آلاف اليمنيين ضحايا الحرب الصامتة سنوياً.. عجلات سيارة سائق متهور تسرق أم من جوار طفلتيها وسط صعدة (تقرير)
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
بينما كانت "أميرة" تلعب على الرصيف، لم تكن تعلم ما يخبئه القدر بين طياته، وأن تلك الدقائق الأليمة هي لحظات الوداع الأخير لوالدتها التي قرر سائق متهور أن يخطف روحها الى دار الخَلَدِ على عجلات سيارته المسرعة، لتصبح وشقيقتها الصغرى يتيمتان طيلة العمر.
في الرابعة والنصف، من عصر يوم الاثنين الماضي، كانت الطفلة "أميرة" (10 أعوام)، تلعب في الرصيف على جانب الطريق العام بمحافظة صعدة بانتظار أمها التي كانت تمسك بيد شقيقتها الصغرى "ندى" (ثمانية أعوام) على جزيرة الشارع تحيناً خلوه من طيش السائقين، لتجتازه إلى الجهة المقابلة حيث ابنتها الأخرى، قبل أن تباغتهما سيارة يقودها سائق متهور بسرعة جنونية ليدهس والدتها في منتصف الشارع ويقذف بها لمسافة بينما تنجو طفلتها الصغيرة التي كانت بجانبها على مسافة صفر بأعجوبة.
ناشطون تداولوا على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع مرئي لكاميرا مراقبة أحد المحال التجارية، وثق الحادث المأساوي للمرأة وطفلتها "ندى" الذي وقع بالقرب من سوق العند.
ويظهر المقطع الطفلة "أميرة" التي شهدت اللحظات الأليمة، وهي تركض بعد الحادثة للبحث عن والدتها باتجاه المكان الذي قذفت بها السيارة في مشهد مفزع، بينما تقف الطفلة الناجية "ندى" متبلدة من هول الحادث المُرّوع الذي خطف "أمها" من جوارها دون وداع أخير في فاجعةٌ يصعب عليها نسيانها.
وأثارت الحادثة موجة غضب واستياء واسعين بين أوساط الناشطين والسكان، الذي وصفوه بـ "الموجع" وعكس مدى الاستهتار بأرواح الناس وعدم وضع مراعات النساء والأطفال في الشوارع، والاستهانة بالدم اليمني، مطالبين الجهات المعنية باعتبار الحادثة "عمداً" واتخاذ اقصي العقوبات بحق السائق عدم التهاون بأرواح المواطنين جراء القيادة المتهورة التي لاتعمل أدنى اعتبار لحرمة الدم.
الحرب الصامتة
هذه الحادثة لم تكن الأولى، بعد أن تحولت الطرقات في مختلف المحافظات إلى قاتل متجول يحصد أرواح المواطنين، وأصبحت الحوادث المرورية احد اقوى الحروب الصامته التي تشهدها البلاد بموازاة الحرب العسكرية، حسب الإحصائيات.
ومنذ بداية شهر رمضان المبارك زادت حوادث السير في عموم البلاد وبشكل يومي، خاصة في أوقات ماقبل الإفطار والسحور وبعدهما والمساء، مخلفة عشرات الوفيات والجرحى.
والساعات القليلة الماضية شهدت حادثتين مُرّوعتين في محافظتي (مأرب وأبين) المحررتين أسفرتا عن وفاة وإصابة نحو 15 شخصا اغلبهم نساء وأطفال.
وحسب مصادر محلية، في مأرب، توفيت 5 نساء وجرح آخرون بحادث تصادم بين مركبتين على الخط الدولي بمديرية الوادي، فيما توفي شاب وجرح 4 آخرون بحادث تصادم دراجتين ناريتين في مدينة زنجبار بالقرب من مبنى مؤسسة المياه بمحافظة أبين.
وتحصد الحوادث المرورية أرواح المواطنين والمسافرين في الطرق الطويلة والمتنقلين بين المحافظات بشكل يومي، خصوصًا في الطرقات الفرعية البديلة مع استمرار إغلاق مليشيا الحوثي الطرقات الرئيسة إبان اندلاع الحرب في البلاد عام 2015 ولجأ السكان إلى سلوك طرقات جبلية وعرة تؤدي إلى حوادث مميتة بشكل مستمر.
