موقع النيلين:
2025-06-24@17:30:46 GMT

لعلّكم تتقون

تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT


لم يشرع الله عز وجل أمرًا إلا وفيه صالح العباد، علم من علم وجهل من جهل، ولو علموا غاية العبادة لازدادوا لله شكرًا، فهو سبحانه وتعالى يريد بهذه العبادة أن يرقيهم ويقربهم، ويقوي لديهم الضمير الإيماني، لتتحقق فيهم التقوى، فيصيروا أبعد عن سخط الله، فما التقوى إلا أن يجعل العبد بينه وبين ربه وقاية من العمل الصالح تقيه من عذابه.

وكما أن الله تعالى بين الحكمة والغاية من تشريع النحر {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ))[الحج:37]، بيّن الحق عز وجل تلك الغاية من افتراض صيام رمضان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:183].

فكيف لله الحكيم الذي لا تنفك الحكمة عن أفعاله أن يشرع للناس جوعًا وعطشًا وحرمانًا لا غاية له؟ فالله عز وجل يريد أن يهذب نفوس عباده ويرقيهم في منازل عبوديته، فما تقرقر البطن من الجوع ويبس الحلق من الظمأ في رمضان إلا سبيل التقوى.

وقد يستبد الجوع بي ويهدني ظمأ ويخفت في حياتي كفاح

لكن تقوى الله تحفز همتي ويشد من أزري لديك صلاح

تحصل التقوى بالصيام عندما يدع العبد شهواته مختارًا، فقد ركب فيه الميل للشهوة، فكان الصيام ارتقاءً بالعبد حتى لا يميل إلى طباعه، بل هو في ذلك يتشبه بالملائكة الكرام الذين خلا تكوين خلقتهم من الشهوات.

ذلك التحكم بالنفس تدريب عملي خلال الشهر على مخالفة الهوى وهو أمرٌ رتّب الله عليه دخول الجنة {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى } [النازعات: 40-41]. وهذا هو لُبّ التقوى.

وتحصل التقوى بالصيام لأنه يدعم مقام المراقبة، فالصيام ليس كسائر العبادات التي يطلع عليها الناس كالصلاة والحج مثلًا، بل هو سرٌ بين العبد وربه، ففي نهار رمضان لا تستطيع التمييز بين العباد من منهم صائم، ومن منهم مفطر، لذلك نسبه الله تعالى إلى نفسه في الحديث القدسي المتفق عليه (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ)، ويستنبط القرطبي رحمه الله الحكمة من هذه النسبة فيقول “لما كانت الأعمال يدخلها الرياء، والصوم لا يطلع عليه بمجرد فعله إلا الله، فأضافه الله إلى نفسه”.

فما من شيء يمنع العبد من تناول طعامه وشرابه خلسة إلا المراقبة وعلمِه أن الله تعالى يرى مكانه ويعلم حاله:

إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفي عليه يغيب

فصيام شهر على هذا النحو، يقوي جانب المراقبة لدى العبد فيعتاد مراقبة الله في جميع شؤونه وتلك هي التقوى.

وتحصل التقوى بالصيام عندما يتذوق المسلم طعم الجوع والعطش، فيتذكر أن من العباد من لا يفارقهم ذلك طيلة العام وليس شهرًا واحدًا، فمن ثم يرقّ القلب الذي هو محل التقوى، وتلك حقيقة لا تحتاج إلى كثير فقه لإدراكها بقدر ما تحتاج إلى تأمّل ونظر، فشاعرٌ وأديب مثل أحمد شوقي الذي لم يكن من العلماء والفقهاء، أدرك هذه الحقيقة فقال في “أسواق الذهب” عن الصيام: “حرمان مشروع وتأديب بالجوع وخشوع وخضوع، ظاهره المشقة، وباطنه الرحمة، يستثير الشفقة ويحض على الصدقة، يكسر الكبر، ويعلم الصبر، حتى إذا جاع من تعود الشبع، وحرم المترف ألوان المتع، عرف الحرمان كيف يقع، وألم الجوع إذا لذع”.

تلك هي الغاية من فرض الصيام الذي في ظاهره جوع وعطش، فتلك الجوائز العظيمة من العتق ومغفرة الذنوب لا تترتب على مجرد الامتناع عن الشهوات المباحة في غير رمضان دون أن يكون لها رصيد من الترجمة الواقعية لآداب العبودية، ولذا يحذر العبد أن يقع تحت طائلة الحديث النبوي الذي رواه أحمد في مسنده (رب صائم حظه من طعامه الجوع والعطش).

