الحردلو صائد الجمال (7): ذِكْرَتي بالبنات لاعِن مصوّع فاحت…!!
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
مرتضى الغالي
مولد الحردلو كان في (ريرة)..وعدما تقع الأسماع على ريرة تتذكر كيف أن المناهج القديمة في المراحل الدراسية الأولى أرادت أن تجعل التلميذ يتعرّف على مناطق بلاده المختلفة وسبل كسب العيش فيها...هكذا فعلت بخت الرضا..وهكذا وضع المربي الكبير عبدالرحمن على طه مثل هذا الأرجوزة :
ودعته والأهل والعشيره
ثم قصدتُ من هناك ريره
نزلتها والقرشي مضيفي
وكان ذاك في أوان الصيفِ
وجدته يسقي جموع الإبلِ
من ماء بئر جرّه بالعجلٍ
تقع ريرة في جنوب شرق البلاد، وكان والد الشاعر الحردلو كما سبقت الإشارة هوزعيم الشكرية احمد أبو سن؛ وهي قبيلة وعشيرة كانت تحتل موقعاً مرموقاً خلال الحكم التركي.
خلال طفولة الحردلو الإبن وجزءاً ليس باليسير من مراهقته، عاش الحردلو مرحلة دعة و خلو بال (carefree life) وشعره يحتشد بحكاوي ووقائع غزواته النسائية..! وهذا قد يكون غريباً عندما تتم محاكمته الآن بمقاييس العصر الحاضر..! وعى كل حال فان قراءة ذلك في سياقه التاريخي يجعله مشفوعاً بالمعهود من الممارسات القبلية في ذلك الوقت...!
على كل حال فإن الحردلو يُعد من روّاد الشعر البدوي وقد لعب دوراً محورياً ورائداً في تطوّر وارتقاء الشعر السوداني الإبداعي والغنائي وفي خلق مذاق متفرّد للشعر والجمال..والنظر إلى الأبعاد والقيم الجمالية (Aesthetic Values)..ذلك أن شعر الحردلو الغزلي وشعر الطبيعة مما يستحق إلقاء الضوء عليه وإبرازه.
كثيرٌ من شعراء البادية برزوا من خلال اللقاءات العفوية الخاصة عندما يتجمّع الأصدقاء والرفقاء للأنس والاستمتاع بوقتهم، وقضاء جانباً من الليل يتسامرون ويتحدثون عن ذكرياتهم وأوقاتهم السعيدة..وينشأ من هذه الجلسات الاسترواحية ميلاد قصائد تفاعلية رائعة.. فيلقي احدهم مربوعاً شعرياً (وحي الخاطر) أو كما يقولون (قطع أخدر) فيجاوبه أحد الحاضرين بمربوع آخر..!!
وتُلقى هذه المربوعات على السليقة..ولا تدخل هذه البادرات الشعرية في نطاق المقارنة من حيث الجودة والقيمة بأشعارهم الجيّدة المعتمدة لديهم..إنما هي مقاطع ومربوعات خفيفة يتداولونها وهم ملء الحيوية وبمزاج رائق في مناخ من المرح والأنس والسمر..! ولكنها مع ذلك تكشف عن طبيعة الحياة في البطانة في ذلك الوقت..وتوفر مصدر معلومات لا غنى عنه لتطور الشعر البدوي..!
**
الحردلو يعطي مرجعاً واضحاً لهذه الدائرة من الأصدقاء وخاصة أخوه (عِبدله) "الشاعر أيضاً" وهو كذلك بمثابة صديقه. و(مسدارالمطيرق أحد أشكال هذا النوع من الشعر التفاعلي المُتبادل الذي يتم إنشاؤه خلال تجمّعات الأنس التلقائية. والمطيرق (تصغير مُطرَق) وهو عصا رفيعة متوسطة الطول من شجيرات السَلم يحملها رجال البادية للزينة و(تكملة الإهاب) وإبراز وضعهم بين الآخرين؛ ويتم استخدامها كـ(حداثة) وكجزء يكمل لغة الجسد خلال تبادل الحديث للتأكيد على مقالة أو توصيف حالة؛ ويؤشر بها المتحدث ويرسم بها خطوطاً على التراب خلال حديثه..كما يُستعان بها للتأثير على المستمعين .وربما لهم فيها مأرب أخرى..!
