لندن-راي اليوم “نموذج جديد من الحكم، وتحول في السياسة الإسرائيلية”… هكذا علق مراقبون على إقرار الكنيست الإسرائيلي للتعديلات القضائية، على الرغم من تزايد التظاهرات والاحتجاجات، بحسب سبوتنيك. وصادق الكنيسيت الإسرائيلي، أمس الاثنين، على قانون التعديلات القضائية المثير للجدل، الذي يهدف إلى الحد من صلاحيات المحكمة العليا التي تمكنها من إلغاء قرارات حكومية.

وأيد النص 64 نائبا من الائتلاف الحكومي اليميني المتشدد الحاكم برئاسة، بنيامين نتنياهو، من أصل 120 نائبا في البرلمان، بينما قاطع نواب المعارضة عملية التصويت. وطرح البعض تساؤلات بشأن التداعيات الخطيرة المتوقعة جراء هذه الخطوة، وإمكانية أن تقود التظاهرات والاحتجاجات إلى مرحلة جديدة من العنف أو الحرب الأهلية، وسط توقعات بزيادة الانقسام داخل الجيش والمجتمع الإسرائيلي. نموذج جديد من الحكم اعتبر نبيه عواضة، الخبير اللبناني في الشؤون الإسرائيلية، أن إقرار الكنيست للتعديلات القضائية رغم الاحتجاجات والتظاهرات، يضع الإسرائيليين أمام نموذج مختلف من الحكم داخل إسرائيل، فالتوازن الذي كان قائما بين السلطات، والمتمثل بضبط الإيقاع عبر “المعقولية” سقط عمليا، بحسب قوله. وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، فإن إسرائيل الآن أمام نمط مختلف من الحكم، إذ كانت “حجة المعقولية” ركيزة أساسية في القانون الإداري العام في الداخل، لوضع قيود أمام ما يمكن تسميته بـ”الاستقلالية التامة للسلطات وعمل الأشخاص المعنويين أثناء ممارستهم للسلطة”. وأوضح عواضة أن السلطة التشريعية باتت حرة في إقرار القوانين وفق أغلبية “اللحظة” السياسية، وبالتالي صار كل دورة انتخابية أدخل الكنيست لها قوانينها الخاصة وفق الأغلبية التي تشكلها، وهو ما سيؤثر على مسيرة الحكم، إذ تسعى كل فئة أو تحالف انتخابي للوصول إلى غاية الحكم، وليس الحكم بحد ذاته، ولا شك أن هذا الأمر سوف يفتح الباب أمام المزيد من التعديلات وإقرار القوانين، وصولا إلى إقرار تعديلات حتى في نظام الانتخاب، على حد قوله. وتابع الخبير اللبناني: “الحكومة الإسرائيلية صارت طليقة اليدين في اتخاذ القرارات والتعيينات الخاصة بالوزراء والمستشارين القانونيين، ولجنة القضاة، دون الخوف من تبعات الطعن لدى المحكمة العليا”. ويرى نبيه عواضة، أن إسرائيل أمام بداية مسار لأزمة من نوع مخلتف، إذ يسعى الائتلاف الحاكم لمنع المعارضة من الوصول إلى الحكم بكافة الطرق، وبالتالي سوف يشتد الخلاف السياسي ويتخذ أشكالا مختلفة، ولا يمكن استبعاد الوصول إلى حد الصدام الأهلي، بيد أن لا وجود لعناصر كافية من أجل اندلاع حرب أهلية، حسب قوله. وأشار عواضة إلى أن “القبائل الإسرائيلية – كما وصفها الرئيس الإسرائيلي – ذاهبة باتجاه المزيد من التكتل والتعصب، فالحراديم سوف يراهنون على كسب المزيد من الإنجازات لصالح تحولهم إلى كانتون مستقل أشبه بالحكم الذاتي، من خلال التعامل معهم وحفظ خصوصيتهم، الأمر الذي يزيد من حجم خلافهم وتمايزهم مع بقية المكونات، وبالتحديد مع العلمانيين وهم “قبيلة ثانية” ستفقد مع الوقت حريتها ومبرر وجودها أمام تكتل ديني قومي متعصب متطرف يرفض الآخر”. وتابع الخبير اللبناني: “هؤلاء العلمانيون، هم عصب الدولة والجيش، وبالتالي سيبدو المشهد شديد التعقيد لحد حدوث شرخ هائل في المجتمع سينعكس مباشرة على الجيش، الذي سوف تنتهي وظيفته كجيش الشعب كما أراده بن غوريون”. واستطرد، قائلا: “والقوميون الدينيون المتطرفون سوف يمعنون في سياساتهم والتي تستهدف عنصرين أولهما هو الأرض الفلسطينية من خلال زيادة الاستيطان وتشريع البؤر الاستيطانية وهو ما يوضحه أداء سموتريتش، بينما العنصر الثاني هو الإنسان الفلسطيني وما يعلنه صراحة بن غفير من توجهات كالإبعاد والطرد وسحب الجنسية وغيرها، وهذان العنصران هما الأكثر تضررا في موضوع إلغاء حجة المعقولية، حيث ستظهر في السياسات الحكومية ضد الفلسطيني أرضا وإنسانا دون إيجاد رادع”. وفيما