إذا لم يكن في السمع مني تصامم وفي العين غض وفي منطقي صمتُ

فحظي إذًا من صومي الجوع والظمأ فإن قلت إني صمت يومي فما صمت ُ.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

إحسان الفقيه – الشرق القطرية

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

ياسمينا العبد تحصد تكريمًا جديدًا من المركز الكاثوليكي عن دورها في "لام شمسية"

حصدت الفنانة الشابة ياسمينا العبد تكريمًا مميزًا من المركز الكاثوليكي المصري للسينما، عن أدائها اللافت في مسلسل "لام شمسية"، وجاء هذا التكريم ضمن فعاليات الاحتفاء بأبرز الأعمال الدرامية الهادفة التي قُدّمت خلال الموسم الماضي، ليؤكد مرة جديدة على صعود نجم ياسمينا في سماء الفن المصري والعربي.

تقدير مستحق لمسيرة متصاعدة

 

جاء تكريم ياسمينا العبد تتويجًا لمسيرة قصيرة نسبيًا ولكنها مليئة بالنجاحات والأدوار المؤثرة، فقد استطاعت خلال سنوات قليلة أن تثبت جدارتها وتفرض اسمها بقوة وسط جيل كبير من الفنانين الشباب، وذلك من خلال اختياراتها الدقيقة لأدوار ذات طابع إنساني ورسائل مجتمعية مهمة.

حضورها يلفت الأنظار في ندوة المركز الكاثوليكي

 

شهد حفل التكريم حضور عدد من النجوم وصنّاع الدراما، وسط أجواء احتفالية حرصت على تكريم الأعمال التي تواكب القيم الأخلاقية والإنسانية.

 

وعبّرت ياسمينا العبد عن سعادتها البالغة بهذا التقدير، مشيرة إلى أن الجائزة تمثل حافزًا كبيرًا لها للاستمرار في تقديم أدوار ذات مضمون هادف ومسؤولية فنية.

إشادة من النقاد والمهتمين بالشأن الفني

 

لاقى تكريم ياسمينا العبد تفاعلًا واسعًا من قبل النقاد، حيث أثنوا على قدرتها على أداء أدوار مركبة رغم صغر سنها، مشيرين إلى أن هذا النوع من التكريمات يعبّر عن وعي فني داخل المؤسسات الثقافية التي باتت تركز على المضامين إلى جانب الأسماء.

 

وأكد بعض المتابعين أن التكريم جاء في محله، خاصة أن دورها في "لام شمسية" أثّر في شريحة كبيرة من الجمهور.

التزام بالأدوار الهادفة ورسالة فنية واضحة

 

يُعد تكريم المركز الكاثوليكي لياسمينا دليلًا على احترامها لقيم الفن الهادف فرغم الفرص المتاحة في مجالات مختلفة من الدراما، إلا أن اختياراتها تميل إلى الأدوار التي تفتح نقاشًا مجتمعيًا وتلامس القضايا الحساسة من منطلق مسؤولية فنية وإنسانية. 

 

وهو ما انعكس بوضوح في مشاركتها بمسلسل "لام شمسية"، والذي تناول قضايا اجتماعية جريئة بأسلوب درامي راقٍ.

مقالات مشابهة

  • بيان صادر عن تكتل قبائل بكيل بشأن القصف الذي استهدف قاعدة العديد في دولة قطر الشقيقة
  • بيان ملتقى مشايخ ووجهاء اليمن بشأن القصف الإيراني الذي طال دولة قطر
  • “الأحرار الفلسطينية”: مجازر توزيع المساعدات جريمة حرب مركبة بشراكة أمريكية وصمت دولي
  • أذكار الصباح مكتوبة.. حصن المسلم الذي يحفظه من الشرور
  • ياسمينا العبد تحصد تكريمًا جديدًا من المركز الكاثوليكي عن دورها في "لام شمسية"
  • صورة تشرح الواقع.. استشهد جائعا يبحث عن لقمة حياة بغزة
  • وزيرة الشؤون الاجتماعية في سوريا: العمل الجبان الذي استهدف مصلّين داخل بيت من بيوت الله هو اعتداء على جميع السوريين
  • رمضان عبد المعز: هذا العمل مفتاح الطمأنينة في ختام العام الهجري
  • ياسمينا العبد تعبر عن سعادتها بتكريمها من المركز الكاثوليكي
  • من هو سعيد إيزادي الذي أعلن الاحتلال الإسرائيلي اغتياله في طهران؟