موقع النيلين:
2025-05-10@05:06:39 GMT

لعلّكم تتقون

تاريخ النشر: 16th, March 2024 GMT


لم يشرع الله عز وجل أمرًا إلا وفيه صالح العباد، علم من علم وجهل من جهل، ولو علموا غاية العبادة لازدادوا لله شكرًا، فهو سبحانه وتعالى يريد بهذه العبادة أن يرقيهم ويقربهم، ويقوي لديهم الضمير الإيماني، لتتحقق فيهم التقوى، فيصيروا أبعد عن سخط الله، فما التقوى إلا أن يجعل العبد بينه وبين ربه وقاية من العمل الصالح تقيه من عذابه.

وكما أن الله تعالى بين الحكمة والغاية من تشريع النحر {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ))[الحج:37]، بيّن الحق عز وجل تلك الغاية من افتراض صيام رمضان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:183].

فكيف لله الحكيم الذي لا تنفك الحكمة عن أفعاله أن يشرع للناس جوعًا وعطشًا وحرمانًا لا غاية له؟ فالله عز وجل يريد أن يهذب نفوس عباده ويرقيهم في منازل عبوديته، فما تقرقر البطن من الجوع ويبس الحلق من الظمأ في رمضان إلا سبيل التقوى.

وقد يستبد الجوع بي ويهدني ظمأ ويخفت في حياتي كفاح

لكن تقوى الله تحفز همتي ويشد من أزري لديك صلاح

تحصل التقوى بالصيام عندما يدع العبد شهواته مختارًا، فقد ركب فيه الميل للشهوة، فكان الصيام ارتقاءً بالعبد حتى لا يميل إلى طباعه، بل هو في ذلك يتشبه بالملائكة الكرام الذين خلا تكوين خلقتهم من الشهوات.

ذلك التحكم بالنفس تدريب عملي خلال الشهر على مخالفة الهوى وهو أمرٌ رتّب الله عليه دخول الجنة {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى } [النازعات: 40-41]. وهذا هو لُبّ التقوى.

وتحصل التقوى بالصيام لأنه يدعم مقام المراقبة، فالصيام ليس كسائر العبادات التي يطلع عليها الناس كالصلاة والحج مثلًا، بل هو سرٌ بين العبد وربه، ففي نهار رمضان لا تستطيع التمييز بين العباد من منهم صائم، ومن منهم مفطر، لذلك نسبه الله تعالى إلى نفسه في الحديث القدسي المتفق عليه (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ)، ويستنبط القرطبي رحمه الله الحكمة من هذه النسبة فيقول “لما كانت الأعمال يدخلها الرياء، والصوم لا يطلع عليه بمجرد فعله إلا الله، فأضافه الله إلى نفسه”.

فما من شيء يمنع العبد من تناول طعامه وشرابه خلسة إلا المراقبة وعلمِه أن الله تعالى يرى مكانه ويعلم حاله:

إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفي عليه يغيب

فصيام شهر على هذا النحو، يقوي جانب المراقبة لدى العبد فيعتاد مراقبة الله في جميع شؤونه وتلك هي التقوى.

وتحصل التقوى بالصيام عندما يتذوق المسلم طعم الجوع والعطش، فيتذكر أن من العباد من لا يفارقهم ذلك طيلة العام وليس شهرًا واحدًا، فمن ثم يرقّ القلب الذي هو محل التقوى، وتلك حقيقة لا تحتاج إلى كثير فقه لإدراكها بقدر ما تحتاج إلى تأمّل ونظر، فشاعرٌ وأديب مثل أحمد شوقي الذي لم يكن من العلماء والفقهاء، أدرك هذه الحقيقة فقال في “أسواق الذهب” عن الصيام: “حرمان مشروع وتأديب بالجوع وخشوع وخضوع، ظاهره المشقة، وباطنه الرحمة، يستثير الشفقة ويحض على الصدقة، يكسر الكبر، ويعلم الصبر، حتى إذا جاع من تعود الشبع، وحرم المترف ألوان المتع، عرف الحرمان كيف يقع، وألم الجوع إذا لذع”.

تلك هي الغاية من فرض الصيام الذي في ظاهره جوع وعطش، فتلك الجوائز العظيمة من العتق ومغفرة الذنوب لا تترتب على مجرد الامتناع عن الشهوات المباحة في غير رمضان دون أن يكون لها رصيد من الترجمة الواقعية لآداب العبودية، ولذا يحذر العبد أن يقع تحت طائلة الحديث النبوي الذي رواه أحمد في مسنده (رب صائم حظه من طعامه الجوع والعطش).

