الخليج الجديد:
2025-05-16@18:08:21 GMT

مخطّط القرن 20 للعراق ومخطّط القرن 21 للسعودية

تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT

مخطّط القرن 20 للعراق ومخطّط القرن 21 للسعودية

مخطّط القرن 20 للعراق ومخطّط القرن 21 للسعودية

تصبو خطّة نتنياهو وبايدن الكبرى لتغيير جيوستراتيجي مصيري بموقع المشرق في الساحة الدولية ليغدو جزءاً أبديّاً من المنظومة الأمنية الغربية بزعامة أميركا.

يُحاكي مخطط أميركا للسعودية مخطّطاً غربياً سالفاً، حاولت بريطانيا وأميركا فرضه على المشرق بالقرن الماضي عبر مشروع حلف بغداد المردَف بمشروع أيزنهاور.

كان غاية مخطّط القرن الماضي تعبئة المشرق العربي ضد الشيوعية السوفياتية، بينما غاية مخطط اليوم تعبئة المشرق العربي ضد روسياة بقيادة بوتين والصين في آن.

هدف مخطّط اليوم الجهنمي تجذير الخلاف البيني المذهبي الإسلامي وتجذيره، بين أهل السنّة والشيعة، وذلك باعتبار إيران الشيعية خطراً وجودياً على الأمة العربية.

يجاهر مخطط اليوم بأنه يحمل حل قضية فلسطين ويبشرنا بأن السر يكمن في دور السعودية بالذات لأنها المرشحة لتكون المرتكز الإقليمي لمخطط اليوم وحل قضية فلسطين معًا.

* * *

لم يعد خافياً ما يخطّطه الصديقان الحميمان المرشد بنيامين نتنياهو والمريد المدعو جو بايدن لمستقبل كلٍّ من إسرائيل والولايات المتحدة في المشرق العربي، بل ولمستقبل المشرق ذاته بأسره، فقد أصبح ما يخطّطانه واضحاً وضوح الشمس في ضحاها.

تصبو خطّة الصديقين الكبرى Master Plan إلى خلق تغيير جيوستراتيجي مصيري في موقع المشرق العربي في الباحة الدولية، بحيث يغدو جزءاً أبديّاً لا يتجزأ من المنظومة الأمنية الغربية برئاسة الولايات المتحدة، بما فيها الحلف الأطلسي المتنامي في أعقاب الحرب الأوكرانية، وذلك في وجه الدول العالمية الكبرى غير الموالية للغرب وعلى رأسها الصين وروسيا.

ويُحاكي هذا المخطط مخطّطاً غربياً سالفاً، حاولت بريطانيا والولايات المتحدة فرضه على مشرقنا في القرن الماضي عبر مشروع ما عُرف بحلف بغداد المردَف بمشروع أيزنهاور مع فوارق بين المخطّطين منها:

أولاً: كان العهد العراقي الهاشمي بقيادة نوري السعيد المخضرم المرتكز الأرخميدي Archamedean Fulcrum في مشروع مخطّط القرن الماضي، بينما مرتكز اليوم هو العربية السعودية بقيادة وليّ عهدها الشاب.

ثانياً: كان غاية مخطّط القرن الماضي تعبئة المشرق العربي في وجه الشيوعية السوفياتية، بينما غاية مخطط اليوم تعبئة المشرق العربي في وجه خليفة روسيا السوفياتية بقيادة بوتين Putin والصين في آن.

ثالثاً: كان هدف مخطّط القرن الماضي عملاً بمبدأ «فرّق تسد» العتيد إلى تجذير الخلاف العربي البيني وتأجيجه أي الخلاف بين الحواضر بغداد والرياض من ناحية والقاهرة الناصرية من الناحية الأخرى، بينما هدف مخطّط اليوم الجهنمي عملاً بالمبدأ إياه هو تجذير الخلاف البيني المذهبي الإسلامي وتجذيره، أي الخلاف بين أهل السنّة من ناحية والشيعة من الناحية الأخرى، وذلك باعتبار إيران الشيعية خطراً وجودياً على الأمة العربية.

وأن المجتمعات العربية الشيعية في كل من العراق وسوريا ولبنان والبحرين والسعودية وسائر الأقطار العربية والإسلامية هي مجرد مخالب لأجهزة إيران الشيعية الأمنية مشهرة ضد سكان هذه الديار السنيين الآمنين وضد إسرائيل والمصالح الغربية في المشرق في آن.

واللافت كل الإلفات في المخططين أن كليهما يرميان إستراتيجياً إلى تحويل أنظار الرأي العام العربي بعيداً من الخطر الصهيوني الحقيقي القابع على سرّة العالم العربي: فلسطين ملتقى مغربه بمشرقه، بل إن الدافع الأكبر أصلاً لكلا المخططين إن هو إلا حرص الغرب العنيد على هذا التحويل تأميناً لمستقبل إسرائيل ولضمانه.

