الجزيرة:
2025-12-15@04:15:32 GMT

أحداث السابع من أكتوبر في ميزان النصر والهزيمة

تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT

أحداث السابع من أكتوبر في ميزان النصر والهزيمة

بعد أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول التي وَجَّهت حماس من خلالها ضربةً كبيرةً للأمن والجيش والمستوطنات الإسرائيلية، ردّت إسرائيل بحرب مدمِّرة على قطاع غزة، ألحقت خسائر فادحة في كلّ قطاعات المَدِينة دون استثناء. السؤال الذي يطرح نفسه بعد كل هذه الخسارة الناتجة عن تلك الحرب: هل تستحقّ عملية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول كل تلك الخسائر التي دفعها الشعب الفلسطيني في غزة؟ للإجابة عن هذا السؤال نحتاج إلى قراءة الحرب ونتائجها من عدة زوايا.

خسائر أطراف الحرب

استشهد في هذه الحرب حتى الآن أكثر من 25 ألف شهيد، ثلثاهم من الأطفال والنساء، وهناك أكثر من 63 ألف مصاب وجريح، واستشهد أيضًا أكثر من 347 فلسطينيًا، مع أكثر من 4000 جريح في الضفة الغربية التي تشير التقارير الإسرائيلية إلى أنها مرشحة لحالة انفجار قريبة. وتُقدِّر وتدّعي قوات الاحتلال الإسرائيلي أنّها قتلت أكثر من 8 آلاف مقاتل فلسطيني تابع لحركات المقاومة الفلسطينية في غزة.

ألحقت إسرائيل دمارًا شاملًا في البنية التحتية لمدينة غزة؛ إذ دمَّرت أكثر من 50٪ من عدد الوحدات السكنية، وشلَّت وأخرجت جميع مرافق البنية التحتية من الخدمة، وهجَّرت 85٪ من سكان غزة الذين نزحوا من مساكنهم بسبب الأضرار التي خلفها القصف؛ إذ ألقت إسرائيل 10 آلاف قنبلة وصاروخ على غزة حتى الآن.

وقد قدَّرت التقارير أن ما أُلقي على غزة من متفجرات حتى الثاني من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي قد بلغت قوته التفجيرية قوة القنابل النووية التي ألقيت على هيروشيما وناجازاكي في الحرب العالمية الثانية.

وأشار المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان إلى انعدام مصادر المياه الصالحة للشرب كليًّا؛ بسبب قطع إمدادات المياه عن غزة وانقطاع الوقود اللازم لمحطات تحويل وتوزيع المياه، ممّا تسبّب بانتشار الأمراض المنقولة والمعدية.

وأوضحت لجنةُ خبراء تابعة للأمم المتحدة أن أكثر من 90٪ من سكان القطاع أصبحوا يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وأن ربع السكان يعانون مستوياتٍ كارثيةً من الجوع.

أيضًا تعطل التعليم المدرسي؛ فقد أصاب الدمارُ 69٪ من المرافق التعليمية، وتوقف كثير من المرافق الصحية عن تقديم الخدمات الصحية، واستشهد 373 شخصًا من كوادرها ممّا فاقم أزمة القطاع الذي كان يعاني قبل الحرب. جميع الأرقام السابقة مرشحة للزيادة الكبيرة في ظل استمرار الحرب والعدوان الإسرائيلي على غزة.

في المقابل، لم يكن حجم الخسائر الإسرائيلية الناتجة عن الحرب على غزة بالقليل، وحسب اعترافات إسرائيل، فإن ما قُتل من عسكريين منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول (بمن في ذلك الجنود الذين قُتلوا يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، والجنود الذين قُتلوا في الحرب البرية، ومَن قُتل على الحدود مع لبنان، ومن قتل بحوادث ونيران صديقة) قد بلغ 561 جنديًا، وجُرح 2496 جنديًا إسرائيليًا، والعدد مرشح للزيادة في ظل الخسائر الكبيرة التي يتكبدها الجيش الإسرائيلي كل يوم في غزة وآخرها واقعة المغازي.

وقد قُتل من المدنيين الإسرائيليين يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 790 شخصًا، وبلغ عدد المصابين والجرحى المدنيين أكثر من 10 آلاف جريح، ونزح من الإسرائيليين ربع مليون إسرائيلي تقريبًا عن المستوطنات الموجودة على الحدود الشمالية والجنوبية.

