انطلاق حلقات عمل تحليل الوضع الراهن لـ"الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" لتعزيز مكانة عُمان دوليًا
تاريخ النشر: 15th, June 2025 GMT
◄ البلوشي: حلقات العمل خطوة أساسية نحو إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان
◄ الخضوري: عمان تمضي نحو استراتيجية وطنية متكاملة لتعزيز حقوق الإنسان
◄ الاستراتيجية تنسجم مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية
◄ الإعلان الرسمي عن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في ديسمبر المقبل
◄ تستمر الفعاليات حتى 3 يوليو المقبل بمشاركة 55 جهة حكومية وخاصة وأهلية
الرؤية- مدرين المكتومية
دشنت اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان، الأحد، برنامج حلقات عمل تحليل الوضع الراهن للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في سلطنة عُمان، وذلك في حفل برعاية معالي الدكتور عبدالله بن محمد السعيدي وزير العدل والشؤون القانونية، وبحضور عددٍ من المسؤولين والخبراء ممثلي أكثر من 55 جهة من المؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني، وذلك في القاعة الرئيسية بفندق جي دبليو ماريوت- مسقط.
بدأ حفل الافتتاح بعرض فيلم عن اللجنة العمانية لحقوق الإنسان، إلى جانب كلمة للأستاذ الدكتور راشد بن حمد البلوشي رئيس اللجنة، والتي أكد فيها أن برنامج حلقات عمل تحليل الوضع الراهن للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في سلطنة عُمان أحد الخطوات الأساسية نحو إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، حيث تستمد هذه الاستراتيجية مرجعيتها من النظام الأساسي للدولة، الذي أكد في مضامينه على صون الحقوق والحريات العامة، وعلى التزام الدولة برعاية الإنسان وتمكينه في مختلف مناحي الحياة، كما تستند إلى نص المادة (11) من نظام اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (57/2022)، التي أسندت الى اللجنة إعداد ومتابعة تنفيذ استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، بالتنسيق مع الجهات المعنية.
وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية تنسجم مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي انضمت إليها سلطنة عُمان، وهو ما يعكس انفتاح السلطنة على منظومة الحقوق الدولية، وحرصها على تعزيز التزاماتها الطوعية في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما يتماشى مع ثوابتها الوطنية، وهويتها الحضارية، وقيمها الإنسانية، مؤكدا أن اللجنة حرصت منذ اللحظة الأولى على أن تتكامل هذه الاستراتيجية مع توجهات رؤية "عُمان 2040"، من خلال التنسيق المباشر مع وحدة متابعة تنفيذ الرؤية، لتكون جزءًا من الحراك التنموي الشامل، الذي تنتهجه السلطنة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- نحو بناء عُمان المستقبل والقائم على سيادة القانون والعدالة الاجتماعية، والحوكمة الرشيدة.
وتابع البلوشي قائلا: "جاءت هذه الحلقات التي نُطلقها اليوم كمرحلة مهمة في مسار الإعداد، حيث تهدف إلى تحليل الواقع الحقوقي القائم في سلطنة عُمان بجميع أبعاده: القانونية، والتنظيمية، والمؤسسية، من خلال توزيع المشاركين على أربع مجموعات عمل تتناول مختلف الحقوق المدنية والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية والبيئية، بالإضافة إلى محور خاص بالفئات الأولى بالرعاية مثل المرأة، والطفل، وكبار السن، والأشخاص ذوي الإعاقة".
