موقع النيلين:
2025-05-11@19:31:48 GMT

حكايا المهمشين

تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT


ها هو معرض مسقط الدولي يطرق الأبواب، وقد تبقى على افتتاحه أقل من أسبوعين، وفي الحقيقة جال بخاطري أن أكتب عن شيئين لمقالة اليوم؛ الأول عن العنوان الذي وضعته للمقالة، والثاني عن جرائم الناشرين بحق المؤلفين. ولكن الإنسان يكتب عما يثيره ويعتمل في صدره تأثيرًا أو هما أو أملًا وتطلعًا، ولعل الأحاديث التي يخوضها المرء مع أقرانه وخاصته مما يثير كوامن النفس، وكما في مجمع الأمثال للميداني «لاَ بُدَّ لِلْمَصْدُورِ أَنْ يَنْفُثَ» وهي عبارة منسوبة إلى أحد الفقهاء السبعة -كما وجدتها- وهو عبيد الله بن عبد الله.

إذا ما تتبعنا المقولة التي قالها عبيدالله، نجدها مذكورة في معرض حديثه عن الشعر، وكما هو معلوم أن الشعر ظل -حتى فترة قريبة- سيد المشهد الثقافي عند العرب، حتى خفت بريقه وانكمش في الركن الميت من الثقافة ؛ فلا القراء يقربونه، ولا المكتبة تتسع له، في وقت اقتحمت فيه الرواية السور العالي للثقافة وتركت باب الحديقة مفتوحًا يعبث بها العابثون. احتلت الرواية مكانتها ومنزلتها إذن، وتراجع الشعر، ولكن هل في الرواية شيء مختلف عن الشعر في موضوعه؟ ربما هو الإغراق في التفاصيل والعيش مع الشخصيات عن قرب حتى لتكاد تلك الشخصيات تخرج لنا من الرواية بلحمها ودمها! ومع أن الشعر في كثير من الأحيان يشبه الحكاية في تسلسله إلا أنه سريع القراءة وبالتالي سريع التأثير، فقد لا نتذكر الكلمات الواردة فيه، لكننا نتذكر العِبرة منه. والرواية على النقيض، فنحن نتذكر شخوصها بالاسم والصفات، وكأنهم أناس حقيقيون عشنا معهم وقابلناهم!

يأسرنا الأدب ويؤثر فينا بقدر مقاربته للهموم الإنسانية العامة، فالإنسان هو الإنسان منذ عصر هوميروس حتى أبي العلاء المعري وصولًا إلى البردوني وعصرنا الحالي.

فنحب الشجاعة والمروءة والكرم والصفات الخيِّرة في الإنسان، ونمقت ونكره اللؤم والصفات الدنية فيه. وقد اخترت أدباء فقدوا البصر -هناك خلاف حول هوميروس- لأن التطور الذي يعايشه الإنسان لا يخترق روحه؛ إنما هي أدوات يستعملها، أما المشاعر الإنسانية والقصص الحقيقية لمعاناة الإنسان فهي ما تؤثر في روح المرء اليوم وقبل ألف عام، لذلك نجد همومهم واحدة رغم ما بينهم من الفجوة الزمنية الهائلة!

حسنا، يختار الكثير من الناس أن يقرؤوا الرواية، وتكون جسرًا موصلًا إلى معانٍ مفقودة أو متخيلة لهم. فالثري الذي يفكر في بناء عمارة أخرى إلى عمارته القائمة، لا يتخيل وجود إنسان يبحث في القمامة عن ما يسد رمقه ويكفيه مؤونة التذلل إلى الناس. والموظف الذي لا يعمل إلا بالقدر الذي يؤدي به مهامه الموكلة إليه، لن يدرك مأساة الباحث عن العمل النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذان المثالان بالنسبة إلى المترف يشبهان الحُلُم لا الحقيقة، ومن الأمثلة الكثير والكثير. وفي العموم فإن الرواية تؤثر في قارئها كما يفعل أي نتاج أدبي فكري آخر؛ ولكن هلَّا توقفنا قليلا في حياتنا لننظر حولنا؟

إن البحث عن البطولة المولودة من رحم المأساة حافز جيد للمرء؛ كي يبذل أكثر ويواصل كفاحه ليكون معينًا وناصرًا للضعفاء والمساكين؛ لكن الأبطال الحقيقيين ليسوا من يسكن بطون الروايات والقصص الخيالية، إنهم أناس يعيشون بيننا. فالأم التي تعمل في المستشفى أو المدرسة لتنظف القمامة والممرات ليست إنسانًا محبًا للقاذورات ولا تشعر بشيء تجاه عملها ومعاملة الناس لها! والأب الذي يتحمل نقل البضائع على ظهره نظير مبلغ لا يتعدى الريال ليس محبًا لهذا العمل شغوفًا به؛ إنما يفعلان ذلك لأجل أبنائهم وكثيرة هي الأمثلة.

وأحب أن أذكر امرأة أعرفها منذ الصغر، كانت وظيفتها «عاملة نظافة» في إحدى المستشفيات، وعملت هذه المرأة طوال هذه السنين لتكوين أبناء متعلمين وبعضهم في وظائف جيدة الآن، كل هذا في غياب كامل وفاعل لدور الأب؛ وبالنسبة إلي فإن هذه المرأة المكافحة أعلى شأنًا وأحب إليَّ من كل أبطال الروايات والأبطال المزيفين في الحياة. كما أن هذه المرأة وأشباهها من الأبطال يدفعونني للتساؤل بصدق؛ أيهما أحق باليأس ومحاولات الانتحار الساذجة، من عاش عيشة صعبة تكالبت فيها عليه الظروف؟ أم من يدفعه ترفه للالتذاذ بالألم؟ في وقت تعدو موجة العدمية فيه عدوًا يستلزم أن يلجمه كل من لديه ضمير قبل أن يستحيل وحشا لا قِبَلَ لنا به. ولا أقصد باللجام هنا بمعناه الشرس، إنما هو لجام فكري تأملي ثم تفكيكي في بذور وجذور المسألة. وقد تحدثت عن هذه المسألة سابقا في مقالة في جريدة عمان بعنوان «رمنسة البؤس».

علاء الدين الدغيشي – جريدة عمان

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

" ناصر" الذي لَمْ يَمُتْ.. !! (٢-٢)

*٢٣اكتوبر١٩٥٤م أنتجت مصر أول (طلْقة) وازدهرت الصناعة الحربية ما بين صناعة الدبابات والطائرات والصواريخ والمعدات الثقيلة.

* نشبت حربٌ أهلية عقب ثورة اليمن ١٩٦٢م وبناء على طلب الثوار و( بقرار لم ينفرد به عبد الناصر) أرسَلَت مصر بعض القوات ١٩٦٢م لمناصرتهم وعادت ١٩٦٧م)، وكان من نتائج الحرب خروج القاعدة البريطانية من " عدن" ١٩٧١م مِمَّا أتاح لمصر اتفاقها مع اليمن علي إغلاق مضيق "باب المندب" أمام إسرائيل أثناء حرب أكتوبر ١٩٧٣م. (يعتبر المَضيق شريان الحياة لقناة السويس).

* كانت نكْسَة ١٩٦٧م نقطةَ انطلاقٍ جديدة لإعداد الجيش بإقامة المنشآت العسكرية التعليمية المتطوِّرة لتأهيل الأفراد (ضباطا وجنودا)على أعلى مستوى من الدراسة واستخدام أحدث الأسلحة والمُعِدَّات الحربية.

* ومن حنكة "عبد الناصر" العسكرية والسياسية خِداع العدو لكسب الوقت بموافقته على مبادرة "روجرز" الأمريكية ١٩٧٠م لوقف القتال مع العدو٩٠ يوماً، استغلها عبد الناصر في استكمال حائط الصواريخ بامتداد الجبهة والذي منع طيران العدو من اختراق العُمْق المصري بعد غاراته التي ردَّ بها على الضربات المصرية المُوجِعة خلال حرب الاستنزاف، فكان حائط الصواريخ من أهم عوامل نجاح عبور الجيش ١٩٧٣م والذي لم يُستَغَل على وجه أفضل لاسترداد (كل) الأرض العربية بلا تنازلات.

* فبراير١٩٩٢م أصبحت أكاديمية "ناصر" تضم: ( كلية الحرب العليا- كلية الدفاع الوطني- مركز الدراسات الإستراتيجية) لتأهيل وتنمية قدرات كبار الضباط. وكذلك تأهيل وتنمية قدرات ومهارات كبار العاملين المدنيين بالدولة لتولي المناصب القيادية.

* "عبد الناصر" لم يكن زعيماً أو رئيساً مهيباً ثائراً فَحَسْب بل رمزاً وطنياً وتاريخاً خالداً في ذاكرة مَنْ يرفعون صورته (فخراً واستلهاماً) في المناسبات الوطنية، ويُدرِكون عُمْقَ فِكره السياسي والعسكري، وقيمة مشروعاته الإنسانية والاجتماعية كمِظلَّةٍ للبُسَطاء والمُهَمَّشين.

*"جمال عبد الناصر" أُطلِقَ اسمه على أحد أهم شوارع "موسكو"، وأقيمت له تماثيل وميادين في العواصم العربية والإفريقية التي ساعد في تَحَرُّرِها من الاستعمار.

* ١٩٥٩م أصدر "عبد الناصر" قراره (٨١٥) بإنشاء مدينة بالصحراء المتاخِمة للعباسية ضِمن مشروع التَّوسُّع العمراني، واقتَرَحَتْ الوزارة إطلاق اسم "ناصر" علي المدينة الجديدة لكنه رفض الاقتراح وطلب تسميتها مدينة (نصر) باعتبارها نصراً لمشروعات الثورة العمرانية.

* وعَقِبْ وفاته أراد الرئيس " السادات" أن يُظْهِر وفاءه لعبد الناصر، وأنه سيكمل مسيرته، فأطلق اسمه على كُلِّ ما عُرِفَ باسم "ناصر" (بحيرة ناصر، استاد ناصر، معهد ناصر، أكاديمية ناصر.. الخ ) وقال جُمْلَته الشهيرة "كُلُّنا جمال عبد الناصر".

مقالات مشابهة

  • " ناصر" الذي لَمْ يَمُتْ.. !! (٢-٢)
  • خلطات منزلية طبيعية لتطويل الشعر وتنعيمه
  • انطلاق «مهرجان الشعراء المغاربة 6»
  • علامات فارقة في الشعر العربي الحديث ضمن كتاب جديد صادر عن الهيئة السورية للكتاب
  • العنصرية في الشعر العربي: المتنبي وكافور الإخشيدي
  • وداعاً للشيب المبكر: أطعمة مذهلة تعيد لشعرك لونه الطبيعي وتحميه من التحول للرمادي
  • تحميك من الشيب .. أطعمة تمنع ظهور الشعر الأبيض
  • نصائح الشعر المجربة والمضمونة لعروس 2025
  • حكم قص المرأة لشعر الحواجب الزائد.. أمين الإفتاء: يجوز في هذه الحالة
  • الوكالة الأوروبية للأدوية تحذر من ارتباط نادر بين عقار تساقط الشعر "فيناسترايد" وأفكار انتحارية