ولا تزال حركات المقاومة في غزة محتفظةً بـ 132 أسيرًا إسرائيليًا منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول بعد أن بادلت عددًا منهم مع أسيرات فلسطينيات في الهدنة المؤقتة التي جرت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وأطلقت حركات المقاومة من غزة 14 ألف صاروخ، ضربت المناطق الإسرائيلية، بما فيها تل أبيب ومدينة القدس الشريف، ولا تزال قادرة على إطلاق الصواريخ من القطاع، وجميع هذه الأرقام قابلة لزيادة بين الحين والآخر

الربح والخسارة في ميزان حروب حركات المقاومة

صحيح أنّ حجم الفارق بين خسارةِ المقاومة الفلسطينية وحاضنتها الشعبية والخسارةِ النسبية التي تكبدتها دولة الاحتلال الإسرائيلي كبيرٌ، لكن يبقى ميزان الربح والخسارة في الحروب التي تقودها حركات المقاومة مختلفًا اختلافًا كليًّا عنه في الحروب التي تخوضها الدول والجيوش النظامية ضد بعضها، فالتاريخ يقول: دائمًا ما تكون خسارة المقاومة المادية أضعاف خسارة الدولة المحتلة، لكنْ مهما تكن خَسارة قوى المقاومة وحاضنتها الشعبية عظيمة، تبقَ أقلَّ ضررًا عند مقارنتها بالخسارة الناتجة عن استمرار الاحتلال لتلك الشعوب.

أيضًا لا تَقدر الدول المحتلة على تحمّل تكلفة الحرب حتى مع قلة خسائرها، وهذا ما يشهد به تاريخ حركات التحرر في العالم.

ويمكن إجمال ما حققته المقاومة الفلسطينية في هذه الحرب من نتائج ثانوية لصالح القضية الفلسطينية في عدة أمور:

على المستوى العسكري، استطاعت المقاومة أن تُبدِّد فكرة الجيش الذي لا يُقهر؛ فقد كشفت أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول حجم الوهْم والهالة المصطنعة التي تحيط دولة الاحتلال بها نفسَها، وأنَّ مجموعةً من المقاتلين الذين توفّرت لديهم الإرادة الجادّة وعنصر المباغتة استطاعوا أن يحققوا على الأرض ما لم تعهده دولة الاحتلال منذ تاريخ قيامها، وأن يكسروا الحاجز النفسي العربي، ويُبطلوا صحة مقولة الجيش الذي لا يُقهر.

كما استطاعت حرب الكرامة الأردنية عام 1968، وحرب السادس من أكتوبر/ تشرين الأول المصرية عام 1973، والمقاومة اللبنانية التي أجبرت إسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان عام 2000، أن تنهي حلم إسرائيل في التوسع الجغرافي خارج الأراضي الفلسطينية، فإنّ هزيمة الإسرائيلي في غزة – إذا ما وقعت- تعني انتهاءَ حلم إسرائيل في التوسع الجغرافي في الداخل الفلسطيني على حساب الشعب الفلسطيني وأراضيه، وبدايةَ تآكل المشروع الإسرائيلي، وبدايةَ العد العكسي لانتهاء هذا المشروع الطارئ على الأرض.

على المستوى السياسي، استطاعت المقاومة أن تعيد للقضية الفلسطينية حضورها، وتعيد وضعها على الطاولة في المحافل الدولية بعد أن كاد غبارُ النسيان أن يطويها، أعادت أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول حضور فكرة حل الدولتين لدى الساسة الأميركيين والأوروبيين، ذلك الحل الذي يرفضه اليمين الذي يُحكم السيطرة على الحكومة الإسرائيليّة، ويريد كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلها في الـ 67، ويريد التخلص من جميع السكان الفلسطينيين خارج فلسطين.

استطاعت العملية أن توقف دوران عجلة التطبيع العربي الإسرائيلي مؤقتًا، ذلك التطبيع الذي سيكون مصيره مرهونًا أيضًا بنتائج الحرب على غزة.

تمكنت عملية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من إرباك اليمين الإسرائيلي الحاكم الذي أدار المعركة بطريقة خلقت بينهم انقسامًا داخليًا، وانقسامًا حتى داخل حكومة الحرب المصغرة، وتصرفاتٍ ألحقت بإسرائيل خسارة كبيرة في العلاقات مع أقرب الداعمين لها.

وقد أوضحَ آخر استطلاعات الرأي أن الحرب قد أضعفت اليمين الإسرائيلي، وأنَّ خسارة كبيرة سوف تلحق بالأحزاب اليمينية المشكِّلة للحكومة الحالية لصالح المعارضة إذا ما جرت انتخابات مبكرة.