إذا لم يكن في السمع مني تصامم وفي العين غض وفي منطقي صمتُ

فحظي إذًا من صومي الجوع والظمأ فإن قلت إني صمت يومي فما صمت ُ.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

إحسان الفقيه – الشرق القطرية

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الإمارات تواصل جهودها الإنسانية لمواجهة الجوع في غزة

غزة، العريش (الاتحاد، وام) 

أخبار ذات صلة محمد بن راشد: «طيران الإمارات» جسر تنموي ينقلنا نحو المستقبل الإمارات تتصدر عربياً في التنمية البشرية

تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة، ضمن عملية «الفارس الشهم 3»، تقديم دعمها الإنساني لأهالي غزة في مختلف مناطق القطاع، وسط ظروف إنسانية غاية في الصعوبة مع استمرار إغلاق المعابر وتعثر وصول المساعدات الإنسانية.
وتواصل عملية «الفارس الشهم 3» دعم تكيات الطعام في مخيمات النزوح جنوب غزة، لمواجهة الجوع المتفشي.
وتأتي هذه الجهود الإنسانية، في لحظة بالغة الخطورة، إذ يواجه أهالي غزة خطر المجاعة نتيجة النقص الحاد في الغذاء والاحتياجات الأساسية.
وأكدت عملية «الفارس الشهم 3» أن هذا التحرك يأتي في إطار التزام دولة الإمارات الثابت بمساندة الشعب الفلسطيني، ودعم الجهود الإنسانية الرامية إلى التخفيف من معاناة سكان القطاع في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية.
وتواصل مبادرات الإمارات تنفيذ برامجها الإغاثية الشاملة، بما يشمل توفير المواد الغذائية والمياه والرعاية الصحية، لضمان وصول الدعم إلى أكبر شريحة من الأسر المحتاجة في المناطق المتضررة.
ووقّعت عملية «الفارس الشهم 3» مؤخراً مذكرة تفاهم مع مصلحة مياه بلديات الساحل لتنفيذ مشروع حفر وتجهيز آبار مياه صالحة للاستخدام في غزة، ضمن جهود تحسين البنية التحتية وتوفير المياه في القطاع في ظل الأزمة الخانقة والصعوبات التي يواجهها السكان.
ويهدف المشروع إلى توفير مياه للسكان في مختلف المناطق، بما يسهم في تخفيف حدة أزمة المياه التي يعاني منها السكان، حيث تشمل هذه المرحلة حفر آبار متطورة ذات قدرة إنتاجية عالية، بعد مرحلتين سابقتين، الأولى اعتمدت على تعزيز خطوط المياه القادمة من الجانب المصري عبر الخط الناقل باتجاه مدينة رفح، والثانية ركّزت على حفر آبار بدائية بنظام «النزّاز».
وأغلقت عشرات المطابخ الخيرية في قطاع غزة أبوابها أمس، بسبب نقص الإمدادات مما أدى إلى قطع شريان الحياة عن مئات الآلاف من الأشخاص في انتكاسة أخرى للجهود المبذولة لمكافحة الجوع المتزايد في القطاع.
إلى ذلك، زار وفد سنغافوري رفيع المستوى المستشفى الإماراتي العائم بمدينة العريش، حيث قام بجولة شاملة في أقسام المستشفى المختلفة واطّلع على الخدمات الطبية والإنسانية التي يقدمها للمرضى القادمين من قطاع غزة.
وخلال الزيارة، التقى أعضاء الوفد بعدد من المرضى الفلسطينيين الذين يتلقون العلاج في المستشفى، واستمعوا إلى تجاربهم حول مستوى الرعاية الصحية والدعم الإنساني الذي يتلقونه من الطواقم الطبية الإماراتية.
وأعرب جاستين لي، رئيس الوفد، عن إعجابه الشديد بإدارة المستشفى وكفاءة العاملين فيه، مشيداً بجودة الرعاية الصحية المقدمة.
وتأتي هذه الزيارة في إطار التعاون الدولي والجهود المشتركة لدعم القطاع الصحي الإنساني في المناطق المتضررة، وتعكس تقدير المجتمع الدولي للدور الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في تقديم المساعدات الطبية والإغاثية. ويُعد المستشفى الإماراتي العائم أحد أبرز المبادرات الإنسانية لدولة الإمارات ضمن عملية «الفارس الشهم 3»، حيث تم تدشينه في 23 فبراير 2024 لتقديم خدمات صحية متكاملة لمصابي قطاع غزة.
ويضم المستشفى 100 سرير للمرضى، و100 سرير للمرافقين، وغرف عمليات مجهزة بأحدث التقنيات، إلى جانب وحدات عناية مركزة وأقسام للأشعة والمختبرات، حيث تم تقديم العلاج لأكثر من 10 آلاف مريض فلسطيني.
وتؤكد هذه المبادرة حرص دولة الإمارات على ترسيخ نهجها الإنساني في مد يد العون إلى الشعوب المتضررة، وتعزيز شراكاتها الدولية لتوفير الإغاثة والدعم الطبي العاجل في أوقات الأزمات.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الجوع في غزة بشكل متسارع
  • العلامة فضل الله: نجدّد دعوة الدولة إلى تفعيل دورها الذي أخذته على عاتقها على الصّعيد الديبلوماسي
  • الأمم المتحدة تحذّر من تفاقم الجوع في غزة بشكل متسارع
  • الإمارات تواصل جهودها الإنسانية لمواجهة الجوع في غزة
  • ياسمينا العبد عن مشاركتها بمسلسل موضوع عائلي 3: أول مرة أقدم دور فتاة شعبية وكنت متوترة
  • ياسمينا العبد تكشف حقيقة تحرش وسام بـ زينة في «لام شمسية»
  • غزة في المرحلة الخامسة.. كارثة المجاعة
  • الليلة.. ياسمينا العبد في ضيافة "الراديو بيضحك" مع فاطمة مصطفى
  • ما الذي يقوله الشعراء؟
  • بالأسود.. هند صبري تتألق بأحدث ظهور لها