مع بدء العدّ العكسي للموعد المفترض للانتخابات البلدية والاختيارية المؤجَّلة، في أيار المقبل، بدأت التكهّنات حول السيناريوهات المحتملة والنوايا المبطنة، في ظلّ حديث متصاعد عن أنّ الظروف التي يشهدها البلد، خصوصًا على المستوى الأمني، في ظلّ الحرب الإسرائيلية المتواصلة على جنوب لبنان، والمخاوف من توسّعها لتشمل البلد بأسره، تشكّل "سببًا قاهرًا" يدفع بقوة نحو تأجيل الاستحقاق إلى موعد آخر.


 
ومع أنّ هذا السيناريو لا يزال غير ناضج، إلا أنّ الحديث عنه خرج من الصالونات الضيّقة، في ظلّ تعامل الكثير من القوى السياسية مع الانتخابات البلدية على أنّها "بحكم المؤجّلة"، انطلاقًا من أن الاستعدادات لها ينبغي أن تبدأ من الآن، وهو ما يعتقد البعض أنه قد يكون متعذّرًا، في ظلّ التصعيد الإسرائيلي المستمرّ، والذي تتصاعد وتيرته يومًا بعد آخر، ما يتطلب تأهّبًا أمنيًا مركّزًا بعيدًا عن أي انشغالات أخرى.
 لكنّ وجهة النظر هذه تقابلها وجهة نظر "مضادة" عبّر عنها بشكل أو بآخر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بقوله في تغريدة له، إنّ "التذرُّع بالوضع العسكري في الجنوب لإكمال شلل البلد فهذا ليس مقبولًا على الإطلاق"، وتشديده على ضرورة حصول الانتخابات في موعدها بعيدًا من أي تمديد جديد، رغم الظروف العسكرية المؤسفة التي تعيشها بعض مناطق الجنوب"، فهل مثل هذا السيناريو واقعيّ فعلاً إذا ما استمرّت "حرب الجنوب"؟
 
قرار "سياسي"
 
يقول العارفون إنّه ليس خافيًا على أحد أنّ الاستحقاق البلدي والاختياري يفترض أن يشكّل "أولوية قصوى"، وأن يكون من "البديهيات"، باعتبار أنّ تأجيل هذه الانتخابات مرّة أخرى ليس مناسبًا، خصوصًا انّ الكثير من البلديات أصبحت منحلّة، أو مشلولة، ما يعني أنّ التمديد لها من جديد لن يكون أكثر من "تعميق للأزمة"، في حين أنّ دور البلديات أساسيّ وجوهريّ بالنسبة إلى المواطنين، وقد تفوق في أهميتها مجلس النواب نفسه.
 
وإذا كانت الحرب على الجنوب تشكّل برأي كثيرين دافعًا لتأجيل الاستحقاق، ريثما تصبح الظروف مناسبة، فإنّ هناك من يعتقد أنّها يفترض أن تشكّل "حافزًا" لتجديد المجالس البلدية في كلّ لبنان، بالنظر إلى الدور المطلوب من هذه المجالس مواكبة للوضع الطارئ عن العمليات العسكرية، خصوصًا أنّ الحرب خلقت واقعًا جديدًا أكثر صعوبة وتأزمًّا، يجب أن تتمّ مقاربته بشكل أبعد ما يكون عن "الشلل" الذي يعيشه البلد على كل المستويات.
 
لكنّ العارفين يعتبرون أنّ القرار بإجراء هذه الانتخابات في ظل الوضع الحالي من عدمه يبقى "سياسيًا" بالدرجة الأولى، ويعود للقوى السياسية الأساسية، التي يفترض أن تؤمّن الظروف التي تتيح إجراء الانتخابات بأجواء مريحة ومناسبة، علمًا أنّ وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي كان واضحًا بالتأكيد على هذه الثابتة، وهو لم يعلن خلافًا لما أشيع، أنّ الاستحقاق لن يجري في موعده إذا طالت حرب الجنوب.
 