كما استطاعت الرواية الفلسطينية من خلال ردة الفعل الإسرائيلية أن تكشف حجم التوحّش الذي تتمتّع به دولة الاحتلال، واستطاعت العملية أن تستفز اليمين الإسرائيلي المنفلت، وتُخرج للإعلام أسوأ ما في العقلية الإسرائيلية ليتكشف للعالم وجمهورِ الدول الداعمة لإسرائيل حجمُ البربرية التي تتمتّع بها هذه الدولة.

وهذا ما انعكس على استطلاعات الرأي الأميركية التي رأى فيها الشباب الأميركي من سن 18 إلى 24 أنّ حلّ القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني – من وجهة نظرهم- يكون بإنهاء دولة إسرائيل وتسليمها للفلسطينيين، إذ ساعد الإعلام البديل ومواقع التواصل الاجتماعيّ في إظهار مشاهد التوحش الإسرائيلي على حقيقتها دون توجيه وتجميل.

أيضًا استطاعت مشاهد الحرب أن تجر إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية بجرائم الإبادة الجماعية، وقد تكون تلك اللحظةُ اللحظةَ الفارقةَ التي تُبدِّلت بها صورة إسرائيل من لعب دور الضحية الذي عاشته على مدار العقود الماضية إلى دور الجلاد الذي يرتكب الجرائم بحق الإنسانية.

متى تكون المقاومة منتصرة أو مهزومة؟

مع كل المكتسبات السياسية والعسكرية التي حققتها المقاومة على أهميتها، تبقى مكتسباتٍ هامشيةً وثانويةً في هذه الحرب، وسيبقى معيار النصر والهزيمة المباشر والمؤثر والرئيس محكومًا بنتائج الحرب النهائية على الأرض، التي ستنعكس على القضية الفلسطينية وتكون انعطافًا كبيرًا في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بعيدًا عن معيار الخسارة المادية في عدد الشهداء والمباني والبنى التحتية؛ فكل ذلك يمكن تعويضه، والأممُ لا تفنى، بل تتعافى سريعًا.

ويمكن أن نقول تنتصرُ المقاومة أو تُهزَم إذا تحقق لأيٍّ من طرفي الصراع نصر أو هزيمة في العناصر التالية:

1- إذا انسحبت إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها في غزة في نهاية الحرب؛ إذ يعني هذا الانسحاب أن إسرائيل لم تعد قادرة على فرض ما تريد على الأرض، وأن المقاومة مع حجم خسارتها الكبير استطاعت أن تفرض حالة جديدة في الصراع الإسرائيلي، وتنهي الزمن الذي تُحقِّق فيه إسرائيل كلّ ما تريد.

بينما ستكون المقاومة الفلسطينية مهزومة وخاسرة إذا استطاعت إسرائيل احتلال القطاع مجددًا والسيطرة عليه وتطويعه للسلطات الإسرائيلية بهدوء، وإعادة غزة إلى حالة ما قبل 2005، فتكون بذلك أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول خطوة للوراء في حركة النضال الفلسطيني.

2- سيكون انتصار المقاومة في بقاء جسمها وهياكلها التنظيمية فاعلة وقادرة على إعادة بناء وتجديد نفسها وبقاء جزء من قيادتها في المشهد العام والمشهد الإعلامي، والأهم من كل ذلك بقاؤها محتفظةً بسلاحها وقادرةً على إعادة بناء منظومتها العسكرية.

بينما ستكون هزيمة المقاومة في تفكيك ونزع سلاحها، وتفكيك المنظومة العسكرية والهياكل التنظيمية لحركات المقاومة الفلسطينية، والقبض على قادتها ومحاكمتهم أو قبول تهجيرهم إلى خارج غزة.

3- سيكون نجاح المقاومة في إجراء صفقة تبادل الأسرى الانتصارَ السياسيَ الكبيرَ الذي سيُمكِّنها من تحرير كثير من القيادات المؤثرة والفاعلة في نضال الشعب الفلسطيني، تلك القيادات التي يعني تحريرُها إعطاءَ دفعة كبيرة وخبرات نضالية وازنة لكل الفصائل الفلسطينية؛ ممّا سينعكس على كل حركات النضال والتحرر الفلسطيني.

لكن، إذا استطاعت إسرائيل تحرير أسراها بالقوة دون اضطرارها إلى الذهاب إلى صفقة تبادل أسرى مع المقاومة، فسيكون ذلك نصرًا سياسيًّا كبيرًا لإسرائيل حتى وإنْ قُتل بعضهم.