وأشار البلوشي إلى أنه من خلال تطبيق منهجية التحليل الرباعي، تسعى الحلقات إلى تقييم مكامن القوة، وتحديد أبرز التحديات، واستكشاف الفرص المتاحة، وقياس المخاطر، والخروج بأهداف استراتيجية قابلة للتنفيذ، تُبنى على مؤشرات واضحة، وخط أساس دقيق يُشكل مرجعية للمتابعة والتقييم، مضيفا: "لأن الإنسان هو الغاية والوسيلة، فقد حرصنا في اللجنة على أن تُبنى هذه الاستراتيجية على مبدأ النهج التشاركي، الذي يُسهم فيه الجميع، حيث نعتز اليوم بمشاركة أكثر من 55 جهة حكومية وخاصة ومؤسسات مجتمع مدني، في صورة مشرّفة تعبّر عن تكامل الجهود، ووحدة الهدف، وإننا إذ نخطو اليوم إلى الأمام في هذا المشروع الوطني، فإننا نستشرف الإعلان الرسمي عن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر المقبل 2025م، بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، إيذانًا بمرحلة جديدة في العمل الحقوقي المؤسسي في سلطنة عُمان. وفي هذا السياق، فإننا نؤكد أن هذه الاستراتيجية لا تنتمي إلى اللجنة وحدها، بل هي وثيقة وطنية جامعة، نُريدها أن تكون مرآة للواقع، ومنصة للحوار، وجسرًا نحو المستقبل".
وفي كلمته، قال مازن شقورة الممثل الإقليمي لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يسعدني أن أشارككم في هذه الفعالية الهامة التي تمثل محطة أساسية في مسار بناء الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، واجتماعنا ليس فقط مناسبة للتأمل في واقع حقوق الإنسان، بل هو دعوة صريحة للمضي قُدمًا في تحقيق العدالة، والمساواة، والكرامة الإنسانية، ولقد شهدت المنطقة وبلادكم على وجه الخصوص، تطورات ملموسة على صعيد حماية الحقوق والحريات، حيث إننا نشيد بالتقدم المحرز لا سيما في تعزيز الأطر التشريعية والمؤسسية التي تكفل احترام الحقوق الأساسية، ومناهضة كافة أشكال التمييز والعنصرية".
وأضاف: "نحن في مكتب المفوض السامي نؤكد على أهمية القضاء على التمييز بكل أشكاله، بوصفه حجر الزاوية في بناء مجتمعات عادلة وشاملة، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يترك مجالاً للشك حينما نص على أن: جميع الناس يولدون أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق، ولذا فإن جهودكم في تطوير الأطر القانونية والسياسات المناهضة للتمييز، لا سيما تجاه العمالة الوافدة والمجتمعات الأكثر هشاشة، هي خطوات تستحق الإشادة والدعم، كما نؤكد استعدادنا التام لتقديم الدعم الفني والتقني اللازم، وبناء القدرات الوطنية في مجالات التوثيق، والرصد، والامتثال للمعايير الدولية، وإننا نثمّن عالياً الشراكات القائمة، ونتطلع إلى المزيد من التعاون البنّاء في سبيل تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، وختامًا، فإن هذه الورش ليست نهاية المطاف، بل هي بداية جادّة لحوار وطني مسؤول يسهم في بناء استراتيجية واقعية وقابلة للتنفيذ، تستند إلى مبادئ الشمول، والمشاركة، والشفافية".
مشروع الاستراتيجية
وشهد حفل التدشين، تقديم فيلما عن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان، على جانب عرض مرئي قدمه الدكتور جمال بن عيد الخضوري عضو اللجنة العمانية لحقوق الإنسان ممثل وزارة الصحة ورئيس الفريق التنفيذي لإعداد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان، تناول فيها مشروع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان الذي يهدف إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان في سلطنة عُمان، وتحقيق المواءمة مع النظام الأساسي للدولة، والتشريعات الوطنية، والاتفاقيات الدولية، ورؤية عُمان 2040 وأهداف التنمية المستدامة، إذ يتضمن المشروع مراحل متعددة تبدأ من فبراير 2024 وتمتد حتى أكتوبر 2025، وتشمل تحليل الوضع الراهن، وتحديد الجهات ذات العلاقة، واقتراح المؤشرات، وصياغة الأهداف الاستراتيجية.
