كتاب الاستقامة.. سِفْر الحُجّة والتأريخ
تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT
أبو سعيد محمد بن سعيد الكُدَمي عالمٌ محقق وفقيه مدقق من أهل القرن الرابع الهجري، تتلمذ على يد محمد بن روح بن عربي، ورمشقي بن راشد، وأبي الحسن محمد بن الحسن، وترك آثارا عديدة أشهرها كتاباه (الاستقامة) و(المعتبر)، وتعليقه على كتاب الإشراف لابن المنذر النيسابوري (ت:318هـ)، وله آثار وأجوبة كثيرة جُمِعت في أكثر من مجموع.
أَلا إن هذا السِّفر قد طابق اسمهُ ** مُسَمّاهُ مَن سَمّاه لله فهمُهُ
هو العيلم البحر العظمظم مالَه ** مدى الدهر قعرٌ يبلغ الناسَ علمُهُ
ألا فالتقط من سيفه دُرَّ لفظه ** فسيف أوالٍ دُرُّه ذا يذمُّهُ
ثم قال: «هذا وإن الكتاب لا شك فيه ولا ارتياب، إنه في الأصل صحيح المعاني، محكم الأصول والمباني، المؤسسة على مقتضى القرآن والسبع المثاني، لأن ما بعد التنزيل من العلم تفسير له وتأويل، لكن بعض النُّسَخ لا يخلو من التصحيف والتحريف، فما وُجِد فيه من ذلك فهو محمول على المُصَحِّف والمُحَرِّف، لا على المؤلِّف والمصنِّف».
وقد دار الكتاب في موضوعه في فلك القضية التي شغلت أهل عمان أواخر القرن الثالث الهجري وبقيت تدور رحاها قرونًا متطاولة وهي قضية عزل الإمام الصلت بن مالك على يد موسى بن موسى وراشد بن النظر. ومع أن الكتاب لم يقتصر موضوعه على تلك القضية إذ عقد أبو سعيد فيه أبوابًا عديدة لمسائل في الأديان والأحكام غير أن القضايا الكلامية ومسائل الاعتقاد والفقه السياسي شغلت الحيِّز الأكبر منه. والذي نتقصده في هذا العرض قيمة الكتاب من الزاوية التاريخية، فأبو سعيد لخَّص القضية الرئيسة في باب سماه «ذكر اختلاف أهل الدعوة من الأحداث الواقعة بعمان» وطرح آراء كل طائفة معلقًا إثر كل فصل. وفي الباب الخامس عَرّف بجملة من الأعلام الذين سماهم «أهل العلم من المسلمين» مع ذكر مواقفهم من القضية، ومن العبارات التي جاء بها أبو سعيد في هذا الباب وتناقلها من جاء بعده حتى اليوم قوله: «وكان هؤلاء الثلاثة بعمان يُضرَب بهم المثل أن أمور أهل عمان رجعت في ذلك العصر وذلك الزمان إلى أصمّ وأعرج وأعمى، وكان أبو جابر محمد بن جعفر أصم، وكان أبو عبدالله نبهان بن عثمان أعرج، وكان أبو المؤثر الصلت بن خميس أعمى». أما الباب السابع من الكتاب فقد جعله لذكر الإمامين سعيد بن عبدالله وراشد بن الوليد، ويكاد نصه هذا أن يكون فريدًا جعل المؤرخين من بعده يعتمدون عليه.
والكتاب متضمن جملة من الشوارد التاريخية عن الأحوال السياسية والاجتماعية وحتى الدينية في عمان قبل زمان المؤلف انتهاءً بعصره، ومن ذلك مثلًا قوله: «وقد صح معنا أن أهل عمان كانوا على غير الاستقامة، وأحسب أنهم كانوا على دين الصفرية، وكان العلم فيهم قليلًا ميتًا، لا توجد الآثار فيها ولا العلماء، وكان الفقهاء والعلماء يخرجون في التماس العلم إلى العراق، ويأتون فيعلمون الناس ما جهلوا من دينهم، ولم يلزموا أحدا من الناس خروجا إلى البصرة، وكان ذلك في عدم من أهل العلم».
