عربي21:
2025-12-01@13:54:19 GMT

ما قبل وما بعد الطوفان.. قراءة تاريخية

تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT

للتاريخ كانت حالة العرب والمسلمين من 1917 إلى السادس من أكتوبر 2023 حالة مستقرة كما يقال في الطب عن مريض يحتضر ولكنه ما يزال يتنفس! حالة لخصها المؤرخ رشيد الخالدي في كتابه القيم (قصة الاستيطان في حرب المائة عام بين إسرائيل والعرب 1917 ـ 2017) لخصها الكاتب بحالة الهزيمة العسكرية والحضارية العربية مهما أسبغ العرب عليها من مصطلحات (النكسة) فالحقيقة هي سقوط أوهام القومية العربية بشقيها الناصري والبعثي بسبب تضارب النزعة القومية مع المخطط الأمريكي (بالأحرى الصهيو ـ أمبريالي الذي تم الاتفاق عليه في محطات ما بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية) وهو نفس المخطط الذي صنع عصبة الأمم عام 1919 على أنقاض الحرب العالمية الأولى ثم منظمة الأمم المتحدة عام 1946 للتمويه بأن غايتها السلام العالمي لكن الحلفاء المنتصرين لغموا المنظمة بقانون "الفيتو" المعطل لكل قراراتها (بمن فيهم روسيا صديقة العرب!)

اليوم ولغاية السادس من أكتوبر 2023 نشاهد لوحة جيوستراتيجية تتفكك فيها دول العرب إلى ما يسمى بالدول الوطنية أي في الحقيقة ذات حدود سطرتها وفرضتها على الشرق الأوسط معاهدة (سايكس بيكو.

. لعام 1916) بعد ما تم القضاء على الرابطة القوية (العروة الوثقى) الجامعة للمسلمين وهي خلافتهم الضامنة لمناعتهم.

ولم تبدأ حرب الغرب على الخلافة الإسلامية طبعا مع لورنس العرب في خضم الحرب العالمية الأولى بل تلك كانت محطة من محطاتها إنما يكشف التاريخ أن الكنيسة الأوروبية أعلنت الحرب على المسلمين عام 1095 عندما نادى البابا الفرنسي (يوربان الثاني) من كاتدرائية (كليرمون) إلى تجنيد الفرنجة (سكان فرنسا) وسائر الأوروبيين وانطلاق الحملات الصليبية التي دامت قرنين وبدأت بمذبحة بيت المقدس 1099 وانتهت الحملات السبعة بموت ملك فرنسا لويس التاسع الملقب بالقديس لويس عام 1271 في قرطاج مهزوما مدحورا.

واليوم بالموازاة مع تفكك الدول العربية تصاعد إلى سدة الحكم في أوروبا اليمين العنصري المتطرف الذي تخلى عن العداء التاريخي لليهود ليتحالف مع اليمين الإسرائيلي العنصري في حرب جديدة ضد الإسلام هي في حقيقتها نفس صفقة القرن التي سبق أن تقدم بها ترامب وصهره (جاريد كوشنير) لكل دول الشرق الأوسط عام 2017 وكان أول رافضيها هو أمير قطر الذي قال حينذاك لكوشنير إن قطر لا توافق إلا على ما يوافق عليه الفلسطينيون! وكان ما كان من 2017 لعام 2021 من أحداث انتقامية باءت بالفشل الذريع.

ويوم السابع من أكتوبر 23 فوجئ العالم والعرب وأغلب الفلسطينيين بعملية جريئة تحطم أساطير عقود من الزمان وتثبت أن تحت الرماد اللهيب رد عليها المحتل الغاشم بحرب الإبادة التي مسحت من على وجه الأرض قطاع غزة وأبادت الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى والإطارات الطبية والمسعفين وموظفي الأونروا  و130 صحفيا.. وهذه الجريمة المدانة دوليا ما هي سوى عسكرة نفس صفقة القرن بعد أن لبست عام 2017 لبوس الدبلوماسية لتمرر مخطط تصفية نهائية لقضية فلسطين وتغير كل ملامح الشرق الأوسط ليصبح "جديدا" بمعنى ما جاء في كتابين صدرا بنفس العنوان لكوندوليزا رايس وشمعون بيريز (الشرق الأوسط الجديد)!

