في رمضان.. حوار قصير قبل إعدام "الزعيم"!
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
يصفه أنصاره ومحبوه بشهيد رمضان، وكان يطلق عليه في وقته لقب الزعيم وحبيب الفقراء، وبالمقابل يقلل أعداؤه من قيمته ويحاولون تصغير دوره إلى أبعد مدى.
إقرأ المزيدإنه العميد عبد الكريم قاسم، قائد انقلاب عام 1958 الذي أطاح بالنظام الملكي في العراق وأودى بحياة معظم أفراد العائلة الملكة.
هذا الضابط العسكري الذي ينتمي إلى عائلة فقيرة من بغداد كان شارك في الحرب العرقية ضد بريطانيا في عام 1941، وفي عمليات عسكرية داخلية في منطقة كردستان في عام 1945، وكان ضمن القوات العراقية التي شاركت في حرب فلسطين عام 1948 .
قاسم الذي كان حصل على رتبة عميد في عام 1955 أسس حركة "الضباط الأحرار" في الجيش للإطاحة بالملك فيصل الثاني، ثم شكل مع فصائل أخرى بما في ذلك حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي، جبهة الوحدة الوطنية.
في 14 تموز عام 1958، وصل الانقلابيون إلى الحكم، وتم قتل الملك فيصل الثاني مع عدد من أفراد العائلة الملكية، وبذلك انتهى الحكم الملكي الهاشمي للعراق الذي استمر سبعة وثلاثين عاما.
سرعان ما دب الخلاف بين رئيس وزراء الجمهورية العراقية الجديدة عبد الكريم قاسم وشريكه في الانقلاب عبد السلام عارف، وأفضى الأمر إلى تجريد عارف من مناصبه وابعاده من البلاد بتعيينه سفيرا في ألمانيا الغربية.
عبد السلام عارف وافق على مضض، وقيل إنه قبل بمغادرة البلاد لفترة قصيرة لا تتجاوز الثلاثة أسابيع إلى أن تهدأ الأوضاع السياسية وتستقر الأمور في العراق.
بعد انقضاء تلك المدة، عاد عبد السلم عارف إلى بغداد، وانتهى الأمر به إلى السجن بعد حوار عاصف مع عبد الكريم قاسم، ثم إلى "محكمة الشعب" التي قضت في 5 فبراير عام 1959 بإعدامه شنقا.
عبد السلام عارف بقي خلف القضبان حتى عام 1962، وحينها ألغى عبد الكريم قاسم حكم الإعدام واستبدله بالإقامة الجبرية.
حتى ذلك الوقت، كان العميد عبد الكريم قاسم الذي تفاخر أوائل عام 1963 بنجاته من 38 محاولة اغتيال ومؤامرة، يحظى بشعبية كبيرة بين الفئات الفقيرة والمحرومة من المجتمع، وكان يوصف في نفس الوقت بعدم الكفاءة السياسية. علاوة على كل ذلك كان أول من حاول ضم الكويت.
الصراع بين "الإخوة الأعداء" في المؤسسة العسكرية العراقية انفجر في الساعة التاسع من صبيحة يوم الجمعة 8 فبراير 1963 الموافق 14 رمضان، بانقلاب قامت به قطاعات عسكرية بقيادة ضباط ينتمون إلى حزب البعث العربي الاشتراكي وبالتعاون مع عبد السلام عارف، غريم "الزعيم" قاسم اللدود.
حاول عبد الكريم قاسم وأنصاره مواجهة الانقلابيين إلا أن هؤلاء تمكنوا من محاصرته في مقر وزارة الدفاع في بغداد.
تقارير تذكر أن الانقلابيين وضعوا صور عبد الكريم قاسم على دباباتهم كي يتمكنوا من المرور بحرية عبر شوارع العاصمة المليئة بحشود من أنصار "الزعيم" للوصول إلى وزارة الدفاع.
قادة الانقلاب قصفوا بالطائرات الحربية مبنى وزارة الدفاع، ولمدة يومين دارت معارك دموية في شوارع العاصمة، واضطر قاسم إلى الفرار متسترا بالظلام من وزارة الدفاع إلى قاعة الشعب القريبة.
من قاعة الشعب اتصل عبد الكريم قاسم بعبد السلام عارف وعرض الاستسلام مقابل الإبقاء على حياته ورفاقه وترحيلهم إلى تركيا.
وقت المساومة كان قد فات، وانتهى الأمر باعتقال عبد الكريم قاسم وعدد من الضباط الموالين له ونقلهم في عربتين مدرعتين من قاعة الشعب إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون في الصالحية بوسط بغداد.