بلا شك، هذه الحرب حرب صفرية، إما أن تنتصر المقاومة وتتراجع إسرائيل ومشروعها، وإما أن تُسحق المقاومة -لا سمح الله- وتتقدم إسرائيل.

لا حلولَ وسطَ أو مقاربات وأنصافَ حلول أو ترحيلًا للأزمة إلى المستقبل في هذه الحرب، فإما النصر الكامل بدحر الاحتلال، وإما الهزيمة الكاملة، والواقعُ العسكريُّ في الميدان هو ما يحدد كل مفردات النصر والهزيمة بعد ذلك.

 

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أحداث السابع من أکتوبر المقاومة الفلسطینیة حرکات المقاومة دولة الاحتلال فی هذه الحرب تشرین الأول المقاومة فی ت المقاومة المقاومة ا ا استطاعت ت إسرائیل على الأرض أکثر من على غزة فی غزة التی ت

إقرأ أيضاً:

ما الذي تخشاه أوروبا من انهيار السودان؟

 

حظيت قضية تداعيات حرب السودان على أوروبا بنقاشات موسعة داخل البرلمان الأوروبي في بروكسل، في الجلسة التي جرى تخصيصها لبحث تطورات الصراع المستمر منذ أبريل 2023، وما بات يحمله من تداعيات تتجاوز الإطار الإنساني إلى تهديدات مباشرة تطال استقرار القارة الأوروبية، في مقدمتها الهجرة غير النظامية، وتصاعد نفوذ قوى متطرفة، وتدخلات إقليمية ودولية متشابكة.

التغيير _ وكالات
وجاء المؤتمر، الذي عُقد تحت عنوان “السودان في أزمة: من الاستجابة الإنسانية إلى السلام المستدام”، بمشاركة أعضاء في البرلمان الأوروبي وخبراء أمنيين وصحفيين وباحثين، ليعيد طرح سؤال ملح في بروكسل: لماذا لم تعد حرب السودان شأنا داخليا، بل مصدر قلق أوروبي متصاعد؟

ويرى محللون في حديثهم بحسب موقع “سكاي نيوز عربية”، أن استمرار الحرب في السودان يفتح جبهات تهديد غير تقليدية لأوروبا، تبدأ من تصاعد موجات النزوح والهجرة عبر شمال إفريقيا والبحر المتوسط، ولا تنتهي عند خطر تحول السودان إلى ساحة نفوذ لقوى معادية للمصالح الأوروبية.

تحذير أوروبي

أحد أبرز مصادر القلق الأوروبي، يتمثل في تداعيات الحرب على ملف الهجرة، إذ أكد رئيس قسم الاستخبارات الجيوسياسية في وكالة B&K، هيث سلون، أن استمرار النزاع يفاقم الانهيار الاقتصادي والأمني في السودان، ما يدفع بملايين المدنيين إلى النزوح، ويزيد من احتمالات توجه أعداد كبيرة منهم نحو السواحل الأوروبية عبر طرق الهجرة غير النظامية.

وأضاف أن الخطر لا يقتصر على الأعداد، بل يمتد إلى احتمالات تصدير الأيديولوجيات المتطرفة، في حال تحول السودان إلى ملاذ لشبكات متشددة مسلحة، وهو ما يضع أوروبا أمام تحديات أمنية مركبة.

سياسيًا، وصف خالد عمر يوسف، وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني السابق، الصراع الدائر بأنه أسوأ كارثة إنسانية في العالم، مؤكدًا أن الحرب لا يمكن حسمها عسكريًا، داعيًا أوروبا إلى لعب دور أكثر فاعلية عبر دعم خريطة الطريق السياسية، وتكثيف المساعدات الإنسانية، وتعزيز آليات تقصي الحقائق الدولية.

أزمة تجاوزت الحدود

وبحسب آخر تقرير للمعهد الأوروبي لدراسات الأمن، والذي اطلع عليه موقع “سكاي نيوز عربية”، فإن حرب السودان باتت أزمة لها أبعاد إستراتيجية وإنسانية تمتد إلى أوروبا، مع تأثيرات واضحة على الأمن الإقليمي والنفوذ الدولي، وسياسات الهجرة واللجوء، والالتزامات الإنسانية الأوروبية، وهو ما يعكس قلقًا أوروبيًا متزايدًا من استمرار الحرب وعدم قدرة خطط الهدنة الحالية على وقفها أو تحقيق استقرار حقيقي.