يتعلق بالسنياريوهات المقبلة، توقع نبيه عواضة، أن تتصدر التظاهرات المشهد المقبل في إسرائيل، مع زيادة رقعتها وحدة المواجهات، وكذلك تنامي طلبات الخروج من الجيش وصولا إلى سحب الأمر على قطاعات اقتصادية مهمة، بحسب قوله. وتابع: “أما إذا أقدمت المحكمة العليا على إبطال القرار الأخير للكنيست فسوف تكون إسرائيل أمام أزمة دستورية، إضافة إلى الأزمة السياسية، وأزمة الحكم القائمة حاليا”. ويعتقد الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن “أمام هذا المشهد سيكون الكيان أمام مشكلة في علاقاته الخارجية “واحة الديمقراطية ” في الشرق كما روج لها الغرب أصبحت أكثر ديكتاتورية وتطرفا وتعصب، لذلك سوف تخرج الأزمة من كونها محلية إلى أزمة في العلاقات الدولية لإسرائيل”. صيغة جديدة بدوره اعتبر، أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري، والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن نتنياهو استفز المعسكر المناوئ له، واستطاع أن يسهم في حشد أعداد أكبر ضد نفسه، من قطاعات عديدة داخل إسرائيل، ترفض ما يسميه هو بالتعديلات والإصلاحات القضائية، بينما يراه القطاع الآخر انقلابا على القضاء والمحاكم وديكتاتورية، حسب قوله. وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، فإن المحكمة العليا تنظر التماسات لإلغاء القانون، وإذا ما حدث ذلك ستدخل إسرائيل في دائرة مفرغة، فالكنيست يدخل حاليا إلى العطلة الصيفية 3 أشهر، لكن الصدام مستمر بين المعسكرين، على حد قوله. وتابع: “بكل تأكيد سيلوح نتنياهو إلى المعارضين بأنه لا مانع لديه من التفاوض حول إعادة صياغة هذا القانون، لكنه بالطبع سيقوم بذلك من منطق قوة لأن القانون صدر بالفعل، وبسبب غياب الكنيست كي يعدل ما يتم التوافق عليه”. وأوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي أن نتنياهو يستثمر عطلة الكنيست، إذ أن 3 أشهر من الهدوء داخل الائتلاف الذي كان من الممكن أن يتفكك إذا قدم تنازلات للشارع أو للمعارضة، لكن هذا الهدف تحقق بثمن باهظ ليس فقط لناحية المس بشعبية حزب الليكود والائتلاف الحاكم، بل لجهة المس بمكانة جيش الاحتلال داخل المجتمع الإسرائيلي وبث الانقسام داخله، وإحداث شرخ عميق داخل المجتمع الإسرائيلي من الصعب رأبه أو تجاوزه في المدى المنظور، بحسب تعبيره. وعن السيناريوهات المتوقعة، قال فؤاد أنور إن “الإدارة الأمريكية قد يكون في جعبتها حلول ليست خشنة لكنها مؤلمة للجانب الإسرائيلي والائتلاف الذي يقوده نتنياهو، متمثلة في حجب الفيتو عن أي قرارات في مجلس الأمن، والامتناع عن التصويت، وكذلك بعض القرارات الاقتصادية الخاصة بضمانات القروض وما شابه، وتعزيز الاتصالات بالمعارضة واستقبالها بحفاوة في البيت الأبيض، والتواصل مع الرئيس الإسرائيلي، وهو نوع من التأكيد على أن الجانب الأمريكي لا يرى غضاضة في التفاوض أو التواصل مع شخصيات أخرى بديلة لنتنياهو”. وفي 11يوليو/ تموز الجاري، أقر الكنيست بالقراءة الأولى لمشروع قانون “الحد من المعقولية”، ما دفع عشرات الآلاف من الإسرائيليين للنزول إلى الشوارع وإغلاق طرق رئيسية والتظاهر داخل مطار بن غوريون في تل أبيب، قبل أن تخرجهم الشرطة بالقوة. ويدافع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، والائتلاف القومي الديني الذي يتزعمه، عن مشروع القانون الخاص بالتغييرات القضائية، ويزعم أن الهدف منه هو تحقيق التوازن بين السلطات والحد من تدخل المحكمة في السياسة، بينما يقول المعارضون إن المحكمة العليا تقوم بدور حاسم في حماية الحياة المدنية وحقوق المواطنين. وتشهد إسرائيل سلسلة من الاحتجاجات المستمرة منذ 28 أسبوعا في جميع أنحاء البلاد. وتجري الاحتجاجات بشكل متواصل، خلال الأيام القليلة الماضية، وكثيرا ما يلجأ رجال الشرطة إلى استخدام خراطيم المياه واعتقال النشطاء لخرق النظام العام.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: المحکمة العلیا من الحکم

