صدى البلد:
2025-05-30@22:55:29 GMT

محمد البشاري يكتب: الإنسان بين الألم والمثالية

تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT

 في خضم التطورات المتلاحقة التي تفرضها علينا معطيات التطور والحداثة المستمرين، وفي  ظرفية زمانية ومكانية تخلق فينا شعور الدهشة كل برحة قصيرة، يعيش الإنسان ضمن اتجاهات ومسارب "مضغوطة" مع تعدد واختلاف أنماطها. فالمهم ليس الكيف، وإنما الكم للوصول لمثالية ترضي الإنسان عن ذاته!

فالمجتمعات اليوم تعيش سباق متسارع الخطى نحو تحقيق الإنجازات المذهلة، والبقاء خارج صندوق التقليد والعادة، لإيجاد ما هو غير معتاد، والسماح لإلحاحية الإبداع بالانطلاق والفوران، تحقيقاً ملموساً للاختلاف المحمود.

وفي ذات السياق، فإن الإنسان يستمر في مشوار "تحقيق ذاته" والتصالح معها، لحين أن يصطدم بتحديات الحياة وصعوباتها، ليقف الأمر على مستوى تحليله وتقبله وفلسفته الذاتية للموقف، فإما يتجاوز وإما ينهزم. فعلى سبيل المثال نجد أن أشخاصاً انتهت صلاحية بريقهم مع مرورهم بتجربة الفقد، وأناساً آخرون لمعوا من قلب الألم، واستطاعوا بث تجربة معرفية وأخلاقية وتنموية نوعية. وربما يعود ذلك للفلسفة الخاصة بكل منا، والتي ربطها العلماء ومفكرو علم الاجتماع الإنساني بحزمة من العوامل مثل التنشئة المبكرة، والنضوج العقلي، والقوة البيولوجية، أو الإعداد السيكولوجي، وغيرها.

وفي إمعان الظروف المذكورة، نجد أنها تتباين، ولكنها تلتقي جميعها عند معنى فلسفي واحد هو الألم، وفي صراع الإنسان وليس سباقه مع الزمن، يصدف أن يخير محتاراً بين الألم، أو استمرار نضاله الإنساني الذي يربت على شعوره الداخلي الذي يلح في طلبه لكل ما هو مثالي. وهنا نتسائل، هل الألم ضروري الحدوث في حياة الإنسان "المسكين" بسيط القدرة ومحدود القوة؟

وحتى نكون أكثر منطقية فيما نقوله فلابد من تتبع ما يمكن أن يحصده الإنسان من موسم التعب والألم،  فشعور الإنسان بالتعب، هو أولاً إنذار وتنبيه ليستطيع الإنسان ترتيب أوراقه للمرحلة اللاحقة، وهذا لا يتوقف على التنبيه العصبي الذي ينذر بوقوع أمراض أو مخاطر، بل هو "جرس" عام يسمع صوته القاصي والداني في تتبع مجريات الأيام. وأما فيما يتعلق بمدى ذلك الألم، وقدرة الإنسان على تحمله، فإن الوصول لتفعيل خواص التجربة المؤلمة للإنسان لا بد أن تعطى بمستوى غير اعتيادي، أي تتجاوز قدرته الاستيعابية التي يظن أنها مكتملة، وهذا لا يكون دون أن تخرج زمام التجربة المؤلمة خارج إرادتنا، وغير تابعة لتحكمنا وسيطرتنا، وإلا استهان الانسان بهذه التجربة وقرر إلغائها قبل حدوثها، وهذه النقطة بحد ذاتها تجعل الخلاص من أصناف وألوان الألم انتصاراً، فهو لم يحدث بسهولة، ولم يكن بيدنا دفعه بكل يسر.

يقول الحق سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِقِينَ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"  وبالتالي فإن وجود الألم في الحياة الدنيا لا يتنافى وقدرة الخالق ورحمته وسعة علمه سبحانه.  و"الحكمة التي أقيم عليها نظام هذا العالم اقتضت أن يكون نظام عقول البشر قابلا للتطوح بهم في مسلك الضلالة أو في مسلك الهدى على مبلغ استقامة التفكير والنظر، والسلامة من حجب الضلالة" .

هل ننتصر للألم؟ 
وإن هذا كله يسوقنا بطواعية ودودة للتحديق في الحكمة البالغة لله سبحانه وتعالى في الكون، بشتى تفاصيله وتعرجاته، فكيف سيكون وجود هذا الكون بلا شر؟  وإن هذا لا يعني تأييد الشر، أو الفرح بوجوده، أو تشجيع الإقبال عليه، بل هو تحليل نقدي بسيط للدعوة الجادة لإعادة وزن الأمور بعقولنا قبل عيوننا، والنجاح الحقيقي في إيجاد معنى لوجودنا ولحياتنا ولما نقوم به من أفعال مهما كان حجمها في أعيننا، فالتأزمات المجتمعية، والأزمات النفسية المستعصية بدأت من هناك، حيث فقد الإحساس بمعنى الحياة، من فقدان الشغف، وانعدام الهدف والغاية، ولذا نجد معظم إن لم يكن كل الأطباء والاستشاريين النفسيين يستهلون أسئلتهم التكتيكية لمراجعيهم ب: "ماذا تفعل بحياتك؟"، و "ما هي أهدافك وطموحاتك؟".

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

وفد القومي لحقوق الإنسان يبحث مع محافظ بني سويف عددا من الملفات

بدأت اللجنة الاقتصادية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، زيارة ميدانية لمحافظة بني سويف، والتي تتضمن عددًا من اللقاءات والاجتماعات وورش العمل مع الجهات التنفيذية والتعليمية ومؤسسات المجتمع المدني للاطلاع على الجهود المبذولة في دعم حقوق المواطنين وبناء قدرات مقدمي الخدمات.

