لجريدة عمان:
2025-12-14@04:50:33 GMT

تنظيم أوقاف المستقبل.. أن نسبق الواقف بخطوة

تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT

تنظيم أوقاف المستقبل.. أن نسبق الواقف بخطوة

ما أطيب اللحظة التي يقرر فيها إنسان ما أن يجود بجزء من ماله ليكون وقفا لله، طالبا به رضا الله، راجيا به تحقيق منفعة لأبناء مجتمعه، هي لحظة من اللحظات التي تدعو للتفكر، فما الذي كان يدور بفكر ذلك الواقف من أمنيات التعبد الأخروية، وآمال المستقبل الدنيوية، (وقف للمسجد الفلاني، أو للمدرسة الفلانية في القرية الفلانية، أو لفقراء البلد الفلاني)، هو توفيق من الله أن هيأ له تلك اللحظة السعيدة، التي لها ما بعدها، وهي من اللحظات التي تجعل المهتم بتطوير الأوقاف وتنظيمها مستقبلا أن يتساءل لماذا يؤطر الواقفون أوقافهم بإطار جغرافي محدود جدا، هل أثّرت عليهم الثقافة السائدة؟ هل أسهمت العاطفة الجياشة دورا في توجيه أوقافهم؟ ذلك لأن هذا التأطير الضيق قد يؤدي مع الزمن إلى تراكم في بعض الأوقاف، وشح في أوقاف أخرى، كما أنه عامل ضعف في تطوير الأوقاف ذلك لأن تأطير الوقف جغرافيا يؤدي إلى محدودية انتشاره، وجذب الداعمين له، وعلى كل الحال فإن الوقف خير في كل جوانبه، وأينما كانت اتجاهاته، إلا أن التنظيم يجعل الخير أجمل والمنفعة منه أكمل.

كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- رجل دولة من طراز رفيع، فحين فتح المسلمون في عهده أرض السواد بالعراق، وألقت إليه الدولة الفارسية المنهارة بما كسبته أيادي قادتها مما كانت تظلم فيه الناس من أراض زراعية واسعة هناك، نظر إليها -رضي الله عنه- نظرة رجل الدولة المخطط للمستقبل بواقعية، فقرر جعل تلك الأراضي وقفا للمسلمين، وأبى أن تنالها قسمة الغنائم، على الرغم من معارضة كثير من الصحابة لهذا التوجه، إذ كان يرى أن الدولة الناشئة بحاجة لتأمين حدودها من الأعداء المتربصين بها، وما توفره تلك الأراضي من مال؛ كفيل بتوفير الاحتياجات العسكرية والأمنية، وأن قسمة تلك الأموال وتوزيعها إلى إقطاعيات فيه هدر لمورد مهم من موارد الدولة، وبذلك استطاعت النظرة الأكثر بعدا، والأوسع أفقا إقناع الناس، فكان أن تحقق ما أراد عمر.

إن واقع الوقف اليوم، والنظرة المستقبلية له، تستدعي منا أن نستلهم فكرة عمر ذات الأفق الواسع، وأن نُجَنِّب الوقف النظرة الضيقة المؤطرة له في منشأة واحدة، أو في منطقة واحدة، وأن نخطط لأوقاف المستقبل بطريقة نسبق بها الواقف بخطوة، حتى نجمع شتات الوقف، ونوجه الأوقاف الجديدة توجيها جامعا، يخدم المصلحة العامة على مساحة الوطن العزيز، مع الأخذ في الاعتبار أن يتسم الوقف بمرونة تسمح لإدارته بأن تكيِّفه وفق المستجدات والتطورات الحادثة في الوقف نفسه، وفي المجتمع.

