العلامة فضل الله: وطننا لا يزال بخير رغم كل ما نعانيه
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
رعى العلامة السيد علي فضل الله حفل إفطار مؤسسة "الهادي" للإعاقة السمعية والبصرية واضطرابات اللغة والتواصل، حيث ألقى كلمة، قال فيها: "نلتقي اليوم مجدداً في رحاب هذا الشهر المبارك، شهر الخير والمحبة والإنسانية، وفي هذا الصرح المميز الذي هو مظهر من مظاهر الخير والعطاء، لنعبر مجدداً أن إنسانيتنا التي لا تزال سليمة لم نفقدها، ولم تخضع لمنطق المصالح والمحاصصات ولم تستغرق في أنانياتها ولم تتخل عن منطق الرحمة والمحبة ونحن سوف نبقى نحمل مشروع الإنسان حتى لا تنطفئ شعلة الخير في وطنا".
ورأى أن "هذا اللقاء يؤكد ان في هذا المجتمع من لا يزال قلبه ينبض بالحب والعطاء والرحمة والإحساس بالآخرين، وهي نعمة لا توازيها نعمة أن يكون فينا من يغلب انتماؤه لله وارتباطه به على كل انتماء وارتباط، وبأن هذه القلوب لا تزال تحمل الطهارة رغم كل ما مر علينا من أزمات وارتكابات وفضائح جعلت الكثيرين يسقطون في امتحان الإيمان وامتحان الإنسانية بعدما جفت ينابيع العطاء من نفوسهم، لكن وبحمد الله لا زالت قلوبكم بحراً لا منتهى له في التفاعل مع من يحتاج إلى أن نمد يدنا إليه، أن ننتشله من الواقع الذي يعيشه سواء أكان هذا إعاقة جسدية أو فقراً أو وضعاً اجتماعياً أو خطراً على الحياة والوجود كالذي يحصل اليوم في غزة وفي لبنان. فبقيتم على إيمانكم وإنسانيتكم التي لم يهددها طمع أو حرص، ولم يسقطها تعصب طائفي أو مذهبي أو سياسي".
اضاف: "بورك هذا الإيمان الذي جعلكم تعبرون فوق كل الحواجز الفئوية التي تفصل الإنسان عن الإنسان وتمنع أن يفكر الإنسان أو يعمل للتخفيف من معاناة الآخرين مهما كانت هوياتهم، فإن الذي تستغرقه الهوية الفئوية الخاصة وتحبسه عن العطاء للإنسان، أي إنسان، إنما هي هوية لا تنتسب للدين أي دين ولا الإيمان أي إيمان".
وتابع: "نحن هنا لنؤكد أن وطننا لا يزال بخير رغم كل ما نعانيه من فساد الفاسدين وتقصير المقصرين، لا نزال ننعم بالخيرين الذين يفكرون بكيفية سد حاجات الناس من حسابهم وعلى حسابهم، لا يريدون من ذلك جزاءً ولا شكوراً"، ورأى ان "هذا الوطن، لن ينعم بالأمن والاستقرار وحل أزماته إلا بالبذل والعطاء والتعاون، هو لا يبنى بالأنانيين الذين لا يتجاوزون حدود ذواتهم وإذا توسعوا فلطائفتهم أو مذهبهم أو موقعهم السياسي"، وشدد على اننا "من دعاة بناء الدولة القوية القادرة على القيام بواجباتها على مختلف الصعد ولكن بغيابها أو تغيبها مسؤوليتنا الوقوف إلى جانب هذه المؤسسات والتعاون معا، وهكذا نستطيع ان نحمي هذه الفئة المستضعفة من المجتمع ونجعلها قادرة على التعبير عن طاقاتها وامكاناتها".
