زهير عثمان حمد
في يوم الأحد السادس من يناير لعام 2008م، ودّع العالم البروفيسور محمد سعيد القدال، تاركًا وراءه إرثًا ثريًا من العلم والمعرفة. عُرف بتواضعه الجم ونضاله الدؤوب من أجل تجديد حياة الشعب السوداني والدفاع عن حقوق المستضعفين. أثرى القدال المكتبة السودانية بمؤلفات قيّمة ساهمت في تشكيل نظرة موضوعية جديدة للتاريخ والتراث السوداني، وكان مربيًا لأجيال من طلاب العلم والدراسات العليا
كمفكر ومؤرخ سوداني بارز، وُلد القدال في عام 1935 بمدينة سنكات شرق السودان.

تلقى تعليمه الأولي في الخرطوم وتخرج من كلية الآداب بجامعة الخرطوم عام 1958. حصل على درجة الماجستير من جامعة كاليفورنيا ودرجة الدكتوراه في تاريخ السودان الحديث من جامعة الخرطوم. خلال مسيرته الأكاديمية، شغل مناصب عدة، منها مساعد مفتش التاريخ بوزارة التربية، ورئيس قسم التاريخ بمعهد المعلمين العالي، وأستاذًا مشاركًا في جامعة الخرطوم وجامعة عدن
من بين مؤلفاته العديدة “التعليم في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية” “الحرب الحبشية السودانية” و“المهدية والحبشة” “الحزب الشيوعي السوداني وانقلاب 25 مايو” “الإمام المهدي: لوحة لثائر سوداني” “السياسة الاقتصادية للدولة المهدية” “الإسلام والسياسة في السودان” “الانتماء والاغتراب: دراسات في تاريخ السودان” “تاريخ السودان الحديث: 1820-1955”
وكانت إسهاماته الفكرية ذات تأثير كبير في الفكر السوداني والعربي، وتُعد مؤلفاته مرجعًا هامًا للباحثين والمهتمين بالتاريخ السوداني والدراسات الإسلامية. وقد تميز بتركيزه على التاريخ السوداني، واستخدامه منهجية أكاديمية صارمة في دراساته، ومساهمته في تطوير المناهج التربوية، وتأثيره الثقافي والاجتماعي الواسع
رحل القدال وهو متمسك بمبادئه، مدافعًا عن فكره ومنهجه، ومناضلًا من أجل إصلاح التعليم العالي وإنقاذ جامعة الخرطوم. سيُذكر دائمًا كأحد الأعمدة الرئيسية في الفكر والتاريخ السوداني، وستبقى مؤلفاته شاهدة على إسهاماته الجليلة في مجالات التاريخ والسياسة والتعليم
الدكتور محمد سعيد القدال كان مفكرًا ومؤرخًا له تأثيره الخاص في الفكر الإسلامي. وفقًا للمعلومات المتاحة، لا يُظهر أنه كان ضد التيار الإسلامي بشكل عام. بل على العكس، يُشير إلى أنه كان له إسهامات في الدراسات الإسلامية وقدم أبحاثًا في مجالات مثل “الإسلام والسياسة في السودان” و"الاتفاق في القرآن الكريم" وغيرها. ومع ذلك، يُعتبر أن له توجهات فكرية متنوعة وقد يكون له آراء معينة تختلف عن بعض التيارات الإسلامية الأخرى لذا، يُمكن القول إنه كان له نهجه الخاص في التعامل مع القضايا الإسلامية دون أن يكون ضد التيار الإسلامي بشكل كامل. وأذا حاولت عقد مقارنة بينه وبين أين جيله الدكتور ايرهيم ابوسليم , تجد أن الدكتور إبراهيم أبوسليم والدكتور محمد سعيد القدال كلاهما من الشخصيات البارزة في مجال التاريخ السوداني، ولكل منهما إسهامات قيمة في هذا المجال. الدكتور أبوسليم معروف بأعماله الأكاديمية الدقيقة وتحليلاته التاريخية، وقد قدم تصويبات واستدراكات لأعمال تاريخية سابقة، مما يعكس عمق بحثه واهتمامه بالدقة التاريخية.
من ناحية أخرى، الدكتور القدال معروف بتركيزه على تاريخ الطوائف الدينية السودانية والأحزاب العقائدية، بالإضافة إلى أبحاثه في مجال المناهج التربوية وكلاهما قدم مساهمات مهمة في فهم التاريخ السوداني ولكن من زوايا مختلفة، مما يعزز الفهم الشامل للتاريخ السوداني وتطوره , ويمكن القول إن كلا المفكرين قد أثرى الفكر التاريخي السوداني بطرق متميزة، وتقديرهما يأتي من خلال الإسهامات الفريدة التي قدم كل منهما في مجاله
وقد أسهم بشكل كبير في دراسة تاريخ الأحزاب السياسية في السودان، بما في ذلك الحزب الشيوعي السوداني. لقد تناول في كتاباته تطور الحزب الشيوعي وأثره في السياسة السودانية، ومن بين مؤلفاته التي تتناول هذا الموضوع كتاب “معالم في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني” وكتاب “الحزب الشيوعي السوداني وانقلاب 25 مايو”، الذي يبحث فيه تأثير الحزب على الأحداث السياسية في السودان
، يُعد البروفيسور محمد سعيد القدال ركنًا أساسيًا في بناء النهضة الفكرية السودانية. فقد كان بمنزلةالاساس الذي وضع اللبنات الأولى لصرح الفكر والمعرفة، مُسلحًا بإنجازاته العملية ومواقفه السياسية الثابتة. لقد أسس القدال لمرحلة جديدة من الوعي بأهمية التاريخ والتراث في تشكيل المستقبل، وعمل بلا كلل لتعزيز دور التعليم كقوة محركة للتقدم الاجتماعي والثقافي
من خلال مؤلفاته الغزيرة وأبحاثه الرصينة، قدم نموذجًا للباحث الجاد والمفكر النقدي، وأثبت أن الفكر السوداني قادر على المساهمة بفاعلية في الحوار العالمي حول القضايا الإنسانية والاجتماعية. وبمواقفه السياسية، كان القدال صوتًا للحقيقة والعدالة، يدافع عن الحريات ويناضل من أجل مجتمع أكثر إنصافًا وتقدمًا
إن إرث البروفيسور محمد سعيد القدال يظل حيًا في الأجيال التي تخرجت تحت إشرافه وفي كل كلمة كتبها. لقد كان بحق أحد بناة النهضة الفكرية السودانية، وستظل ذكراه مصدر إلهام لكل من يسعى للمعرفة والتجديد , وهو بحق أحد بناة فكر الامة السودانية