ومع تشتت الشعوب العربية والمسلمة وتشرذمها صعد نجم الأحزاب اليمينية المتطرفة الأوروبية المبنية على الإسلاموفوبيا وسياسات مكافحة "الجهاد" وحققت في أغلب دولها نجاحات انتخابية بل ووصل يمينيون عنصريون الى رئاسة دولهم!

لقد أصبح حزب (فلامس بيلانج) في بلجيكا وحزب الديمقراطيين السويديين وحزب البديل من أجل ألمانيا وحزب فوكس القومي في إسبانيا وحزب الرابطة وحزب إخوة إيطاليا في إيطاليا وزعيمتهم وريثة الفاشي موسوليني ترأس الحكومة ولا تنكر جذورها وكذلك حزب الحرية النمساوي وحزب الاستقلال البريطاني وحزب الجبهة الوطنية الفرنسية الذي وصل بزعيمته (مارين لوبان) مرتين إلى الدور الثاني للانتخابات الرئاسية في 2017 و2022 ثم حركة مجر أفضل "فيدس" في المجر وحزب الحرية الهولندي وحزب الشعب الدنماركي وحزب الفجر الذهبي في اليونان وحزب القانون والعدالة في بولندا.

إن هذه "الدولة الفلسطينية " بلا حدود مع الجوار العربي، ويحيط بها الكيان الصهيوني من كل صوب وجغرافيتها من الداخل ممزقة ومخترقة إما بمستوطنات ومعسكرات "إسرائيلية" أو بطرق التفافية تسيطر عليها قوات الاحتلال ومن غير المسموح لها أن تؤسس جيشاً أو تكوّن قوة من أي نوع.أصبحت هذه الأحزاب في الأعوام القليلة الماضية من الأحزاب الرئيسية التي تحظى بدعم كبير وقد تسربت أفكارها إلى خطاب وسياسات أحزاب يمين الوسط المعتدلة عادة في جميع أنحاء أوروبا رغبة منها في عدم ترك المجال الشعبوي للأحزاب المنافسة و استعارت أحزاب اليمين المعتدل أغلب شعارات اليمين المتطرف بل وسنت قوانين غريبة لإرضاء المواطن البسيط محدود الثقافة السياسية والتاريخية.. ويكفي أن تفتح اليوم أي قناة تلفزيونية أمريكية أو أوروبية لترى بالعين المجردة وتسمع بالأذن الذكية عمليات تدليس الأحداث وتكرار كذبة رؤوس الرضع المقطوعة دون إثبات ذلك رغم توثيق كل ما هو أقل فداحة لخدمة مشاريع إسرائيل التوسعية!

ولنأخذ أهم مقتطف من كتاب رشيد الخالدي الذي يؤرخ لنكبة فلسطين الثانية بتوقيع اتفاقية أوسلو المغشوشة التي كما كتب لا تقوم على أساس قيام دولة فلسطينية، لأن أي استقلال حقيقي على أي شبر من الأرض الفلسطينية، لن يكون خارج إطار الصراع العربي مع الصهيونية والإمبريالية فأين اتفاق أوسلو من مشروع الاستقلال الفلسطيني والدولة الفلسطينية في حين أن شروط الاستقلال والدولة غير قائمين.

فالدولة عادة ما تأتي بعد تحقيق ركنين أساسيين للدولة، وهما: الأرض والشعب. فهي تأتي لتمارس السيادة على الأرض والشعب! أما في الحالة الفلسطينية، فالسلطة الفلسطينية وجدت في إطار تسوية وضمن اتفاقيات أوسلو الذي تكبل تحركها وتجعل كل خطوة من خطواتها، ولا سيما ذات الطابع العسكري مرهونة بالموافقة الإسرائيلية بينما يريد الشعب الفلسطيني أن تقوم السلطة الفلسطينية بمهمة مزدوجة، أي استكمال تحرير الأرض ولملمة شتات الشعب الفلسطيني والتأسيس للدولة الفلسطينية فإن السلطة الفلسطينية دأبت على خدمة أهداف المخطط الصهيوني الذي يمهد للكونفدرالية مع الأردن كخطوة على طريق استيعاب الهجرة من فلسطين إلى الأردن انطلاقاً من أن الجماهير تقيم في دولتها، للتخلص من القطاع الأوسع من الفلسطينيين في إطار تطبيق سياسة التهويد وما يترتب عن ذلك لاحقاً من إقامة وطن بديل في الأردن، الأمر الذي يرتب صراعات على الساحة الأردنية لن تخدم إلا العدو الصهيوني.

