كل طبيب بداخله أديب وهذا شيء لا يستطيع أحد من الناس أن ينكره أو يداريه، ولا أعلم حقيقة العلاقة بين الطبيب والأدب، بل لا أعلم أيضاً العلاقة بين الطبيب والكتابة بشكل عام فهل لأن الطبيب طول عمره يكتب ويقرأ ويسمع من هنا وهناك ولكننى كنت أجمع وأنا صغير مقالات الدكتور حسين مؤنس فى مجلة أكتوبر لفترة طويلة وكنت أقرأ المقال أكثر من مرة وأحتفظ بأعداد كثيرة من مجلة أكتوبر لهذا السبب وكنت أيضاً أقرأ كثيرًا لغيره من الكتّاب فى جريدة الأهرام واحتفظ بالمقالات داخل بعض الكتب ثم أقوم بجمع عدد كبير منهم وأقرأهم دفعة واحدة بالترتيب وهذا امتحان كبير من القارئ للكاتب فهو يتابع تغيّر الكاتب وتلونه وإذا كان الكاتب «يغير جلده» إذا تغيّر الوضع السياسى أو الأخلاقى من عدمه وكنت أتابع أيضاً كتابات أخرى كثيرة فى شتى العلوم والأدب واللغة خاصة أنيس منصور فى الأهرام وكثيرٌ كثير من الكتب التى لا حصر لها ولا داعى لذكرها لأن الكتاب المقروء كنزٌ لا يعلمه كثيرٌ من الناس فهو أقرب إلى «كتاب الوزارة» فى كتب المدرسة فى أهميته للطالب إذا أراد أن ينجح فالكتاب الذى تشتريه لكى تقرأه يمثل لك النجاح فى إدارة زمن معين أو جزء معين فى حياتك إلى أن أوقعتنى الظروف ذات مرة فى نادى الصيد المصرى فُطلب منى أن أكتب مقالات طبية أسبوعية فى جريدة الوفد فخفت أن يشعر من يقرأ لى أننى أتغيّر فى موقف أو أتلون بل أحاول كثيرًا أن أنقل المعلومة الطبية بكل أمانة ولا أخلط شيئًا بآخر لأن الأمانة العلمية تُحتم عليك أن تحترم القلم والأجيال القادمة التى ستأتى بعدنا ستحاسبنا على ما قدمنا وعلى كثير مما فرطنا فيه.
ومن البدايات إلى النهايات يكون فى عمر الإنسان يترك بصمة أو لا يترك شيئًا، ولذلك كان المقال الطبى أمانة ومسئولية وطريقك جذب القارئ أن يترك الموبايل ويركز قليلًا فى مقال طبى قد يستثقله فى أول المقال ولكنه يجد ما يجذبه إلى آخره وهذه هى الحبكة الدرامية التى تعلمناها فى الكتابة حتى توصّل المعلومة الطبية إلى عقل القارئ فتظل عالقة فى ذهنه لفترة طويلة وهذه هى قيمة الكتابة ولذلك كتبنا دون أى عائد مادى من أحد لأننا نجد قيمة المقال فى عدد من يقرؤونه ومن يتابعونه دون أن يعملوا «Like» أو غيره، أما احترام اللغة العربية فى المقال فشيءٌ آخر عند الكاتب والمفردات التى نستخدمها لا تأتى هكذا فقد تراجع المقال أكثر من مرة لوجود كلمة أنت لا ترضى عنها حتى يفتح الله لك فتحًا فيها وأرى أيضاً أن كثرة الألقاب تُفسد الكاتب فهو فى النهاية يكتب والناس تقرأ ما يكتبه وهذا هو أكبر احترام للكاتب أن يحرص الناس على قراءة ما يكتب ويتابعون أو ينتظرون مقالك فى أى تخصص أما ألقاب «الكبير والعظيم والمخضرم» فهى ألقاب تفسد الإنسان فضلًا عن الكاتب.
وفى النهاية يبقى ما كُتب وما قُرئ وما تعلمّه الناس من الكاتب، أما الكاتب نفسه فى أى مجال فيذهب وقد يختلف الناس حسب أهوائهم على هذا الكاتب هنا وهناك، أما ما كُتب فلا مجال للعبث به إن كان علميًا حقيقيًا يسرد الحقائق مثل الطب دون تضليل، ويقول العارفون بالكتاب إنها العبر لمن أراد النظر، وإنها تطيل السهر، وتُضعف البصر، فيها الِبشر والخبر، وليس فيها ضجر، ولكل كاتب أثر، فى أجيال كُثر من بنى البشر، وفيها سعد من شكر فى ضحىٍ أو فى سحر.
استشارى القلب - معهد القلب
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: معهد القلب د طارق الخولي
إقرأ أيضاً:
سيناريو روسي يتخيّل حربًا مع أوروبا: صواريخ باليستية يتبعها وابل نووي تكتيكي
يرسم المقال صورة قاتمة لطبيعة هذه الحرب، موضحًا أنها ستكون حربًا تعتمد على أقصى درجات الحسم واستخدامًا غير محدود لأسلحة الدمار الشامل، وعلى رأسها الأسلحة النووية الاستراتيجية.
توقف مقال نُشر في صحيفة "غازيتا رو" الروسية عند رد حلف الناتو على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن استعداد موسكو لخوض حرب في أوروبا، وذلك وفق قراءة قدّمها العميد المتقاعد ميخائيل خودارينوك، الذي يرى أن الحلف يعكس جوهر ما قاله بوتين ويطرح تقييمًا لا يتطابق مع الواقع بشأن القدرات العسكرية الروسية.