واستعرض الخضوري العرض الركائز الحقوقية المستندة إلى عدد من الاتفاقيات الدولية مثل العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، إلى جانب المبادئ الواردة في النظام الأساسي العُماني، كما ركز على أهمية ارتباط محاور رؤية "عُمان 2040" بحقوق الإنسان، مثل الحوكمة، المجتمع، الاقتصاد، والبيئة المستدامة، كما تم تحليل الوضع الراهن من خلال مؤشرات معتمدة وورش عمل، بهدف الوصول إلى الأهداف الاستراتيجية المرجوة، وتحديد التحديات والفرص، مؤكدا أن هذا المشروع خطوة نوعية لتعزيز مكانة السلطنة دوليًا في مجال حقوق الإنسان عبر منهجية تشاركية ومستندة إلى المعايير الدولية.
ويأتي تنظيم هذه الحلقات في إطار تواصل الجهود المنهجية التي تبذلها اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان لإعداد أول استراتيجية وطنية شاملة لحقوق الإنسان في سلطنة عُمان، استنادًا إلى المادة رقم (11) من نظام اللجنة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (57/2022)، التي خولت اللجنة بوضع هذه الاستراتيجية ومتابعة تنفيذها بالتنسيق مع كافة الجهات المختصة بحقوق الإنسان. ويمثل هذا البرنامج أحد المراحل التأسيسية المهمة نحو بلورة وثيقة استراتيجية وطنية تستند إلى فهم دقيق وواقعي لواقع حقوق الإنسان في سلطنة عُمان، حيث تسعى الحلقات إلى تشخيص الجوانب القانونية والتنظيمية والإجرائية في مجالات الحقوق المختلفة، واستقراء أبرز التحديات والفرص، بما يضمن وضع أهداف استراتيجية قابلة للتنفيذ والقياس على المدى القريب والبعيد.
ولقد حرصت اللجنة على إشراك جميع الفاعلين في المشهد الوطني لحقوق الإنسان، بما في ذلك المؤسسات الرسمية والأكاديمية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، إدراكًا منها لأهمية الشراكة الشاملة في صياغة هذه الاستراتيجية.
وتمتد فعاليات الحلقات من 15 يونيو وحتى 3 يوليو 2025، حيث تم توزيع المشاركين على أربع مجموعات عمل، تغطي كل منها مجموعة من الحقوق الأساسية. وتشمل هذه الحقوق: الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والحقوق البيئية والثقافية، وحرية المشاركة في الحياة العامة، بالإضافة إلى محور خاص بالفئات الأولى بالرعاية، مثل المرأة، والطفل، وكبار السن، والأشخاص ذوي الإعاقة، وقد تم تصميم الحلقات وفق منهجية تُتيح تقييمًا موضوعيًّا للواقع، وتدعم في الوقت ذاته وضع أهداف دقيقة ومحددة وقابلة للقياس، مع ربطها بالمؤشرات النوعية والكمية، وتنسجم هذه الجهود مع التوجهات الوطنية لرؤية عُمان 2040، حيث تم التنسيق المباشر مع وحدة متابعة تنفيذ الرؤية، ووزارة الاقتصاد لضمان مواءمة الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان مع الخطط التنموية الشاملة، كما تم التأكيد على توافق الاستراتيجية مع النظام الأساسي للدولة، والمواثيق الدولية التي انضمت إليها سلطنة عُمان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
قرار حكومي جديد لتنظيم الواردات وتمويلها.. خطوة لتعزيز استقرار الصرف وتوحيد الرقابة (تقرير)
انضم إلى قناتنا على واتساب
شمسان بوست / متابعات:
في خطوة تحمل دلالات اقتصادية عميقة وتُجسد التحول نحو الحوكمة الرشيدة، اتخذت الحكومة اليمنية خطوة محورية تمثلت بإصدار قرار يقضي بتشكيل اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات، في إطار مساعٍ حثيثة لإعادة ضبط المسار الاقتصادي، وتحقيق الاستقرار النقدي، ومواجهة التحديات المتفاقمة في سوق الصرف وتمويل التجارة الخارجية.
