دمشق-سانا

حالة من الانقسام السياسي والاجتماعي والاقتصادي تعيشها الولايات المتحدة تجعلنا نستذكر ما حذر منه الرئيس الأمريكي الأسبق إبراهام لينكولن قبل اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية عام 1861 بقوله: ” لا بد أن تسقط دولة مجتمعها منقسم” وهو ما تشهده أمريكا في السنوات الأخيرة.

الانقسام داخل من يتشدق دائماً بالديمقراطية ظهر جلياً في الصراع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وما رافقه في السنوات الماضية من أحداث أبرزها اقتحام الكابيتول 2021 والاحتجاجات على مقتل جورج فلويد على يد الشرطة الأمريكية وعودة نظريات المؤامرة عبر توجيه الاتهام للرئيس جو بايدن بسرقة الانتخابات عام 2020 وتزويرها إضافة إلى إلغاء قضية “رو ضد وايد” المتعلقة بالإجهاض، وتوجت مؤخراً بطلب ولاية تكساس الانفصال الأمر الذي أدى إلى تأجيج المزيد من السخط الاجتماعي وانعدام الثقة في المحكمة العليا والجيش والشرطة والحكومة الفيدرالية الأمريكية.

ويرى موقع تشاتام هاوس البريطاني أنه ومنذ خمسينيات القرن الماضي لم تمر الولايات المتحدة بحالة من الانقسام الأيديولوجي والسياسي كما تعيشه اليوم والمتمثل بعدة ملفات ومنها الهجرة والعِرق وعدم المساواة وقضايا الهوية الجنسية التي شقت طريقها إلى كسر تماسك المجتمع الأمريكي ووضعه على حافة الانهيار حيث أعرب 54 بالمائة من الجمهوريين عن اعتقادهم باحتمال كبير لاندلاع حرب أهلية أميركية في غضون العقد المقبل بينما وافق أربعة من كل عشرة بنسبة تعادل 40 بالمائة من الديمقراطيين على ذلك، ولعل أحد الأسباب التي أدت إلى تعزيز الانقسامات وفق موقع ميديم الأمريكي هو الخطابات الحزبية المتطرفة وتصاعد اللهجة المثيرة للانقسام في وسائل الإعلام ما يجعل من الصعب على الناس إيجاد أرضية مشتركة والعمل على تحقيق الأهداف المرسومة.

وفي هذا السياق أكد إدموند غريب أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون الأمريكية أن هناك انقساماً حاداً في المجتمع، وحالة استقطاب ليست بجديدة مشيراً إلى أن هذا الانقسام بدأ منذ عدة سنوات وتحديداً في انتخابات 2016 ليصبح أكثر حدة في انتخابات 2020.

أستاذ العلاقات الدولية ربط تلك الخلافات والانقسامات بأسباب أخلاقية وقيمية وأسباب سياسية داخلية تتمثل بالهجرة غير الشرعية وارتفاع الجريمة والتضخم والبطالة والوضع الاقتصادي والسياسة الخارجية التي يتبناها المرشحون تجاه الملفات الدولية والإقليمية.

“الأمة المنقسمة والمنغلقة على نفسها من شأنها أن تجعل التعامل مع التحديات العالمية أكثر صعوبة” بهذه الكلمات وصفت مجلة فورين بوليسي الأمريكية حال الولايات المتحدة التي تعاني وفق وجهة نظر المجلة من أزماتٍ خارجية متعدّدة متوقعةً أن تفجر الانتخابات الرئاسية المقبلة فتيل الانقسامات في الداخل الأمريكي.

الأزمات الخارجية التي أوقعت الإدارات الامريكية نفسها بها وزادت من حدة الانقسام الداخلي وفق المجلة هي حروبها في أوروبا والشرق الأوسط كأوكرانيا ودعمها اللامحدود للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة ضاربة عرض الحائط بكل المبادئ والقيم الإنسانية التي لطالما تغنى بها الشعب الأمريكي إضافة إلى محاولة ضرب علاقاتها مع الصين من خلال محاولتها المساس بوحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية.

النائبة عن الحزب الجمهوري مارغوري غرين وجدت أن التفاهم لا يمكن أن يتم بين الحزبين وعبّرت عن ذلك بدعوتها الحزبين إلى الطلاق الوطني بقولها: “نحن بحاجة إلى الفصل بين الولايات الزرقاء والولايات الحمراء” في إشارة إلى اللونين اللذين يرمزان إلى الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

ووسط فشل الإدارات الأميركية المتعاقبة الجمهورية منها والديمقراطية في التعامل مع الكثير من الملفات ومنها ملف الهجرة نقلت مجلة “نيوزويك” الأميركية عن رئيس حركة تكساس القومية دانييل ميلر قوله إن عشرات الآلاف من أعضاء الحزب الديمقراطي يؤيدون انفصال ولاية تكساس عن الولايات المتحدة في ظل مخاوف من انتشار هذا المد الانفصالي نحو ولايات أخرى.