اللافت كل الإلفات أيضاً، أن مخطط القرن الماضي تحاشى كلياً أي ذكر لإسرائيل بينما يجاهر مخطط اليوم وعلى رؤوس الأشهاد بأنه يحمل في طياته الحل المرتجى لقضية فلسطين.

أما كيف يكون ذلك فيبشرنا مخطط اليوم بأن السر يكمن في دور السعودية والسعودية بالذات من حيث أنها المرشحة لتكون المرتكز الأرخميدي الإقليمي المعاصر لمخطط اليوم ولحل قضية فلسطين في آن.

وهو المخرج الذي فتق لبنيامين نتنياهو طاهي هذا المخطط أصلاً الذي سلف أن سوّقه في حينه بنجاح إلى صاحب الصفقات دونالد ترامب عبر صداقة صهره اليهودي مع ولي العهد السعودي، وهو المخرج إياه الذي كرر نتنياهو تسويقه إلى خليفة ترامب الصهيوني العقائدي منذ نصف قرن وصديقه الحميم المدعو جو بايدن.

ولكن ما هو هذا الدور ولماذا العربية السعودية بالذات؟

يعود بعض الجواب إلى أنه إذا كانت ثمة آلهة تعبدها النخبة السياسية الأميركية فهي يقيناً آلهة المال، وبعضه الأهم أنه خلافاً لمطبعيي اتفاقيات أبراهام السبّاقين الأربعة، فلا وزن أدبياً أو معنوياً، ولا صفة تمثيلية لأي منهم حتى تجاه رعاياهم هم ناهيك عن أي صفة رمزية مهما كانت تتعدى حدودها.

بينما إضافة إلى قناطير السعودية المقنطرة فهي إلى كونها دولة كسائر أقرانها تحتل في آن منزلة لا تضاهيها منزلة أي دولة أخرى أينما كانت في هذا الكون طرّاً من حيث سموها ورفعة مقامها وفرادتها الرمزية الروحية بصفتها سادنة الحرمين الشريفين وهو ما يُملي على أُولي الأمر في الرياض وجائب وموجبات لا تنسحب على أي دولة عربية أو إسلامية سواها والتي حريّ بنا أن نتطرق إليها في معالجة تالية بإذن الله.

*د. وليد الخالدي أكاديمي ومؤرخ، مؤسس مؤسسة الدراسات الفلسطينية

المصدر | الأخبار

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية العراق بايدن أميركا نتنياهو إسرائيل مخطط المشرق العربي أهل السنة الشيعة المنظومة الأمنية الغربية حلف الأطلسي قضية فلسطين مخطط الیوم ط الیوم

إقرأ أيضاً:

رفع العقوبات عن سوريا: فرصة اقتصادية للعراق أم رهان محفوف بالمخاطر؟

الاقتصاد نيوز — بغداد

 

خلال زيارته إلى الشرق الأوسط، حطّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرحال في ثلاث دول عربية، بدأت بالمملكة العربية السعودية، ثم انتقل إلى قطر، ومن ثم إلى الإمارات. زيارة وصفت بأنها "تاريخية"، لما تضمنته من قرارات وتحركات غير مسبوقة، أبرزها إعلان رفع العقوبات عن سوريا، في خطوة شكّلت صدمة لدى أوساط عديدة في البيت الأبيض، لا سيّما وأن بعض هذه العقوبات مفروضة منذ عقود.

وفي ظل هذه التطورات، بدأت ترتفع في العراق تساؤلات محورية، من أبرزها: ما الفائدة التي يمكن أن تجنيها بغداد من رفع العقوبات عن دمشق؟ وهل ستفتح هذه الخطوة آفاقًا جديدة في المجال الاقتصادي؟

أعلن ترامب عزمه إصدار أمر بوقف جميع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، في خطوة وصفها محللون بأنها "غير اعتيادية للغاية" و"تكاد تكون غير مسبوقة في تاريخ تخفيف العقوبات الحديث".

وفي هذا السياق، أكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية، الدكتور مظهر محمد صالح، أن رفع العقوبات الدولية عن سوريا يحمل انعكاسات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد العراقي. 

وقال صالح في حديثه لـ"الاقتصاد نيوز"، إن المرحلة المقبلة قد تشهد نموًا ملحوظًا في حجم التبادل التجاري بين البلدين، لا سيما في مجالات السلع الزراعية الموسمية، والصناعات التحويلية، والطاقة، والسياحة.

وأشار إلى أن سوريا قد تمثل سوقًا مهمة للصادرات العراقية، والعكس صحيح، تبعًا للمزايا النسبية التي تتمتع بها السلع في كلا السوقين. 

كما بيّن أن موقع العراق الجغرافي، وموانئه الجنوبية، قد تجعله ممرًا رئيسيًا لعبور البضائع من الخليج إلى سوريا، وهو ما من شأنه تعزيز الاستثمار في قطاع النقل والخدمات اللوجستية، وخلق فرص عمل محلية.

ولفت صالح إلى أن تحسن الأوضاع الاقتصادية في سوريا سيساهم في تقليل النزوح غير الشرعي والتهريب الحدودي الضار، مما سينعكس إيجابًا على الأمن الاقتصادي والاجتماعي للمناطق الحدودية.

