دمشق-سانا

أكدت المستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان أن الحرب التي تعرضت لها سورية من المشروع الأمريكي الغربي استهدفت الهوية السورية بمختلف أطيافها الثقافية والعائلية والمعمارية وجميع المحافظات دون استثناء والهدف الرئيسي منها كان إعادة سورية إلى الخلف عشرات السنين، مشيرة إلى أن سورية تمتلك كنوزاً كبيرة ولانهاية لها من التراث الثقافي وتحتاج إلى توثيق بمختلف اللغات.

وقالت الدكتورة شعبان خلال لقائها وفد جمعية البندقية للصداقة الإيطالية العربية، برئاسة مسؤولة التعاون الدولي في الجمعية سناء شامي، وعدداً من أعضائها: إن جميع ما جرى خلال السنوات الماضية من محاولات استهداف الشعوب العربية هدفه الوصول إلى مسار التطبيع والترويج للعدو الصهيوني ليتوسع بشكل أكبر في المنطقة، لافتة إلى الدور الكبير الذي تقوم به مؤسسة وثيقة وطن في توثيق الحرب التي استهدفت سورية والحفاظ على الحرف التراثية واليدوية.

وأشارت الدكتورة شعبان إلى أن الغرب يعاني من آثار النظام الرأسمالي الذي يفرض سياسات لا تمثل آراء شعوبه، مبينة أن المشروع الصهيوني الذي استهدف الدول العربية بجميع مكوناتها فشل في تحقيق أهدافه بفضل التضحيات التي قدمها الشعب السوري والحركات المقاومة.

وركز اللقاء مع وفد الجمعية والذي ضم المفكر العربي المغربي إدريس هاني ومغنية الأوبرا البولندية دومينيك زامارا، والدكتور غزوان رمضان منسق أعمال الجمعية على ضرورة ترسيخ الحفاظ على الهوية الوطنية وتوظيف التراث الثقافي والحضاري السوري بجميع أبعاده في تعزيز الهوية والانتماء، إضافة إلى توثيق الحرب الإرهابية التي تعرضت لها سورية والإضاءة على الكنوز الثقافية والتراثية التي يمتلكها الشعب السوري لإيصال أكبر فائدة منها للأجيال القادمة.

الدكتورة سناء شامي أكدت ضرورة إيصال صورة سورية الحضارية إلى جميع شعوب العالم، لكون النظام الغربي يحاول هدم هذه الصورة، مشيرة إلى أن الدول التي لاتزال تحتفظ بالعقلية الاستعمارية تحاول هدم الهوية الثقافية للشعوب من خلال استهداف الطفولة والوصول إلى الدمار الأخلاقي للأجيال القادمة.

بدوره المفكر العربي المغربي إدريس هاني بين أن سورية تمتلك إرثاً حضارياً معروفاً في مختلف المراحل التاريخية، ويجب حمايته من المؤامرات التي تستهدفه، لافتاً إلى أن سورية مؤهلة في المرحلة القادمة لتكون مركزاً للسياحة الثقافية لجميع شعوب العالم.

مغنية الأوبرا البولندية دومينيك زامارا عبرت عن سعادتها بزيارة سورية والاطلاع على عدد من الأماكن التراثية السورية، مشيرة إلى أن الشعب السوري يمتلك حضارة عريقة ومميزة تنعكس في جميع نواحي حياته وتعكسها العادات والتقاليد التي تعبر عنه.

مهند سليمان

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الشعب السوری إلى أن

إقرأ أيضاً:

من طوفان الأقصى إلى الأسد الصاعد: دروس وعبر في مواجهة المشروع الصهيوني

منذ انطلاقة معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها حركة حماس ضد الكيان الصهيوني في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلى العدوان الاسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الثالث عشر من حزيران/ يونيو الحالي باسم الأسد الصاعد، والصراع مع العدو الصهيوني المدعوم أمريكيا يشهد تطورات متسارعة شملت المنطقة والعالم، وحتى لو تم الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار بين العدو الصهيوني وإيران، فإن ذلك لا يعني أن الصراع انتهى وأن المعركة انتهت، فالصراع لم يبدأ مع معركة طوفان الأقصى ولن ينتهي مع توقف العدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وردها على هذا العدوان، فالصراع بدأ منذ قيام هذا الكيان الصهيوني المدعوم من القوى الغربية ومنذ وعد بلفور البريطاني، مرورا بكل الحروب والمحطات التاريخية في هذا الصراع.

