لارا ابراهيم تتعرض الديمقراطية اليوم لهجوم مباشر وانتقادات لاذعة من اتجاهات مختلفة حتى في البلدان التي لها باع طويل فيها، حيث أن الصعود المذهل للشعبوية اليمينية الراديكالية وأحزاب اليمين المتطرف كما حدث في عديد الدول الأوربية وكذلك الولايات المتحدة إبان انتخاب دونالد ترامب، بالإضافة إلى زيادة عملية الاستقطاب في المجتمعات حول القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية المهمة أثر على متانة الديمقراطية.
هذا و يعرّف الاستقطاب في العلوم السياسية بالانقسام وتباعد المواقف السياسية بين الأفراد و كذلك عملية تقسيم داخل مجموعة المجتمع الواحد بناء على اختلاف الرأي في قضايا خلافية مهمة و خاصة منها المتعلقة بالانتماء السياسي أو العرقي أو الديني.. هذا وقد تمت ملاحظة ظاهرة أخرى وهي تزايد عدم الرضا على المؤسسات الديمقراطية بالإضافة إلى انخفاض في عملية تمثيل الأحزاب للناخبين مما يسهل عملية الاستقطاب من قبل الشعبيون الذين يخاطبون العاطفة دون وجود خطط سياسية فعلية تنهض بالاقتصاد والبلاد. جميع هذه الإشارات هي من علامات وجود أزمة في الديمقراطية ككل و التي تعود جذورها الى ستينات القرن الماضي أي بداية ما يعرف بفترة ما بعد المادية حيث أصبح المواطنون في الدول الغربية أكثر تطلبا وأقل رضا على مخرجات الديمقراطية في دولهم. -وسائل
الإعلام الجديد كدعامة للديمقراطية: تعرف الديمقراطية الإعلامية على أنها مجموعة من الأفكار التي تتحول فيما بعد إلى قرارات من شأنها إصلاح الإعلام وتقوية خدمة البث العامة وتطوير الإعلام البديل وذلك للوصول إلى هدف خلق نظام إعلامي متكامل قادر على النهوض وتعزيز القيم الديمقراطية. حيث أن هناك العديد من الدعامات والركائز التي تستند عليها الديمقراطية مثل حرية الاختيار والمشاركة وحرية التعبير والإعلام المستقل. كما أصبح المواطنون يعتمدون بشكل أساسي على
وسائل الإعلام الجديد للحفاظ على شكل ومبادئ الديمقراطية مما أدى إلى حدوث تغيرات جذرية في وسائل الإعلام التقليدي التي وجدت نفسها في حالة تنافس وجودي مع وسائل التواصل الاجتماعي التي خلقت مساحة للحوار المفتوح وتبادل الآراء والخبرات بين المواطنين في مناقشة القضايا المختلفة في إطار فيه حرية أوسع نظرا لصعوبة تحكم السلطات في هذه المنصات أو السيطرة عليها نظرا لعدم وجود قوانين كافية موضوعة من أجل وسائل الإعلام الجديد. اليوم أصبح المواطن يقوم بدور الصحفي أحيانا فيما يعرف بصحافة المواطن أو الصحافة التشاركية أو صحافة الشارع الشعبية. حيث يقوم المواطن العادي بعملية جمع ونقل ونشر الأخبار عبر الانترنت وتشير الدراسات إلى أن صحافة المواطن سوف تكون مسيطرة في الأعوام المقبلة وذلك بسبب التوسع التكنولوجي وزيادة الأحداث السياسية. حيث أن الرؤية التي يقدمها المواطنون للأحداث من شأنها أن تحقق نوعا من التوازن مع الرواية التي تقدمها المصادر الرسمية، إلا أننا لا يمكن أن نغفل نقطة وجود مخاوف تتعلق بهذا النوع من الصحافة الذي لا يلتزم عادة بأخلاقيات العمل الصحفي وقواعد عمله. -الإعلام الجديد قادر على إحداث التغيير على أرض الواقع: النقاش والتفاعل السياسي الذي يحدث في العالم الافتراضي من شأنه أن يتحول إلى الواقع ونستدل على ذلك بنماذج الثورات التي حدثت في العالم العربي والتي عرفت بثورات الربيع العربي حيث كان فتيلها الأول من وسائل التواصل الاجتماعي ومن ثم انتقلت إلى أرض الواقع. بالتالي نجزم بأن مواقع التواصل الاجتماعي قادرة على إحداث التغيير والمساهمة في عملية صنع القرار لدرجة أصبحت قوة المجتمعات في القرن الـ 21 تقاس بكثرة تفاعلها مع القضايا الاجتماعية والسياسية في هذه المنصات الجديدة وذلك كمؤشر على الانفتاح والمشاركة السياسية الإيجابية والحرة. يعد ذلك نظرا لسهولة تدفق المعلومات من خلال منصات التواصل الاجتماعي مما يساهم في زيادة المعرفة والوعي السياسي