الانتخابات البلدية.. هل يمكن إجراؤها في ظلّ حرب الجنوب؟!
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
مع بدء العدّ العكسي للموعد المفترض للانتخابات البلدية والاختيارية المؤجَّلة، في أيار المقبل، بدأت التكهّنات حول السيناريوهات المحتملة والنوايا المبطنة، في ظلّ حديث متصاعد عن أنّ الظروف التي يشهدها البلد، خصوصًا على المستوى الأمني، في ظلّ الحرب الإسرائيلية المتواصلة على جنوب لبنان، والمخاوف من توسّعها لتشمل البلد بأسره، تشكّل "سببًا قاهرًا" يدفع بقوة نحو تأجيل الاستحقاق إلى موعد آخر.
ومع أنّ هذا السيناريو لا يزال غير ناضج، إلا أنّ الحديث عنه خرج من الصالونات الضيّقة، في ظلّ تعامل الكثير من القوى السياسية مع الانتخابات البلدية على أنّها "بحكم المؤجّلة"، انطلاقًا من أن الاستعدادات لها ينبغي أن تبدأ من الآن، وهو ما يعتقد البعض أنه قد يكون متعذّرًا، في ظلّ التصعيد الإسرائيلي المستمرّ، والذي تتصاعد وتيرته يومًا بعد آخر، ما يتطلب تأهّبًا أمنيًا مركّزًا بعيدًا عن أي انشغالات أخرى.
لكنّ وجهة النظر هذه تقابلها وجهة نظر "مضادة" عبّر عنها بشكل أو بآخر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بقوله في تغريدة له، إنّ "التذرُّع بالوضع العسكري في الجنوب لإكمال شلل البلد فهذا ليس مقبولًا على الإطلاق"، وتشديده على ضرورة حصول الانتخابات في موعدها بعيدًا من أي تمديد جديد، رغم الظروف العسكرية المؤسفة التي تعيشها بعض مناطق الجنوب"، فهل مثل هذا السيناريو واقعيّ فعلاً إذا ما استمرّت "حرب الجنوب"؟
قرار "سياسي"
يقول العارفون إنّه ليس خافيًا على أحد أنّ الاستحقاق البلدي والاختياري يفترض أن يشكّل "أولوية قصوى"، وأن يكون من "البديهيات"، باعتبار أنّ تأجيل هذه الانتخابات مرّة أخرى ليس مناسبًا، خصوصًا انّ الكثير من البلديات أصبحت منحلّة، أو مشلولة، ما يعني أنّ التمديد لها من جديد لن يكون أكثر من "تعميق للأزمة"، في حين أنّ دور البلديات أساسيّ وجوهريّ بالنسبة إلى المواطنين، وقد تفوق في أهميتها مجلس النواب نفسه.
وإذا كانت الحرب على الجنوب تشكّل برأي كثيرين دافعًا لتأجيل الاستحقاق، ريثما تصبح الظروف مناسبة، فإنّ هناك من يعتقد أنّها يفترض أن تشكّل "حافزًا" لتجديد المجالس البلدية في كلّ لبنان، بالنظر إلى الدور المطلوب من هذه المجالس مواكبة للوضع الطارئ عن العمليات العسكرية، خصوصًا أنّ الحرب خلقت واقعًا جديدًا أكثر صعوبة وتأزمًّا، يجب أن تتمّ مقاربته بشكل أبعد ما يكون عن "الشلل" الذي يعيشه البلد على كل المستويات.
لكنّ العارفين يعتبرون أنّ القرار بإجراء هذه الانتخابات في ظل الوضع الحالي من عدمه يبقى "سياسيًا" بالدرجة الأولى، ويعود للقوى السياسية الأساسية، التي يفترض أن تؤمّن الظروف التي تتيح إجراء الانتخابات بأجواء مريحة ومناسبة، علمًا أنّ وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي كان واضحًا بالتأكيد على هذه الثابتة، وهو لم يعلن خلافًا لما أشيع، أنّ الاستحقاق لن يجري في موعده إذا طالت حرب الجنوب.
هل يمكن إجراء الانتخابات؟
لكن، بعيدًا عن النقاش "السياسي" حول أهمية إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، والدور المطلوب من المجالس البلدية في ظلّ الظروف الاستثنائية والدقيقة التي يواجهها البلد، قد يكون مشروعًا السؤال عن مدى "إمكانية" إجراء الانتخابات أصلاً في ظلّ ظروف الحرب، فهل مثل هذا السيناريو واقعيّ فعلاً؟ وألا ينطوي على خطورة مثلاً في مكان معيّن، ولا سيما مع توسيع العدو لرقعة عملياته، وعدم تردّده في استهداف المدنيّين بشكل مباشر.