وقد يكون لشهر حزيران/ يونيو حصة وازنة من هذه المحطات، ففي حزيران/ يونيو 1967 شهدنا حرب الأيام الستة ضد سوريا ومصر والأردن والتي انتهت باحتلال القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة وسيناء والجولان، وفي حزيران/ يونيو من العام 1982 شهدنا الحرب على لبنان والتي انتهت باحتلال قسم كبير من الأراضي اللبنانية وصولا للعاصمة بيروت، وخروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وكذلك خروج الجيش السوري من العديد من المناطق اللبنانية، وإن كان هذا العدوان قد أدى إلى نشوء المقاومة الإسلامية والوطنية اللبنانية والتي حررت الأراضي اللبنانية وغيرت مجرى الصراع.

إلى أين ستتجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟ وما هي مهمات القوى الوطنية والإسلامية وقوى المقاومة في مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي؟
واليوم نشهد فصلا جديدا من هذا الصراع والذي وصل إلى إيران من خلال العدوان الإسرائيلي-الأمريكي المشترك ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عبر عمليات متنوعة جمعت الجوانب الأمنية والعسكرية والسياسية والإعلامية، وكان مخططا لها لإسقاط النظام مع تدمير المنشآت النووية والمنظومات الصاروخية، إضافة للاغتيالات للقادة العسكريين والأمنيين والعلماء النوويين. واستغل العدو الصهيوني قدرته الأمنية في اختراق البيئة الإيرانية عبر شبكات العملاء لتحقيق ضربات قاسية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وكان لأمريكا دور فاعل في هذا العدوان عبر قصف المنشآت النووية، لكن الجمهورية الإسلامية نجحت في إقامة توازن رعب مع العدو الصهيوني وصولا لاستهداف القاعدة الأمريكية في قطر. وهذه الحرب القاسية التي عشناها خلال الأسبوعين الماضيين كشفت الكثير من الثغرات في الجوانب العسكرية والأمنية، ولكنها أفرزت نتائج مهمة ستكون لها تداعياتها الكبرى في هذا الصراع المستمر، والذي لا ينتهي بوقف إطلاق للنار أو أي اتفاق طالما أن هذا الكيان الصهيوني قائم وأن العدوان على الشعب الفلسطيني مستمر، وطالما أن العدالة مفقودة في فلسطين المحتلة.

لكن إلى أين ستتجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟ وما هي مهمات القوى الوطنية والإسلامية وقوى المقاومة في مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي؟

على ضوء ما جرى خلال الأسبوعين الماضيين فإن هناك جملة ملاحظات وعبر ودروس يمكن وضعها بشكل أولي، وإن كنا بحاجة لدراسات موسعة لكل التطورات لوضع رؤية مستقبلية لكل القوى المعنية بهذا الصراع.

ومن هذه الدروس والعبر والمهمات المطلوبة في المرحلة المقبلة:

أولا: أن هذا المشروع الصهيوني- الأمريكي لا يستهدف فقط تصفية القضية الفلسطينية أو القضاء على قوى المقاومة، بل يريد منع قيام أية قوة أو دولة في المنطقة تمتلك قدرات نووية أو تكنولوجية أو عسكرية يمكن أن تشكل خطرا على هذا الكيان، وأن الحرب لن تقتصر على إيران بل تشمل دولا كبرى أخرى في المنطقة وخصوصا تركيا وباكستان.

