استطاعت الدراما التليفزيونية أن تطور العديد من عناصر الإخراج خاصة التصوير والإخراج المتميز للكثير من المخرجين الشباب، وكذلك الأداء الحديث الجيل الواعد من الممثلين الذين تدربوا على فنون الإلقاء والحركة والإبداع الجسدى بدلًا من الصوت الجهورى المسرحى، لأن لكل فن مفرداته وأسلوبه ولا ننسى الحدث الأهم ألا وهو اختفاء السوقية الفجة للأعمال الكوميدية التى تعتمد فقط على الإفيه والألفاظ الخارجة التى روج لها «أستوديو ومسرح مصر» بكل أسف وأخرج جيلًا من الممثلين الذين تصوروا أن الكوميديا هى مجرد فارس ضحك هستيرى من أجل المتعة ولا مانع من تدمير اللفظ والسلوك والسخرية من الشكل والخلقة والابتذال فيما يطرح، وفى دراما هذا العام انضباط الإيقاع فى الحوار ولم نعد نسمع ألفاظًا خارجة ولا نشاهد عنفًا ممتدًا غير مبرر وحتى أعمال البلطجة أخذت طابعًا أكثر حرفية وفنية وواقعية درامية أكثر منها واقعية مفبركة وهذا ما يحسب للشركة المتحدة!
كما أن تنوع أختيار الموضوعات وتعدد النجوم وتحويل بعض الأعمال إلى مسلسل من ١٥ حلقة فقط ساعد على وقف الإهدار فى الوقت والمط والتطويل والملل الذى كان ينشأ من عدم قدرة السيناريست والكاتب على تقديم قصة واحدة على مدار ٣٠ حلقة لإنعدام الحبكات المساعدة والقصص الفرعية.
ومن الأعمال الكوميدية التى حققت بعض الجماهيرية مسلسل «أشغال شاقة» لهشام ماجد وأسماء جلال وشيرين وهو كوميديا إجتماعية عن قصة فيلم صلاح ذو الفقار ونيلى «صباح الخير يا زوجتى العزيزة» لأحمد يحيى وإن كانت المعالجة بها كثير من المبالغة والتكرار، حيث تيمة الحموات الفاتنات المشاحنات مما يؤدى إلى خراب البيوت.. كما أن تعددية الخادمات ومشكلات المرأة العاملة التى ترفض مساعدة الأمهات وتفضل الخادمات لم تكن موفقة ولكنه عمل كوميدى بسيط نظيف من الابتذال ويعتمد على كوميديا الموقف والسخرية فى أداء كوميدى ساخر.
أما القضية الهامة والخطيرة وهى إنتاج مشترك مسلسل «صلة رحم» لهشام عبية وتامر نادى وإياد نصار ويسرا اللوزى.. المسلسل يجمع بين قضية قصة فيلم «حب لا يرى الشمس» ١٩٨٠ لمحمود عبدالعزيز ونجلاء فتحى، وهدى رمزى فيلم «جرى الوحوش» لعلى عبدالخالق ومحمود أبو زيد ونور الشريف وحسين فهمى.. قضية «تأجير الرحم» قضية خطيرة جدًا وكنت أنتظر تدخل الأزهر الشريف والمجلس القومى للمرأة والمنتديات العلمية الطبية والهندسة الوراثية لأن هذا الموضوع شائك وخطير ليس فقط شرعًا ولكن علميًا واجتماعيًا، فهو حتى الآن غير مصرح به فى العديد من الدول لأسباب إجتماعية وقانونية وعلمية، الأم ليست بويضة وليست مجرد رحم لأن النطفة والعلقة تحوى جينات الطفل ولكن علميًا البيئة المحيطة هى الرحم الذى يتغذى منها هذا الجنين ليكبر وتتكون عظامه وأحشائه وجلده وأعصابه كل هذا من ذلك الرحم الذى يمده بكل إحتياجاته لينمو ويتطور ويتخلق بقدرة الخالق وكلها أسرار كونية.. هذا والحمل هو عملية شاقة على أى أم لقوله تعالى «حملته أمه كرها ووضعته كرهًا وحمله وفصاله ثلاثون شهرا» «حملته أمه وهنا على وهن» أى أنه مرحلة ممتدة على مدار أيام وساعات تصل إلى تسعة أشهر من الإرهاق الجسدى والنفسى حتى تضعه فى عملية مخاض خطيرة قد تؤدى بحياتها ثم تبدأ رحلة الفصال والرضاعة أى حمل ورضاعة ٣٠ شهرا ثم نقول رحم مؤجر.
