قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حوّل إسرائيل من حليف لأميركا إلى أزمة عالية التكلفة تحمل عبئا كبيرا، كما اعتبرت "يديعوت أحرونوت" أن نتنياهو يصر على خسارة أميركا، ويفعل كل ما هو ممكن للدخول في مواجهة معها.

ونشرت هآرتس مقالا للكاتب ألون بينكاس يقول فيه إن نتنياهو تمكن خلال 15 عاما من الغطرسة والفظاظة من تحويل إسرائيل من حليف للولايات المتحدة إلى أزمة مستمرة عالية التكلفة تتعارض أفعالها مع المصالح الأميركية في المنطقة.

ويضيف بينكاس أن إسرائيل كانت حليفا جديرا بالثقة للولايات المتحدة لأكثر من 50 عاما ويمكن الاعتماد عليها، لكن سجل نتنياهو وسياساته وسلوكه وأسلوبه على مر السنين يؤكد أنه لا يرى نفسه حليفا، ولا يتصرف كحليف، والآن أدركت الولايات المتحدة ذلك.

تراجع صورة إسرائيل في أميركا

وأشار الكاتب إلى أن صورة إسرائيل في أميركا أظهرت تراجعا بينا، إذ وجد استطلاع جديد أجرته مؤسسة غالوب يوم الاثنين أن 58% فقط من الأميركيين لديهم وجهة نظر إيجابية "جدا" أو "مواتية في الغالب" لإسرائيل، انخفاضا من 68% العام الماضي، ويمثل هذا أدنى تصنيف إيجابي لإسرائيل منذ أكثر من عقدين.

وقال بينكاس إن اجتماعات بيني غانتس الحالية مع كامالا هاريس نائبة الرئيس ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكن والمشرعين في الكونغرس ليست اجتماعات عادية، إنها اجتماعات مخصصة لرئيس الوزراء، أو شخص يعتقدون أنه سيكون أو يجب أن يكون رئيسا للوزراء.

سياسات نتنياهو لا تعكس قوة التحالف

وتساءل الكاتب عن الكيفية التي يمكن أن يتجلى بها التحالف بين إسرائيل وأميركا الذي كان يوصف منذ ما قبل نهاية التسعينيات وفي القرن الـ21 بأنه "تحالف غير قابل للكسر"؟ وكيف يمكن أن تظل إسرائيل من الأصول "الإستراتيجية" لأميركا؟ وقال إن سياسات نتنياهو لا تشي بذلك.

وذكر أنه قبل نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، تم تصنيف إسرائيل كحليف رئيسي من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو) وهي المستفيدة العالمية الرائدة من الباب 22 من المساعدة الأمنية الأميركية في إطار برنامج التمويل العسكري الأجنبي.

وأضاف أنه وبشكل عام، منذ عام 1948، قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل ما يزيد على 150 مليار دولار، مما يجعلها أكبر متلق منفرد بهامش واسع.

وفي العقدين أو الثلاثة الماضية، تم تعريف هدف الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل على أنه لـ"التفوق العسكري النوعي"، مما يضمن لإسرائيل الوصول إلى أحدث منصات الأسلحة الأميركية وتقنيات الدفاع.

نتنياهو وسع الشقوق

وبدلا من إعادة تعريف هذا التحالف وإعادة تغليفه، يقول الكاتب إن نتنياهو فعل العكس تماما "وسع الشقوق، وتدخل باستمرار في السياسة الأميركية، وتغازل بلا هدف، وتهور مع روسيا والصين بقيادة فلاديمير بوتين، وأقنع الرئيس آنذاك دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وكان مشغولا بالتأكد من أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قوية بحيث تكون السلطة الفلسطينية أضعف من أن يتم التفاوض معها".

ولتبيان التباعد بين أميركا وإسرائيل حاليا، قال بينكاس إنه وعقب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فسرت الولايات المتحدة هذا الهجوم بأنه نقطة تحول محتملة تتطلب الاهتمام وصياغة سياسة جديدة. وفي غضون ذلك، بدا أن إسرائيل تعتقد أنها يمكن أن تعود إلى مرحلة ما قبل الهجوم بالقصف والقوة العسكرية المحضة.

حان الوقت لمسار سياسي جديد لأميركا

وألقى المقال الضوء على نقاط الخلاف بين أميركا وإسرائيل حول التعامل مع هجوم 7 أكتوبر، قائلا إن الطرفين مختلفان في تحديد أهداف الحرب، وفي شدة الهجمات وتناسبها، وفي التعامل مع قضية الرهائن، وفي وقف إطلاق النار والهدنات، وفي الإطار العام لحكم غزة بعد الحرب.

وقال بينكاس إنه وبمجرد أن تقتنع الولايات المتحدة بأن نتنياهو لم يكن متعاونا، ولم يكن حليفا مراعيا، ويتصرف بفظاظة ويركز فقط على بقائه السياسي، يكون الوقت قد حان لها أن تحاول مسارا سياسيا جديدا.

