفيذ عمليات هجومية ضد حركة حماس، فقد انتقد المحلل السياسي الإسرائيلي آفي إشكنازي "إقدام نتنياهو على تسليح جماعات إجرامية بغزة" عوضا عن إيجاد ما سماه "بديلا حقيقيا لحماس".

يأتي ذلك بعد أيام من إقرار نتنياهو بتسليح مليشيا في غزة، بزعم استخدامها ضد حركة حماس، وهذا بعد أن كشف ذلك وزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان.

إعلان

وفي يوم الجمعة الماضي قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن "المليشيا التي تسلحها إسرائيل في قطاع غزة تعمل بالتهريب والابتزاز ولا تهتم بالقضية الفلسطينية" وإن "جهاز الأمن العام (الشاباك) دبر عملية سرية لتسليح مليشيا فلسطينية في غزة خلال الأشهر الأخيرة، وذلك بموافقة مباشرة من نتنياهو وبهدف تحدي حماس في جنوب قطاع غزة، عبر تعزيز جماعة بدوية في رفح، لطالما عارضت الحركة الإسلامية".

وحسب الصحيفة، فقد تم نقل ما بين عشرات ومئات المسدسات والبنادق من إسرائيل إلى الجماعة في رفح، مضيفة أنه "يُقال إن المجموعة ليست تابعة لتنظيم الدولة في سيناء، لكنها تحافظ على علاقات اقتصادية وثيقة مع التنظيم".

وقالت الصحيفة إن "مسؤولين أمنيين ناقشوا هذا النهج مرارا خلال الحرب، ولا سيما كيفية التعامل مع الكميات الكبيرة من الأسلحة التي ضُبطت في غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023″، مشيرة إلى أن أحد المقترحات كان يتمثل في إعادة إدخال هذه الأسلحة إلى غزة، وتسليح الفصائل المناهضة لحماس، وهذا ما حدث بالفعل.

و"صرح مسؤولون أمنيون بأن المبادرة انطلقت من الشاباك الذي تربطه علاقات طويلة الأمد بهذه الجماعة، ودعم الجيش الخطة كجزء من إستراتيجية أوسع لإضعاف حماس"، وفق الصحيفة.

مقالات مشابهة

  • بعد أكل اللحمة .. احترس من علامات النقرس
  • سكان حدود هولندا يفتشون السيارات بحثا عن مهاجرين والحكومة تحذّر
  • تصاعد الانتقادات لإسرائيل بسبب تسليح مليشيا أبو شباب بغزة
  • أهدرت عائلته دمه.. من هو ياسر أبو شباب قائد القوة الجديدة في جنوب غزة؟
  • التجارة المصرية الإيرانية تنظر السماح الأمريكي
  • تفاصيل توتر على الحدود الشرقية بسبب تسلل “حراكة جزائريين” يوم العيد
  • أطباء بلا حدود: الكوليرا تحصد الأرواح في السودان وانهيار كامل للمنظومة الطبية
  • أمريكا تدرس منح 500 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية بناء على طلب إسرائيل
  • الاتحاد الأوروبي يبحث فرض عقوبات جزئية على “إسرائيل”
  • الاتحاد الأوروبي يبحث فرض عقوبات على إسرائيل