واردف: "لقد جئنا إلى هذا الصرح الإنساني والإيماني لنؤكد إنسانيتنا وإيماننا وحبنا لله في صيامنا وفي كل توجهاتنا، عبر العمل في كل مشاريع الخير وأبرزها هذا المشروع الذي نجتمع اليوم في ظلاله، مشروع الصداقة، صداقة الإنسان للإنسان، هذا المشروع الذي سنحمله ونبشر به وندعو إليه ونوسع دائرته، لا نريده أن يقف عند حدود هذه المؤسسة بل أن يتوسع لإيماننا بأن كل من يعمل لخير الإنسان هو منا ونحن منه".
ووجه فضل الله "كل التقدير لمن أطلق هذه المبادرة الأستاذ جورج خباز، ولجهود مجلس أصدقاء مؤسسة الهادي، هذا المجلس الذي أثبت ويثبت كم هي ثمرة هذا العمل الذي ينطلق من الذات لا لشيء بل لأجل خير الإنسان. ثمرة غالية ترفع من مفهوم الصداقة إلى معنى أعمق وأغنى، فبوركت مثل هذه الصداقة الصادقة، ولمؤسسة الهادي إدارة وعاملين كل المحبة والثناء على دورهم الريادي في إعلاء اسم هذه المؤسسة وحسن أدائها لدورها في خدمة إنساننا".
وفي الختام تم تكريم الفنان جورج خباز بلوحة زينية. (الوكالة الوطنية)
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
حكم الحج عن المريض الذي لا يثبت على وسائل الانتقال.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم الحج عن المريض الذي لا يثبت على وسائل الانتقال؟ فقد حاولت أمي الحج أكثر من مرة ولم يحالفها التوفيق لذلك، وقد حججت أنا عن نفسي، ثم حججت عنها من مالها وهي على قيد الحياة، ولكنها كانت وقتها تبلغ من العمر ثمانية وستين عامًّا ولا تتحكم في البول ويأتيها دوار من ركوب السيارة. فهل حجي عنها صحيح؟.
وأجابت دار الإفتاء، عن السؤال قائلة: عن سليمان بن يَسار أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أخبره: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه رَدِيفُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ فِي الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَمْسِكَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، حُجِّي عَنْ أَبِيكِ» رواه البخاري وأحمد واللفظ له وكثيرون عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
وأوضحت عبر موقعها الرسمى، أن هذا الشخص الذي لا يثبت على الراحلة يسمى في الفقه الإسلامي المعضوب، فالحج -ومثله العمرة- عن الغير يكون إما عن الميت وإما عن المعضوب.
وأكدت أنه إذا كان الحال كما ورد بالسؤال: فحجكَ عن أمكَ والحالة هذه صحيح.
أجابت دار الافتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونه: "ما حكم الحج عن مُتَوفًّى والعمرة عن مُتَوفًّى آخر في سفرة واحدة؟ فأنا أريد أن أعرف الحكم الشرعي فيمَن سَافر إلى الحَجِّ، ونوى عمرةً عن أُمِّه الـمُتوفَّاة، وحَجَّة لأبيه الـمُتَوفَّى، والعام الثاني يعكس، أي: يحج لأمِّه الـمُتوفَّاة، ويعتمر لأبيه الـمُتَوفَّى. فهل يجوز ذلك؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أنه يجوز لك عَمَل العُمْرة عن أُمِّك المتوفاة، وعَمَل حَجَّة لأبيك الـمُتَوفَّى في سنةٍ واحدة، ثُمَّ في العام الثاني تَحُجُّ لأمِّك المتوفاة، وتعتمر لأبيك الـمُتَوفَّى، فإذا فَعلتَ ذلك في السنتين سُمِّيت مُتمتِّعًا، ويجب عليك حينئذٍ دم التَّمتُّع.
حكم الحج عن مُتَوفًّى والعمرة عن مُتَوفًّى آخر في سفرة واحدةالحج والعمرة كلاهما نُسُكٌ مستقلٌّ، لهما أركانهما وشروطهما، ولا يشترط في السَّفْرةِ الواحدةِ أن تقع العمرة والحج عن شخصٍ واحدٍ، فيجوز أن تكون العمرة عن شخصٍ، والحج عن شخصٍ آخر.