موضوع هذا المسدار هو (المطيرق) الذي افتقده الحردلو (في ظروف غامضة) وتم لاحقاً اكتشاف أن الذي أخذه لم يكن إلا عشيقة الحردلو نفسها..! وكما تمضي الحكاية كان من المفترض أن تأتي تلك الفتاة في ليلة ما إلى حيث مكان الشاعر..ولكن اتفق أن ضيفاً للحردلو في تلك الليلة أطال الجلوس أكثر من المُعتاد..! وعندما جاءت الفتاة للموعد كان الحردلو قد أسلم نفسه للنعاس فأخذت الفتاة المطيرق دليلاً على وفائها بوعد الحضور..افتقد الحردلو مطيرقه عند الصباح واعتقد أن لصاً أخذها..ولكن كان (تخمين أخيه عِبدله) صادقاً...وهكذا فإن مجمل المسدار يدور حول هذه الحكاية..(إن ضياع المطيرق لأمر جلل)...!!
ذِكرتي بالبنات لاعِن مصوّع فاحت
ضايق غلبهن من شينتن بتّاحت (إتّاحت ابتعد وتجافى عن الشيء)
جديع ودعتن بالليم عليّ ما طاحت
هبَرت كفتي وعُقب المطيرق راحت...!!
**
وعندما يتذكر لاحقاً أيام الثراء واللهو يقول:
يا حليلك قبيل حين (بانقيّر) عندي
جُمالي مشنكتات ويِخِدْمَن الفي شندي
بعد ما بقيت مفلس وعادم "الجرقندي"
يا معشوقه يا متين نتقلد في "الهندي"
(متى ننام متعانقين تحت ثوب واحد)..!!
**
ثم يعترف ويقول:
كم شلع لكيب دوتي وخَرَبْ كجّيرو
كم كسّر نهيداً حالي في عِصّيرو
سري الخاتو عندو حفيظ علي ستّيرو
حربو معاي افضل من "اياتيب" غيرو
"أياتيب" قيل أنها مفردة نوبية بجاوية معناها الأفضال والبر والاحسان..!
ثم
واحدات منهن قالن ولوفنا تراهو
قت ليهن: نعم محسوبكم أياهو
الصبا والجمال لي الدايرو واليبراهو
ترى ها الهرّد قلبو وقسّمها كِلاهو..!
ثم:
زينب في البنات مي داب سماحة زي
شن تشبه بلا اللدتو أمو ودي
فيها تلات خصال قط ما حواهن حي:
الصبا والجمال عُقب اللهيج الني..
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الصلع سر الجاذبية؟ دراسة جديدة تقلب المقاييس وتفاجئ الجميع
شمسان بوست / متابعات:
في وقتٍ لا يزال فيه كثير من الرجال يبحثون عن حلول لمشكلة تساقط الشعر، جاءت دراسة جديدة لتقلب الموازين وتغير المفاهيم السائدة حول مظهر الرجل الأصلع، مؤكدة أن الصلع ليس عيبًا كما يعتقد البعض، بل قد يكون ميزة تجذب الأنظار وتعكس شخصية قوية وواثقة.
الدراسة التي نُشرت نتائجها في صحيفة ديلي ميل البريطانية، أجرتها منظمة Illicit Encounters وشملت 2000 امرأة، كشفت أن الصلع جاء في المرتبة الثانية ضمن قائمة السمات الأكثر جاذبية لدى الرجال، بنسبة وصلت إلى 40%، مباشرة بعد البنية العضلية التي تصدرت القائمة بـ42%.
والمثير أن الصلع تفوّق على ملامح لطالما اعتُبرت من رموز الوسامة، مثل العيون الزرقاء (38%)، اللحية (36%)، الشعر الداكن (31%)، والشعر المجعد (30%). كما أشارت النتائج إلى أن 26% من النساء يفضلن الرجال بعظام خد بارزة، بينما نال الشعر الأشقر 22%، والعيون الخضراء 21%.
وبعيدًا عن الشكل الخارجي، أوضحت الدراسة أن الصلع غالبًا ما يرتبط بصفات داخلية تجعل صاحبه أكثر جاذبية، مثل النضج، الذكاء، والاتزان، وهي خصال تضفي على الرجل حضورًا طاغيًا وثقة لافتة.
وفي هذا السياق، صرحت جيسيكا ليوني، المتحدثة باسم المنظمة: “الجاذبية أمر نسبي، لكن من الواضح أن للصلع مكانة خاصة، فهو ليس مجرد مظهر بل إشارة إلى شخصية قوية قادرة على تقبل ذاتها دون تصنع”.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن الصورة النمطية للرجل الجذاب آخذة في التغير، حيث لم يعد الشعر الكثيف هو المعيار الوحيد للجمال، بل أصبح القبول الذاتي والثقة بالنفس هما الأساس، مما يدعو الكثير من الرجال إلى التوقف عن القلق بشأن مظهرهم الخارجي وتقدير صفاتهم الحقيقية.