رؤية عمان 2040 تسرع خطاها نحو الاستدامة والتنويع
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
تسهيلات مستمرة للاستثمار.. وروافد جديدة للتمويل الخاص والحكومي للمشروعات التي تعزز آفاق التنويع
الخطة العاشرة تعمل على رصد مستمر للفرص والتحديات، وخطة تطوير القطاع المالي تقدم مهم يحسب لجهود التنويع
صندوق عمان المستقبل أحد نتائج التحسن في الوضع المالي والذي أتاح الموارد لتعزيز النمو والتنويع
مسارات إيجابية لجهود جذب الاستثمارات:
تحسن الجاذبية الاستثمارية يسهم في زيادة التدفقات رغم تحديات بيئة الاستثمار العالمية
خطط التنويع الطموحة تجتذب المشروعات النوعية
تركيز على القطاعات المستهدفة والمشروعات ذات العوائد الاستثمارية
يشهد تحقيق مستهدفات محور الاقتصاد والتنمية ضمن رؤية عمان 2040 تقدما لافتا مع تسارع جهود التنويع الاقتصادي وتنفيذ المبادرات التي تستهدف تحفيز الاقتصاد ودعم القطاع الخاص عبر تسهيل الإجراءات وفتح روافد جديدة للتمويل الخاص والحكومي للمشروعات التي تعزز آفاق التنويع، والتوجه المتزايد نحو الاستفادة من الموارد في المشروعات التنموية ذات العوائد الاستثمارية الملموسة.
وقدمت الجهود الحكومية عديدا من المبادرات المهمة لتشجيع الاستثمارات الجديدة وتعزيز روح المبادرة لدى رواد الأعمال والقطاع الخاص، وتوسعة مظلة التمويل الحكومي والخاص وإيجاد خيارات متعددة ومبتكرة تواكب احتياجات مختلف الشرائح في بيئة الأعمال.
وخلال الفترة الأخيرة، وسّعت سلطنة عمان مظلة التمويل الحكومي بإعادة تنظيم بنك التنمية ورفع رأسماله وحجم ما يقدمه من تمويل، وتلاه تدشين عمل صندوق عمان المستقبل ثم جاء إعلان خطة تطوير القطاع المالي والمصرفي وسوق رأس المال ليعزز من روافد التمويل المتاحة عبر القطاع الخاص ويقدم في الوقت نفسه دفعة قوية لزيادة الاستثمارات في القطاعات المستهدفة ضمن الخطة العاشرة لدعم التنويع، وتأتي هذه المبادرات ضمن الجهود المتسارعة التي تتم منذ انطلاقة تنفيذ رؤية عمان المستقبلية وخطتها الخمسية العاشرة لتسريع تحقيق المستهدفات التي تتركز خلال هذه المرحلة على محور الاقتصاد والتنمية لإنجاز تحسن مستمر في المشهد في بيئة الأعمال وزيادة جذب الاستثمارات وتوسعة نطاق القطاعات التي تعزز التنويع الاقتصادي.
تتزامن هذه الجهود، وتتزايد فعاليتها أيضا، مع التحسن الكبير في وضع الاستقرار المالي كممكن أساسي لإنجاح طموحات رؤية عمان 2040 التي مضى من مدة تنفيذها ثلاثة أعوام حتى الآن شهدت خلالها سلطنة عمان تراجعا حادا في حجم الدين العام وانخفاضا جيدا في حجم الفوائد المستقبلية للقروض، وتحسنا كبيرا في تصنيفها الائتماني بفضل النتائج التي حققتها في تحسين أوضاعها المالية ووضع الاقتصاد على طريق النمو والتعافي.
ويعد الهدف الرئيسي للجهود والخطط والمبادرات التي تتم ضمن محور الاقتصاد والتنمية هو دعم القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الجديدة مع اعتماد الرؤية المستقبلية وخطط التنمية على هذا القطاع كمحرك للنمو وتوليد فرص العمل، وضمن العمل على ذلك، يتم المضي في خطة التخصيص التي من بين أهم أهدافها إفساح الطريق لعمل القطاع الخاص وقد حددت الحكومة توجهات الاستثمار في شركاتها التابعة لجهاز الاستثمار العماني بما يدعم القطاع الخاص ولا يمثل منافسة لأنشطته.