استهل وفد اللجنة، برئاسة الدكتور محمد ممدوح، عضو المجلس وأمين اللجنة الاقتصادية، الزيارة باجتماع مع الدكتور محمد هانيء غنيم، محافظ بني سويف، وذلك بحضور بلال حبش نائب المحافظ.

ناقش الدكتور محمد هانيء غنيم سبل تعزيز التعاون مع المجلس لخدمة أبناء ومواطني المحافظة في هذا الملف الحيوي، وأهمية الدور الذي يقوم به المجلس في خدمة القضايا التي تهم المواطنين، في ظل حرص الدولة وسعيها لتحسين مستوى معيشة المواطنين، وما تقوم به من خطوات جادة وسريعة لتعزيز حقوق الإنسان وإعلاء قيم المواطنة، واستعرض جانبًا من الجهود التي تنفذها المحافظة في مشروعات البنية الأساسية والخدمات الصحية والتعليمية وتطوير الريف ضمن "حياة كريمة".

فيما أكد الدكتور محمد ممدوح، أن التمكين الاقتصادي هو مدخل أساسي لتعزيز كرامة الإنسان، وتحقيق تكافؤ الفرص، والحد من الفقر، وهو أحد المحاور الرئيسية لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، موضحًا أنه لا يقتصر على إتاحة فرص العمل، بل يشمل بناء القدرات، وتوفير التدريب، وضمان الوصول إلى الموارد والتمويل، وخلق بيئة مواتية لريادة الأعمال، لا سيما في المناطق الأكثر احتياجًا.

عقب الاجتماع، عُقد لقاء موسع مع القيادات التنفيذية بالمحافظة، بحضور الدكتور بلال حبش، نائب المحافظ، والدكتور محمد ممدوح، أمين اللجنة الاقتصادية بالمجلس، حيث تم استعراض جهود المحافظة في دمج مبادئ حقوق الإنسان ضمن السياسات العامة، من خلال تطوير الخدمات التعليمية والصحية والتموينية والاجتماعية، إلى جانب مشروعات البنية التحتية.
وأشار نائب المحافظ لجهود المديريات الخدمية في تنفيذ استراتيجية الدولة التي تستهدف تحين جودة الخدمات وضمان وصولها لجميع المواطنين، وخاصة الفئات الألى بالرعاية، من خلال تعزيز مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة وعدم التمييز،.

واستعرض وكلاء الوزارات أبرز المبادرات التي تم تنفيذها، والتحديات القائمة، وآليات التعامل مع شكاوى المواطنين، إلى جانب جهود التوسع في تقديم الخدمات داخل القرى والمراكز المستهدفة ضمن المرحلة الحالية من "حياة كريمة".

وفي ختام فعاليات اليوم الأول، تم عقد ورشة عمل موسعة نظّمتها المحافظة بالتعاون مع المجلس، بمشاركة نحو 87 ممثلًا عن الجمعيات الأهلية والكيانات الشبابية، إضافة إلى عدد من مسؤولي المديريات التنفيذية ذات الصلة.، وقد أدار الحوار كل من الدكتور محمد ممدوح، أمين اللجنة الاقتصادية بالمجلس، والدكتور بلال حبش، نائب محافظ بني سويف

وناقشت الورشة آليات تعزيز التعاون بين المجتمع المدني والأجهزة التنفيذية في دعم الحقوق الاقتصادية، وتفعيل أدوار الرقابة المجتمعية، وتعزيز المشاركة في تحسين جودة الخدمات العامة. كما تم استعراض محاور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وفتح المجال للحوار المفتوح مع المشاركين حول أبرز التحديات.

وأكد الدكتور محمد ممدوح، أن ما لمسته اللجنة خلال اليوم الأول من الزيارة يعكس جدية محافظة بني سويف في تنفيذ التزاماتها الحقوقية، ويجسد تفاعل الأجهزة التنفيذية مع رؤية المجلس الرامية إلى دعم تنمية شاملة قائمة على احترام الحقوق.
تواصل اللجنة الاقتصادية أنشطتها الميدانية خلال الأيام المقبلة، والتي تشمل جولات ميدانية ولقاءات في إطار خطة عملها.

طباعة شارك اللجنة الاقتصادية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان محافظة بني سويف مؤسسات المجتمع المدني الدكتور محمد هانيء غنيم محافظ بني سويف بني سويف القومي لحقوق الإنسان المجلس القومي لحقوق الإنسان

مقالات مشابهة

  • رونالدو أم محمد صلاح.. من هو اللاعب الذي يرغب الأهلي المصري بضمه قبل كأس العالم للأندية؟
  • محمد بن حمد: دور المؤسسات التعليمية محوري في بناء الإنسان
  • وفد القومي لحقوق الإنسان يبحث مع محافظ بني سويف عددا من الملفات
  • د.محمد عسكر يكتب: الذكاء الاصطناعي.. حلم التطور ومخاوف السيطرة
  • الحزن الذي يحرق شرايين القلوب!
  • السيد القائد عبدالملك: جيل الأمة الإسلامية في أمس الحاجة إلى الرُشد الذي مصدره الله سبحانه وتعالى
  • السيد القائد عبدالملك: الله قدَّم لعباده الهداية الكاملة.. التي إن اتَّبعوها كانت النتيجة فلاحهم
  • السيد القائد الحوثي: القرآن الكريم النعمة الكبرى بكتاب الهداية الذي فيه البركة الواسعة في كل مجالات الحياة
  • السيد القائد: من المقامات التي جاءت في القرآن عن النبي إبراهيم عرض دلالات وبراهين واضحة لما يدعو قومه إليه لعبادة الله وحده
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب.. منظومة مكافحة الفساد