عربي21:
2025-05-10@03:10:28 GMT

حلول أزمات مصر داخلها لا خارجها

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

مع الترحيب بأي جهد لإنقاذ مصر والمصريين من أزماتهم، إلا أن الفهم الحقيقي للأزمة المصرية بجوانبها المتعددة وخاصة الاقتصادية لن يحلها دخول 24 مليار دولار أو حتى 35 مليار دولار؛ هي كامل قيمة صفقة رأس الحكمة الأخيرة والتي قدمت إسعافا أوليا فقط لا يكفي لإنهاء الألم، وإبراء المرض بشكل دائم.

وحتى لو حصلت مصر على ضعف هذا المبلغ أو حتى ثلاثة أضعافه فإن ذلك سيظل في خانة المسكنات المؤقتة، خاصة إذا نظرنا إلى بعض جوانب الأزمة الصعبة، ومنها مديونية خارجية تبلغ 166 مليار دولار، تحل آجال سداد 42 مليارا منها (أي ربعها) هذا العام، بالإضافة إلى دين داخلي يتجاوز 4 تريليون جنيه (حوالي 135 مليار دولار وفقا لسعر الدولار الرسمي)، ما يعني أن الدين الخارجي والداخلي يبلغ 300 مليار دولار، ناهيك عن فاتورة الاستيراد البالغة حوالي 100 مليار دولار سنويا (يجري حاليا تخفيضها بأساليب مختلفة).



التعاون الدولي لمساعدة بعض الدول في أزماتها هو أمر معتاد، لكنه لا يتم في الغالب لوجه الله، أو بلا أثمان باهظة تصل أحيانا إلى المس بسيادة الدول المحتاجة، وهل نسينا نحن في مصر أن تراكم ديون مصر للدول الكبرى في عهد الخديوي إسماعيل ونجله توفيق كانت سببا لاحتلال مصر لمدة 70 عاما؟! التعاون الدولي لمساعدة بعض الدول في أزماتها هو أمر معتاد، لكنه لا يتم في الغالب لوجه الله، أو بلا أثمان باهظة تصل أحيانا إلى المس بسيادة الدول المحتاجة، وهل نسينا نحن في مصر أن تراكم ديون مصر للدول الكبرى في عهد الخديوي إسماعيل ونجله توفيق كانت سببا لاحتلال مصر لمدة 70 عاما؟!وحتى مشروع مارشال لتنمية دول أوروبا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ورغم أنه بدا مشروعا صديقا من واشنطن، إلا أنه دشن هيمنته على القرار السياسي الغربي منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، وقد رفضت روسيا الاستفادة من ذلك المشروع كما دعت الدول التابعة لها في شرق أوروبا لرفضه لإدراكها بما يتضمنه من هيمنة أمريكية.

ولا يستثنى مما سبق الدعم الذي يقدمه بعض من يوصفون بالأصدقاء أو الأشقاء، فنحن في عالم لا يعرف سوى لغة المصالح والمنافع، فمن يدفع دولارا يتوقع أن يسترده دولارين، أو يحقق به مكاسب أخرى بضعف قيمته. ومن هنا، فرغم الزفة الإعلامية التي صاحبت صفقة رأس الحكمة في المنابر الإعلامية التابعة للسلطة، إلا أن الشكوك ظلت هي سيدة الموقف لدى العديد من القوى السياسية والخبراء الاقتصاديين المصريين تجاه الصفقة التي اعتبروها صفقة سياسية لإنقاذ النظام وليس لإنقاذ الدولة، وهي على ما بها من غموض في الكثير من تفاصيلها فإنها واضحة في اقتصارها على جانب التنمية العقارية والسياحية التي تحقق عوائد سريعة لأصحابها، وليس التنمية الصناعية أو التكنولوجية والتعليمية التي تبني الأوطان وتبني اقتصادا حقيقيا.

