حكم عمل ختمة قرآن وهبة ثوابها للميت.. دار الإفتاء ترد
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم عمل ختمة قرآن ووهب ثوابها للميت والدعاء له؟ فبعض الناس عندما يتوفى لهم أحد من الأسرة، يقومون بدعوة الناس لقراءة القرآن الكريم في منزله، ويختمون قراءته كله، ثم يدعون ويهبون ثواب هذه القراءة للمتوفى، ويشفعون له بالمغفرة من الله تعالى، ولكن بعض الناس يعترضون على هذا العمل ويقولون إنه بدعة وحرام؛ علمًا بأن هذا العمل يزداد وينتشر يومًا بعد يوم، فما رأي الدين في هذا؟
. دار الإفتاء ترد
وقالت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، إن اجتماع المسلمين لعمل ختمة من القرآن الكريم أو قراءة ما تيسر من السور والآيات وهبة أجرها لمن توفي منهم، هو من الأمور المشروعة والعادات المستحسنة وأعمال البر التي توافق الأدلة الصحيحة والنصوص الصريحة، وأطبق على فعلها السلف الصالح، وجرى عليها عمل المسلمين عبر القرون مِن غير نكير. ومَن ادَّعى أن ذلك بدعةٌ فهو إلى البدعة أقرب.
وجاء الشرع الشريف بالدعوة إلى الاجتماع والتعاون بين المسلمين في أعمال الخير والبر؛ فقال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2]، ومن حثه على ذلك كان الأمر بالاجتماع على ذكر الله، حيث إن الاجتماع على ذكره تعالى من أفضل العبادات؛ قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45].
وجاءت النصوص من السنة النبوية ببيان ما أعده الله تعالى للمجتمعين على ذكره من جزيل عطائه؛ فهم ممن تحفهم الملائكة، وتغشاهم الرحمة، ويذكرهم الله تعالى فيمن عنده؛ فروى مسلم في "صحيحه" عن الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ أنه قال: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنهما شهدا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».
وأوضحت، أن الأمر باستحباب الاجتماع على ذكر الله تعالى عام يشمل كل حال وزمان ومكان، كما يشمل شتى أنواع الذكر لله تعالى من تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك من أنواع الذكر المحمود، وهو من باب أولى يشمل قراءة القرآن الكريم؛ لأنه أفضل الذكر كما جاءت بذلك النصوص من السنة الشريفة وتكاثرت بذلك أقوال الفقهاء؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ عَنْ ذِكْرِي وَمَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ"، وَفَضْلُ كَلَامِ اللهِ عَلَى سَائِرِ الكَلَامِ كَفَضْلِ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ» أخرجه الترمذي في "سننه" وحسنه.
كما أنه قد وردت النصوص من السنة النبوية الشريفة في خصوص استحباب اجتماع المسلمين على قراءة القرآن الكريم، وبيان ما أعد الله لهم على ذلك من جزيل الثواب؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «مَا مِنْ قَوْمٍ يَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقْرَءُونَ وَيَتَعَلَّمُونَ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
أما إهداؤهم ثواب قراءتهم لموتاهم: فهو أيضًا مما تواردت النصوص وآثار السلف الصالح على جوازه، وتوارثه المسلمون جيلًا بعد جيل.
فأما ما يستدل به من نصوص شرعية على جواز إهداء الموتى ثواب قراءة القرآن الكريم:
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرَّم وجهه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ مَرَّ عَلَى الْمَقَابِرِ، وَقَرَأ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً، ثُمَّ وَهْبَ أَجْرَهُ لِلْأَمْوَاتِ، أُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ بِعَدَدِ الْأَمْوَاتِ» خرَّجه الخلَّال في "القراءة على القبور" والسمرقندي في "فضائل قل هو الله أحد" والسِّلَفِي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء ختمة قرآن الدعاء القرآن صلى الله علیه وآله وسلم قراءة القرآن الکریم دار الإفتاء الله تعالى رضی الله ی الله ع الله عن
إقرأ أيضاً:
هل عدم استجابة الدعاء دليل على غضب الله من العبد؟.. رد حاسم لـ الإفتاء
هل عدم استجابة الدعاء دليل على غضب الله من العبد؟.. سؤال ورد على أذهان كثيرين حيث إن الإنسان منا يفتقر إلى خالقه في جميع شئونه، والدعاء هو أفضل وسيلة لطلب ما يحتاج إليه العبد من ربه، كما أنه من أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه فهو عبادة عظيمة أمرنا الله بها، وقد حثّ الله تعالى عباده على الدعاء، فقال في كتابه الكريم: "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ"، وجعل الدعاء سببًا لرفع البلاء، وجلب الخير، ولكن هل عدم استجابة الدعاء دليل على غضب الله من العبد.