طرق الموت
وأدى الحصار الذي تفرضه المليشيا الإرهابية على عدة محافظات منها تعز وإغلاق الطرق الرئيسة، إلى استخدام المواطنين طرق فرعية بديلة جبلية وعرة والتي يطلق عليها "طرق الموت"، تنتج عنها حوادث ومآس لا حصر لها، في ظل تجاهل أممي لمعاناة اليمنيين منذ اكثر من تسع سنوات.
وعلى سبيل المثال تشهد طرقات محافظات تعز والضالع والقبيطة بلحج والطريق الدولي الرابط بين اليمن والسعودية في منطقة العبر - الوديعة والطرق الصحراوية البديلة في صحراء الجوف ومأرب التي يسلكها العائدون من السعودية من المغتربين والمعتمرين، بين الفينة والأخرى، حوادث متكررة وخسائر بشرية.
وتنوعت هذه الحوادث بين الدهس والصدام والانقلاب والسقوط.
وأرجع مراقبون أسباب الحوادث المرورية إلى جوانب، بينها السرعة الزائدة والتجاوزات الخاطئة والخطرة وتهور السائقين وإهمال المشاة وسوء وتردي الطرقات فضلا عن غياب الاضاءات في المركبات إلى جانب المواصفات الفنية للمركبات وإهمالها وعدم إجراء الفحص الفني والصيانة الدورية لها، وتهالك الطرقات نتيجة عدم صيانتها منذ بداية الحرب.
إضافة إلى عدم التزام السائقين والركاب والمشاة، بالإجراءات والتعليمات المرورية، والانزلاقات الطينية المصاحبة للأمطار في المنحدرات، وسوء الأحوال الجوية في ظل الأجواء الماطرة وتدني الرؤية، فضلا عن الأخطاء الهندسية في الطرق وغياب أي صيانة للطرقات، وفقدان التحكم والسيطرة بمكابح السيارات والشاحنات والتي تمر بأسواق شعبية يكون فيها الأهالي عرضة للحوادث.
أرقام
خلال السنوات الخمس الأخيرة، سقط المئات من المدنيين بين قتيل ومصاب اغلبهم نساء وأطفال إثر تعرضهم لحوادث دهس نتيجة السرعة الزائدة لأطقم مليشيا الحوثي يقودها عناصر ومشرفين حوثيين في مختلف مديريات ومحافظات الانقلاب في ظل تنصل المليشيا عن محاسبتهم.
ومطلع يناير الماضي، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية، عن مقتل وإصابة 2092 مدنياً جراء الحوادث المرورية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، خلال العام 2023م.
وأوضح التقرير الإحصائي الأمني السنوي لقطاع الأمن والشرطة للعام الماضي 2023م، الذي نشرته وزارة الداخلية على موقعها الإلكتروني، أن المناطق المحررة شهدت خلال العام الماضي 2925 حادثاً مروريا نتيجة السرعة الزائدة، تسببت بمقتل 275 شخصا وإصابة 1817 آخرين، علاوة عن الخسائر المادية التي بلغت 448 مليونا، و210 ألف ريال يمني.
وأواخر يوليو العام الماضي، أعلنت إدارة المرور الخاضعة لإدارة مليشيا الحوثي في احصائية لها، وفاة واصابة 12590 شخصا جراء الحوادث المرورية التي شهدتها صنعاء المحافظات الخاضعة لسيطرتها خلال العام الهجري الماضي الموافق العام 1444هـ (وهو التقويم الذي اعتمدته المليشيا بدلا عن الميلادي).
وبحسب البيان الذي نشرته وكالة سبأ بنسختها الحوثية، فإن الحوادث جراء السرعة الزائدة والإهمال والأعطال الفنية تسببت بوفاة 1488شخصا بينهم 260 امرأة، وإصابة 11102 شخصا بينهم 1966 امرأة بإصابات مختلفة، وخسائر مالية قُدرت بأكثر من 4 مليارات ونصف ريال يمني.
وتُشير الإحصائيات إلى أن ضحايا اليمن من الحوادث المرورية سنويًا تفوق ضحايا الحرب في جبهات القتال.
وطالب سائقون، سلطات الأمر الواقع "الحوثيين" والحكومة المعترف بها دولياً، سرعة التوسعة والصيانة الدورية للطرقات التي تربط بين المدن والمحافظات وتشهد تكرارا للحوادث المرورية المروعة للحد من سقوط مزيد من الضحايا فيها.
