«رؤية عمان 2040» .. نحو مجتمع فاعل في القطاع الوقفي
تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT
تسعى سلطنة عمان إلى أن تكون «في مصاف الدول المتقدمة» مع اكتمال سني «رؤية عمان 2040»، الرؤية التي بُنيت أركانُها بمشاركة مجتمعية واسعة، وحُدِّدَت فيها الأولويات الوطنية خلال المرحلة المقبلة، وصيغت فيها التوجهات الاستراتيجية في المجالات الثقافية، والصحية، والتعليمية، والاقتصادية، والاجتماعية وغيرها، كما وضُعِتَ لها مؤشرات الأداء التي يُقاس عليها مدى تحقق تلك الأهداف؛ سعيًا نحو تحقيق «أهداف المستقبل المنشود»، كما جعلت من بين الشركاء المنوط بهم تحقيق الرؤية «مؤسسات المجتمع المدني»، سعيًا نحو تحقيق شراكة فاعلة للمجتمع إلى جانب الحكومة والقطاع الخاص، وهذا ما يستدعي النظر إلى الدور المنظور للوقف كأحد أسس القطاع الثالث، والعمل التطوعي، الذي يعد دعامة مهمة لمؤسسات المجتمع المدني.
لم تتطرق الرؤية صراحة إلى الوقف، أو القطاع الثالث، ذلك لأنها -من وجهة نظري- تشير إلى العموميات، وتترك التفاصيل إلى الخطط التنفيذية لمختلف الجهات والتي تستلهم توجهها من الرؤية التي تعد الإطار العام الموجه للعمل التنموي في سلطنة عمان خلال الفترة المستهدفة في الرؤية، لكن هل يعني ذلك أنها لم تتضمن أي إشارة تبين أهمية وجود هذا القطاع الحيوي في السعي لتحقيق مستهدفات الرؤية؟
مع إمعان النظر في التوجهات الاستراتيجية للرؤية كما وردت في الوثيقة نجد أنها قد فتحت الأبواب مشرعة لدخول الوقف كعنصر فاعل في المجالات التي يرتكز عليها البناء المستقبلي في سلطنة عمان، ففي مجال البحث العلمي والابتكار الذي تسعى الرؤية لإحداث نقلة كمية ونوعية فيه، نجد من المستهدفات في هذا المجال توفير «مصادر تمويل متنوعة ومستدامة للتعليم والبحث العلمي والابتكار»، كما أن من بين المستهدفات في مجال صحة المجتمع إيجاد «مصادر تمويل متنوعة ومستدامة للنظام الصحي»، أما المجال الأقرب لقطاع الوقف وهو المجال الاجتماعي فإن من بين مستهدفات الرؤية «إيجاد البيئة المحفّزة لبرامج المسؤولية الاجتماعية والمساهمات التطوعية الأهلية»، لتحقيق???????????????
إن إيجاد التمويل المتنوع والمستدام للقطاعات المشار إليها في الرؤية يستدعي النظر في الوضع الاقتصادي وقطاعاته القادرة على توفير هذا التمويل، كما أنه يستدعي النظر أيضا في التراث الحضاري للمجتمع، وما يمكن أن يعوَّلُ عليه لإيجاد الحلول المناسبة فيه هذا الجانب، وليس في ثقافة المجتمع وتراثه الحضاري أمر أكثر وضوحا من حل الوقف، ومع أن تلك الإشارات لم تكن تعني الوقف بشكل صريح؛ إلا أنها تلتقي بشكل كبير جدا معه، ذلك لأن الوقف نابع من المسؤولية الاجتماعية بين الأجيال المتعاقبة في المجتمع، كما أنه أساس متين للاستدامة المالية، وهو أحد المصادر القادرة على توفير دخل مستدام لتلك القطاعات المشار إليها، بما يشكل سندًا لجهود الدولة في مسؤوليتها نحو دعم تلك القطاعات، كما أن الوقف مجال رحب جدًا للمشاركة الاجتماعية من قبل الأفراد -على مختلف مستوياتهم المعيشية-، وميدان واسع أمام القطاع الخاص لتحقيق جانب مسؤوليته الاجتماعية من خلال دعم المؤسسات الوقفية العامة، أو تأسيس مؤسسات وقفية خاصة تسهم في جوانب التنمية المختلفة.