كتبت من قبل عن أسباب غير اقتصادية للأزمة، وعلى رأسها الظلم المؤذن بخراب العمران بتعبير ابن خلدون، وبتعبير ابن تيمية "إن الله يقيم الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة". ولا يخفى على أحد حجم الظلم الذي عاناه المصريون أو شطر منهم على الأقل خلال السنوات العشر الماضية، وكان من نتائجه آلاف القتلى وعشرات الآلاف من المعتقلين والمشردين، والثكالى، والميتمين، والآلاف ممن جمدت أو صودرت ممتلكاتهم، وطوردوا في أرزاقهم، وفصلوا من وظائفهم.. الخ، وهذه مظالم كفيلة بخراب العمران.

كالعير في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول.. بيت شعر يشير إلى وجود الحل لكن صاحب المشكلة لا يراه، مثل تلك العير التي يقتلها الظمأ بينما تحمل الماء على ظهورها، وعلاج أزمات مصر موجود داخلها لا خارجها، يحتاج فقط إلى إرادة حقيقية للتداوي به، لا استسهال الأدوية الأجنبية.

علاج أزمات مصر يبدأ بمصالحة وطنية شاملة، تنتهي بعقد اجتماعي جديد، يتضمنه دستور جديد للبلاد، يضع أسس حكم مدني رشيد، ويتضمن مرحلة انتقالية لخروج الجيش من الحياة المدنية (السياسية والعسكرية) ويفتح الباب لانتخاب رئيس وحكومة جديدة من بين متنافسين حقيقيين..مصالحة تعيد الحقوق لأصحابها، وتفرغ السجون من نزلائها السياسيين، وتفتح الباب لإعلام حر يعبر عن هموم الوطن والمواطن وليس هموم السلطة والحاكم.. مصالحة تعيد الأموال المنهوبة من رجال الأعمال وغير رجال الأعمال بغير وجه حق، مصالحة تفتح أبواب مصر أمام أبنائها المهجرين مصالحة تعيد الحقوق لأصحابها، وتفرغ السجون من نزلائها السياسيين، وتفتح الباب لإعلام حر يعبر عن هموم الوطن والمواطن وليس هموم السلطة والحاكم.. مصالحة تعيد الأموال المنهوبة من رجال الأعمال وغير رجال الأعمال بغير وجه حق، مصالحة تفتح أبواب مصر أمام أبنائها المهجرين..

حين يتحقق ذلك ستحلق الروح المعنوية للشعب في عنان السماء بدون الحاجة إلى إنفاق المليارات على مشروعات لتحسينها، وستنفتح شهية المستثمرين المحليين الذين حبسوا أموالهم تحت البلاط خوفا عليها من المصادرة والتأميم، وسيتهافت المستثمرون الحقيقيون من أنحاء العالم إلى مصر لاقتناص الفرص الواعدة في سوق كبير يضم 110 ملايين نسمة بخلاف انفتاحه على أسواق أفريقيا الأخرى، وستنافس المؤسسات المالية الدولية على التغني بالاقتصاد المصري، وسيتوافد ملايين السياح من كل أنحاء العالم بعد أن يشعروا بالاطمئنان الكامل على سلامتهم في مصر، وستستطيع مصر إسقاط جزء كبير من ديونها (وربما غالبيتها) باعتبارها ديونا فاسدة غير واجبة السداد، وستتدفق الأفكار والإبداعات العلمية والفنية والأدبية، لتستعيد مصر ريادتها في تلك المجالات، ولتصبح عاصمة الشرق فيها.

هذا هو الحل الحقيقي والمستدام، والذي يضع نهاية للأزمة بشكل كامل، بل يفتح المجال لازدهار اقتصادي وسياسي واجتماعي شامل، يشعر به كل مواطن، وتعود به مصر واحة للحرية والكرامة والعدالة، وستصبح بشكل سريع إحدى دول مجموعة العشرين الاقتصادية الكبرى.

twitter.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر الاقتصادية أزمات مصر اقتصاد مساعدات قروض المصالحة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رجال الأعمال ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

بيل غيتس يخطط للتبرع بكل ثروته البالغة نحو 200 مليار دولار

#سواليف

أعلن الملياردير الأمريكي #بيل_غيتس نيته التبرع بـ”كل ثروته تقريبا”، والتي تقدر بحوالي 200 مليار دولار.