إن هذه "الدولة الفلسطينية " بلا حدود مع الجوار العربي، ويحيط بها الكيان الصهيوني من كل صوب وجغرافيتها من الداخل ممزقة ومخترقة إما بمستوطنات ومعسكرات "إسرائيلية" أو بطرق التفافية تسيطر عليها قوات الاحتلال ومن غير المسموح لها أن تؤسس جيشاً أو تكوّن قوة من أي نوع.

هكذا حلل كتاب الخالدي محطات المؤامرات الكبرى التي طوعت حركة التحرير الفلسطينية وروضتها لتمرير مشروع إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات وهو ما شكلت عملية طوفان الأقصى فضحا مدويا لها وأيقظت مارد المقاومة الإسلامية من رقدته ليفرض واقعا جديدا مهما بلغ عدد ضحاياه من الأطفال والنساء والمدنيين!

اليوم بعد السابع من أكتوبر يمكن أن نقرأ موسوعة عبد الوهاب المسيري رحمه الله بعيون مختلفة وعقول مختلفة لأننا نقف على نفس المحطات التي استشرفها بوعي خارق.  

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حرب الفلسطينيون غزة الاحتلال احتلال فلسطين غزة حرب قراءة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط من أکتوبر

إقرأ أيضاً:

زيارة تاريخية.. ماذا يحمل البابا لاوون للجامع الأزرق في إسطنبول؟

صراحة نيوز- يزور البابا لاوون الرابع عشر صباح السبت “الجامع الأزرق” الشهير في إسطنبول، ضمن اليوم الثالث من زيارته الرسمية لتركيا.

وتأتي هذه الزيارة ذات الدلالة الرمزية استكمالًا لخطى باباوين سابقين؛ إذ كان بنديكتوس السادس عشر قد زار الجامع عام 2006، وتبعه البابا فرنسيس عام 2014 برفقة مفتي إسطنبول.

ويُعدّ الجامع الأزرق، المُسمّى نسبة إلى البلاط الأزرق المصنوع في إزنيق الذي يزيّن جدرانه، أحد أبرز المعالم التاريخية والسياحية في المدينة. وقد شُيّد في مطلع القرن السابع عشر خلال عهد السلطان أحمد الأول، وبُني بمآذنه الست على جزء من الميدان البيزنطي القديم الذي كان يستخدم لسباقات العربات في القسطنطينية.

وفي فترة ما بعد الظهر، يلتقي البابا لاوون الرابع عشر عددًا من مسؤولي الكنائس المحلية، ويشارك في قدّاس قصير داخل كنيسة القديس جاورجيوس البطريركية، قبل أن يتوجّه إلى زيارة البطريرك المسكوني بارثولوميو الأول في مقره بالقرن الذهبي.

كما سيترأس البابا في وقت لاحق قدّاسًا واسع الحضور في قاعة “فولكسفاغن أرينا”، من المتوقع أن يشارك فيه نحو أربعة آلاف مصلٍّ.

وكان البابا قد زار يوم الجمعة مدينة إزنيق (نيقية القديمة) جنوب إسطنبول، حيث شارك في صلاة مسكونية أقيمت على ضفاف البحيرة التي تضمّ بقايا بازيليك مغمورة تعود للقرن الرابع، بحضور ممثلين عن الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية.

مقالات مشابهة

  • بعد أسطورة 1997.. المذنب الأسطوري يستعد لعودة تاريخية في القرن الـ44
  • معالي أبو الحسن… الإنسان الذي جعل منه قرب الهاشميين أخلاقًا تمشي على الأرض
  • شيفروليه أوبترا أوتوماتيك سعرها 400 ألف جنيه
  • الاحتلال يزعم اغتيال 40 مقاتلا شرق رفح
  • طهران تزود الحوثيين وحزب الله بالأسلحة.. استعدادًا لعمليات إسرائيلية؟
  • أبو الغيط: الاحتلال إلى زوال والدولة الفلسطينية حتمية تاريخية
  • بجلسة تاريخية لبرلمان المتوسط من القاهرة.. النواب العرب يتحدثون عن الرئيس السيسي.. دعم ثابت للقضية الفلسطينية ودور مصري يقود طريق السلام
  • زيارة تاريخية.. ماذا يحمل البابا لاوون للجامع الأزرق في إسطنبول؟
  • خبير علاقات دولية: منطقة الشرق الأوسط تمر بمرحلة هي الأخطر منذ سنوات طويلة
  • حكم وضع السيراميك على القبر بعد دفن المتوفي