إقرأ أيضاً:

ما هو أسبوع تساقط الفانتوم الإسرائيلي الذي تحتفل به مصر؟

مصر – احتفلت القوات المسلحة المصرية يوم 30 يونيو بعيد قوات الدفاع الجوي والذي يواكب ذكرى بناء حائط الصواريخ عام 1970 ومفاجأة الطيران الإسرائيلي وصولا إلى “أسبوع تساقط الفانتوم”.

وفي نهاية الستينيات بدأت مصر في إعادة بناء قواتها المسلحة، ولمواجهة الطيران الإسرائيلي، أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، في 1 فبراير 1968، قرارا جمهوريا رقم 199 بإنشاء قوات الدفاع الجوي لتمثل القوة الرابعة للقوات المسلحة، واتجهت قيادة الجيش إلى بناء حائط الصواريخ بالقرب من الضفة الغربية لقناة السويس، للحد من ضغط الهجمات الجوية الإسرائيلية المتواصلة بأحدث الطائرات في ذلك الوقت “فانتوم” و”سكاي هوك”.

ومع اكتمال حائط الصواريخ في 30 يونيو 1970، بدأ اصطياد الطائرات الإسرائيلية التي فاجأتها الصواريخ المصرية على امتداد جبهة القناة،

وتمكنت قوات الدفاع الجوي في مطلع شهر يوليو عام 1970 من إسقاط العديد من الطائرات الإسرائيلية منها طائرتان من طراز “فانتوم” وطائرتان “سكاي هوك”، وتم أسر 3 طيارين إسرائيليين، وكانت هذه أول مرة تسقط فيها طائرة فانتوم.