وبالمجمل من المتوقع أن تؤدي نتائج الانتخابات الأمريكية لعام 2024 إلى تعميق حدة الانقسام أياً كان الرئيس المقبل فلا أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الذين يعتقدون أن انتخابات 2020 سرقت سيقبلون خسارتهم مرة أخرى ولا أنصار الرئيس الحالي بايدن سيرضون عن النتائج وسيتهمون الجمهوريين بتخريب الانتخابات، وبكلا الحالتين سيتجدد الانقسام الأمر الذي يُنذر بتجدد العنف بين أنصار الحزبين، فهل سنشهد بعد الانتخابات المقبلة أمريكا بدون ولايات متحدة أو سنشهد تناقصاً للولايات الحمراء على حساب الزرقاء أو العكس بحسب وصف النائبة مارغوري غرين.

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

أبو شامة عن حرب إيران: أهداف الولايات المتحدة تختلف عن إسرائيل

قال محمد مصطفى أبو شامة، مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر، إن إسرائيل لا تخفي سعيها لإسقاط النظام الإيراني، بل هو هدف معلن صراحة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مناسبات وخطابات عدة، موضحا أن الضربات الأخيرة ضد إيران جاءت بعد إعداد طويل لبنك أهداف استراتيجي.

وأضاف أبوشامة، خلال مداخلة مع الإعلامية مارينا المصري، ببرنامج "مطروح للنقاش"، على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن إسرائيل كانت تسعى منذ سنوات إلى مواجهة مباشرة مع إيران، لكنها كانت مكبلة بسبب وجود أذرع إيرانية على حدودها مثل حزب الله والنظام السوري، اللذين كانا يشكلان خط دعم مباشر بين طهران وبيروت، إلا أن هذه المعادلة تغيرت بعد عملية "طوفان الأقصى"، ما مهد للمواجهة المباشرة الحالية.

أشار أبوشامة إلى احتمال أن تكون الولايات المتحدة قد تورطت في خداع إيران، حيث جاءت الضربة الإسرائيلية الأولى مفاجئة وصادمة لطهران، مما منح تل أبيب أفضلية نسبية في بداية التصعيد العسكري.

وتابع قائلا : أن الارتباك الظاهر في تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإدارته في الأسابيع الأخيرة بشأن العلاقة مع إيران – ما بين التهديد والتفاوض – قد يكون لعب دورًا في تمرير الضربة الأولى دون توقع من الجانب الإيراني.

وأكد أبوشامة أن أهداف الولايات المتحدة تختلف عن أهداف إسرائيل؛ إذ تركز واشنطن على تفكيك البرنامج النووي الإيراني فقط، ولا تسعى في الوقت الراهن إلى إسقاط النظام. وأضاف أن تصريحات ترامب الأخيرة عن إمكانية تحقيق "سلام قريب" بين إيران وإسرائيل، تشير إلى توجه أمريكي للحل السياسي أكثر من التصعيد العسكري الكامل.

طباعة شارك إيران إسرائيل الولايات المتحدة ترامب

مقالات مشابهة

  • أبو شامة عن حرب إيران: أهداف الولايات المتحدة تختلف عن إسرائيل
  • بعثة الأمم المتحدة: تشكيل حكومة جديدة هو الخيار الأنسب لإنجاح الانتخابات الليبية
  • موجة حر تضرب 6 ولايات اليوم
  • وزير الرياضة يشهد المباراة الافتتاحية لبطولة كأس العالم للأندية 2025 في الولايات المتحدة الأمريكية
  • ولي العهد يجري اتصالًا هاتفيًا برئيس الولايات المتحدة الأمريكية
  • سمو ولي العهد يجري اتصالًا هاتفيًا برئيس الولايات المتحدة الأمريكية
  • المجلس السياسي الأعلى : العدوان الصهيوني على إيران جريمة كبرى والولايات المتحدة شريكة في الجريمة (تفاصيل)
  • ترامب يؤكد وقوف الولايات المتحدة بجانب إسرائيل في عدوانها على إيران
  • بالمنطقة وإسرائيل.. أمريكا تصدر توجيها لرعاياها و10 إجراءات تطلبها السفارة الأمريكية بالقدس
  • تمرد كاليفورنيا.. ما الأدوات التي تملكها الولايات لكبح السلطة الفدرالية؟