وختم بالقول إن الأميركيين ليسوا متأكدين مما إذا كانوا قد أطلقوا العنان لديناميكية قد تؤدي إلى انتخابات في إسرائيل أو ما إذا كان هذا سيؤدي إلى تذمر. ومع ذلك، هناك شيء واحد واضح: كان لا بد من كسر النمط بعد هجوم السابع من أكتوبر.

نتنياهو يصر على خسارة الدعم الأميركي

أما "يديعوت أحرونوت"، فقد نشرت مقالا للكاتب بن درور يميني يقول فيه إن نتنياهو يصر على خسارة الدعم الأميركي برفضه المستمر للمبادرات التي تقترحها واشنطن، على الرغم من الإشارة الواضحة إلى أن العمل العسكري وحده لن يكون كافيا لتفكيك حماس، وإن الجهود الدبلوماسية مطلوبة.

وتحدث الكاتب عن قوة التحالف الأميركي الإسرائيلي. وقال إن الولايات المتحدة أثبتت، فور هجوم حماس أنها لم تكن حليف إسرائيل فحسب، بل منقذها.

وتحدث مطولا عن الاختلافات الحالية بين الجانبين. وقال إن أميركا تضع حاليا علامة تحذير كبيرة أمام إسرائيل، ومع ذلك يستمر نتنياهو في اتباع سياسة "العمى الإستراتيجي" التي اتسمت بها سياسته قبل وبعد هجوم حماس.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة إسرائیل من

إقرأ أيضاً:

اعتراف بخطأ قديم.. كيف تغير أميركا تعاملها مع الشرق الأوسط؟

طرحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رؤية مغايرة لنهج الولايات المتحدة في التعاطي مع قضايا الشرق الأوسط، وذلك في إطار استراتيجية الأمن القومي الجديدة الصادرة عن البيت الأبيض، والتي جاءت في وثيقة مؤلفة من 33 صفحة، لتشكل تفسيرًا رسميًا ومتكاملاً للرؤية العالمية التي تنطلق منها سياسة ترامب الخارجية.

وخصصت استراتيجية الأمن القومي الجديدة فصلًا كاملاً لرؤية واشنطن تجاه الشرق الأوسط، والتي شهدت تحولا واضحا عن النهج الأميركي التقليدي الذي هيمن على السياسة الخارجية لعقود.

كيف ينظر ترامب للشرق الأوسط؟

أشارت الاستراتيجية إلى أن الشرق الأوسط ظل، طوال ما لا يقل عن نصف قرن، في مقدمة أولويات الولايات المتحدة، باعتباره المزود الأهم للطاقة عالميا، ومسرحا رئيسيا للحرب الباردة، ومصدرًا لصراعات كانت تهدد بالامتداد إلى خارج الإقليم.
لكن الوثيقة لفتت إلى أن اثنين من هذه العوامل لم يعودا قائمين اليوم، مع تنوع مصادر الطاقة عالميًا وعودة الولايات المتحدة كمصدر صافي للطاقة، إضافة إلى تحول التنافس الدولي من صراع القطبين إلى منافسة بين القوى الكبرى، وهي منافسة تقول الإدارة إنها تحتفظ فيها بـ"أفضل موقع ممكن" بعد إعادة إحياء تحالفاتها في الخليج ومع شركائها العرب وإسرائيل.

وأبرزت الاستراتيجية أن الصراع يبقى السمة الأكثر تعقيدًا في المنطقة، لكن حجم التهديد -وفق الوثيقة- بات أقل مما تعكسه العناوين.

واعتبرت أن إيران، التي تصفها الإدارة بأنها "القوة الأكثر زعزعة للاستقرار"، تعرضت لضعف كبير نتيجة العمليات الإسرائيلية بعد هجمات 7 أكتوبر 2023، ونتيجة عملية "مطرقة منتصف الليل" التي أطلقها ترامب في يونيو 2025، والتي سببت "تدهورًا واسعًا" في برنامج طهران النووي.

كما أشارت إلى تحقيق "تقدم ملموس" على مسار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي بفضل اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق الرهائن الذي توسطت فيه واشنطن، مشيرة إلى تراجع داعمي حماس.

وفي السياق نفسه، تحدثت الاستراتيجية عن موقف سوريا، قائلة: "تبقى سوريا مصدرا محتملا للمشكلات، لكنها قد تستقر وتستعيد دورها الطبيعي كفاعل إيجابي وأساسي في المنطقة، بدعم أميركي وعربي وإسرائيلي وتركي".

وتؤكد الاستراتيجية الجديدة أن الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة تاريخيًا إلى إعطاء الأولوية للمنطقة تتراجع مع توسع الإنتاج الأميركي من الطاقة، وبدلاً من ذلك، تتوقع واشنطن أن يتحول الشرق الأوسط إلى مركز جاذب للاستثمارات الدولية في قطاعات تتجاوز النفط والغاز، لتشمل الطاقة النووية والذكاء الاصطناعي والصناعات الدفاعية.

كما تربط الاستراتيجية بين التعاون مع دول المنطقة وتأمين سلاسل الإمداد وتعزيز أسواق "صديقة ومفتوحة" في مناطق أخرى مثل إفريقيا.

