مصر تكشف وثائق سرية عن جرائم إسرائيلية بحرب أكتوبر 1973.. لماذا الآن؟
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
اعتبر مراقبون أن إقدام الجيش المصري على الكشف عن وثائق سرية متعلقة بحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 مع إسرائيل له دلالات مهمة من حيث التوقيت، وتزامنه مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح الملاصقة للحدود المصرية، وهي الخطوة التي دفعت القاهرة للتهديد بتداعياتها الواسعة على العلاقات مع تل أبيب.
وفي 17 فبراير/شباط الجاري، نشرت وزارة الدفاع المصرية، عبر موقعها الإلكتروني، وثائق سرية خاصة بحرب 1973، تحت عنوان "وثائق حرب أكتوبر 193.. أسرار الحرب".
ويتجاوز عدد الوثائق المصرية 200 وثيقة، وتتضمن مخاطبات عسكرية تكشف عن "جرائم" إسرائيلية، ومذكرات لقادة بخط اليد وتقارير وخرائط، وتفاصيل عن معركة "الثغرة" الشهيرة، وخطة الخداع الاستراتيجي في الحرب المعنونة باسم "الخطة سلامة".
وتعلق وكالة "الأناضول" التركية على ذلك بالقول إن نشر الوثائق يأتي بينما تتصاعد منذ أسابيع توترات بين القاهرة وتل أبيب بشأن شبه جزيرة سيناء التي حررتها مصر خلال حرب 1973، وذلك على وقع حرب مدمرة تشنها إسرائيل على قطاع غزة المجاور منذ 7 أكتوبر الماضي.
اقرأ أيضاً
"رسالة ردع".. مصر تكشف عن وثائق نادرة بحرب أكتوبر 1973
ونقلت الوكالة تصريحات للواء يعمل مستشارا بأكاديمية ناصر العسكرية، التابعة للجيش المصري، قال فيها لصحيفة "اليوم السابع"، المقربة من السلطات، إن نشر الوثائق "يحمل دلالة مهمة في التوقيت في ظل منطقة تموج بكثير من المتغيرات".
وتابع أن هذه الوثائق "تجعلنا نتذكر ما حدث، و نذَّكر الآخرين بما حدث، لأننا نقول للعالم إنه رغم الظروف وقتها فقد حققنا المطلوب، وظروفنا اليوم أفضل ونستطيع فعل المطلوب في كل وقت وحين".
محتويات الوثائقالاستراتيجي العسكري"، و"إدارة العملية/ الحرب بمراحلها حتى وقف إطلاق النيران"، و"التخطيط لتصفية الثغرة".
وكذلك "فض الاشتباك وانسحاب القوات الإسرائيلية"، ودور "الإعلام العسكري في حرب 1973"، و"الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية"، و"مذكرات القادة" بشأن الحرب.
وشملت هذه البنود، بحسب إطلاع الأناضول، مخاطبات وتقارير وخرائط عسكرية تكشف تفاصيل لأول مرة بشأن الحرب التي أسفرت عن استعادة مصر لسيناء.
اعتداءات إسرائيليةتحت بند "فض الاشتباك وانسحاب القوات الإسرائيلية"، قالت الوزارة إنه "بعد اليوم السادس عشر من بدء حرب أكتوبر 1973، صدر قرار مجلس الأمن رقم 338، والذى يقضى بوقف بجميع الأعمال العسكرية بدءا من 22 أكتوبر 1973، والذى قبلته مصر ونفذته، ولكن خرقته كعادتها إسرائيل؛ مما أدى إلى صدور قرار آخر في 24 أكتوبر التزمت به إسرائيل اعتبارا من 28 أكتوبر".
اقرأ أيضاً
ناشطون مصريون يدعون الجيش للتدخل قبل وقوع مجزرة في رفح
وأضافت: "اضطرت بعدها إسرائيل للدخول في مباحثات عسكرية للفصل بين القوات في أكتوبر ونوفمبر 1973، وهي مباحثات الكيلو 101 التي تم فيها الاتفاق على وقف إطلاق النار وتولي قوات الطوارئ الدولية المراقبة، ثم بدأ تبادل الأسرى والجرحى".
ضمن البند نفسه، وتحت عنوان "تقارير هامة"، أظهرت وثيقة بندا حمل رقم 538/ 20051 بتاريخ 1 ديسمبر/ كانون الأول 1973 يشير إلى تقرير بخصوص اعتداءات إسرائيلية على المدنيين والأهداف غير العسكرية.