إذا أختلطت الأنساب والدماء والجينات والمشاعر والأحاسيس، ورحم المرأة أطهر وأنقى من أن يؤجر والرجل الذى يرغب فى الأطفال والنسل له حق الزواج لينجب والمرأة التى حرمت من الإنجاب يمكن أن تتبنى أو تربى أبناء العائلة أو ترضى بقضاء الله وتحتسب لكن فكرة التأجير هى فكرة غربية مستهجنة تهدف إلى تدمير الأسرة وإهانة المرأة واعتبارها شقة للإيجار أو شقة مفروشة وكيف يخرج علينا هذا الشيخ الداعية ليحلل ما دون العلم والشرع والناموس الإجتماعى، ولماذا لم يتحرك المجلس القومى للمرأة.. العمل قضية تحتاج إلى وقفة جادة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المجلس القومى للمرأة مسلسل صلة رحم قضية صلة رحم الدراما التليفزيونية
إقرأ أيضاً:
اللهم اجعله خير
لا يختلف اثنان على الدور المحورى الذى تمارسه الرقابة المالية والبورصة المصرية فى ترسيخ استقرار سوق المال وحماية أموال المستثمرين، وتعزيز خصائص السوق الكفء من شفافية وإفصاح وتدفق عادل للمعلومات.. هذا الدور تجلّى بوضوح فى الفلسفة الجديدة التى تبنّتها الجهتان خلال عمليات التفتيش على الشركات المتقدمة للقيد، إذ لم يعد الأمر مجرد «استيفاء أوراق» أو إجراءات شكلية، بل فحص دقيق لأصول الشركات وبياناتها وكل كبيرة وصغيرة تمتّ بِصلة لنشاطها.
كشفت عمليات التفتيش خلال الفترة الماضية عن قائمة واسعة من المخالفات ارتكبتها شركات مقيدة، وبناءً عليه تحركت الجهات الرقابية بحزم لحماية حقوق المتعاملين وضمان استقرار السوق. ولعل أحدث الحالات على ذلك ما جرى فى شركة ديجيتايز للاستثمار، وقبلها شركة بريميم هيلثكير.
فى حالة «هيلثكير»، أخطرت الرقابة المالية البورصة بالنظر فى نقل أسهم الشركة إلى القائمة (د)، وفق قرارى رئيس البورصة رقم 92 لسنة 2021 و238 لسنة 2024، وهى القائمة المخصصة للشركات المعرضة للشطب الإجبارى نتيجة مخالفات جوهرية لقواعد القيد والإفصاح. وبالفعل اتخذت لجنة القيد بالبورصة القرار.
المشهد ذاته تكرر مع «ديجيتايز»، حيث أخطرت الرقابة المالية لجنة القيد بإمكانية نقل الشركة إلى (القائمة د)، استنادًا إلى المخالفات المثبتة.. إلى هنا تبدو الصورة طبيعية ومنطقية. لكن غير الطبيعى هو أن لجنة القيد – رغم المخالفات والغرامات التى فُرضت – لم تنقل الشركة إلى القائمة "دال" كما حدث فى عشرات الحالات المماثلة.
هنا تحديدًا بدأت علامات الاستفهام تتصاعد داخل مجتمع سوق المال.. ما الذى جرى؟.. ولماذا اختلف التعامل مع هذه الحالة تحديدًا؟ وما السر وراء ذلك.. هل تأخذ اللجنة وقتها أم لديها وجهة نظر أخرى وأن المخالفات ليست على المستوى الذى يستدعى النقل؟
صمت لجنة القيد وعدم توضيح أسباب عدم نقل الشركة رغم استيفاء شروط الإدراج بالقائمة «د» فتح الباب أمام لغط واسع، وكأن السؤال الذى يدور على ألسنة المتعاملين: «اللهم اجعله خير.. ماذا يحدث؟».