في غرفة الموسيقى بمبنى الإذاعة جرى ما يوصف بمحاكم سريعة لعبد الكريم قاسم لم تستمر إلا دقائق. قيد عبد الكريم قاسم واثنين من معاونيه بالكراسي، ورفض قاسم وضع عصابة على عينيه قبل تنفيذ حكم الإعدام. تسجيل صوتي أظهر اللحظات الأخيرة من تلك المحاكمة التي لم تكن أكثر من تلاسن حاد بين الطرفين أعقبه أمر بتنفيذ الإعدام ثم دوي رصاص مختلط بالصرخات.
جثة عبد السلام عارف الهامدة والمضرجة بالدماء عرضت على شاشة التلفزيون العراقي، قبل أن يسرع الانقلابيون بنقلها في جنح الظلام إلى منطقة معامل الطابوق خارج بغداد حيث دفن في سرية تامة، إلا أن بعض العمال في المكان شاهدوا توقف الرتل العسكري، وبعد مغادرته اكتشفوا ما يشبه القبر وعثروا بعد الحفر على جثة عبد الكريم قاسم.. صار القبر مزارا للبعض. الحكومة الجديدة علمت بالأمر فقامت بعد اعتقالات لسكان المنطقة بنقل الجثة ودفنها مجددا في مكان مجهول، وبذلك طويت صفحة "الزعيم".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف بغداد وزارة الدفاع
إقرأ أيضاً:
أرض مقابل ربع جنيه.. رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق ينعى ابن الشيخ مصطفى اسماعيل بقصة مؤثرة
نعى رضا عبدالسلام، رئيس إذاعة القرآن الكريم رحيل الدكتور عاطف مصطفى إسماعيل، ابن الشيخ مصطفى إسماعيل، الملقب بـ"قارئ الملوك"، والذي رحل عن عالمنا أمس الاثنين.
وكتب رضا عبدالسلام على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك: “المهندس عاطف مصطفي إسماعيل في رحمة الله، حكاية الربع جنيه، لم أر ابنا بارا بأبيه مثله حتى يظن من يراه كذلك يكاد لايصدق، فقد جمع كل ما لأبيه من تراث، وكان يقاتل من أجل أن تصل تلاوات أبيه إلى مسامع محبيه، كان جبرتي لتاريخ أبيه منذ كان هو طفلا وحكي لي كيف كانت معاملة أبيه الشديدة معه، ومع ذلك كان يحبه ويحترمه ويجله، وحكى لي كذلك علاقة والده بالقصر الملكي وصلته بقراء عصره وخاصة الشيخ محمد رفعت”.
وتابع: “المهندس عاطف مصطفى إسماعيل كان جوادا طيبا ودودا قريبا لكنه عند ورود سيرة أبيه كان شديد الفخر به والإشادة بأدائه الذي كان أستاذا في بيان مايتميز به صوته من إمكانات خاصة وأنه عاصرة فترة كبيرة من حياته”.
وأضاف: “وعلى الرغم من هجرته إلى ألمانيا فترة كبيرة من حياته إلا أنه ظل متمسكا بقيمه وأخلاقه وتزوج من ألمانية أسلمت وأصبحت عاشقة لمصر وأهلها”.
وتابع: “أما حكاية الربع جنيه فهي حكاية العطاء والإيثار من هذا الرجل الذي تعلم من والده الشيخ مصطفى إسماعيل هذا العطاء والإيثار والحكاية أنه بعد وفاة والده الشيخ مصطفى إسماعيل كان لقرابته أرض يزرعونها هذه الأرض ملك الشيخ فلما توفاه الله وكانت عدة أفدنة فاستعدوا لتسليم الأرض لابنه المهندس عاطف”.
وأكمل: " فجمعهم وقال لهم أعطوني ربع جنيه فعجبوا من الطلب وإذا به يكتب لهم عقد بيع لهذه الأرض جميعا لكل هؤلاء من قرابته مقابل الربع جنيه فكادوا لايصدقون وجاء ب " الربع جنيه “ ووضعه في صالة بيته المطل علي نيل الزمالك ليكون شهادة علي الإيثار والبذل وتطبيقا للآية التي أبدع في أدائها والده الشيخ مصطفي إسماعيل، والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه أسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته”.
وتشيع جنازة الدكتور عاطف مصطفى إسماعيل غدًا، الثلاثاء، في قرية ميت غزال بمحافظة الغربية، على أن تقام ليلة العزاء في دوار العائلة بميت غزال.
الشيخ مصطفى إسماعيليذكر أن الشيخ مصطفى إسماعيل توفي في يوم 26 من ديسمبر عام 1978م، ودفن في قرية ميت غزال بمركز السنطة بمحافظة الغربية؛ تاركًا خلفه ثروة كبيرة من التِّلاوات القرآنية الرائعة والمُتقنة.