ثانيا: كشفت هذه الحرب حجم الثغرات الأمنية والعسكرية في إيران رغم كل التقدم والقدرات التي تتمتع بها، وهي تضاف إلى الثغرات الأمنية التي برزت خلال الحرب على لبنان، إضافة للتطور التكنولوجي الكبير الذي يتمتع به العدو الصهيوني، وهذا يتطلب مراجعة شاملة للأداء من أجل معالجة الثغرات في المرحلة المقبلة.

مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي ستدخل مرحل جديدة بعد كل هذه التطورات المتسارعة منذ معركة طوفان الأقصى إلى اليوم، وهذا يتطلب إجراء مراجعة شاملة لكل ما جرى، ووضع استراتيجية مشتركة لقوى المقاومة في كل المنطقة؛ لأنه لا يمكن لجبهة واحدة حسم الصراع، ونحتاج لمشروع موحد ومتكامل
ثالثا: نجحت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في توجيه ضربات قاسية للكيان الصهيوني رغم الضربات القاسية التي تعرضت لها، ووضعت توازن رعب في هذا الصراع، وكل ذلك ستكون له تداعياته المستقبلية على هذا الصراع.

رابعا: إن خوض إيران المباشر لهذا الصراع ردا على العدوان الذي تعرضت له أدى إلى التفاف عربي وإسلامي حول الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولو على صعيد المواقف السياسية والإعلامية، وتراجعت الخلافات السياسية والمذهبية، وهذا يمكن أن يؤسس لعلاقات مستقبلية جديدة بين إيران والقوى الإسلامية وكذلك على صعيد العالم العربي والإسلامي.

خامسا: إن امتلاك القدرات الصاروخية والعسكرية والتكنولوجية غير التقليدية هو العامل الوحيد الذي يمكن أن يؤدي لوقف أي عدوان، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات العلمية المستمرة، وهذا يتطلب مراجعة شاملة للمواجهة في المرحلة المقبلة.

سادسا: إن مواجهة المشروع الصهيوني- الأمريكي ستدخل مرحل جديدة بعد كل هذه التطورات المتسارعة منذ معركة طوفان الأقصى إلى اليوم، وهذا يتطلب إجراء مراجعة شاملة لكل ما جرى، ووضع استراتيجية مشتركة لقوى المقاومة في كل المنطقة؛ لأنه لا يمكن لجبهة واحدة حسم الصراع، ونحتاج لمشروع موحد ومتكامل على كافة الأصعدة.

هذه بعض الخلاصات والعبر الأولية التي يمكن استنتاجها بشكل أولي وبعض المهمات المطلوبة في المرحلة المقبلة، وإن كنا بحاجة لدراسات أعمق لكل ما جرى منذ معركة طوفان الأقصى إلى عملية الأسد الصاعد وما تلاها من معارك مواجهات، والصراع مستمر ولن يتوقف مع وقف إطلاق النار أو توقف إحدى الجبهات عن القتال المباشر.

x.com/kassirkassem

مقالات مشابهة

  • أمانة محافظة جدة تنهض بدورها الثقافي في تعزيز الهوية الثقافية والحضارية للمدينة
  • الحرس الثوري: الكيان الصهيوني بدأ الحرب لكن القوات المسلحة الإيرانية هي من أنهتها
  • مقتل قيادي بارز في الحرس الثوري الإيراني وتأكيد إسرائيلي على استهداف المشروع النووي
  • من طوفان الأقصى إلى الأسد الصاعد: دروس وعبر في مواجهة المشروع الصهيوني
  • الزراعة السورية تبحث دعم مستلزمات الري الحديث
  • جمعية المسؤولية الاجتماعية بجدة تُدشّن مشروع “المباني المستدامة”
  • “القسام” تعرض مشاهد من استهداف جنود العدو الصهيوني وآلياته شرق خان يونس
  • جلسة أساسيات ريادة الأعمال الثقافية تسلط الضوء على بناء اقتصاد إبداعي متجذر في الهوية العُمانية
  • العدو الصهيوني ينفذ قرارات إخلاء قسرية لصالح جمعية استيطانية بالقدس المحتلة
  • بعد زيادة الرواتب والأجور… ارتياح شعبي كبير في المجتمع السوري