للأحداث الجارية والراهنة مما يسهل عملية اتخاذ الخيارات التي تتماشى مع مواقف المواطنين وتمثيلهم بشكل واضح وبالتالي تعزيز المشاركة السياسية. – وسائل التواصل الاجتماعي قد تزعزع الديمقراطية: سبق وأن ذكرت بعض الحالات التي تكون فيها وسائل الإعلام الجديد داعمة للديمقراطية في حين نجد حالات مناقضة تماما لها نذكر منها الحالات التي تصبح فيها وسائل التواصل مصدرا رئيسيا للأخبار المغلوطة والشائعات والدعاية السوداء. هذا بالإضافة إلى نشر الرسائل التخريبية وخطاب الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد ومثال على ذلك ما فعله ترامب اثر توليه منصب الرئاسة حيث سعى لنشر الفرقة والتحريض ضد منافسيه من خلال نشر أكثر من 26000 ألف تغريدة خلال فترة رئاسته تصنف أغلبها على أنها تغريدات استفزازية من شأنها التأثير على سير الديمقراطية في البلاد، لدرجة قام تويتر بمنعه من المنصة بشكل نهائي. هذا وتزيد وسائل التواصل الإجتماعي من نظرية التعرض الانتقائي وهي وما يعرف بغرف الصدى. نظرية التعرض الانتقائي هي نظرية في مجال علم النفس وتستخدم غالبا في أبحاث الإعلام والاتصال حيث تلخص ميل الأفراد إلى متابعة المحتوى أو المعلومات التي تدعم وجهات نظرهم فقط دون التطرق للرأي الاخر أو المخالف مما قد يزيد مستويات التعصب لديهم. كما لا ننسى أت وسائل التواصل الاجتماعي تعمق ظاهرة التضليل الإعلامي عن طريق نشر الأخبار المغلوطة حيث تسهل طبيعة هذه المنصات انتشار الشائعات وتأجيج نظريات المؤامرة التي غالبا ما تثير استجابات سريعة وكبيرة خاصة عندما يكون جمهور هذه المنصات لا يتعاملون مع الأخبار بشكل نقدي بل بناء على تحيزات سياسية أو قلة معرفة بما يدور حولهم مما يؤثر على عملية تقييم للقصص الإخبارية. صحفية تونسية
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
وسائل التواصل الاجتماعی
إقرأ أيضاً:
مختص نفسي: العزلة في الأعياد تزداد بين الشباب بسبب وسائل التواصل .. فيديو
الرياض
أكد عبدالله آل دربا، أخصائي أول في علم النفس الإكلينيكي، أن الشعور بالوحدة أو العزلة الاجتماعية خلال الأعياد أصبح ظاهرة شائعة بين مختلف الشباب ، خصوصًا بعد أزمة كورونا، حيث ظهرت بشكل أكبر وتفاقمت لدى الكثيرين ، من فترة المراهقة وحتى ما بعد الأربعين.
وأوضح آل دربا خلال مداخلته عبر قناة “روتانا خليجية”، ” أن العزلة تزداد بعد سن الأربعين لدى البعض بسبب اعتيادهم على نمط حياة قائم على الانعزال والاكتفاء الذاتي، وغالبًا ما ترتبط هذه الحالة بالخوف من مواجهة الآخرين، والقلق، والاكتئاب، إضافة إلى تجارب سابقة مع علاقات سامة”.
كما أشار إلى دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا أظهرت أن 76% من الشباب والمراهقين، وبعض البالغين، يشعرون بالوحدة، خصوصًا في فترات الإجازات، مؤكدًا أن الظاهرة كانت أقل انتشارًا في السابق نظرًا لغياب وسائل التواصل الاجتماعي، لافتًا إلى أن العزلة تتأثر حسب الظروف والزمن.
وأضاف أن دراسة حديثة أجرتها جامعة هارفارد بينت أن معظم من يعانون من الوحدة تأثروا سلبًا باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب أسباب أخرى، مثل فرط الحساسية تجاه النقد أو الشعور بالدونية في المناسبات الاجتماعية.
وأكد على “أن قلة المناعة النفسية أو الحساسية الزائدة، ناتجة عن ضعف في مهارات الذكاء الاجتماعي والعاطفي، وهو ما يزيد من الشعور بالعزلة والوحدة لدى البعض”.
واختتم حديثه مقدمًا نصيحة للأهالي، داعيًا إياهم إلى دعم أبنائهم في حال ملاحظتهم ميولًا للعزلة أو الوحدة، من خلال تشجيعهم على تعلم مهارات حياتية، أو أخذ دورات في الذكاء العاطفي، أو حتى عن طريق التفاعل مع من حولهم.
https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/06/wu_7CFdbVsf3au2q.mp4 https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/06/48OHErHMs_5dw14K.mp4
