أحمد يحيى الديلمي
لم يجد ذلك الطيار الحر صاحب القلب الذي ينبض بالحب بكل معاني الإنسانية وسيلة ليُعبر بها عن غضبه من تصرفات حكومة بلاده المتعجرفة إلا أن أحرق جسده أمام سفارة العدو الصهيوني في واشنطن وكأنه أراد أن يُكرر نفس الأسلوب الذي اتبعه البوعزيزي في تونس عندما أقدم على إضرام النار في جسده احتجاجاً على تصرفات حكومته المهينة.
من خلال الحادثين – إضافة إلى حادثة أخرى ذكرتها بعض الصحف الأمريكية عن شخص أمريكي آخر أقدم على إحراق نفسه – يتضح جلياً مدى تآمر أمريكا ودول الغرب بشكل عام على الشعب الفلسطيني وأنهم شركاء مباشرون في حرب الإبادة الشاملة التي يتعرض لها هذا الشعب المغلوب على أمره والذي يواجه صلافة وحقد أمريكا والغرب قبل أن يكتوي بنار الحقد الدفين في نفوس الصهاينة، ولكي نعرف النتيجة وازدواج المعايير في أمريكا والغرب بشكل عام نلاحظ كيف طبل الإعلام الأمريكي وأقام الدنيا ولم يقعدها عقب حادثة البوعزيزي في تونس لأن مصالحه وتوجهات مخططاته الدنيئة كانت تقتضي ذلك، بينما أخفى كلياً حادثة الحرق الأولى، لولا أن هذا الطيار الشاب احتاط لنفسه باختيار الزمان والمكان والوسيلة التي أفصحت عن فعله، فلقد اختار أكبر شبكة يتابعها الشباب في أمريكا ليعلن عما في نفسه وحدد اتجاهات الفعل مؤكداً أنه يتضامن كلياً أمام ما يحدث للشعب الفلسطيني في غزة، وأن حرق جسده لا يساوي تلك الأفعال الدنيئة التي تقطع أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ وكل البشر بطريقة همجية شرسة ولم تكتف بحرب الإبادة العسكرية لكنها تتبع سياسة تجويع أكثر حقارة ممثلة في منع الغذاء والدواء عن الشعب المحاصر في غزة وكأنها حكمت بالموت على كل إنسان فلسطيني يعيش في هذه الأرض.
وكم كان عظيماً ذلك الشاب وهو يطلق هذه العبارات ليعتبر نفسه مجرد وقود لتعريف العالم بحجم مظلمة الشعب الفلسطيني، كما كشف عن حقيقة أخرى وهي مشاركة أمريكا بشكل مباشر في ضرب الفلسطينيين عبر هجمات جوية متلاحقة، عندما قال : لقد قررت عدم المشاركة في أي حرب إبادة، وكلها حقائق لا يمكن طمسها ولا يمكن للإعلام الأمريكي المزيف أن يتهم الشاب بالجنون أو أنه مصاب بأمراض نفسية دفعته إلى هذا الفعل، لأن الطيار تعامل بكل ثقة وكان يعرف الهدف الذي ضحى بنفسه من أجله وحدد اتجاهاته بعد أن فاض الكيل لديه وهو يشاهد كل يوم المآسي والمحارق التي تجاوزت كل معاني الشر والحقد والكراهية من الإنسان لأخيه الإنسان، وفاضت لسانه بالعبارات التي أسلفت ليؤكد أنه أقدم على الفعل بسابق إصرار وعدم تراجع عن ما نوى الإقدام عليه، كأهم وسيلة وجدها متاحة أمامه للتعبير عن غضبه مما يجري على الشعب الفلسطيني من حرب إبادة وحصار جائر يستخدم آلات الدمار الفتاكة والجوع معاً لتحقيق غاياته الدنيئة بدعم ودفع بل ومشاركة مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الغرب التي تتشدق بحماية حقوق الإنسان وصيانة الحريات، مجرد دعايات كاذبة ومفبركة تتم في دوائر صنع القرار بكل خبث وأنانية وعدم اهتمام بأبسط مقومات حياة الإنسان على الأرض.
