أزمة الغذاء تهدد الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.. فلسطين والسودان واليمن في مهب الريح.. وتحذيرات دولية من نقص التغذية في غزة
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
حذر شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، من الارتفاع المقلق في تقديرات الجوع وسوء ونقص التغذية، مما يشير إلى أزمة الغذاء بمنطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، حيث تبلغ متوسط معدلات العالمية لنقص التغذية 9.2%، بينما في هذه المنطقة وصلت إلى 12.9%، مشيرًا إلى أن هناك قلقًا شديدًا بخصوص الوضع في غزة، إلى جانب السودان وسوريا واليمن بسبب الأزمات والحروب التي امتدت لتلك البلدان، حيث يعاني السكان هناك من مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الناجم عن النزاع وارتفاع خطر المجاعة.
ووفقا لآخر احصائيات حول أزمة الغذاء فإن معدلات الجوع في الدول العربية لعام 2022 بلغت 12.9% من سكان المنطقة، ووصلت إلى أعلى مستوياتها في نقص التغذية ونقص الغذاء لـ 59.8 مليون شخص، وهي زيادة بمعدل 75.9% عن الرقم المسجل في عام 2000.
وحول الوضع في غزة فإن 3 ملايين نسمة يفتقرون لما يكفي من الغذاء، ويعاني 650 ألف شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد، كما انخفض استهلاك الفرد من السعرات الحرارية بنسبة 10% عن عام 2022، كما انخفض استهلاك الفرد من البروتين الحيواني بنسبة 20% عن عام 2022، وتعتمد 50% من الأسر على المساعدات الغذائية.
ويعاني 29% من الأطفال دون سن الخامسة من التقزم، و9% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من الهزال، كما تعاني 40% من النساء الحوامل والمرضعات من فقر الدم.
أزمات متداخلةوأرجعت المنظمات الدولية سبب الأزمة الغذائية في غزة وانعدام الأمن الغذائي إلى تصعيد الحرب لفترة طويلة، وأيضًا الآثار السلبية لأزمة المناخ، وانخفاض نصيب الفرد من المياه العذبة، وارتفاع عدد السكان والتوسع الحضري، فضلا عن الاعتماد الكبير على الواردات الغذائية.
إضافة إلى الأزمات المتداخلة مثل جائحة كوفيد-19، وآثار النزاع والحروب المستمرة في أجزاء أخرى من العالم، إلى جانب التحديات الاقتصادية والمالية المتزايدة، ولا سيما الزيادة في أسعار المواد الغذائية.
ووفقًا لتقارير البنك الدولي فإن تضخم أسعار الغذاء المحلية مرتفعًا، حيث شهدت 63.2% من البلدان منخفضة الدخل معدلات تضخم أعلى من 5% وهي نسبة أعلى بمعدل 1.3 نقطة مئوية من الوضع في يناير 2023، كما وصلت نسبة التضخم الغذائي 73.9% من الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل و48% من الشريحة العليا من البلدان متوسطة، و44.4% من البلدان مرتفعة الدخل (أقل بنسبة 1.9 نقطة مئوية). وبالقيمة الحقيقية، تجاوز تضخم أسعار الغذاء معدل التضخم العام في 71% في 165 بلدًا تتوافر عنها البيانات.
وأكد المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، أن هناك 60% من سكان المنطقة يعانون من الجوع ونقص التغذية، وعدم قدرة أكثر من 50% من السكان على تحمل تكلفة الغذاء الصحي واللجوء إلى الواردات الغذائية في ظل الظروف الحالية، مما يسارع في تآكل التربة الزراعية واستنفاذ الموارد.
الوضع مأساويوفي نفس الإطار حذرت الخارجية الفلسطينية من تفاقم الوضع في غزة بسبب نقص الغذاء ونقص التغذية، الحد الذي وصل إلى إعلان وفاة 15 طفلا بسبب الجفاف بمستشفى كمال عدوان، مؤكدةً أن هذا الوضع يهدد المزيد من الأطفال.
100% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي.2.3 مليون نسمة يفتقرون لما يكفي من الغذاء.650 ألف شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد.كما حذّرت كاثرين راسل المديرة التنفيذية لمنظمة يونيسيف، من أن واحدًا من كل 6 أطفال تحت سن العامين في غزة يعاني من سوء التغذية الحاد، ووصفت مقتل الأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف بأنها «مروعة»، مشددة أن كل دقيقة لها ثمنها بالنسبة لأطفال غزة، والوضع يتطلب التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار.
انخفض استهلاك الفرد من السعرات الحرارية بنسبة 10% عن عام 2022.انخفض استهلاك الفرد من البروتين الحيواني بنسبة 20% عن عام 2022.50% من الأسر تعتمد على المساعدات الغذائية.حاجات ملحة للتمويل والدعموتحتاج الدول التي بها صراعات وحروب وأزمات انسانية إلى تدخلات عاجلة من المؤسسات الداعمة والدولية، ويأتي قطاع غزة الأشد احتياجا في هذه الفترة على رأس الأولويات، حيث قامت جمهورية مصر العربية بتقديم الدعم وتوجيه القافلات الإنسانية بدعم عدد من الدول من خلال معبر رفح.
كما قامت القوات الجوية المصرية بعمليات إسقاط جوي لأطنان من المساعدات الغذائية ومعونات الإغاثة العاجلة على عدد من المناطق شمال قطاع غزة، بالتعاون مع القوات الجوية الإماراتية للمساهمة في تخفيف الأزمة الإنسانية الحادة وتدهور الأحوال المعيشية للمواطنين الفلسطينيين بشمال القطاع.
ويدعم الاتحاد الأوروبي منظمة الأونروا الدولية بتبرعات بلغت 14 مليون يورو حتى الآن للنازحين من أجل توفير مواد دعم للملاجئ، إضافة إلى دعم عدد من الدول المانحة بتعليق تمويل الوكالة بمبلغ تصل قيمته إلى 440 مليون دولار.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: نقص التغذية غزة الأمن الغذائي أزمة الغذاء الغذاء من انعدام الأمن الغذائی من البلدان یعانون من عن عام 2022 الوضع فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
حجرُ الأحزاب في بركة السياسة
12 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة:
رياض الفرطوسي
من قبل سقوط النظام كان الحزب أشبه بصوتٍ واحدٍ يعلو فوق الجميع: لا يُناقَش، لا يُجاوَر، ولا يُزاحم. المعارضات كانت في المنافي، تُراكم ضوءها على نارٍ صغيرة، تنتظر لحظة العودة. لكن حين انهار الباب الحديدي عام 2003، لم تخرج السياسة بهدوء… بل انفجرت، وانفتح
المشهد حتى كاد يتشظّى من فرط الكثرة.
ظهرت الأحزاب كما لو أن الأرض أفرزتها دفعة واحدة: مئات اللافتات، عشرات الزعامات، وخطابات تتشابه حتى يُظنّ أنها خرجت من ورشةٍ واحدة. وبدلاً من أن تُحدث هذه الكثرة موجة حياةٍ سياسية، صنعت دوامةً بلا اتجاه. كل حزب يحمل هدفاً، وكل هدف يذوب بين الطائفة والهوية والغنيمة.
ثم جاء الشباب… لا كما حلمنا أن يأتوا، لا بوصفهم طلائع تُضيف معنى وتبني فكرة. جاءوا متعبين، يبحثون لا عن مشروعٍ ولا عن دور، بل عن «موقع» أو «فرصة» أو (امتياز). في زمنٍ صارت فيه الأحزاب بواباتٍ للترقي الوظيفي لا للارتقاء الفكري، وفي زمن صار فيه (الانتماء) بطاقةً للعبور أكثر منه إيماناً بمبادئ.
هكذا انقلب المشهد: بدلاً من أن تكون الطلائع الشابة رافعةً تعيد للحزب روحه، صار الحزب هو من يُغذي الأعضاء بالوعود والمغانم، حتى تفَرَّغت الأحزاب من مضمونها التربوي والفكري، وصارت أقرب إلى شبكاتٍ تنظيميةٍ تبحث عن القوة العددية أكثر مما تبحث عن القوة الأخلاقية.