هل يمكن إجراء الانتخابات؟
 
لكن، بعيدًا عن النقاش "السياسي" حول أهمية إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، والدور المطلوب من المجالس البلدية في ظلّ الظروف الاستثنائية والدقيقة التي يواجهها البلد، قد يكون مشروعًا السؤال عن مدى "إمكانية" إجراء الانتخابات أصلاً في ظلّ ظروف الحرب، فهل مثل هذا السيناريو واقعيّ فعلاً؟ وألا ينطوي على خطورة مثلاً في مكان معيّن، ولا سيما مع توسيع العدو لرقعة عملياته، وعدم تردّده في استهداف المدنيّين بشكل مباشر.
 
في هذا السياق، كان لافتًا الاقتراح الذي طرحه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في تغريدته حول موضوع الانتخابات البلدية، حين اقترح "التفكير بتأجيل الانتخابات في البلدات التي تشهد عمليات عسكرية كونها تعيش ظرفًا قاهرًا"، وهو اقتراحٌ يكرّره العديد من الناشطين والمتخصّصين في مجال الانتخابات، الذين يلفتون إلى أن لا شيء في القانون يفرض إجراء الانتخابات البلدية في الوقت نفسه في كلّ أنحاء البلد.
 
يتحدّث المتخصّصون في مجال الانتخابات في هذا السياق، عن "سوابق" حصلت في أكثر من مكان، بتأجيل الانتخابات في بلديات محدّدة، وهو ما يمكن أن يشكّل "مَخرَجًا"، باعتبار أنّ الحرب في الجنوب تحول دون إجرائها في بلديات محدّدة، وليس في كل المناطق، كما يلفتون إلى أنّ السلطة تستطيع البحث عن "مَخارِج" أخرى، كما يمكنها العودة إلى المسار الذي كان متّبَعًا خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، وقد جرت الانتخابات فيها أكثر من مرّة.
 
في النتيجة، يبدو الثابت وفقًا للعارفين، أنّ الحرب على الجنوب ليست تفصيلاً، ما يتطلّب التعامل معها بحذر شديد، تفاديًا لأيّ إيحاء بأنّ الجنوب "جزيرة منعزلة"، وهو انطباعٌ ازداد مع الحرب، فيما هو "جزء لا يتجزأ" من الوطن. لكنّ الثابت أيضًا أنّ القرار بإجراء الانتخابات البلدية من عدمه يبقى سياسيًا وفي يد مجلس النواب، والمطلوب حسمه اليوم قبل الغد، بعيدًا عن انتظار "ضغط" ربع الساعة الأخير لاتخاذه، من دون أيّ دراسة لتبعاته المحتملة!
أما حكوميا، فالاجواء تفيد ان الاستعدادات مستمرة لاجراء الانتخابات في موعدها، لان الحكومة ملزمة قانونا بدلك، كما ان الاجراءات اللوجستية قائمة لمواكبة هذا الاستحقاق، الا اذا... المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

محللون وخبراء: المهلة الزمنية التي حددها ترامب لوقف إطلاق النار بغزة غير واقعية

استبعد محللون وخبراء إمكانية التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة وفق المهلة الزمنية التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتحدثوا عن عراقيل أساسية لا تزال تقف في طريق أي اتفاق محتمل بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.

وعقب انتهاء الحرب الإيرانية الإسرائيلية أكد ترامب على رغبته في إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وأعرب عن تفاؤله بشأن التوصل إلى وقف إطلاق النار تحديدا الأسبوع المقبل.

وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن أن وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر سيلتقي مسؤولين كبارا في البيت الأبيض الاثنين المقبل.

وبشأن المهلة الزمنية التي حددها ترامب، قال المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية توماس واريك إن ترامب يستعمل الوقت بطريقة مرنة، وما أراد قوله هو أن إنهاء الحرب في غزة يدخل ضمن أولوياته، مشيرا إلى أن المهم هو ما سيحدث خلال المباحثات التي سيجريها ديرمر في واشنطن، ولفت إلى وجود اتفاق بين واشنطن وتل أبيب بأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا يمكنها حكم قطاع غزة.

ويقضي العرض الأميركي -يواصل واريك- بأن إنهاء الحرب على غزة مشروط بخروج قادة حماس من غزة وتخلي الحركة عن أسلحتها، مشيرا إلى أن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف يتعين عليه الضغط على إسرائيل من أجل أن تقبل بفكرة أن قطاع غزة يصبح جزءا من صلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية.  

ونقلت "هآرتس" عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إنه سيتم إبلاغ ديرمر بضرورة إنهاء الحرب وإنقاذ الأسرى الأحياء وتأجيل تفكيك حركة حماس.

كما قالت إن محادثات ديرمر ستركز على إنهاء الحرب في غزة والمفاوضات الأميركية الإيرانية وتوسيع اتفاقات أبراهام.

من جهته، اعتبر رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي أنه من المستحيل أن يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال المدة الزمنية التي حددها ترامب، لأن هناك عقبات أساسية لا تزال قائمة، أولاها أن إنهاء الحرب من منظور فلسطيني يختلف عن إنهائها من منظور إسرائيلي، والفلسطينيون يرفضون التوقيع على اتفاق لا ينص على انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة.

إعلان الضمانات

وأشار الشوبكي إلى مسألة الضمانات التي يفترض أن تقدم للفلسطينيين بأن تستمر حالة الهدوء ووقف إطلاق النار خلال المرحلة التفاوضية، وهي مسألة لا يشير إليها الأميركيون والإسرائيليون بشكل واضح، بالإضافة إلى أن الطرح الأميركي بإيجاد حكم بديل في غزة يفتقد -يضيف الشوبكي- إلى أدوات تنفيذه على أرض الواقع.

وذكّر الشوبكي بأن حماس أعلنت في تصريحات سابقة لها أنها مستعدة لعدم المشاركة في حكم غزة، وهو موقف قدمته للوسطاء العرب.

وقال إن طرح هذا الموضوع مجددا هو محاولة لخفض سقف المفاوض الفلسطيني، مؤكدا أن المشكلة التي تطرح حاليا تكمن في محاولة فرض أنماط حكم جديدة في غزة، كما قال إن "من يريد تمكين السلطة الفلسطينية في قطاع غزة فليمكّنها في الضفة الغربية".

وحسب الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا، فإن ما تطلبه المقاومة الفلسطينية من مطالب يلغي ما يطلبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.

وقال حنا إن إنهاء الحرب يتطلب انسحابا إسرائيليا كاملا من قطاع غزة وتقديم ضمانات، وطرح تساؤلات عن مصير سلاح المقاومة ومصير القطاع في المرحلة المقبلة.

وأوضح أن انسحابات إسرائيل من المناطق التي تحتلها ترتبط عادة بالواقع الداخلي والواقع الدولي وبعمليات المقاومة وما توقعه من خسائر في صفوف جيش الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • طرق الحياة تعود بين صنعاء وعدن.. تفاصيل الصفقة السرية التي ستُنهي سنوات القطيعة
  • الرؤساء الثلاثة يرمون بطوق النجاة لنتنياهو
  • عن موعد إجراء الانتخابات البلدية والتحديات التي تواجهها... ماذا كشف وزير الداخلية؟
  • عن عروس لبنان التي قضت بغارة إسرائيلية في الجنوب.. ماذا قالت سيرين عبد النور؟
  • عبد المنعم السيد: الحرب الإقليمية وراء تراجع عوائد قناة السويس إلى 5 مليارات دولار
  • محللون وخبراء: المهلة الزمنية التي حددها ترامب لوقف إطلاق النار بغزة غير واقعية
  • اختبار دم بسيط يمكن أن يحدد المدة التي قد تعيشها
  • مادورو ليهود العالم: أوقفوا جنون الحرب التي يقودها نتنياهو
  • بالفيديو... هذه طبيعة الإنفجارات القويّة التي سُمِعَت في الجنوب
  • الكشف عن الخسائر المادية التي تكبدتها إسرائيل في الحرب مع إيران