ويأتي هذا القرار، الصادر عن رئيس مجلس الوزراء الأستاذ سالم بن بريك، بتاريخ 22 يونيو 2025م، في إطار الدعم المباشر الذي يقدمه مجلس القيادة الرئاسي للحكومة، بهدف تمكينها من المضي في تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة تُعالج جذور الاختلالات البنيوية، وتُرسي دعائم قوية للنمو المستدام، في ظل تحديات معقدة تشهدها البلاد نتيجة الظروف الاستثنائية، والانقسام المؤسسي، والتداعيات الأمنية المستمرة.
وبحسب مصادر حكومية رفيعة، فإن تشكيل اللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات، يمثل إحدى أدوات التدخل الفاعلة للحد من المضاربات العشوائية في سوق الصرف، وتقليص الاعتماد على السوق السوداء كمصدر لتمويل الواردات، بما ينعكس إيجابًا على استقرار سعر العملة الوطنية، ويعزز ثقة القطاع المصرفي والتجاري بالإجراءات الحكومية.
وسيتولى فريق اللجنة، بالتنسيق مع البنك المركزي، إدارة موارد النقد الأجنبي بكفاءة، وتحديد أولويات التمويل للسلع الأساسية والأدوية والمواد الخام، بما يضمن توفير احتياجات السوق المحلية دون إرباك في المعروض، مع مراقبة مصادر التمويل والتحقق من التزام الجهات المستوردة بالمعايير المعتمدة.
كما ستضطلع اللجنة بدور رقابي وفني في مراجعة طلبات الاستيراد، ومنع اللجوء إلى مصادر تمويل خارج الإطار الرسمي، إلى جانب حماية القطاع المصرفي من تداعيات تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية دولية، من خلال ضبط حركة الأموال ومنع أي اختراقات قد تعرّض الاقتصاد الوطني للمخاطر.
وفي إطار مهامها، ستقوم اللجنة برفع تقارير دورية كل شهرين إلى رئيس الوزراء، تتضمن مستوى تنفيذ المهام والتحديات والمقترحات التطويرية، فيما تم إلزام كافة الجهات الحكومية والمؤسسات المالية وشركات الصرافة بتقديم البيانات والتقارير المطلوبة لتسهيل عمل اللجنة وضمان كفاءتها.
ويُعوّل على اللجنة تقديم مقترحات للسياسات التجارية والنقدية الداعمة للاستقرار، ودعم الإنتاج المحلي كبديل لبعض الواردات، بما يعزز الأمن الغذائي والدوائي ويقلل من فاتورة الاستيراد، كما ستُشكّل وحدة فنية متخصصة لدعم أعمال اللجنة، بقرار لاحق يصدر عن رئيس الوزراء.
القرار الذي دخل حيّز التنفيذ منذ لحظة صدوره، قوبل بترحيب من قبل القطاع الخاص، الذي اعتبره خطوة نوعية تعزز الشفافية وتمنح المستوردين آلية واضحة وعادلة للحصول على التمويل اللازم عبر القنوات الرسمية، بعيدًا عن الفوضى التي كانت تحكم سوق الواردات سابقًا.
مويرى مراقبون أن تشكيل هذه اللجنة يشكّل نقلة نوعية في مسار الإصلاح الاقتصادي، ويؤكد جدية الحكومة في استعادة أدواتها السيادية في إدارة النقد والتجارة، وهو ما يتطلب تضافر الجهود بين مؤسسات الدولة والقطاع المصرفي والتجاري والمجتمع المدني لضمان نجاح التجربة واستمراريتها.
ويُتوقع أن تُسهم هذه الخطوة في ترسيخ الانضباط المالي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وخلق بيئة أكثر شفافية وثقة للاستثمار، بما ينعكس بشكل مباشر على تحسين معيشة المواطنين، وخفض أسعار السلع الأساسية، وتخفيف الأعباء الاقتصادية في المدى القريب والمتوسط.