وتؤكد الخطوات التي بدأت بعض القطاعات العمل بها الإدراك العميق لفاعلية الوقف في الجانب التنموي، إذ لا يخفى على المتابع للقطاع الوقفي بسلطنة عمان في السنوات الأخيرة، نشاط ملحوظ في التوجه نحو الوقف كأحد الحلول التمويلية المستدامة، فعلى سبيل المثال تشجع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مؤسسات التعليم العالي على تفعيل دور الوقف التعلمي، وبدأت في ذلك بنفسها، فأنشأت المؤسسة الوقفية لدعم التعليم (سراج) التي تهدف إلى إيجاد مصادر متنوعة ومستدامة لدعم التعليم في مستوياته كافة، ودعم المحتاجين من طلبة العلم، كما أن بعض الجامعات قد بدأت بتأسيس مؤسساتها الوقفية مثل جامعة نزوى التي أطلقت مؤسسة معين الوقفية، وفي القطاع الصحي أنشأت وزارة الصحة مؤسسة الصحة الوقفية التي من بين أهدافها تحقيق استدامة الدعم المالي لخدمات الرعاية الصحية.
إن تحقيق مستهدفات «رؤية عمان 2040» في إيجاد مصادر تمويلية متنوعة ومستدامة لعدد من القطاعات التنموية ذات التماس المباشر مع أبناء المجتمع، يتطلب رفع مستوى الثقافة الوقفية في المجتمع، وزيادة الوعي العام بأهمية الوقف في الفترة المقبلة، ودوره الملامس لاحتياجات المجتمع، والعمل على تهيئة البيئة الوقفية المناسبة التي تسهل على الأفراد والمؤسسات على حد سواء الدخول إلى هذا القطاع الحيوي.
____________________
(ملحوظة: العبارات التي بين علامتي تنصيص هي عبارة عن اقتباس من وثيقة «رؤية عمان 2040»)
* باحث في التاريخ الحضاري العُماني عموما، والوقف على وجه الخصوص
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: رؤیة عمان 2040 کما أن من بین
إقرأ أيضاً:
“الهيئة الدولية”: المخدرات في مساعدات الطحين المرسلة لغزة أداة لتفكيك المجتمع الفلسطيني
#سواليف
أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق #الشعب_الفلسطيني “حشد” (مستقلة) ورقة موقف جديدة بعنوان: ” #المخدرات في #أكياس_الطحين: أداة لتفكيك المجتمع الفلسطيني”، كشفت فيها عن معلومات صادمة تتعلق بوجود كميات من المواد المخدرة داخل شحنات طحين وصلت إلى قطاع #غزة على شكل مساعدات إنسانية، عبر مؤسسة أمريكية.
وتُحذر الورقة، التي نُشرت على موقع الهيئة اليوم الاثنين، من التداعيات الاجتماعية والنفسية الخطيرة لهذه الواقعة، مؤكدة أن “مثل هذه الأفعال تشكل تهديداً مباشراً لنسيج المجتمع الفلسطيني، وتزيد من حدة معاناته في ظل استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي والحصار الخانق المفروض على القطاع”.
وأشارت إلى أن “هذه الواقعة تمثل محاولة ممنهجة لتفكيك المجتمع الفلسطيني من الداخل، عبر استغلال الحاجات الإنسانية الأساسية كغطاء لإدخال مواد ضارة تهدد الأمن المجتمعي والصحة العامة”.
مقالات ذات صلةودعت “حشد” الجهات الدولية والحقوقية إلى “فتح تحقيق عاجل وشفاف حول الحادثة، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في هذه الجريمة، إلى جانب تعزيز الرقابة على المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى القطاع”.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي بغزة قد أكّد وجود أقراص مخدرة داخل أكياس الطحين التي وصلت للغزيين من مراكز المساعدات التي تشرف عليها الولايات المتحدة وقوات الاحتلال.
وأكد المكتب توثيق 4 إفادات لفلسطينيين عثروا على أقراص مخدرة من نوع “Oxycodone” داخل أكياس طحين قادمة من “مصائد الموت” المعروفة بمراكز “المساعدات الأميركية (الإسرائيلية)”.
وأوضح أن “وجود أقراص مخدرة بأكياس الطحين جريمة بشعة تستهدف صحة المدنيين والنسيج المجتمعي”.
وحمل المكتب الفلسطيني جيش الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة الهادفة لنشر الإدمان و #تدمير #النسيج_المجتمعي_الفلسطيني من الداخل.
ودعا الفلسطينيين إلى الحذر وتفتيش المواد الغذائية القادمة من هذه المراكز المشبوهة، والتبليغ الفوري عن أي مواد غريبة.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، والذي أدى إلى استشهاد نحو 60 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 145 ألفاً، بالإضافة إلى تشريد سكان القطاع بالكامل وتدمير واسع النطاق، وصِف بأنه غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب تقارير فلسطينية ودولية.