وقال مؤسس ” #مايكروسوفت ” البالغ من العمر 69 عاما، إنه يخطط لتوزيع أمواله خلال العشرين عاما المقبلة قبل إغلاق مؤسسة غيتس التي أسسها مع زوجته السابقة ميليندا في 31 ديسمبر 2045.

وأخبر غيتس شبكة “سي بي إس نيوز” أن ثروته الصافية ستنخفض بنسبة 99% خلال العقدين المقبلين، موضحا أن قراره جاء بعد أن شهد بنفسه تأثير عمل مؤسسته في توزيع اللقاحات للأمراض القابلة للعلاج، والتي لا تزال تقتل الكثيرين في العالم الثالث، مثل الإسهال والالتهاب الرئوي.

مقالات ذات صلة الذهب يرتفع بسبب عمليات شراء  2025/05/09

لكن القرار جاء أيضا في ظل ما وصفه بـ “تباطؤ التقدم”، حيث قلصت الولايات المتحدة وأوروبا المساعدات الخارجية وتمويل الأعمال الإنسانية بسبب النزاعات في أوكرانيا وإسرائيل. وأكد أنه لن يفتقد أي شيء من ثروته التي تبلغ مليارات الدولارات.

وقال مازحا: “آمل أن أظل على قيد الحياة عندما ننتهي من العشرين عاما، لكنني سأدخر القليل لأتمكن من شراء الهامبرغر بقدر ما أحتاج”.

وأوضح غيتس: “سيقول الناس الكثير عني عندما أموت، لكنني عازم على ألا يكون من بين هذه الأقوال ‘لقد مات غنيا’. هناك الكثير من المشكلات العاجلة التي يجب حلها لكي أحتفظ بموارد يمكن استخدامها لمساعدة الناس”.

وأسس غيتس وزوجته السابقة مؤسستهما في عام 2000، وكانا يخططان لاستمرار العمل الخيري لعقود عديدة بعد وفاتهما. وتعد المؤسسة واحدة من أكبر المنظمات الخيرية في العالم، حيث تبرعت بأكثر من 100 مليار دولار منذ تأسيسها، وفقا للتقارير.

ووصف بيان الخميس هذا القرار بأنه “أكبر التزام خيري في التاريخ الحديث” من قبل مؤسسة غيتس.

وتأتي أكثر من نصف أموال المؤسسة حتى الآن من ثروة غيتس التي حققها من مايكروسوفت التي أسسها قبل 50 عاما، بينما تأتي 41% المتبقية من وارن بافيت. لكن المؤسسة شهدت اضطرابا كبيرا عندما انفصل بيل وميليندا في 2021، واستقال بافيت من منصبه كوصي.

وغادرت ميليندا فرينش غيتس المؤسسة العام الماضي لمواصلة العمل في منظمتها الخاصة، والتي قالت إنها ستركز على مواجهة ما وصفته بـ “تراجع حقوق المرأة في الولايات المتحدة”.

مقالات مشابهة

  • كنز بقيمة 100 مليار دولار أسفل 5 صحاري .. ما القصة؟
  • بيل غيتس يخطط للتبرع بكل ثروته البالغة نحو 200 مليار دولار
  • مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يدين الهجمات التي استهدفت المنشآت الحيوية والاستراتجية بالسودان
  • بيل غيتس يتخلى عن ثروته.. 200 مليار دولار للعمل الخيري حتى عام 2045
  • أكبر كنز .. 100 مليار دولار تحت هذه الصحاري| ما القصة؟
  • بـ20 مليار دولار.. روسيا توسع حضورها في نفط وغاز العراق
  • كانت الأرخص.. أول سيارة يرتفع سعرها بفضل الرسوم الجمركية
  • ما هي الدول الأوروبية التي تُقدّم أفضل الامتيازات الضريبية للأثرياء؟
  • وزيرة البيئة: التمويل المشروط للتخفيف من تغير المناخ 196 مليار دولار
  • 100 مليار دولار في مهب الريح .. نقص السيولة يهدد مشاريع العراق الخدمية