موائد الرحمن الرمضانية .. أصلها في التاريخ الإسلامي ومتى بدأت في مصر
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
تنتشر موائد الرحمن في العديد من الدول العربية والإسلامية في شهر رمضان، ويعود أصلها بحسب التاريخ الإسلامي إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يقوم عليه الصلاة والسلام بإرسال وجبات السحور والفطور في رمضان مع الصحابي بلال بن رباح إلى وفود قدمت من الطائف واستقرت في المدينة بعدما أعلنت إسلامها.
وسجلت كتب التاريخ أن الخلفاء الراشدين قد سنوا هذه السُنّة أيضا من بعد رسول الله، حيث كان عمر بن الخطاب يقيم الدور لضيافة وإفطار الصائمين، وتطورت الفكرة لتصبح تدريجياً على ما هي عليه الآن في الدول العربية المختلفة.
اختلفت الروايات حول تحديد بداية ظهور موائد الرحمن فى التاريخ ومن صاحب الفكرة ومن هذه الروايات تعود تسمية " موائد الرحمن" في مصر إلى عالم الديار المصرية الليث بن سعد بن عبد الرحمن، الذي اشتهر بمساعدة الفقراء والمساكين بالعديد من الطرق ، وكانت إحدى هذه الطرق إنشاء موائد طعام خارج منزله للفقراء وعابري السبيل، حيث بدأ المسمّى الحقيقي للمائدة على اسم جده "عبدالرحمن"، وقد استمر فيها حتى وفاته عام 791 ميلاديا.
كما ورد أن تاريخ موائد الرحمن في مصر يعود إلى عهد أحمد بن طولون، في السنة الرابعة لولايته، حيث يعتبر أول من أقامها عام 880 م، وكان يقوم بجمع كبار التجار والأعيان في مصر في أول يوم من شهر رمضان على الإفطار، ثم يلقي عليهم خطبة يذكر لهم فيها أن الغرض من المائدة أن يذكرهم بالإحسان والبر بالفقراء والمساكين، ويخبر الجميع بأن تلك المائدة سوف تستمر طوال أيام شهر رمضان الكريم، وأطلق عليها في عهد بن طولون سماط الخليفة.
العصر الفاطميفى العصر الفاطمي كان يأمر الخليفة المعز لدين الله الفاطمى، بعمل مائدة كبيرة لإفطار رواد مسجد عمرو بن العاص وعرفت باسم "دار الفطرة"، أما فى عصر المماليك والعثمانيين لم تكن تلقى اهتماما كثيراً، ولكنها ظلت كعادة يتم ممارستها من قبل الاغنياء ورجال الدولة لإفطار الفقراء.
عهد المماليك
في عهد المماليك استمرت فكرة موائد الرحمن قائمة، وقام سلاطينهم بتخصيص أملاكهم للإنفاق على هذه الموائد، وكان من بينهم السلطان حسن بن قلاوون ، الذي كان يقدم كل يوم في رمضان أكثر من 117ذبيحة وغيرها من الأطعمة المختلفة طوال شهر رمضان ، وكان الحكام يهتمون بإقامة موائد الرحمن فى ساحات قصورهم وفى الأماكن العامة، حتى وإن كانت تختلف حجم المائدة وعدد المترددين عليها من الصائمين من فترة إلى أخرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: موائد الرحمن عهد النبي صلى الله عليه عمر بن الخطاب موائد الرحمن فی شهر رمضان فی مصر
إقرأ أيضاً:
أحمد ياسر يكتب: مصر.. التاريخ والعنوان
في خضمّ التعليقات الصاخبة المحيطة بالحرب المدمرة في غزة، ترسخت رواية ساخرة ومُستمرة.. رواية تسعى إلى تصوير مصر كطرف سلبي، أو حتى متواطئ، في معاناة الشعب الفلسطيني.
هذه الإدعاءات الخبيثة، التي تنتشر بسرعة التضليل الإعلامي، ليست تشويهًا عميقًا للحقيقة فحسب، بل هي إهانة لأمة تحملت، تاريخيًا وحاضرًا، أثقل أعباء القضية الفلسطينية… إن المراجعة الموضوعية للحقائق ليست ضرورية فحسب، بل تُعدّ أيضًا دحضًا قاطعًا لهذه الحملة من التضليل الإعلامي.