إن توجيه أوقاف المستقبل -من وجهة نظري- يتطلب عدة أمور، ينبغي على القائمين على الأوقاف توجيه الاهتمام إليها، ويمكن أن نجملها في ثلاث نقاط، النقطة الأولى: إنشاء بنك المشروعات الوقفية: بحيث تكون لدينا أفكار جاهزة لمشاريع أوقاف مبنيَّة على واقع حال المجتمع واحتياجاته، وتراعي جوانب التجديد والإبداع في مجال الوقف، على أن يتم عرض تلك المشاريع على الراغبين في الدخول إلى مجال الوقف، وتسويقها جماهيريا بطرائق مناسبة، النقطة الثانية: الشمولية، بحيث تؤَسَّس الأوقاف الجديدة لتخدم غرضا محددا على أن يشمل كل ما يتعلق بخدمة ذلك الغرض في سلطنة عمان من أقصاها إلى أقصاها، النقطة الثالثة: المرونة: بحيث تكون صيغة الوقف مرنة تسمح بتوسيع نطاق الوقف مع مرور الزمن، فتتيح للإدارة القائمة على الوقف توجيه الفائض من أموال ذلك الوقف إن وجدت، إلى جهة أخرى تخدم التوجه نفسه بطريقة مباشرة، أو بطريقة غير مباشرة قد تكون ضرورية جدا في مرحلة أخرى، ولو كانت بعد مرحلة تأسيس الوقف بمائة سنة أو أكثر ولم تكن معروفة في وقت التأسيس، لأنه قد تنتفي الحاجة في المجال الموقوف له أصلا في مرحلة من مراحل الزمن المتغير، فتُوجَّه تلك الأوقاف إلى جهة أكثر فائدة، وبذلك نكون قد سبقنا الواقف بخطوة، ومهّدنا الطريق لأن تسير أوقاف المستقبل إلى وجهات مدروسة ومخطط لها بعيدا عن العشوائية، وبما يرضي الواقف ويحقق له هدفه.

إن النقاط الثلاث سابقة الذكر هي قواعد انطلاق وتوجيه، فهي سابقة لجوانب الإدارة والاستثمار، كما أنها تتسق مع الجانب الشرعي المؤطر للوقف ولا تتعارض معه، فهي تحقق فلسفة الوقف والحكمة الشرعية منه، وهي أنه صدقة جارية مستدامة، توجه في أمر مباح شرعا، برضا الواقف، كما أنها ستكون قادرة على استقطاب أوقاف جديدة من شريحة واسعة من أبناء المجتمع، وبالتالي ستكون أكثر قدرة على الدخول في أسواق الاستثمار.

د. خالد بن محمد الرحبي: باحث في التاريخ الحضاري العُماني عمومًا، والوقف على وجه الخصوص.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

«رواد الطفولة الإنسانية 2025».. الأوقاف تؤكد: الطفولة جوهر البناء الإنساني واستثمار المستقبل

قالت وزارة الأوقاف إن الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، شارك نائبًا عن وزير الأوقاف الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري، في فعاليات مؤتمر «رواد الطفولة الإنسانية – مصر 2025»، الذي نظمه الاتحاد الدولي للدفاع عن حقوق الطفل، بمشاركة نخبة من القيادات الدينية والفكرية والتربوية، وممثلي المؤسسات المعنية بحقوق الطفل.

 

حضور واسع لقيادات دينية وتشريعية وتنفيذية

وشهد المؤتمر حضور عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم:

الدكتور ماجد الركبي – رئيس مجلس أمناء المنظمات الدوليةالدكتورة رباب بكير – رئيس الاتحاد الدولي للدفاع عن حقوق الطفلالمستشار أيمن النجار – رئيس الاتحاد الدولي للدفاع عن حقوق الطفل بمصراللواء محيي أبو زيد – المستشار العام للاتحاداللواء علي الشرقاوي – مساعد وزير الداخلية ومستشار الاتحادالدكتور عبد الهادي القصبي – رئيس لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي بمجلس الشيوخ

 

الطفولة ليست ترفًا فكريًا

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، في الكلمة التي ألقاها نيابة عن وزير الأوقاف، أن الطفولة تمثل جوهر البناء الإنساني، وأن الاهتمام بها ليس ترفًا فكريًا ولا قضية هامشية، بل هو استثمار وطني واستراتيجي طويل الأمد، تتحدد على أساسه ملامح المجتمعات ومسارات نهضة الأمم.