ورغم التشابه بين هذا الفعل وما أقدم عليه البوعزيزي في تونس إلا أن هذا الفعل يرقى إلى مستوى أسمى كونه يفضح سياسات أمريكا والغرب التي تعتبر ما يجري في غزة والأراضي المحتلة مجرد تسلية لحماية دولة الكيان الصهيوني – الدولة الطارئة على الحياة – وكل هذا في ظل صمت وتقاعس العرب الذين باعوا العروبة والإسلام بثمن بخس، وأصبحوا يتسكعون في دهاليزهم ويخطبون ودهم باعتبارهم مصدر الإنقاذ والبقاء في الحياة، كما يعتقدون، وليتهم اكتفوا بالصمت فقط لكنهم يستهينوا بالأفعال العظيمة التي يقوم بها محور المقاومة في اليمن ولبنان ويعتبرونها أعمالاً شاذة وممارسات غير مسؤولة، إنها فعلاً تصرفات تدمي القلوب خاصة إذا ما عرفنا أن هناك دولاً عربية تمد الكيان الصهيوني بالأغذية بعد الحصار الذي فرضه عليه المجاهدون من أبناء الجيش اليمني.
يا لها من مأساة فادحة !! وأتمنى أن يوقظ حادث الطيار الأمريكي بعض الضمائر التي ماتت خاصة لدى العرب، وهذا ما نتوقعه من فعل هذا الطيار الشاب العظيم وإن كانت الأماني مستحيلة في ظل الخنوع والاستسلام المهين لأمريكا، والله من وراء القصد.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
وقفات تضامنية لعدد من المدارس في حجة مع الشعب الفلسطيني
الثورة نت/..
نظمت عدد من المدارس في محافظة حجة وقفات تضامنية مع الشعب الفلسطيني ونصرةً لقطاع غزة.
وردد المشاركون في الوقفات بثانويات الشهيد طه المداني للمتفوقين بمركز المحافظة والامام الحسين عليه السلام والزهراء عليها السلام في الشاهل هتافات البراءة من أعداء الله، وهتافات العزة والحرية والكرامة في وجه المستكبرين والشعارات المؤكدة على الثبات والنصرة للحق والمستضعفين والوقوف في وجه الطغاة الظالمين.
ورفع الطلاب المشاركين العلمين اليمني والفلسطيني، منددين بما يرتكبه العدو الصهيوني بحق الأشقاء في غزة من جرائم إبادة جماعية قتلاً وتجويعاً وتعطيشاً وحصاراً في ظل دعم أمريكي وصمت وتخاذل عربي وإسلامي وعالمي مشين.
وأشارت بيانات الوقفات الطلابية، إلى ما يتعرض له أبناء غزة من أسوأ جرائم القتل والترويع والتجويع الممنهج من الداخل وتحاصرهم الخيانات من الخارج.
وباركت المرحلة الرابعة من تصعيد القوات المسلحة دعما وإسنادا للشعب الفلسطيني المظلوم لردع العدو الغاصب.
وجددت التفويض المطلق لقائد الثورة والجهوزية لتنفيذ كل ما يتخذه من خيارات حتى إيقاف العدوان ورفع الحصار على غزة.
وحملت البيانات، أمريكا والكيان الصهيوني مسؤولية جرائم الإبادة واستخدام التجويع سلاح إبادة في جريمة نكراء تسقط كل أكاذيب المزايدين بشعارات وعناوين الحقوق والحريات وكل ادعاءات الأخلاق والقيم وتسجل باسمهم أبشع جريمة في التاريخ يشاهدها العالم بالصوت والصورة وتلطخ بها تاريخهم الإجرامي الأقبح والأشنع.
كما حملت الصامتين والمتخاذلين من حكام الأنظمة العربية مسؤولية تشجيع وتمادي العدو على الاستمرار في ارتكاب هذه الجرائم.