وتوالى بعد ذلك سقوط الطائرات حتى وصل عددها إلى 12 طائرة بنهاية الأسبوع، وهو ما أطلق عليه أسبوع تساقط الفانتوم، معلنة مولد القوة الرابعة قوات الدفاع الجوي، كخط الدفاع الحاسم عن سماء مصر وسيادتها.

ويُنظر ليوم 30 يونيو عام 1970، بأنه البداية الحقيقية لاسترداد الكرامة وإقامة حائط الصواريخ الذي منع اقتراب طائرات العدو من سماء الجبهة فاتخذت قوات الدفاع الجوي هذا اليوم عيدا لها.

وقال الفريق ياسر الطودي، قائد قوات الدفاع الجوي المصرية، إن اختيار يوم 30 يونيو عيدًا سنويا “هو تتويج ليوم مجيد في تاريخ العسكرية المصرية في عام 1970، حين نجح رجال الدفاع الجوي في إحداث خسائر فادحة في طائرات العدو الحديثة مثل الفانتوم والسكاي هوك، وأسر طياريها لأول مرة”.

وأضاف خلال لقاء تلفزيوني أن “رجال الدفاع الجوي خاضت رحلة طويلة من العمل والكفاح تحت ضغط هجمات العدو الجوي المتواصلة خلال حرب الاستنزاف، وذلك بعد صدور القرار الجمهوري بإنشاء القوات في فبراير 1968”.

ونوه بأن “تحقق هذا الإنجاز بعد عامين فقط من إنشاء القوات الجوية، وتوالي إسقاط طائرات الفانتوم فيما أُطلق عليه أسبوع تساقط الفانتوم؛ لتتخذ بعدها قوات الدفاع الجوي من التاريخ عيدا لها”.

وأضاف أن كتائب حائط الصواريخ نجحت في الفترة من أبريل إلى أغسطس 1970 في منع الطائرات الإسرائيلية من الاقتراب من قناة السويس، وإجبار العدو على قبول مبادرة روجرز لوقف إطلاق النار.

وأكد أن “الدفاع الجوي بذلك سطر أروع الصفحات ووضع اللبنة الأولى في صرح الانتصار العظيم الذي تحقق في حرب أكتوبر 1973″، موضحا أن فترة وقف إطلاق النار أتاحت للقوات المسلحة فترة مهمة للإعداد والتجهيز لمعركة العبور واستعادة الأرض.

وأشار إلى استغلال فترة وقف إطلاق النار في استكمال تسليح القوات بأحدث المنظومات السوفيتية وقتها مثل “سام 3 وسام 6 وصواريخ شيلكا”، ورفع الاستعداد القتالي إلى أعلى درجاته، مضيفا أن أولى ثمار هذه الجاهزية تمثلت في إسقاط طائرة الاستطلاع الإلكترونية “ستراتوكروزر” في سبتمبر 1971.

المصدر: RT + وسائل إعلام مصرية

مقالات مشابهة

  • نتنياهو والقبول بوقف القتال.. ما الذي تغير؟
  • كوليبالي ينتقد التحكيم: الحكم يتعامل بتمييز مع الخصم
  • سعد آل مغني: الحكم أخرج ممثل الوطن من مونديال الأندية
  • ضم الضفة .. متطرفون ورئيس الكنيست يطالبون نتنياهو بالتنفيذ
  • قيادي بفتح: اقتراب الإعلان عن هدنة محتملة بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي
  • السبت.. الدستورية تفصل بعدم دستورية تحصيل الرسوم القضائية على الحكم الابتدائى
  • بونو «جدار كازابلانكا».. لا يوجد ما يمكن قوله أكثر من ذلك
  • ما هو أسبوع تساقط الفانتوم الإسرائيلي الذي تحتفل به مصر؟
  • مشهد غريب في أضنة… ما الذي يربطه الطهاة على أجسادهم تحت لهيب الصيف؟
  • سيناريوهات تنتظر سفاح المعمورة فى جلسة الحكم بعد إحالة أوراقه للمفتى