وتحرز جهود دعم القطاع الخاص وزيادة نطاق التنويع الاقتصادي عديدا من النتائج تعكسها مؤشرات ملموسة كما يمهد ما يُطرح من مبادرات لتحقيق المزيد في الاتجاه نفسه، حيث يتزايد الإقبال على الفرص المتاحة في قطاعات التنويع والإعلان عن مشروعات مهمة في هذه القطاعات، كما ترصد الإحصائيات نموا مستمرا في حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة، وأيضا استمرار النمو الاقتصادي بمعدلات جيدة في قطاعات التنويع الاقتصادي التي حققت قيمة مضافة جيدة ومتزايدة للاقتصاد الوطني على مدى السنوات الثلاثة الماضية.
وتستهدف الخطط التنموية تحقيق زيادة مطردة في إسهام القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي للوصول للنمو المستدام، ولهذا يعد من أهم مؤشرات النجاح لهذه المستهدفات جذب المزيد من تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وفق مستهدفات رؤية عمان 2040، وجذب تدفقات أعلى إلى قطاعات التنويع الاقتصادي حيث ما زال الحجم الأكبر من الاستثمارات حتى الآن يتركز في أنشطة النفط والغاز، ويجدر الإشارة في هذا الصدد إلى تغييرات إيجابية في توجهات الاستثمار الأجنبي في سلطنة عمان من خلال مسارات عديدة منها ارتفاع معدلات تدفق الاستثمارات رغم البيئة العالمية غير المواتية والتي تشهد تحديات تحد من إقبال المستثمرين الدوليين على ضخ الاستثمارات، وما تحققه خطط التنويع الطموحة من قدرة على فتح فرص واعدة وجاذبة للاستثمارات مثل الطاقة المتجددة، والتركيز المتزايد على القطاعات المستهدفة والمشروعات ذات العوائد الاستثمارية المجدية.
ومع توجه سياسات النمو ضمن الخطة الخمسية العاشرة لرصد مستمر للفرص والتحديات، يأتي تذليل عقبة التمويل وتوسيع مظلته كتقدم جديد يحسب لجهود التنويع، ويؤكد على تسخير الجهود والموارد وتقديم كافة أوجه الدعم للمشروعات الجديدة والقائمة في القطاعات المستهدفة كركائز للتنويع الاقتصادي، ويعد من الدلالات المهمة في ذلك نوعيات المشروعات التي تم الموافقة عليها ضمن الحزمة الأخيرة من التمويلات التي قدمها بنك التنمية في قطاعات الأمن الغذائي والصناعات التحويلية والتعليم والثروة السمكية وما حققه البنك من نسب نمو عالية بلغت 86 بالمائة في الموافقات على القروض لتصل إلى 128 مليون ريال عماني بنهاية 2023، وتخطي حجم المحفظة الإقراضية للبنك 236 مليون ريال عماني وبنسبة زيادة بلغت 26 بالمائة مقارنة مع عام 2022، ويعكس ذلك الدعم الكبير لمبادرات رواد الأعمال والقطاع الخاص في تأسيس مشروعات نوعية في القطاعات المستهدفة للتنويع الاقتصادي.
ومع بدء نشاط صندوق عمان المستقبل، من المتوقع أن يقدم الصندوق دورا فعالا في تشجيع الاستثمارات النوعية التي تمثل قيمة مضافة مهمة لقطاعات التنويع، كما أن تدشين هذا الصندوق، يعكس استفادة سلطنة عمان من جهودها نحو تحسين الوضع المالي مما أتاح توجيه جانب أكبر من مواردها المالية لتعزيز النمو ودعم القطاع الخاص برأسمال للصندوق نحو ملياري ريال عماني و10 بالمائة من المحفظة التمويلية لدعم مشروعات رواد الأعمال.
وفي القطاع المصرفي والمالي، من المتوقع أن تسهم المبادرات التي تم إعلانها ضمن خطة تطوير القطاع في رفع إسهام القطاع المالي في التمويل وفي تعزيز دور القطاع في نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتطمح الخطة إلى التغلب على تحديات عديدة تحد من دور القطاع المالي منها معدلات التوطين لبعض الأنشطة مثل التأمين والإطار التشريعي المنظم للاستثمار في القطاعات غير التقليدية مثل التقنيات.