وأشار التقرير إلى تهديدات إستراتيجية تمتد إلى أوروبا، فالنزاع لا يبقى محصورًا داخل السودان فحسب، بل يتقاطع مع مصالح أمنية أوسع لأوروبا، بسبب الموقع الجيوسياسي للسودان على أبواب البحر الأحمر والممرات الاستراتيجية بين إفريقيا والشرق الأوسط، تداخل مصالح قوى إقليمية ودولية في الصراع، ما قد يعيد تشكيل التوازنات الأمنية في المنطقة ويؤثر في الأمن الأوروبي.

وبالرغم من أن التقرير يركز أكثر على البعد الأمني والإنساني، إلا أنه يؤكد ضمنيًا أن تفكك الدولة السودانية وتفاقم الأزمة يدفعان بمزيد من السكان للنزوح أو التوجه غربًا نحو شمال إفريقيا وأوروبا، وهو أمر سبق أن حذر منه خبراء أوروبيون في سياق تداعيات الحرب على سياسات الهجرة والحدود، مشددا على ضرورة أن يعزز الاتحاد الأوروبي آليات المساءلة عن الجرائم المرتكبة في السودان، ودعم جهود السلام المرتكزة على تعاون دولي وإقليمي، بدل الاكتفاء بالتصريحات الدبلوماسية.

وأوقفت ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، برنامج إعادة التوطين للاجئين منذ منتصف العام الجاري، في مؤشر على تصاعد المخاوف من ضغوط الهجرة غير النظامية التي يغذيها النزاع في السودان وأزمات مماثلة في مناطق أخرى.

الهجرة.. على رأس الأولويات

من برلين، قال خبير العلاقات الدولية ومنسق العلاقات الألمانية-العربية في البرلمان الألماني، عبد المسيح الشامي، إن الحرب الدائرة في السودان تحمل تداعيات على أوروبا بوجه عام، مشيرًا إلى أن “التأثير الأبرز يتمثل في موجات اللجوء المحتملة، في ظل النزوح الواسع الذي تشهده دول الجوار، إضافة إلى دول إفريقية أخرى، وصولًا إلى بلدان شمال إفريقيا مثل ليبيا وتونس والجزائر والمغرب، التي أصبحت بالفعل محطات رئيسية للمهاجرين”.

وأوضح الشامي في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “ملف الهجرة بات قضية حيوية للاتحاد الأوروبي، لا سيما في السياق السياسي الداخلي، حيث تحول إلى عامل انتخابي وأداة دعاية مركزية لدى عدد من الأحزاب الأوروبية، في إطار السعي للحد من تدفقات اللجوء وتقليص انعكاسات الصراعات والحروب في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم على الداخل الأوروبي”.

وأضاف أن “التأثير الأوروبي لا يقتصر على البعد الأمني أو السياسي، بل يمتد إلى البعد الإنساني، فالعالم بات مترابطًا على نحو يجعل من المستحيل عزل أي أزمة عن محيطها الدولي، واستمرار الحروب وما يصاحبها من انتهاكات يسهم في تصاعد مستويات العنف عالميًا، ويغذي مشاعر عدائية وصورًا نمطية تنتشر سريعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما يترك ارتدادات سلبية داخل المجتمعات المختلفة، بما فيها الأوروبية”.

الوسومأوروبا البرلمان الأوروبي بروكسل تداعيات حرب السودان تصدير الأيديولوجيات المتطرفة نقاشات موسعة

مقالات مشابهة

  • ما الذي تخشاه أوروبا من انهيار السودان؟
  • نتنياهو يدرس تعيين رئيس المحكمة العليا لتمثيل المعارضة في تحقيقات أحداث 7 أكتوبر
  • “المجاهدين الفلسطينية” تنعي قائد ركن التصنيع العسكري في كتائب القسام
  • الأحرار الفلسطينية”: انطلاقة حركة “حماس” شكلت علامة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية
  • المجاهدين الفلسطينية”: المقاومة والوحدة الجهادية هما السبيل لانتزاع كل الأرض والحقوق
  • خليل الحية: طوفان الأقصى كسر الردع الإسرائيلي وأعاد القضية الفلسطينية إلى الصدارة
  • من رجل القسام الثاني الذي اغتالته إسرائيل؟
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • لوموند: العنف الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية يُثير قلق المجتمع الدولي
  • «لوموند»: العنف الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية يثير قلق المجتمع الدولي