وقالت الاستراتيجية: "يُظهر شركاء الشرق الأوسط التزامًا واضحًا بمكافحة التطرف، وهي اتجاهات ينبغي للسياسة الأميركية أن تواصل تشجيعها، غير أن تحقيق ذلك يتطلب التخلي عن التجربة الأميركية الخاطئة للتعامل مع هذه الدول (...) إذ يجب أن نشجع الإصلاح ونرحب به عندما يظهر بشكل طبيعي من الداخل، دون محاولة فرضه من الخارج"، مؤكدة أن "مفتاح العلاقات الناجحة مع الشرق الأوسط هو قبول المنطقة وقادتها ودولها كما هي، والعمل معًا في مجالات المصالح المشتركة".

وتحدد الوثيقة مجموعة من المصالح الدائمة للولايات المتحدة، أبرزها ضمان عدم وقوع إمدادات الطاقة في أيدي خصوم واشنطن، وحماية حرية الملاحة في مضيق هرمز والبحر الأحمر، ومنع تحول المنطقة إلى منصة تهدد المصالح أو الأراضي الأميركية، إضافة إلى ضمان أمن إسرائيل، كما دعت إلى توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية لتشمل مزيدًا من دول المنطقة والعالم الإسلامي.

واختتمت الوثيقة النظر لمنطقة الشرق الأوسط بالقول إن "الأيام التي كان فيها الشرق الأوسط يهيمن على السياسة الخارجية الأميركية، سواء في التخطيط الطويل المدى أو في التنفيذ اليومي، قد ولت، ليس لأن الشرق الأوسط لم يعد مهمًا، بل لأنه لم يعد مصدرًا دائمًا للمنغصات أو سببًا محتملاً لكارثة وشيكة كما كان في السابق، بل إنه يبرز اليوم كمكان للشراكة والصداقة والاستثمار وهو اتجاه ينبغي الترحيب به وتشجيعه".

أولويات أمريكية.. واعتراف بـ"خطأ"
قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة موراي ستيت الأميركية وعضو الحزب الجمهوري، إحسان الخطيب، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن ما تطرحه استراتيجية الأمن القومي الجديدة يمثل "وصفًا واقعيًا ودقيقًا لطبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط كما تراها إدارة ترامب".

وأوضح أن "جوهر المقاربة الأميركية لم يعد قائمًا على النفط وحده كما كان في العقود الماضية، بل انتقل إلى تشابك اقتصادي أوسع يقوم على المنفعة المتبادلة بين واشنطن ودول المنطقة".

وأضاف "الخطيب" أن "الاستراتيجية تتضمّن اعترافًا واضحًا بأن الإدارات الأميركية السابقة أخطأت حين لم تُبد احترامًا كافيًا للثقافة المحلية في الشرق الأوسط، وتدخلت في شؤون دوله الداخلية كما حدث خلال فترة الرئيس الأسبق باراك أوباما".

وأشار عضو الحزب الجمهوري إلى أن "إدارة ترامب ترى أن المنطقة أصبحت أكثر استقرارًا بعد الضربات التي وجهت إلى إيران وأذرعها، وتؤمن بأن السلام الإبراهيمي هو المسار الأكثر قابلية لمستقبل الشرق الأوسط"، مشددا على أن الولايات المتحدة لا تعتبر الصين أو روسيا منافسين حقيقيين لها في الشرق الأوسط، والمشهد أقرب إلى "مناورات" بين الأطراف الكبرى".

وشدد الخطيب على أن "ارتباط الولايات المتحدة بالمنطقة لم يعد محصورًا في اعتبارات الطاقة، بل أصبح ارتباطًا اقتصاديًا واستثماريًا في المقام الأول، وتعامل الإدارة مع الشرق الأوسط، سيتركز على منع وقوع النفط في أيدي قوى معادية، وتأمين حرية الملاحة في مضيق هرمز والبحر الأحمر، وضمان ألا تشكل المنطقة مصدر تهديد إرهابي للمصالح أو الأراضي الأميركية، إلى جانب الحفاظ على أمن إسرائيل".

مقالات مشابهة

  • لواء إسرائيلي يحذر من سيناريو يوم القيامة: 7 أكتوبر سيكون صغيرا أمامه
  • ترامب يُحيي مشروع أميركا القديم
  • أميركا أولًا… لا الديمقراطية
  • هجومٌ من لبنان وأماكن أخرى.. إقرأوا آخر اعتراف إسرائيليّ
  • تقرير إسرائيلي: نتنياهو بين المطرقة والسندان.. واشنطن تضغط للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق
  • إعلام إسرائيلي: ترامب يضغط على هرتسوج لمنح عفو لـ نتنياهو
  • فورين أفيرز: العلاقة الاستثنائية بين أميركا وإسرائيل غير قابلة للاستمرار
  • كاتب أميركي: ترامب بحاجة لمخرج من فنزويلا
  • هجوم إسرائيلي على الأونروا.. تحافظ على حق العودة للاجئين الفلسطينيين
  • اعتراف بخطأ قديم.. كيف تغير أميركا تعاملها مع الشرق الأوسط؟