في هذا السياق، كان لافتًا الاقتراح الذي طرحه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في تغريدته حول موضوع الانتخابات البلدية، حين اقترح "التفكير بتأجيل الانتخابات في البلدات التي تشهد عمليات عسكرية كونها تعيش ظرفًا قاهرًا"، وهو اقتراحٌ يكرّره العديد من الناشطين والمتخصّصين في مجال الانتخابات، الذين يلفتون إلى أن لا شيء في القانون يفرض إجراء الانتخابات البلدية في الوقت نفسه في كلّ أنحاء البلد.
يتحدّث المتخصّصون في مجال الانتخابات في هذا السياق، عن "سوابق" حصلت في أكثر من مكان، بتأجيل الانتخابات في بلديات محدّدة، وهو ما يمكن أن يشكّل "مَخرَجًا"، باعتبار أنّ الحرب في الجنوب تحول دون إجرائها في بلديات محدّدة، وليس في كل المناطق، كما يلفتون إلى أنّ السلطة تستطيع البحث عن "مَخارِج" أخرى، كما يمكنها العودة إلى المسار الذي كان متّبَعًا خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي للجنوب، وقد جرت الانتخابات فيها أكثر من مرّة.
في النتيجة، يبدو الثابت وفقًا للعارفين، أنّ الحرب على الجنوب ليست تفصيلاً، ما يتطلّب التعامل معها بحذر شديد، تفاديًا لأيّ إيحاء بأنّ الجنوب "جزيرة منعزلة"، وهو انطباعٌ ازداد مع الحرب، فيما هو "جزء لا يتجزأ" من الوطن. لكنّ الثابت أيضًا أنّ القرار بإجراء الانتخابات البلدية من عدمه يبقى سياسيًا وفي يد مجلس النواب، والمطلوب حسمه اليوم قبل الغد، بعيدًا عن انتظار "ضغط" ربع الساعة الأخير لاتخاذه، من دون أيّ دراسة لتبعاته المحتملة!
أما حكوميا، فالاجواء تفيد ان الاستعدادات مستمرة لاجراء الانتخابات في موعدها، لان الحكومة ملزمة قانونا بدلك، كما ان الاجراءات اللوجستية قائمة لمواكبة هذا الاستحقاق، الا اذا... المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
فقيه دستوري: قرارات الهيئة الانتخابية قابلة للطعن واحترام القانون أساس استقرار العملية الديمقراطية
قال الدكتور صلاح فوزي، الفقيه الدستوري، إن الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا برفض الطعن المقدم ضد إحدى القوائم الانتخابية جاء متسقًا مع القواعد القانونية المنظمة للعملية الانتخابية، مؤكدًا أن الأسس التي اعتمدت عليها المحكمة تعكس سلامة الإجراءات ودقة تفسير القانون.
وخلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى في برنامج «على مسئوليتي» عبر قناة صدى البلد، أبرز فوزي أهمية المشاركة الفعالة في الانتخابات البرلمانية، مشددًا على أن صوت الناخب يمثل جوهر العملية الديمقراطية، وأن شفافية الانتخابات شرط أساسي لضمان تعبيرها عن الإرادة الشعبية.
وأوضح أن الهيئة الوطنية للانتخابات تصدر قرارات ذات طابع إداري، وبالتالي فهي خاضعة للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وفقًا للقانون.
وأشار الفقيه الدستوري إلى أن الهيئة هي الجهة المختصة بوضع جدول زمني جديد لإجراء الانتخابات في الدوائر التي ألغت المحكمة نتائجها، لافتًا إلى أن إعادة الانتخابات قد تمتد إلى ما بعد 11 يناير 2026 نظرًا للتطورات المرتبطة بالأحكام القضائية الأخيرة.
وفي سياق متصل، أوضح فوزي أنه إذا انتهت مدة مجلس النواب دون وجود مجلس قائم، تنتقل السلطة التشريعية إلى رئيس الجمهورية وفقًا لنصوص الدستور، مؤكدًا أن احترام القانون وحق التقاضي يظل من الثوابت الأساسية في دولة المؤسسات.
واختتم فوزي تصريحه بالتأكيد على أن بعض المخالفات التي قد تسجل خلال سير العملية الانتخابية تعزى لعوامل فردية لا ترتبط بجهات الإشراف أو التنظيم، ولا تؤثر في سلامة المسار الانتخابي ككل.