ولي عودة مع مفكرًا أخر

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحزب الشیوعی السودانی التاریخ السودانی تاریخ السودان جامعة الخرطوم فی السودان

إقرأ أيضاً:

برلمانية: قانون تنظيم الفتوى سد منيع لحماية المجتمع من الفكر المتطرف

كتب- نشأت علي:

قالت النائبة سحر صدقي، عضو مجلس النواب، إن قانون تنظيم إصدار الفني الشرعية، يهدف لضبط الخطاب الديني في زمن تتزايد فيه محاولات التشويش على ثوابت الأمة، وضمان تقديمها بشكل يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين المعمول بها.

وأضافت "صدقي" أن القانون يمنع غير المختصين من تصدر المشهد، في خطوة الغرض منها ضبط المنظومة بصورة كبيرة لمنع اللغط الذي قد يصيب البعض جرأ هذه الفتاوى غير المسئولة، التي تهدد وحدة الصف، مؤكدة أن الفتوى مسئولية عظيمة ذات تأثير مباشر على حياة المواطنين، وعلى المجتمع".

وأشارت إلى أن القانون سد منيع في وجه فتوى الفتاوي، والتي استغلتها بعض التيارات المتشددة والمتطرفة لنشر أفكار هدامة لنشر الفوضى، وحدد مشروع القانون الإطار القانوني والتنظيمي لممارسة الفتوى، لتعزيز الاستقرار الديني والاجتماعي في المجتمع، وفي نفس الوقت ضمان جودة الفتاوى ومواءمتها مع الشريعة الإسلامية.

وأكدت النائبة، أن مشروع القانون يعزز الشفافية في ممارسة الفتوى، علاوة على التزام المؤسسات والوسائل الصحفية والإعلامية والمواقع الإلكترونية وتطبيقات التواصل الاجتماعي ومحتوياتها بنشر الفتاوى الشرعية الصادرة من المتخصصين، إضافة لحماية المجتمع من الفتاوى المتطرفة أو غير الصحيحة.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

النائبة سحر صدقي مجلس النواب قانون تنظيم إصدار الفني الشرعية الخطاب الديني أحكام الشريعة الإسلامية

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الخبر التالى: توجيه مهم من السياحة بشأن الحج 2025 الأخبار المتعلقة برلماني: لدي مستندات وفيديوهات تؤكد سرقة المواد البترولية واستبدالها بمياه أخبار "محلية النواب" توافق على موازنة ديوان عام وزارة التنمية المحلية للعام المالي أخبار "دينية النواب": إقرار قانون "تنظيم الفتوى" خطوة نحو خطاب ديني موحد أخبار برلماني يتهم الحكومة بالانحياز للملاك في تعديلات الإيجار القديم أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

برلمانية: قانون تنظيم الفتوى سد منيع لحماية المجتمع من الفكر المتطرف

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

الإيجار القديم.. ائتلاف الملاك يرفض الأجرة المحددة ويطالب برفعها لـ8 آلاف جنيه البنزين المغشوش.. البترول: 2000 جنيه للمتضرر من تلف الطرمبة لكن بشرط 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • وزير الداخلية السوداني يصدر توجيهاً بشأن الوجود الأجنبي في الخرطوم
  • عامان على الحرب: صورٌ تحكي مأساة الإعلام السوداني وصمت استوديوهاته
  • الجيش السوداني يحرز تقدماً ميدانياً في أم درمان ويجري عمليات إجلاء إنسانية
  • المشروع التقدمي الحداثي السوداني: DEAD MAN WALKING
  • برلمانية: قانون تنظيم الفتوى سد منيع لحماية المجتمع من الفكر المتطرف
  • بالصورة والفيديو.. ناشط سعودي ينشر مقطع لمنزله بمدينة “جازان” ويشبهه بالمنازل السودانية: (اعلم كما قيل لي انها تشبه السودان ونفس كل شي في السودان و لذلك احس بكل الشوق الذي في دواخلكم إلى بلدكم)
  • تحول المجال السوداني لحيز إختبار لتفوق المسيرات !
  • مسيرات هاجمت مطار عطبرة ومضادات الجيش السوداني تتصدى
  • وزير الخارجية: مصر تواصل جهودها لحل الأزمة السودانية.. وتتمسك بالحلول السلمية
  • مرقص: نأمل أن يتعاون معنا أهل الفكر وأحرار البلد في وزارة الإعلام