وفي باب عَرَّف فيه بمفهوم (العلماء) ومن هو منهم حجة على غيره جعل شهرة العالم بمنزلة شهرة أصحاب عدد من أهل الصنائع والحِرَف فقال: «وشهرة العالم في البلد أو المِصْر أول المحلة من البلد بمنزلة شهرة الحجّام والمطبب والنسّاج والحدّاد والصانع من الصُّنّاع، قد قامت الحجة في العقول من الصغير والكبير والخاصة والعامة أن لكلٍّ من هؤلاء منزلةً وإليه حاجة للناس ليست إلى الآخر ولا توجد مع الآخر. كذلك شهرة التجار في البلد من يكون منهم معروفًا بالبُرّ، ومنهم من يكون معروفًا بالعطر، ومن يكون معروفًا بالصيدلة، ومن يكون معروفًا بالإدام وبيع سائر الطعام، لا تنكر العقول ذلك»، فكأنما يُصوّر لنا أبو سعيد هنا أهل الصنائع والحوانيت في الأسواق في زمانه. وفي باب البلدان العمانية تَرِد في نصوص أبي سعيد كثير منها، ونمثل لذلك هنا بنص جاء فيه ذكر مدينة السيب، وهو ذكرٌ نادر في مصدر من العهد الإسلامي، مع أن (دَما) قد جاء ذكرها غير مرة قبل عهد أبي سعيد، إذ فيها اجتمع العلماء في عهد الإمام المهنا بن جيفر، ثم حدثت فيها الواقعة المشهورة أيام حروب محمد بن بور. على أن المؤرخ البطاشي قد نقل تفصيلاً في التسميتين وذكر أن اسم (دَما) لِما كان من الحصن مشرقًا، و(السيب) لِما كان من الحصن مغربًا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أبو سعید أهل عمان أبی سعید محمد بن من یکون معروف ا من أهل
إقرأ أيضاً:
سعد الصغير باكيًا: حسبي الله ونعم الوكيل في اللى مجاش عزاء أحمد صلاح وكان فاضي
وجه النجم سعد الصغير انتقادات لعدد من المطربين بسبب غيابهم عن عزاء المطرب الراحل أحمد صلاح، مؤكدًا أن حضوره لم يكن من أجل التريند أو الظهور الإعلامي، بل بدافع الواجب الإنساني والمهني.
وقال سعد الصغير، خلال فيديو نشره عبر صفحته الرسمية، إن المطرب الراحل أحمد صلاح عمل مع نجوم كبار وكان يجامل الجميع، إلا أن عزاءه لم يشهد حضورًا يذكر من الوسط الفني، بإستثناء المطربين عبد الوهاب الأسمر وحازم لطفي، موجهًا لهما الشكر على موقفهما.
وأضاف سعد متأثرًا وباكيا: كنت قاعد في العزاء زعلان، تخيل ولاده نفسهم يشوفوا الفنانين، ولا واحد جه، واتكسروا، معتبرًا أن بعض المطربين لا يحضرون إلا في حال وجود كاميرات أو إقامة العزاء في مسجد كبير، على حد تعبيره.
وأكد أن مواعيد العزاء لا تتعارض عادة مع العمل، موضحًا أن الفرح بيبدأ الساعة 8، والعزاء بيكون الساعة 5، مشددًا على أن العذر الوحيد المقبول هو الارتباط بعمل خارج القاهرة.
وتطرق سعد الصغير إلى واقعة أخرى، مشيرًا إلى أن المطرب إسماعيل الليثي بعد وفاته قام البعض بعمل بث مباشر بدلًا من الحضور، كما انتقد تجاهل الفنانين لأشخاص تعرضوا لحادث معه، قائلًا إنهم لم يتلقوا أي دعم لكونهم غير معروفين.
كما كشف سعد الصغير أنه طالب الفنانين بالمساهمة المادية لدعم أسرة الراحل، إلا أن من استجابوا كانوا قلة، وهم أحمد العيسوي، ومزيكا، وسمسم شهاب، مؤكدًا أن باقي الفنانين لم يقدموا أي دعم، حسب قوله.
واختتم سعد الصغير حديثه قائلًا: عايز الناس تعرف إن مهنتنا مناظر قدام الكاميرات بس، معربًا عن استيائه الشديد، ومرددًا: حسبي الله ونعم الوكيل في كل واحد مجاش العزاء وهو مكنش وراه حاجة.