وفي إطار الإجابة عن هذا السؤال، قال الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، إن الدعاء في حد ذاته عبادة ومن هذا المنطلق يجب على الإنسان منا النظر إلى الدعاء على أنه عبادة وأن الله يحب أن يسمعه من عبده، مشيرا إلى أن الله تعالى قد يستجيب من شخص دعاءه لأنه لا يحب أن يسمع صوته.
وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، في فيديو منشور على صفحة دار الإفتاء المصرية عبر فيسبوك، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هذه النظرة التشاؤمية كأن يدعو المسلم الله سبحانه وتعالى، ويلح في الدعاء ويقول دعوت الله ولم يستجب لي.
ونصح أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أنه الداعي بأن يحسن الظن في الله، مستشهدا بحديث ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: يَقُولُ اللهُ :" أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً".
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست أذكارًا بل عبادة عظيمة أمرنا بها الله تعالى في كتابه الكريم، فقال: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" [الأحزاب: 56].
والصلاة على النبي ﷺ سبب في رفع الدرجات، وغفران السيئات، وتفريج الكربات، وقد بشر النبي ﷺ من يُكثِر منها ببركات لا تُحصى في الدنيا والآخرة، فقال: "من صلّى عليّ صلاةً واحدة، صلّى الله عليه بها عشرًا" [رواه مسلم] ولكن كيف يستجاب الدعاء بالصلاة على النبي؟.
وكان أكد الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست شرطًا لقبول الدعاء، ولا يوجد عدد معين للصلاة عليه يجب الالتزام به حتى يستجاب الدعاء.
وكشف أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، في تصريحات تلفزيونية له، عن طريقة لإجابة الدعاء في بعض الأحاديث النبوية حيث ورد فيها استحباب البدء بالصلاة على النبي أو ختم الدعاء بها، لما لها من فضل كبير وأثر عظيم في استجابة الدعاء.
في هذا السياق، أكدت دار الإفتاء المصرية، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو رحمةُ الله للعالمين؛ فهو سببُ وصولِ الخير ودفْع الشر والضر عن كل الخلق في الدنيا والآخرة، وكما أنه صلى الله عليه وآله وسلم شفيعُ الخلائقِ؛ فالصلاةُ عليه شفيعُ الدعاء؛ فبها يُستجاب الدعاء، ويُكشف الكرب والبلاء، وتُستنزَل الرحمة والعطاء، وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم -وهو الصادق المصدوق- أنَّ الإكثار منها حتى تستغرق مجلس الذكر سببٌ لكفاية المرء كلَّ ما أهمه في الدنيا والآخرة.
وأضافت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكتروني، أن الصلاة على النبي وردت آثارُها عن السلف والأئمَّة بأنها سببٌ لجلب الخير ودرء الضر، وعلى ذلك جرت الأمَّةُ المحمديةُ منذ العصر الأول، وتواتر عن العلماء أن عليها في ذلك المعول؛ حتى عدوا ذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وآله وسلم المستمرَّة بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، وتواترت في ذلك النقول والحكايات، وألفت فيه المصنفات، وتوارد العلماء على النص على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإكثار منها في أوقات الوباء والأزمات؛ فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو رحمة الله تعالى لكل الكائنات.
3 بشائر في حالة عدم استجابة الدعاءوذكرت دار الإفتاء المصرية، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله يستجيب لدعوة عبده ما لم يتعجل، مشيرة إلى أنه يجب على كل مسلم أن يتحرى مطعمه ومشربه من مال حلال، وألا يدعو الله بدعوة فيها إثم أو يكون الغرض منها قطيعة الرحم بين الأهل والأقارب.
وفي حالة عدم إجابة الدعاء، ذكرت دار الإفتاء 3 بشائر لمن لا يستجاب دعاؤه وذلك فيما رواه أبو سعد الخدري عن الرسول صلى الله عليه وسلم "ما مِن عبدٍ يدعو اللهَ بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رحِمٍ إلا أعطاه اللهُ بها إحدَى ثلاثٍ :
1 - إما أن تُعجَّلَ له دعوتُه في الدنيا
وهي الحالة الأولى حيث يستجيب الله عز وجل لدعاء العبد، ويعجل له إجابته في الدنيا سواء كان دعاؤه بطلب زيادة في الرزق أو طلب تحقيق نعمة معينة.
2 - و إمَّا أن يَدَّخِرَها لهُ في الآخرةِ
وفي هذه الحالة يدخر الله سبحانه وتعالى الدعاء إلى يوم القيامة أجرًا له وليكفائه على دعائه بزيادة الدرجات ومغفرة عن الذنوب.
3 - و إمَّا أن يَدْفَعَ عنهُ من السُّوءِ مِثْلَها
وإما أن يرفع الله سبحانه وتعالى عن العبد ضررا، فيدفع عنه السوء بمقدار الدعاء الذي يدعو الله به تعالى.