ودعوا الى تكثيف انشطة التوعية المرورية والتذكير بمخاطر الحوادث المرورية وخسائرها المروعة البشرية والمادية، بهدف الحد منها.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: الحوادث المروریة السرعة الزائدة
إقرأ أيضاً:
زلزال يهز تايوان ويعيد القلق بشأن تكرار كارثة العام الماضي
ضرب زلزال بقوة 6.4 درجات على مقياس ريختر، الأربعاء، السواحل الشرقية لتايوان، مثيرًا مخاوف متجددة من تكرار كارثة نسيان/ أبريل الماضي، حين هزّ زلزال مدمر البلاد وخلف عشرات القتلى والجرحى.
ووفقًا لبيان صادر عن المكتب المركزي للأرصاد الجوية في تايوان، فإن الزلزال وقع عند الساعة 08:04 صباحًا بالتوقيت المحلي، وكان مركزه على بعد 69.9 كيلومترًا جنوب وسط مقاطعة هوالين، المطلة على المحيط الهادئ، وعلى عمق 30.9 كيلومترًا تحت سطح الأرض.
وشعر بالهزة الأرضية، التي وصفها مسؤولون محليون بـ"المتوسطة إلى قوية"، سكان مقاطعتي هوالين وتايتونغ شرق وجنوب البلاد، فيما لم تعلن السلطات حتى الآن عن تسجيل إصابات بشرية أو أضرار مادية كبيرة، بحسب التصريحات الأولية لوزارة الداخلية التايوانية.
ونقلت وسائل إعلام تايوانية عن شهود عيان في مدينة هوالين قولهم إن "الهزة كانت مفاجئة، لكنها استمرت لثوانٍ فقط"، مضيفين أن السكان سارعوا إلى مغادرة الأبنية نحو الشوارع خشية وقوع هزات ارتدادية.
ودعت إدارة الكوارث الوطنية إلى رفع مستوى التأهب، مؤكدةً في مؤتمر صحفي مقتضب أن الزلزال قد تتبعه ارتدادات خلال الساعات القادمة، خصوصًا أن المنطقة تقع على فالق نشط يمر عبر شرق الجزيرة.
وقالت تشين كو-هوانغ، خبيرة الزلازل في جامعة تايوان الوطنية، في تصريحات نقلتها صحيفة Taipei Times، إن "الزلزال جزء من نشاط زلزالي متواصل على الساحل الشرقي لتايوان، ويجب اعتباره تذكيرًا بضرورة تحديث معايير السلامة الإنشائية، خاصة في المناطق القريبة من خطوط الفوالق".
وتعد منطقة هوالين من أكثر مناطق تايوان تأثرًا بالنشاط الزلزالي، لوقوعها على الحدود الفاصلة بين الصفائح التكتونية الفلبينية والأوراسية، ضمن ما يُعرف بـ"حلقة النار" في المحيط الهادئ، وهي المنطقة التي تُسجل نحو 90 بالمئة من زلازل العالم.
ويعيد الزلزال الحالي إلى الأذهان الكارثة التي وقعت في 3 نيسان / أبريل 2024، حين ضرب زلزال قوي بلغت شدته 7.4 درجات هوالين، وأسفر عن مصرع 17 شخصًا وإصابة أكثر من 1000 آخرين، وتسبب في انهيار أبنية، وانزلاقات أرضية، وقطع الطرق والسكك الحديدية، ما شكل أكبر كارثة طبيعية في تايوان منذ عقدين.
كما تعرضت البلاد عام 2018 لهزة أرضية عنيفة في هوالين نفسها، خلفت 17 قتيلًا أيضًا، وهو ما يجعل السلطات التايوانية تتعامل بقدر عالٍ من الحذر مع أي هزة أرضية مهما كانت شدتها.
وفي ضوء ذلك، أعلن المتحدث باسم الحكومة التايوانية، في تصريح رسمي نقلته وكالة CNA الرسمية، أن "فرق الإنقاذ والطوارئ في حالة استنفار قصوى"، وأن "رئيسة الجمهورية تساي إنغ-ون" تتابع تطورات الوضع لحظة بلحظة.
وأكد أن الحكومة مستعدة لأي تطورات، وتم إرسال فرق تقييم أولي إلى عدد من المناطق القريبة من مركز الزلزال للتأكد من سلامة المنشآت الحيوية، بما في ذلك محطات الطاقة النووية والبنية التحتية للسكك الحديدية.
كما أكدت وزارة التعليم تعليق الدراسة لساعات في بعض المدارس القريبة من مركز الزلزال احترازيًا، إلى حين التأكد من سلامة الأبنية.