ويجوز للمسلم القادر أن يَحجُّ عن أقاربه المتوفَّين أو المرضى العاجزين عن الحج بأنفسهم إذا كان قد حَجَّ عن نفسه، أو يوكِّل غيره في الحج عنهم، وذلك على ما هو المختار للفتوى مِن مشروعية النيابة في أداء الحج عنه؛ لكونه -أي: الحج- مِن العبادات التي تَجري فيها النيابة عند العجز لا مطلقًا، وَفْقًا لما عليه جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، فقد روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث ابن عباسٍ رضي اللهُ عنهما قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَت: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَل يَقْضِي عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
وعن ابن عباسٍ رضي اللهُ عنهما أيضًا، أَنَّ امرأة من جهينة، جاءت إلى النبي صَلَّى الله عَليهِ وَآلِه وَسَلَّم، فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: «نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟»، قَالَتْ: نَعَمْ. فَقَالَ: «فَاقْضُوا اللهَ الَّذِي لَهُ، فَإِنَّ اللهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ». رواه البخاري في "صحيحه".
وعنه أيضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليهِ وَآلِه وَسَلَّم سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ. قَالَ: «مَنْ شُبْرُمَةُ؟» قَالَ: أَخٌ لِي -أَوْ قَرِيبٌ لِي- قَالَ: «حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ». رواه أبو داود، وابن ماجه في "السنن"، والبيهقي في " السنن الكبرى".
هل يجب الدم على من حج عن مُتَوفًّى وعمل عمرة عن مُتَوفًّى آخر في سفرة واحدة؟مقتضى ذلك أنه يجوز للسائلِ أن يعتمر أو يحج عن أمِّه أو أبيه المتوفَّيين، وأَجْر الحج والعمرة يصل لهما في قبرهما غير ناقصين، غير أَنَّ الفقهاء قد اختلفوا في توصيف هذا الحج بهذه الكيفية الواردة في السؤال، مِن حيث جواز وصف السائل في هذه الحالة بالتَّمتُّع، فيجب عليه الدَّم أو لَا؟
ومعنى "التَّمَتُّع": أنْ يُحرم الحاجُّ بالعمرة في أشهر الحج مِن ميقات بلده أو مِن غيره من المواقيت التي يمر بها أو ما يحاذيها، ثم يؤديها وَيَفْرُغَ منها، ثم يُنْشِئَ حجًّا مِن عامه دون أنْ يرجع إلى الميقات للإحرام بالحج.
فهذا هو القَدْر المشترك بين الفقهاء للوصف الفقهي للفظ "التَّمَتُّع"، لكنهم اختلفوا في طريقة وقوعه:
فيرى الحنفية، والشافعية في المذهب، والحنابلة في المعتمد: أنَّه لا يُشْتَرط وقوع النسكين -أي: العمرة والحج- في السَّفْرةِ الواحدةِ عن شخصٍ واحدٍ حتى يُوصف الشخص بـ"الـمُتَمتِّع"، بل يصح أن تقع العمرة عن شخصٍ، والحج عن شخصٍ آخر.
قال العَلَّامة الـمَرْغيناني الحنفي في "الهداية" (1/ 179، ط. دار إحياء التراث العربي) في سياق كلامه عن الحج عن الغير: [(وكذلك إن أَمَره واحدٌ بأن يَحجَّ عنه والآخَر بأن يعتمر عنه وأَذِنَّا له بالقِرَان) فالدَّمُ عليه] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 177، ط. دار الفكر): [هل يُشترط وقوع النُّسُكين عن شخصٍ واحدٍ؟ فيه وجهان مشهوران. قال الخضري: يشترط. وقال الجمهور: لا يشترط، وهو المذهبٍ] اهـ.