ودعا في ختام حديثه إلى تعزيز التنسيق الحكومي بين بغداد ودمشق، وتحديث البنى التحتية في المناطق الحدودية، إلى جانب تطوير القطاع المصرفي والاستثماري، وإطلاق عمل الغرف التجارية والصناعية المشتركة، بما يتيح شراكات فعالة بين القطاعين الخاصين في البلدين.

 وعلى الجانب الدولي، كان الاتحاد الأوروبي وبريطانيا قد أقدما بالفعل على تخفيف بعض العقوبات عن سوريا، لكن خطوة واشنطن - إذا ما تحققت - قد تمثل انطلاقة حقيقية نحو رفع شامل، مما يشجع دولًا أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة.

 وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن قيمة الاقتصاد السوري تبلغ حاليًا نحو 21 مليار دولار، وهو ما يعادل تقريبًا حجم اقتصاد دول مثل ألبانيا وأرمينيا، رغم أن عدد سكان سوريا يفوقهما بأكثر من 20 مليون نسمة. كما تُظهر البيانات الرسمية أن الاقتصاد السوري تقلص إلى أكثر من النصف بين عامي 2010 و2022، فيما تشير بعض التقديرات إلى انكماش بنسبة 83% حتى عام 2024.

 وزادت الأزمة تعقيدًا في عام 2019 مع دخول لبنان في أزمة مالية، بحكم الترابط الاقتصادي بين البلدين، ما دفع دمشق إلى اعتماد أسعار صرف متعددة لحماية ما تبقى من احتياطي العملات الأجنبية.

ومن جانبه، أكد الخبير في الشأن الاقتصادي صفوان قصي أن رفع العقوبات سيساهم بشكل مباشر في تعزيز التعاون المالي والتجاري بين العراق وسوريا. وبيّن أن التبادل الذي كان يتم عبر قنوات غير نظامية قد يشهد نقلة نوعية عبر التعامل الرسمي مع البنك المركزي السوري، ما يخفف الضغط على السوق السوداء، ويعزز استقرار السياسة النقدية في العراق.

وأضاف أن سوريا، عبر واجهتها البحرية على البحر الأبيض المتوسط، تمثل فرصة مهمة في مشروع “طريق التنمية” الذي يربط العراق بتركيا، حيث يمكن توسيعه ليشمل الربط مع الاقتصاد السوري، ما يفتح آفاقًا جديدة في التجارة والنقل الإقليمي.

كما أشار إلى أهمية إحياء خط النفط القديم الذي يربط كركوك بميناء بانياس السوري، معتبرًا أن تشغيل هذا الخط سيساهم في تنويع منافذ التصدير وتعزيز الشراكات الإقليمية، خاصة في قطاع الطاقة.

ويُذكر أن وفدًا عراقيًا رسميًا رفيع المستوى كان قد زار سوريا الشهر الماضي لدراسة الجدوى الفنية والاقتصادية لإعادة تأهيل وتشغيل خط أنابيب كركوك-بانياس، أحد أقدم خطوط تصدير النفط في الشرق الأوسط.

 ووفق وكالة رويترز، فإن الحكومة السورية الجديدة قدّرت ديونها بما بين 20 إلى 23 مليار دولار، معظمها في شكل قروض ثنائية، إلا أن الرقم الحقيقي قد يتراوح بين 30 و50 مليار دولار إذا ما أُضيفت مطالبات محتملة من إيران وروسيا. كما أن احتياطيات البنك المركزي السوري من النقد الأجنبي لا تتجاوز حاليًا 200 مليون دولار، مقارنة بـ18.5 مليار دولار قبل الحرب، وفق صندوق النقد الدولي.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • «أقولها بملء فمي».. «مصطفى بكري»: مخطط الشرق الأوسط الجديد هدفه الإيقاع بمصر
  • رفع العقوبات عن سوريا: فرصة اقتصادية للعراق أم رهان محفوف بالمخاطر؟
  • الغاز الإفريقي في طريقه إلى أوروبا عبر المغرب: مشروع القرن يدخل مرحلة الحسم
  • نيجيرفان:انعقاد القمة في بغداد يمثل لحظة مهمة للعراق والمنطقة
  • طرود مفخخة وتجارب لوجستية: السلطات الألمانية تُحبط مخططًا تخريبيًا لصالح روسيا
  • افتتاح معرض "الزينة في القرن الحادي والعشرون" بمكتبة الإسكندرية
  • في الذكرى الـ77 للنكبة: تهجير جديد في هذا القرن تحت نيران الإبادة
  • متحدث الإعلام الحكومي العراقي: القمة العربية لحظة مفصلية في تاريخ العمل العربي المشترك
  • زكي: القمة العربية في بغداد تعزيز للأمن والتعاون العربي المشترك
  • مصادر إسرائيلية: واشنطن لم تعد تعتبر مخطط ويتكوف أساسًا وحيدًا لإبرام اتفاق