موقف الناتو من كلام بوتينيوضح المقال أن مسؤولًا رفيعًا في حلف الناتو علّق على تصريحات بوتين التي أكد فيها أن روسيا لا تنوي القتال مع أوروبا. ووفق المسؤول، فإن موسكو "لا تمتلك الموارد ولا القدرات العسكرية التي تسمح لها بالنجاح في صراع تقليدي واسع مع القوات الأوروبية المشتركة". ونقل المتحدث باسم الناتو لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" قوله إن بوتين "يعرف أن الناتو أكثر توحدًا من أي وقت مضى في الدفاع عن حلفائه"، مضيفًا أن الحلف لن يبقى مكتوف اليدين إذا تعرضت دولة عضو لهجوم.
ويرى المقال أن هذه التصريحات تقلب المعنى رأسًا على عقب، إذ إن الخطوة الأولى، من وجهة نظر الكاتب، يجب أن تكون توضيح ما قاله بوتين فعلًا، وليس البناء على تأويلات مختلفة.
ماذا قال بوتين بالفعل؟يورد المقال تصريح بوتين الذي أكد فيه أن روسيا لا تنوي الذهاب إلى حرب مع أوروبا، لكنه أضاف أن موسكو جاهزة لأي مواجهة إذا قررت أوروبا بدء الحرب، معتبرًا أن مثل هذا السيناريو قد يقود بسرعة إلى وضع "لن نجد فيه أحدًا نتفاوض معه". ويؤكد الكاتب أن بوتين لم يتحدث عن الناتو ولا عن مدى انسجامه أو وحدته.
كما يضيف أن الناتو يتحدث عن "عدم الوقوف مكتوف الأيدي" في حال شنّت روسيا هجومًا على أراضي دولة عضو، بينما بوتين قال العكس تمامًا، مشددًا على أن روسيا لا تنوي مهاجمة أوروبا أو دول الحلف. ويستخدم الكاتب مقارنة ساخرة ليصف التناقض في قراءة الحلف للموقف، إذ يقول إن الأوروبيين يطلبون "قصة شعر"، بينما يجري "حلق الرأس بالكامل".
ينتقل المقال إلى تفصيل النقطة المحورية في كلام بوتين، والتي تقول إن بدء أوروبا لحرب ضد روسيا قد يؤدي سريعًا إلى غياب أي جهة يمكن التفاوض معها. ويوضح الكاتب أن موسكو، بحسب الرئيس الروسي، لن تبادر إلى الحرب من تلقاء نفسها، وأن أي تحرك سيكون ردًا على هجوم أوروبي. لكنه يضيف أن طبيعة الحرب المحتملة تجعل هذا السيناريو بالغ الخطورة، لأن اندلاع حرب واسعة في المسرح الأوروبي سيحوّلها حتمًا إلى حرب عالمية، ستكون فيها الأسلحة التقليدية مجرد مرحلة أولى قبل الانتقال إلى استخدام الأسلحة النووية.
يرسم المقال صورة قاتمة لطبيعة هذه الحرب، موضحًا أنها ستكون حربًا تعتمد على أقصى درجات الحسم واستخدامًا غير محدود لأسلحة الدمار الشامل، وعلى رأسها الأسلحة النووية الاستراتيجية.
ويشير إلى أن نتائج مثل هذه الضربات ستكون كارثية على الأطراف المتحاربة وعلى دول أخرى أيضًا، إذ يمكن تدمير المراكز السياسية والإدارية والمناطق الاقتصادية خلال فترة زمنية قصيرة للغاية، مع وقوع خسائر فادحة منذ الضربة النووية الأولى وتزايدها المستمر بفعل العوامل الثانوية. وبحسب المقال، فإن تبادل الضربات النووية سيجعل من المستحيل استمرار أي عمليات عسكرية منظمة، وبالتالي تنتفي بالكامل إمكانية التفاوض أو إدارة الصراع.
ويضيف الكاتب أن امتلاك فرنسا والمملكة المتحدة لقدرات نووية لا يغير جوهر المعادلة، لأن روسيا تمتلك ترسانة نووية "تفوقهما بأضعاف مضاعفة"، وهو ما يجعل ميزان القوى مختلفًا جذريًا عن التصوير الذي يقدمه الناتو.
طرح مشكوك فيهيصف الكاتب ادعاء الناتو بأن روسيا غير قادرة على خوض حرب مع أوروبا بأنه "طرح مشكوك فيه للغاية". ويوضح أنه في حال كانت الحرب تقليدية فقط، فمن الممكن تصور سيناريوهات متعددة أو "خيارات"، لكن في حال الانتقال إلى مواجهة تستخدم فيها "الأسلحة الخاصة"، أي النووية، فإن أوروبا "لن تمتلك أي فرصة". ويؤكد أن هذا هو المعنى الذي قصده بوتين حين تحدث عن جاهزية روسيا لحرب من هذا النوع في الوقت الحالي.
كيف يبدأ استخدام الأسلحة النووية؟يتطرق المقال إلى الآليات التي قد تبدأ بها موسكو استخدام الأسلحة النووية، موضحًا أن رئيس الدولة سيعطي الإشارة اللازمة لإطلاق الصواريخ ويرسل الشيفرات الخاصة لفتح الرؤوس النووية، وبعد دقائق فقط ستكون الصواريخ الباليستية العابرة للقارات وصواريخ الغواصات وصواريخ كروز النووية قد انطلقت، يليها استخدام القنابل الجوية النووية والرؤوس الحربية الخاصة بالمدفعية والأنظمة الصاروخية التكتيكية.
ويشير الكاتب إلى أن تصرفات بعض القادة الأوروبيين توحي، في رأيه، بأنهم يدفعون الوضع نحو هذا المسار، ما يجعله يتساءل ساخرًا: "متى سيستفيقون؟"
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة