الزمرة.. قصة عاشق داخل نفق في غزة
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
عمار الزبن، هو روائي آخر أنتجته السجون الإسرائيلية ونضال المقاومة، توقفت بندقيته فناضل بقلمه، وكتب وسرّب من محبسه روايات أبطالها شخصيات حقيقية، ينقلنا فيها إلى لحظاتهم في الميدان، وفي الأسْر.. هو نفسه كان بطل بعض تلك الروايات.
يملك الزبن قلمًا يجعلك تعيش الأحداثَ، كما عاشها أصحابها، وتتخيل نفسك مع أبطال أعماله، وينطلق خيالك لتتصور الأماكن، وتحلّق في شوارع القدس، وجبال نابلس، وقرى فلسطين، وتفكّر في حلول للمآزق، وتعيش مشاعر النضال والعناد والصبر.
والمدهش أن الزبن، هو أسير قسامي عاش في السجون أكثر مما عاش خارجها، فقد عرف الزنازين صغيرًا عام 1994، وكان عمره وقتها 16 عامًا، إذ حُكم عليه بالسجن عامين ونصف العام، وعندما خرج شكل خلية "شهداء من أجل الأسرى" التي نفذت عمليات لأسر الجنود الإسرائيليين بهدف مبادلتهم بأسرى فلسطينيين.
وهكذا، تم اعتقاله مجددًا عام 1997، لتصدر المحاكم الإسرائيلية بحقه أحكامًا بالسجن المؤبد 27 مرة، أو ما يعادل 2700 سنة، بتهمة المسؤولية عن عمليات قتل فيها 27 جنديًا إسرائيليًا، وأصيب 323، فأصبح بذلك من أصحاب أعلى المحكوميات في السجون الإسرائيلية، واعتبرت الصحف الإسرائيلية اعتقاله نجاحًا كبيرًا لأجهزة الأمن.
رأيناهم في النفق بشرًا يتبادلون الحكايات، ورأيناهم ملائكة تتعلق أرواحهم وقلوبهم بالله الواحد الأحد، وأخيرًا بعد طول انتظار، حانت اللحظة بعدما تجمع عدد كبير من الجنود فوق أنقاض بيت عماد، فهمس لهم علاء: استعدوا وتوكلوا على الله
أما هو، فقابل الحكم بابتسامة ساخرة، ورفع مصحفه وشارة النصر، ومضى إلى سجنه المظلم مرفوع الهامة.
وبهذا فإن عمره الذي تجاوز الآن نحو 45 عامًا، لم يعش منه خارج السجن إلا 17 عامًا تقريبًا، وفي سجنه حصل على شهادة الثانوية العامة، ثم بكالوريوس العلوم السياسية، ثم الماجستير في العلوم السياسية من جامعة القدس المفتوحة، والتحق بعدها ببرنامج الدكتوراه.
في اعتقاله الثاني، تعرض لتعذيب شديد استمر 3 أشهر خلال التحقيق في سجن المسكوبية، وحرموه من زيارة أهله 8 سنوات، حتى استشهدت والدته خلال مشاركتها في إضراب عن الطعام؛ تضامنًا مع الأسرى في أغسطس/ آب 2004، ثم لحق بها والده، فسمحوا وقتها لزوجته وابنتيه بشائر وبيسان بزيارته عام 2005.
عندما يكتب المقاتليقول عمار الزبن: إن أصعب أنواع الكتابة الأدبية أن تكون مشاركًا في الحدث؛ فتكتب ما كنت جزءًا منه، وهذا ما دفعه للتأجيل المتكرر لمشروع الكتابة نحو عشرين عامًا، ولكنه حين تكلم أخيرًا كان جديرًا أن يسمع.
لقد منحته التجربة والمحنة تلك الصفة التي يسميها النقاد: "الأصالة"، وقد قامت أعماله التي قدمها بـ "أنسنة الحدث"، فلم يعد المقاوم فردًا مجهول الهُوية والمشاعر، يمرّ كرقم في نشرة أخبار، أو نقرأ كلماته الأخيرة التي سجلها ومات.. إننا في هذه الروايات نعيش معه حياته كلها، ونشاركه آماله، وإحباطاته، ولحظات صعوده وهبوطه، ونصره أو استشهاده.
كتب الزبن 6 روايات حتى الآن، كلها عن أحداث حقيقية، هي "عندما يزهر البرتقال" و"خلف الخطوط" و"ثورة عيبال" و"أنجليكا" و"الزمرة" و"الطريق إلى شارع يافا".
مع "الزمرة"ونقف هنا عند رواية "الزمرة"، وربما نقف مع أعمال أخرى في مقالات قادمة.. كتب الزبن هذه الرواية في سجن رامون الصهيوني بعد أن حصل على تفاصيلها من اثنين من أبطالها تم أسرهما، وتدور أحداثها خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، وهي تصور الحياة الإنسانية لهؤلاء الأبطال، وكما هي عادة الزبن فإن العمل، بكل ما فيه من أسماء وتواريخ وأماكن وأحداث، حقيقي من الألف إلى الياء، وقد أهدى روايته إلى رجال نخبة القسام في غزة "تحت الأرض وفوقها وفي لجج بحرها".
عندما تقرأ الرواية الآن، تنتقل إلى زمن غزة التي كانت يومًا مدينة تضم بيوتًا، لكنها ليست كالمدن ولا كالبيوت، وذلك قبل أن تهدمها الوحشية الصهيونية في حرب الإبادة الأخيرة، فلا تترك فيها حجرًا على حجر.
الحدث يبدأ من حي الأمل بخان يونس، حيث يقيم البطل الأول إبراهيم، تنزل الصواريخ على هذا الحي كالصواعق فتهشم الذكريات، وتحرق خارطة الوطن السليب المعلقة على جدار بيت "أم خالد" (أمه)، وليس هذا إلا استمرارًا لقصة معاناة عاشتها الأم من زمن النكبة عندما طردتها العصابات الصهيونية من بئر السبع، ولا تزال تنتظر العودة لبيتها الذي تملك مِفتاحه.
أما زوجة إبراهيم، فهي نموذج لامرأة فلسطينية تتوقع أن يخرج زوجها لمقاومة الاحتلال فلا يعود، لكنها تحاول أن تقنع نفسها "أن الله -عز وجل – سيبقي لها الرجل الطيب والحبيب الرائع، فليس عدلًا أن تموت القصص الجميلة في غزة، وليس قدرًا أن ينتصر الغزاة علينا، ولا بد أن يقاوم إيماننا باطلهم، حتى تنتصر الحياة ويبقى الحب.. وأنا أكره أن يفارقني زوجي رغم علمي أن الخير في صد المحتلين عنا وعن أرضنا".
الغزّي.. الشهيد الحيوتعيش في الرواية علاقة الغزيين بالكهرباء، فهي هناك "ترف لا يليق باللاجئين والكادحين والحالمين.. وعليك إن كنت غزيًا أن تكره الكهرباء، حتى لا تتعود على ساعات توفُّرها القليلة؛ فكل عامين هناك حرب، أول ضحاياها محطة الكهرباء العجوز".
أطلقت الطائرة الإسرائيلية صاروخًا فدمر بيت ياسر (وهو البطل الثاني) في المخيم، وقتل أسرته، واحترق قلبه لفراق أمه الشهيدة كما، تحترق قلوب أهل غزة كل يوم على فراق أحبابهم، لكن هناك قاعدة أدركها الجميع، هي: "أن تكون غزيًا، فأنت شهيد مع وقف التنفيذ حتى يجيء دورك في إحدى الحروب المتلاحقة، أو سنوات الحصار الممتدة؛ أو عبر صاروخ ذكي بدعوى أنك قنبلة موقوتة.. لذلك لا تصف الغزي عندما يغادر بالميت؛ فمكتوب على جبينه عندما يولد: أنا من غزة إذن أنا شهيد!".
أما علاء (البطل الثالث) فقد قال لأمه: أنتما في عيني يا أمي.. لكنك تعلمين أنني اخترت طريقًا نهايته أحد أمرين: أن أنال الشهادة في ساحة المعركة، والثاني أن أمسك بيدك الجميلة، وأطير بك إلى قريتنا الرائعة في اللد بعد تحريرها من الصهاينة، وما ذلك على الله ببعيد.
في حب فلسطين، وأمي، وأمل!
أما البطل الرابع أحمد (الملقب بسمارة)، فهو عاشق ينظم لمحبوبته كلمات يغترفها من بحر قلبه؛ فللعشق في غزة مذاق خاص، لكن عندما تزور خطيبته (أمل) بيتهم تصله رسالة الاستدعاء، فيضطر لتركها، ليجد علاء وإبراهيم ومحمد في انتظاره، وينضم لهم عماد، فتتشكل الزمرة (المجموعة) التي تم تكليفها بمهمة خاصة.
تقف الرواية عند أحلام شخوصها، فأمل كانت ترسم في مخيلتها صورة فارس أحلامها، فتقول: أريده مجاهدًا يحمل بين جنباته حب الشهادة، والدفاع عن أرضه، فالذي لا يفعل ذلك أخافه على نفسي وأولادي".
أما أحمد (سمارة)، فيقول: إن "فلسطين، وأمي، وأمل، والبندقية، لا تغادرنني مطلقًا، فلا يمكنني فصل الواحدة عن الأخرى، فمن تخلى عن إحداهن سيفقد الأخريات"، ويواصل متحدثًا عن رؤيته للحب: "حتى نعمر أرضنا يجب أن تكون نظيفة من الشر، وحتى نصل إلى ذلك يجب أن تتوفر لدينا أسباب القوة، وأهمها الأسرة الصالحة التي تبدأ مني ومن خطيبتي المؤمنة؛ التي تدفعني للقتال من أجلها ومن أجل بلدي وديني وأمي".
تكمل زوجة إبراهيم الصورة: "إن المقاتلين وحدهم هم العشاق، وغيرهم عابرون في العشق؛ لأن الحب الذي تحميه البندقية، ويختلط مع عرق الثورة وحده يستحق الخلود.
مع الرجال الخمسة في النفقلكل بطل في الرواية حكايته، لكن يجمعهم أنهم "رهبان بالليل، مقاتلون في النهار" يقفون على أرضية أخلاقية ثابتة وإيمان لا يلين.
وتوضح الرواية المراحل التربوية التصاعدية التي يمر بها المقاتل قبل أن يصبح من "نخبة القسام" بجوانبها الإيمانية والعقدية والثقافية ليصبح مجاهدًا ملتزمًا تجاه دينه وشعبه وأمته، ولا يتم اختياره في صفوف القسام إلا بعد التحقق من خلقه تجاه أهله والناس، واستعداده للبذل من أجل وطنه السليب.
كلف الرجال الخمسة بعملية استشهادية، فتجمعوا في نفق أسفل بيت عماد الذي دمرته الطائرات الإسرائيلية، وهناك عاشوا وعشنا معهم أسبوعين في النفق ينتظرون اللحظة الحاسمة، طعامهم تمرات قليلة وشربة ماء، ولا يحظون حتى بنسمات هواء نقية.
رأيناهم في النفق بشرًا يتبادلون الحكايات، ورأيناهم ملائكة تتعلق أرواحهم وقلوبهم بالله الواحد الأحد، وأخيرًا بعد طول انتظار، حانت اللحظة بعدما تجمع عدد كبير من الجنود فوق أنقاض بيت عماد، فهمس لهم علاء: استعدوا وتوكلوا على الله.
نهاية أم بداية؟فجّرت (الزمرة) العبوة الناسفة في فتحة النفق فأحدثت انفجارًا مزق أجساد عدد كبير من جنود الاحتلال، وقبل أن يستفيق بقية الجنود خرجت نخبة القسام من العين الثانية للنفق، فواجهتهم من "المسافة صفر"، وأوقعت بهم كثيرًا من القتلى، وكان وقع المفاجأة سببًا في نجاحهم وارتباك العدو.
ولكن المعركة مع ذلك طالت لساعات حتى بدأت ذخيرة المقاتلين تنفد، وكان أحمد (سمارة) أول الشهداء؛ فلما تفجرت الدماء من جسده قال مناجيًا حبيبته (أمل): "هاك دمي.. ما كنت أبخل به على وطن أنت أجمل ما فيه، والملتقى الجنة".
استشهد أحمد محتضنًا سلاحه، وقد اخترق جسدَه رصاص كثير، فكتم شعوره بالألم، واختار أن يرحل واقفًا بهدوء الأشجار، وعيناه تحميان ظهر الوطن.
وكان علاء هو الشهيد الثاني، نزفت دماؤه وهو يطلق العنان لتكبيراته؛ فقد برّ بقسمه: إنهم لن يمروا إلا على جسده.
أما عماد فقد كان سيد المكان؛ حيث تمكن من استدراج العدو إلى كمين جديد، واستخدم القنابل اليدوية ليلحق أكبر الخسائر بهم، ثم اخترقت رصاصة وجهه الباسم ليروي أشجار الزيتون بدمه.
استشهد ثلاثة، وبقي من الزمرة إبراهيم ومحمد يقاتلان جنود العدو من داخل النفق، حتى نفدت ذخيرتهما، فألقى جندي إسرائيلي قنبلة دخان داخل النفق فاضطرا للخروج، فأسروهما، وخضعا للتحقيق في سجن عسقلان، ولم تعرف "كتائب القسام" أنهما على قيد الحياة إلا بعد ظهورهما في سجن إسرائيلي".
كانت تلك صورة المعركة البطولية، كما رواها إبراهيم ومحمد للأديب عمار الزبن الذي شعر بنشوة النصر على قيود السجن، وهو ينهي السطر الأخير من الرواية.
على مدى الأشهر الستة الأخيرة، وعلى مدى السنوات التي سبقتها هناك آلاف الحكايات لأمثال هذه الزمرة، لشباب يحبون الحياة والوطن، وقلوبهم قادرة على العشق، ولكنهم يحبون الكرامة والحرية، وهم مستعدون لدفع أرواحهم في سبيل ما يحبون.. وحكايات كل هؤلاء في انتظار من يكتبها.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات فی النفق فی سجن فی غزة
إقرأ أيضاً:
5 أبطال قهروا السرطان وكتبوا قصص نجاح رياضية ملهمة
عندما كانت مباراة إنتر وبرشلونة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، تسير نحو تأهل الفريق الكتالوني بعد تقدمه (3-2)، بدأ اليأس يدب في فريق المدرب سيموني إنزاغي، لكن المدافع المخضرم فرانشيسكو أتشيربي رفض الخضوع للهزيمة وخطف هدف التعادل في وقت قاتل ليفجّر الفرحة في ملعب سان سيرو ويعيد الأمل لفريقه.
كان إنتر على وشك الخروج من البطولة، لكن أتشيربي ذهب بالمباراة إلى الأشواط الإضافية قبل أن يحرز زميله فراتيسي هدف التأهل (4 ـ3).
أتشيربي يهدي إنتر هدف التعادل ويشعل المدرجات#دوري_أبطال_أوروبا #انتر_برشلونة #UCL pic.twitter.com/01PeL9Wpuy
— beIN SPORTS (@beINSPORTS) May 6, 2025
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شاهد.. إنزاغي مدرب بيزا يرفع علم فلسطين باحتفالات الصعود للدوري الإيطاليlist 2 of 2رودريغو يتمرد على ريال مدريدend of listوفي الحقيقة لم تكن تلك الصرخة القوية التي أطلقها أتشيربي بعد تسجيل هدفه في شباك برشلونة سوى لحظة فارقة لا تختزل فقط إحياء آمال التأهل وإنما كانت تشبه إلى حد ما قصة حياة المدافع البالغ من العمر 37 عاما، التي شهدت إصابته بالسرطان عندما كان في الـ26 من العمر.
ولم يكن أتشيربي، الذي تم تشخيص إصابته بسرطان الخصية في 2013، وخضع للعلاج الكيميائي لأكثر من عامين، "البطل" الوحيد في ملاعب الرياضة، الذي قهر مرض السرطان وخاض مسيرة مذهلة، بل إن عديد النجوم تغلبوا على ذلك الداء وألهموا الجماهير بقصص بطولية.
إعلانويرصد التقرير التالي أشهر 5 رياضيين خطوا مسيرة ملهمة بعد تشخيص إصابتهم بالسرطان وخضوعهم للجراحة.
الإيطالي فرانشسيكو أتشيربيبدأ أتشيربي، المولود في مدينة فيتزولو الإيطالية في فبراير/شباط 1988 مشواره الكروي في نادي بافيا الفريق الهاوي، الذي خاض المدافع 48 مباراة بين 2006 و2010، قبل أن يلعب لأندية أخرى مثل كييفو فيرونا ثم ميلان، حتى وصوله إلى ساسولو عام 2013.
في ذلك العام تحديدا انقلبت حياة أتشيربي رأسا على عقب، عندما تم تشخيص ورم في خصيتيه، ليخضع إلى جراحة عاجلة لاستئصال الورم، شارف في أعقابها على اعتزال الكرة والتفرغ للعلاج.
ويروى أتشيربي قصة كفاحه لصحيفة "لا ريبوبليكا"، قائلا "في 2012، كان لوفاة والدي وطأة ثقيلة على حياتي، أدمنت شرب الخمر، وبعد عام واحد اكتشفت إصابتي بالسرطان، صارعت المرض مرتين، ووصلت إلى الحضيض".
وبعد حصص من العلاج الكيميائي لمدة شهرين في بداية العام 2014، استأنف لاعب الدفاع مشواره الكروي لكن وضعه الصحي شهد انتكاسة ثانية، لكنه لم يستسلم وواصل العلاج.
شكّل انتقال فرانشيسكو أتشيربي إلى لاتسيو عام 2022، قادما من ساسولو بداية جديدة للاعب الذي كان على وشك الاعتزال بعمر 28 عاما.
بعد ذلك بـ٣ سنوات، أحرز أتشيربي كأس أوروبا 2020، مع إيطاليا بعد الفوز على إنجلترا المستضيفة في النهائي، وكان ذلك اللقب أول ثمار التغلب على السرطان.
وفي 2022، انضم إلى إنتر، قبل أن يساهم في فوزه بلقب الدوري الإيطالي العام الماضي، كما بلغ نهائي دوري أبطال أوروبا 2023.
وفي 6 مايو/أيار 2025، ازدادت شهرة أتشيربي عندما ظهر بجسده النحيف وهو يعبر عن فرحته بهدف التعادل للإنتر في مرمى برشلونة (3ـ3)، والذي قاد به فريقه إلى نهائي دوري أبطال أوروبا يوم 31 من الشهر الجاري ضد باريس سان جيرمان.
إعلان الفرنسي إيريك أبيدالتلقى النجم الفرنسي إيريك أبيدال مدافع برشلونة الإسباني في مارس/أذار 2011، صدمة كبيرة وهو بعمر 32 عاما، إذ كان يجري فحصا روتينيا داخل النادي، وبعد ساعات قليلة، خاطبه الطبيب "إريك، أنت مصاب بالسرطان".
تلقى اللاعب أسوأ خبر في حياته في ذلك الوقت، ليخضع بعدها لجراحة استئصال الورم الخبيث من كبده.
لم تتأخر عودة أبيدال إلى الملاعب كثيرا، ليستأنف نشاطه مع النادي الكتالوني بعد 40 يوما، ولكن في العام التالي عاد السرطان ليضرب كبد اللاعب الفرنسي من جديد فاضطر الأطباء لاستئصاله بالكامل وزرع آخر مكانه، ليبتعد عن الملاعب حتى أبريل/نيسان 2013.
ونجح أبيدال في تحدي المرض للمرة الثانية والعودة إلى الملاعب من جديد حيث شارك مع برشلونة حتى نهاية الموسم قبل أن ينتقل في موسم 2013ـ2014 إلى موناكو الفرنسي ومنه إلى أولمبياكوس اليوناني ثم يعتزل اللعب في ديسمبر/كانون الأول 2014.
وأحرز أبيدل الذي أعلن اعتناقه الإسلام في 2009، لقب الدوري الفرنسي 3 مرات، والدوري الإسباني في 4 مناسبات، ودوري أبطال أوروبا مرتين، وبعد اعتزاله كرة القدم انخرط في مشاريع اجتماعية وخيرية، بما في ذلك إنشاء مؤسسة تحمل اسمه لمساعدة مرضى السرطان.