وفي الوقت الحالي يعد القطاع المالي من أهم مصادر التمويل ومكون أساسي في بنية الاقتصاد، ومع هذه المكانة هناك إمكانية كبيرة لزيادة دوره في دعم توجهات الاقتصاد نحو التنويع من خلال تعزيز نمو القطاع نفسه وتوسعة خيارات التمويل المتاحة عبر القطاع، وقد تم خلال العام الماضي تنفيذ مبادرات مهمة ضمن برنامج "استدامة" منها تدشين أنشطة مزود السيولة وصانع السوق ضمن خطط طموحة لتوسعة بورصة مسقط وزيادة تنافسيتها إقليميا وعالميا، وتتيح المبادرات الأخيرة التي أعلنها برنامج "استدامة" ضمن خطة تطوير القطاع المالي مزيدا من التوسع والتنويع في أنشطة القطاع المالي خاصة تعزيز صناعة التأمين الوطنية وتشجيع الدور الاستثماري في الأنشطة المصرفية ودعم أنشطة رواد الأعمال والقطاع الخاص، وتشجيعهم على الاستفادة من إمكانيات التمويل الواسعة في سوق رأس المال خاصة عبر بورصة مسقط، وسيكون أحد المؤشرات المهمة لنجاح مستهدفات خطة تطوير القطاع المالي حجم الزيادة في الاكتتابات وإدراج شركات جديدة في البورصة، بما في ذلك مؤسسات من قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة التي تجد اهتماما كبيرا يثبت أقدامها نحو النمو وجذب التمويل والاستثمارات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التنویع الاقتصادی القطاع الخاص رواد الأعمال رؤیة عمان 2040 فی القطاعات سلطنة عمان
إقرأ أيضاً:
المشاط تُشارك في أول مؤتمر بحثي لصندوق النقد الدولي بالقاهرة بالتعاون مع الجامعة الأمريكية
شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في الجلسة الختامية للمؤتمر البحثي الأول الذي عقده صندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالقاهرة، بالتعاون مع كلية أنسي ساويرس لإدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية، تحت عنوان «توجيه سياسات الاقتصاد الكلي والسياسات الهيكلية في ظل مشهد اقتصادي عالمي متغير» بحضور السيد/ نايجل كلارك، نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي، والسيد/ جهاز أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بالصندوق، ونخبة من المتخصصين والأكاديميين الدوليين ومحافظي البنوك المركزية،
كما شارك في المؤتمر السيد/ فرانسوا بورغينيون، الرئيس الفخري، كلية باريس للاقتصاد، ووالسيد/ باري آيشنغرين، استاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا، والسيد/ مارتن جالستيان، محافظ البنك المركزي لأرمينيا، والسيد/ يوسف بطرس غالي، عضو المجلس المتخصص للتنمية الاقتصادية، كما شارك في المؤتمر الدكتور محمود محي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل أجندة التنمية المستدامة 2030، ونخبة من المتخصصين ومسئولي مؤسسات التمويل الدولية والأكاديميين.
واستعرضت الدكتورة رانيا المشاط، تطورات الاقتصاد المصري والنموذج الاقتصادي الجديد الذي تسعى الحكومة إلى انتهاجه وسط التطورات الاقتصادية إقليميًا وعالميًا. وتحدثت عن التقارير الدورية التي تصدر عن صندوق النقد الدولي، والتي تؤكد على أهمية تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي في مصر، والتنسيق الفعال بين السياستين المالية والنقدية، وانعكاس تلك السياسات على المجتمع والمستثمرين، وخلق بيئة اقتصادية جاذبة للاستثمارات الخاصة، موضحة أن هذا النهج الذي اتبعته مصر منذ سنوات حقق تحولات حقيقية في الاقتصاد المصري.
وأكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن الحكومة منذ مارس 2024، تسعى إلى تحقيق تغيير نوعي في النموذج الاقتصادي حتى لا يتكرر التعرض للصدمات الداخلية والخارجية التي كانت تحدث في السابق، وتؤثر سلبًا على برامج الإصلاح الاقتصادي، مشيرة إلى أن الدولة تتبع سياسات مالية ونقدية أكثر تناغمًا وتنسيق مستمر بين وزراء المجموعة الاقتصادية، وإدراك من المواطن بأهمية الإصلاح، مما يعزز قدرة الاقتصاد على التكيف مع المتغيرات، ويسهم في زيادة التنافسية، وجذب المزيد من الاستثمارات.
كما تطرقت إلى استمرار الحكومة في تقليص حجم الاستثمارات العامة من أجل إفساح المجال للقطاع الخاص، مضيفة أنه نتيجة لذلك، عند تحليل هيكل النمو الاقتصادي اليوم، نلاحظ أن قطاع الصناعات التحويلية غير البترولية أبرز القطاعات المساهمة في هذا النمو، إلى جانب أن الصادرات المصرية بدأت تشهد انتعاشًا ملحوظًا، وهو ما يعكس الأثر الإيجابي لتطبيق نظام سعر صرف مرن.
وتابعت: «من أجل الخروج من الحلقة المفرغة التي عانى منها الاقتصاد المصري في الفترات الماضية، تعمل الدولة على اتباع سياسات مالية ونقدية متسقة، وخلق نموذج اقتصادي جديد، يُعزز استقرار الاقتصاد الكلي، ويتبع إصلاحات هيكلية شاملة ومستمرة، تؤدي بدورها إلى تحقيق التنمية الشاملة والنمو المستدام، وهو ما ينعكس على زيادة الموارد، ويحفز الاستثمارات المحلية والأجنبية، ويدعم المرونة، والتنافسية».
وفي هذا السياق، أعلنت الدكتورة رانيا المشاط، أن الشهر المقبل سيشهد الإعلان عن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التي تؤسس لهذا النموذج الاقتصادي الجديد، الذي يُدعم تحول الاقتصاد المصري من القطاعات غير القابلة للتداول، إلى القطاعات القابلة للتداول والتصدير، ويدعم النمو والتشغيل، ارتكازًا على سياسات كلية شاملة وفعالة، وإجراءات محفزة للاستثمار الأجنبي المباشر، واستراتيجيات واضحة لتوطين الصناعة وتشجيع المنتج المحلي ودعم التحول إلى الاقتصاد الأخضر، استنادًا إلى المميزات النسبية في الاقتصاد المصري والتطور الكبير في البنية التحتية واللوجستية على مدار السنوات العشر الماضية.
وذكرت أن تلك السردية تُسهم في المواءمة بين رؤية مصر 2030 وبرنامج عمل الحكومة المصرية في ظل ما طرأ من متغيرات محلية وإقليمية ودولية، لافتة إلى أن التوسع في مشروعات البنية التحتية كان ضروريًا في الفترة الماضية، من أجل بناء شبكة شاملة من البنية التحتية مثل الموانئ وشبكات الكهرباء والطرق، مما سهل جذب استثمارات القطاع الخاص، ومع ذلك، على المدى الطويل، فإنه يجب الاستفادة من تلك القطاعات لجذب الاستثمارات التي تخلق فرص العمل وتُعزز الإنتاجية.
ونوهت بأنه رغم أن الاقتصاد العالمي يمر بتحديات صعبة، من تباطؤ في النمو إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية، إلا أن مصر ترى في هذا التحول فرصة واعدة لتعزيز مكانتها في سلاسل القيمة العالمية، فرغم التحديات العالمية إلا أنها يمكن أن تفتح الباب أمام فرص استثمارية وصناعية ضخمة، تُسهم في خلق الوظائف وتعزيز الإنتاج المحلي.
وأضافت «المشاط»، أنه في إطار اضطلاع الوزارة بتعزيز العلاقات الاقتصادية مؤسسات التمويل الدولية، فقد مكن ذلك القطاع الخاص من الحصول على تمويلات ميسرة للقطاع الخاص، ساعدت في تقليل تكلفة التمويل وتقليل المخاطر خلال السنوات الخمس الماضية، مؤكدةً أن القطاع الخاص حصل على تمويلات ميسرة بقيمة 15 مليار دولار، منها 4.2 مليارات دولار في عام 2024، على الرغم من الظروف الجيوسياسية الصعبة في المنطقة.