(أولا)يتمحور أكثر هذه الادعاءات خبثًا حول معبر رفح الحدودي، الذي يُصوّر بشكل غير نزيه على أنه دليل على "حصار" مصري، هذه الإدعاء مُفلس فكريًا… فمعبر رفح هو حدود دولية بين دولتين ذات سيادة، (مصر وفلسطين) ، تحكمها اتفاقيات دولية واعتبارات أمنية وطنية عميقة، لا سيما في ظلّ معركة مصر الطويلة والمكلفة مع الإرهاب في سيناء.
فهو ليس نقطة تفتيش داخلية متعددة؛ بالنسبة لغزة، فهي البوابة الوحيدة إلى العالم التي لا تسيطر عليها إسرائيل.. إن مساواة إدارة مصر المنظمة لحدودها السيادية بالحصار العسكري والاقتصادي الشامل الذي تفرضه إسرائيل - الذي يسيطر على المجال الجوي والساحل والمعابر التجارية لغزة - هو تحريف متعمد وخبيث للمسؤولية.
والحقيقة هي أنه منذ بداية هذه الأزمة، لم يكن معبر رفح حاجزًا، بل الشريان الرئيسي للمساعدات المنقذة للحياة، وهو شهادة على الالتزام المصري، وليس رمزًا للعرقلة.
(ثانيا) هذا يقود إلى الزيف الثاني: فكرة أن الدعم الإنساني المصري كان غائبًا… يتلاشى هذا الادعاء أمام الأدلة الدامغة، منذ اليوم الأول، نسقت مصر عملية لوجستية واسعة النطاق ومتواصلة، وقد سهلت الدولة المصرية، بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري وجهات وطنية أخرى، دخول الغالبية العظمى من جميع المساعدات الدولية المقدمة إلى غزة.
نحن لا نتحدث عن لفتات رمزية، بل عن آلاف الشاحنات المحملة بالغذاء والماء والوقود والإمدادات الطبية الأساسية. نتحدث هنا عن مستشفيات ميدانية مصرية أُقيمت على الحدود، وعن آلاف الجرحى الفلسطينيين والأجانب الذين دخلوا لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية.
لقد تكبدت الخزينة المصرية ثمنًا باهظًا جراء هذا الجهد الضخم، وأثقل كاهل بنيتنا التحتية اللوجستية والأمنية إلى أقصى حد، وبينما قدّم آخرون كلماتهم، قدّمت مصر شريان حياة، مُقاسًا بالعدد وبالأرواح التي أُنقذت.
وأخيرًا، يكشف نقد الجهود الدبلوماسية المصرية عن سوء فهم جوهري لواقع الوساطة الإقليمية القاسي. . إن اتهام مصر بالتقصير الدبلوماسي يتجاهل حقيقة أن القاهرة من العواصم القليلة جدًا في العالم التي يُؤتمن على التحدث مع جميع الأطراف.
هذا ليس تواطؤًا؛ بل هو العمل الأساسي والمضني لصنع السلام…تعمل الأجهزة الأمنية المصرية والقنوات الدبلوماسية بلا كلل للتوسط في وقف إطلاق النار، والتفاوض على إطلاق سراح الرهائن والسجناء، ومنع اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقًا.
علاوة على ذلك، ترتكز الدبلوماسية المصرية على مبادئ راسخة… لقد كان الرئيس عبد الفتاح السيسي واضحًا لا لبس فيه في التعبير عن خطين أحمرين أساسيين لمصر:
١- الرفض القاطع لأي تهجير قسري أو طوعي للفلسطينيين من أرضهم.
2- المطالبة الثابتة بحل الدولتين على أساس حدود عام 1967…هذه ليست مواقف سلبية؛ بل هي مبادئ أمنية وطنية راسخة وفعّالة وجهت أفعال مصر، ووضعتها أحيانًا في خلاف مع مخططات جهات فاعلة عالمية أقوى.
سيكون التاريخ هو الحكم النهائي، وسيُظهر سجله أنه بينما انغمس الآخرون في الغضب الاستعراضي والتظاهر السياسي، كانت مصر على الأرض، تُدير الحدود، وتُسلم المساعدات، وتُعالج الجرحى، وتُشارك في دبلوماسية حل النزاعات الجائرة والمرهقة…
و تتلاشى الادعاءات الخبيثة عند مواجهة وطأة أفعال مصر. ونقول للجميع أن التزامنا ليس محل نقاش؛ إنه مسألة مُسجلة تاريخيا..