ويقول أبيدال "لم يأخذ مني السرطان الشيء الكثير بقدر ما علمني كيف أكون إنسانا، لقد عزز كرمي وغير نظرتي إلى الحياة وإلى كرة القدم".
الهولندي آريين روبنلم يفرح النجم الهولندي آريين روبن كثيرا بانتقاله إلى تشلسي الإنجليزي عام 2004، بعدما تلقى خبر إصابته بالسرطان عندما كان يبلغ من العمر 21 عاما في ذلك الوقت.
واكتشف روبن مرضه بعد فترة قصيرة من انتقاله إلى تشلسي، ليخضع لجراحة ناجحة ويتمكن من العودة إلى الملاعب بعد تغلبه على المرض، ولعل المثير للأمر أنه ساهم في ذلك الموسم بالذات في فوز البلوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز.
خاض روبن مشواره الكروي بعد اكتشاف إصابته بالسرطان، وحقق نجاحات كبيرة سواء مع تشلسي أو ريال مدريد وإنتر وأخيرا بايرن ميونخ، وتوج مع جميعها بالألقاب، وأبرزها دوري أبطال أوروبا 2013، كما بلغ مع المنتخب الهولندي نهائي كأس العالم 2010.
إعلان الإيفواري سابستيان هالرشخّص الأطباء إصابة هالر بسرطان الخصية في يونيو/حزيران 2022، بعد أسابيع قليلة من انتقاله إلى بوروسيا دورتموند الألماني، وأجرى عمليتين جراحيتين قبل إخضاعه للعلاج الكيميائي لمدة 5 أشهر.
وبينما كان زملاؤه يستعدون لبدء موسم جديد، كان هالر يخوض صراعا صعبا مع السرطان دام 6 أشهر، قبل أن يعود إلى الملاعب من جديد بعد حصص مكثفة من العلاج الكيميائي.
وفي يناير/كانون الثاني 2023، وبعد طول انتظار، خاض المهاجم الإيفواري أول مباراة مع ناديه الألماني، وذلك عند مواجهة أوغسبورغ في البوندسليغا.
وقبل أن تطأ قدماه أرض الملعب، خطفت العبارة التي كتبها هالر على حذائه "اللعنة على السرطان" باهتمام المشجعين، الذين صفقوا له كثيرا بعد رحلة مغالبته المرض، وفي 4 فبراير/شباط 2023 أحرز أول هدف له مع بوروسيا دورتموند وذلك في مباراة فريبورغ.
وبعد ذلك بعام اكتملت قصة نجاح هالر في التغلب على السرطان، عندما قاد منتخب كوت ديفوار للتتويج ببطولة أفريقيا للأمم 2024، بالفوز على نيجيريا في النهائي.
الأميركي لانس أرمسترونغيعدّ بطل سباقات الدراجات الهوائية واحدا من أشهر نجوم الرياضة في العالم، بعدما خط مسيرة أحرز فيها الكثير من الألقاب والإنجازات.
لكن كثيرا من المتابعين لا يعرفون أن أرمسترونغ، البالغ من العمر حاليا 54 عاما، أصيب بالسرطان في 1996، بعمر الـ25، عندما اكتشف الأطباء الورم الخبيث في مرحلته الثالثة المتقدمة.
ويروي البطل الأميركي قصته قائلا "كانت نسبة شفائي شبه معدومة، ولم تكن تتعد 20%" لكن طبيب الأورام كريغ نيكولز نجح في مساعدته، ليخضع بطل الدراجات لآخر علاج كيميائي له في 13 ديسمبر/كانون الأول 1996.
وفي يناير/كانون الثاني 1997، ظهر أرمسترونغ بشكل مفاجئ في أول معسكر تدريبي لفريق كوفيديس في فرنسا، ليتم الإعلان في فبراير/شباط 1997 عن شفائه من السرطان.
واستطاع "الدراج العائد من الموت" أن يحقق شهرة عالمية بعد شفائه، إذ فاز بسباق فرنسا الشهير للدراجات 7 مرات متتالية من عام 1999 إلى عام 2005.
إعلانوتمت إدانة أرمسترونغ في 2012 بتعاطي مواد محظورة، وتجريده من ألقابه، لكنه نفى في ذلك الوقت تورطه في قضية المنشطات.