 

تحية وزير الأوقاف وتقدير الجهود

ونقل الدكتور البيومي تحيات وزير الأوقاف وتقديره للقائمين على تنظيم المؤتمر، مثمنًا الجهود الصادقة التي يبذلها الاتحاد الدولي للدفاع عن حقوق الطفل في خدمة قضايا الطفولة والإنسانية، وترسيخ القيم التي تصون كرامة الإنسان منذ نشأته الأولى، ومتمنيًا للمؤتمر التوفيق في تحقيق أهدافه.

 

مصر ودورها الحضاري في دعم قضايا الإنسان

وأوضح أن انعقاد المؤتمر على أرض مصر يعكس مكانتها الحضارية والإنسانية، ودورها التاريخي في دعم قضايا الإنسان، مشيرًا إلى أن قضية الطفولة لم تعد شأنًا محليًا محدودًا، بل أصبحت وعيًا عالميًا ومسألة وجودية يتوقف عليها مستقبل الشعوب واستقرارها.

 

الطفولة الإيجابية وبناء الإنسان

وأضاف أن الحديث عن الطفولة الإيجابية يتجاوز حدود المرحلة العمرية، ليطال جوهر تكوين الإنسان والبذرة الأولى التي تتشكل فيها ملامحه الفكرية والسلوكية والانتمائية، مؤكدًا أن القرآن الكريم والسنة النبوية رسّخا مبادئ التربية منذ الطفولة، وجعلا الرحمة بالصغير منهجًا تربويًا أصيلًا لصناعة إنسان متوازن قادر على العطاء.

 

أطفال اليوم قادة الغد

وشدد الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية على أن الطفولة الإيجابية منظومة تربوية واعية، وأن أطفال اليوم هم قادة الغد وعماد الاستقرار المجتمعي، داعيًا إلى تضافر الجهود الوطنية والدولية للقيام بمسئولية بناء الطفل وصيانة حقوقه.

 

جهود الأوقاف في رعاية الطفولة

واستعرضت الكلمة جهود وزارة الأوقاف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية في رعاية الطفولة، من خلال:

تنظيم لقاءات الطفل في مختلف المحافظاتإصدار مجلة «الفردوس» للأطفالإثراء المكتبة الوطنية بإصدارات متخصصة، من بينها «الأربعون النبوية للأطفال» و**«موسوعة العقيدة للأطفال»**إطلاق سلسلة «رؤية للنشء»، التي تُرجمت إلى عدة لغاتتوفير إصدارات مخصصة لذوي الهمم بلغة برايل

 

دعاء من أجل مستقبل آمن للأجيال

واختتم الدكتور البيومي كلمته بالدعاء بأن يحفظ الله أبناء مصر، ويجعلهم بناة وعي وحضارة وإنسانية، وأن يديم على الوطن أمنه واستقراره، ويظل حاضنًا للقيم الرشيدة، راعيًا للإنسان منذ طفولته الأولى.

مقالات مشابهة

  • «رواد الطفولة الإنسانية 2025».. الأوقاف تؤكد: الطفولة جوهر البناء الإنساني واستثمار المستقبل
  • صحح مفاهيمك| الأوقاف تكثف نشاطها التوعوي بمدارس الدقهلية وأسيوط عن مخاطر التنمر
  • أوقاف كفر الشيخ: مقارئ الجمهور تستهدف ترسيخ التلاوة الصحيحة
  • وكيل أوقاف البحر الأحمر يفتتح مسجد السعد بالغردقة
  • صحح مفاهيمك.. أوقاف كفر الشيخ تنظم ندوة حول التحذير من التشاؤم وآثاره السلبية
  • ضمن مبادرة صحح مفاهيمك.. أوقاف دمياط تنظّم ندوة توعوية لنشر التفاؤل ومواجهة التشكيك
  • أوقاف سوهاج تفتتح 3 مساجد جديدة لخدمة الأهالي
  • ندوة توعوية حول «التشكيك والحيرة ونشر روح التشاؤم» بكلية علوم الرياضة المنصورة
  • دور الأوقاف في تمكين ريادة الأعمال
  • أوقاف الدقهلية تشارك في ندوة تثقيفية بعنوان «معًا نبني وطنًا أقوى» بمجمع الإعلام