وتحت عنوان "سري"، نشرت الوزارة 13 وثيقة، إحداهما بعنوان "بيان بالاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين والأهداف غير العسكرية التي تمثل خرقا لنصوص الاتفاق الدولي".
ورصد البيان الاعتداءات التي قام بها "العدو" على مختلف محافظات مصر بين 6 أكتوبر و6 نوفمبر/تشرين الثاني 1973، وتشمل غارات وإطلاق صواريخ ونيران وهدم منازل في محافظات بينها الدقهلية والبحيرة وكفر الشيخ ودمياط والقليوبية (شمال) والإسماعيلية والسويس وبورسعيد (شرق).
وهذه الاعتداءات أسفرت، وفق الوثائق، عن استشهاد وإصابة أعداد كبيرة من المواطنين وتدمير عشرات المنازل وتلف طرق عام وتضرر في شبكة الاتصالات واشتعال حرائق.
الخطة سلامة"الخطة سلامة".. كانت عنوان خطة الخداع الاستراتيجي والتعبوي للهجوم المصري المفاجئ، وبدأت قبل حرب 6 أكتوبر، وهدفت بحسب الوثائق إلى "التمهيد لقيام القوات المسلحة بعمليات هجومية قريبة، مع التركيز على تضليل العدو".
اقرأ أيضاً
مصر تؤكد رفضها أي محاولة لتهجير سكان غزة طوعا أو قسرا
الخطة شامل"الخطة شامل" هو عنوان التخطيط العسكري لتصفية "ثغرة الدفرسوار"، وهو مصطلح يشير إلى منطقة في محافظة الإسماعيلية مطلة على قناة السويس، تمكن "العدو" من اختراقها ليلة 16 أكتوبر 1973، قبل أن تعمل تلك الخطة على القضاء عليها.
كما تتضمن الوثائق عشرات الخرائط والتقارير العسكرية بشأن تحركات "العدو" ومخاطبات عبر الهاتف اللاسلكي بشأن عبور وتحطيم الساتر الترابي الشهير المعروف باسم "خط بارليف" (ِشرق قناة السويس)، ومحادثات بين قادة.
تقرير الجمسيومن بين الوثائق تقرير رئيس هيئة العمليات في الجيش المصري آنذاك اللواء محمد عبد الغني الجمسي، الذي ألقى ملخصه أمام لجنة الأمن القومي في مصر خلال جلسة سرية
وقال الجمسي، في التقرير المؤلف من 24 ورقة، إن مصر بدأت حرب استنزاف ضد اسرائيل في 28 سبتمبر/ أيلول 1968 وتوقفت في 7 أغسطس/ آب 1970، وهدفت إلى "إنزال أكبر قدر من الخسائر في صفوف العدو"، بموازاة الإعداد للحرب.
الجمسي اختتم تقريره بأن "الدور الرئيسي في حسم هذه المعركة وتحقيق النصر هو المقاتل المصري الذي يتمتع بإيمان راسخ وروح معنوية قتالية عالية والمؤمن بالهدف الذي يحارب من أجله، وكانت أكبر مفاجأة في هذه الحرب هي كفاءة الجندي المصري واستعداده للتضحية".
وإلى جانب التقرير، شملت الوثائق العسكرية المصرية الجزء الأول من مذكرات الجمسي بخط يده، ويستعرض فيهم أوضاع ما قبل حرب 1973.
المصدر | الخليج الجديد + متابعاتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: العلاقات المصرية الإسرائيلية حرب أكتوبر وثائق سرية غزة الجيش المصري حرب أکتوبر أکتوبر 1973 حرب 1973
إقرأ أيضاً:
لماذا استهدفت إسرائيل الرجل الثاني في القسام الآن؟
أعلنت إسرائيل استهداف قيادي بارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلال عملية عسكرية في قطاع غزة، في خطوة أثارت تساؤلات حول توقيتها ودلالاتها السياسية والأمنية، لا سيما أنها جاءت في ظل سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
ورغم أن البيان الرسمي للجيش الإسرائيلي خلا من ذكر اسم القيادي المستهدف، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية تداولت على نطاق واسع اسم رائد سعد، وقدمته بوصفه "الرجل الثاني" في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ونائب قائدها العام.
وفي هذا السياق، أوضح مراسل الجزيرة إلياس كرام أن عدم ذكر الجيش الإسرائيلي للاسم يعكس على الأرجح، عدم التيقن الكامل من نتائج محاولة الاغتيال، لافتا إلى أن البيانات الرسمية غالبا ما تتأخر إلى حين التأكد الاستخباراتي من نجاح العملية.
وبحسب كرام، فإن البيان الإسرائيلي اكتفى بالإشارة إلى استهداف "شخصية قيادية بارزة" في حماس، قال إنها كانت تعمل على إعادة تأهيل بنى عسكرية موجهة ضد الجيش الإسرائيلي، وهو الوصف ذاته الذي تبنته التسريبات المنسوبة لمصادر أمنية.
وتزامنا مع ذلك، حرصت وسائل الإعلام الإسرائيلية على إبراز دور رائد سعد، مقدمة إياه باعتباره اليد اليمنى لقائد القسام الراحل محمد الضيف، وأحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في محاولة لتبرير عملية الاغتيال.
وفي السياق، أفاد مصدر في الإسعاف والطوارئ في قطاع غزة بارتقاء 4 شهداء وإصابة 10 آخرين حالة بعضهم خطرة جراء قصف الاحتلال سيارة مدنية جنوب غربي مدينة غزة.
انتهاك للاتفاقويشير مراسل الجزيرة إلى أن هذا الخطاب الإعلامي يأتي في وقت يفترض أن وقف إطلاق النار لا يزال ساريا، لكنه يتعرض، وفق توصيفه، لانتهاكات متكررة من جانب إسرائيل عبر عمليات قصف واغتيال وهدم منازل داخل القطاع.
وتبرز أهمية هذه العملية، إن ثبت نجاحها، من كونها قد تكون أرفع عملية اغتيال تطال قياديا في غزة منذ بدء العمل باتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خاصة إذا صح توصيف سعد كمسؤول مركزي عن إعادة التصنيع والتسليح داخل الحركة.
إعلانوفي هذا السياق، أشار كرام إلى أن إسرائيل تعتبر جميع قيادات حماس، السياسية والعسكرية، أهدافا مشروعة، ولا ترى في اتفاق وقف إطلاق النار أي حصانة لهم، سواء داخل قطاع غزة أو خارجه، وهو ما يفسر استمرار دائرة الاستهداف.
لكن توقيت العملية يكتسب بعدا سياسيا إضافيا، مع تزايد الحديث عن ضغوط أميركية للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وهو ما قد تسعى إسرائيل إلى عرقلته أو إعادة صياغته بشروطها الخاصة.
ويؤكد كرام أن إسرائيل، عبر هذا التصعيد، تحاول فرض نموذج أمني مشابه لما تطبقه في لبنان، حيث نفذت مئات عمليات الاغتيال ضد كوادر حزب الله منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار هناك في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
تضارب الروايات
وبشأن تضارب الروايات حول نجاح الاغتيال، أوضح كرام أن التسريبات الصادرة عن "مصادر أمنية" إسرائيلية تعود في جوهرها إلى الجيش نفسه، الذي يفضل التريث قبل إعلان رسمي، تفاديا لإحراج محتمل في حال عدم تأكيد النتائج.
وتستند هذه التسريبات إلى سرد موسع عن شخصية رائد سعد، ودوره المفترض في إعداد وثيقة "جدار أريحا"، التي تتهمه إسرائيل بوضعها كخطة لهجوم "السابع من أكتوبر"، رغم أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت قد اطلعت عليها سابقا دون التعامل معها بجدية.
كما تشير الروايات الإسرائيلية إلى أن سعد كان يتولى في المرحلة الأخيرة مهمة إعادة بناء القدرات العسكرية لحماس، وهو ما تستخدمه تل أبيب كمبرر مباشر لتنفيذ عملية الاغتيال، بزعم إحباط تهديدات مستقبلية.
وتحدث كرام عن محاولات سابقة لاغتيال سعد خلال الأسابيع الماضية، ألغيت في اللحظات الأخيرة لأسباب عملياتية أو استخباراتية، إلى أن اعتبرت إسرائيل أن "الفرصة الميدانية" باتت مؤاتية لتنفيذ العملية.
وفي خلفية المشهد، يربط كرام بين هذا التصعيد واستعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة واشنطن، حيث يتوقع أن يواجه ضغوطا أميركية للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، مع سعيه لفرض شروط أمنية مشددة.