ومع ولادة كل قضية اجتماعية، تولد معها أحزاب جديدة تقدم (رؤى للحل) على الورق، لكنها في العمق تتزاحم على صوتٍ واحد: صوت النفوذ. تاريخ الأحزاب يمتد عبر العصور، سريةً وعلنية، لأنها الوسيلة الأكثر منطقية حين تعجز قوة الفرد عن مواجهة الدولة أو المجتمع أو الخارج. هذا ما نعرفه نظرياً… لكن الواقع العراقي تَفَصَّل بطريقةٍ أخرى.
ففي ظل العراق الجديد، لم تعد الأحزاب فقط كيانات سياسية تُحاول أن تُمثّل جماهيرها. صار بعضها (أحزاباً صغيرة) تُنشئها الأحزاب الكبيرة، كظلالٍ لها: واجهات تُبرقِع المسارات، أو أدوات لتشويش الخريطة، أو إشارات تُوحي بأن هناك «تنوعاً» بينما هو تنسيقٌ مقنّع. لعبةٌ تُؤدى على مسرح كبير، لا يعرف الجمهور تماماً من الذي يكتب النص.
وحين يعجز الحزب عن تمثيل الحقيقة المجتمعية — حين يفشل في صقل طبقته المستهدفة، أو يعجز عن تقديم قراءة ثاقبة للحدث — يذوي حوله الجمهور شيئاً فشيئاً. يبتعد الناس كما يبتعد الطير عن شجرة لم تعد تعطي ظلاً. لا يبقى سوى الهياكل: مقرات بلا فكرة، شعارات بلا روح، ووجوهٌ تُكرر ما لا تؤمن به.
يزداد هذا التآكل حين يتحول الخطاب إلى ازدواجية: قولٌ في العلن و قولٌ آخر في السر، وعندما يتجاور النفاق السياسي مع الجهل الثقافي، في مساحةٍ تتداخل فيها النخب السياسية مع النخب الثقافية دون أن تنتج رؤية مشتركة. إنها مساحةٌ ضبابية لا تُنتج فكراً ولا تفتح أفقاً. وحين نصل إلى الجذر العميق للأزمة، نجد أن تغييب الفرد في ثقافتنا كان عاملاً حاسماً في إجهاض أي تعددية سياسية حقيقية. نحن، بثقل الموروث، لم نمنح الفرد فرصة ليقف مستقلاً، ربّيناه ليكون ظلّ جماعته لا صوته الخاص. وفي اللحظة التي يحاول فيها اتخاذ قرار، تنهض العائلة والعشيرة والطائفة لتعيده إلى (الحظيرة) القديمة. وهكذا ينمو الفرد نصف مكتمل: يتكلم بثقة، لكنه يتصرف بتردد. وفي غياب الفرد الحرّ، تتولد أحزاب بلا روح، هياكل بلا مشروع، وتيارات تذوب عند أول امتحان. فالتعددية تحتاج أناساً أحراراً لا مجموعات تتحرك بدافع العرف والولاء. ولذلك لم تكن التعددية عندنا مشروعاً سياسياً بقدر ما كانت زينة لغوية… بينما التعدد الحقيقي الوحيد الذي نجحنا فيه، وبامتياز مبهر، هو تعدد الزوجات.
اليوم، يبدو العراق كبركةٍ طال سكونها، تحتاج إلى حجرٍ يُلقى فيها لا ليُحدث ضجيجاً عابراً، بل ليوقظ الماء من غفوته الطويلة. حجرٌ لا يُضيف حزباً إلى ازدحام الأحزاب، بل يضيف فكرة إلى جفاف الأفكار؛ حزبٌ يعيد للمثقفين مكانتهم الطبيعية في قيادة المزاج العام، وينهض بالطبقة الوسطى من سباتها، ويصلُ بالشباب إلى المعنى قبل المصلحة، ويُعيد تعريف الولاء باعتباره انتماءً للدولة لا ارتهاناً لسلطاتها العارضة. حزبٌ يمنح السياسة وجهاً يشبه حياة الناس، لا تشبه مقايضات السياسيين.
قد لا يتغيّر شكل الماء عند أول ارتجاجة، لكن ما في القاع سيتحرّك، وسيعرف السكون أن زمنه لم يعد مطلقاً. والعراق، بعد هذه السنوات الثقيلة، يستحق ارتجافةً تعيد إليه نبضه، وتذكّره بأن المعنى يمكن أن يعود… إذا وُجد من يملك الشجاعة ليرمي الحجر.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts