يشير مصطلح "اضطرابات طيف التوحد (ASD)" إلى عدد من الاضطرابات المعقدة في النمو العصبي بالدماغ، ويشمل حالات مرض التوحد نفسه، واضطراب الطفولة التفككي، ومتلازمة أسبرجر. تظهر اضطراباته في مرحلة الطفولة، ويصعب تشخيصها قبل أن يتمّ الطفل شهره الثاني عشر، وتشخَّص بشكل عام عند بلوغه عامه الثاني، لكن يستمر الاضطراب أحيانا خلال مرحلتي المراهقة والبلوغ، وتظهر سماته بوضوحٍ، في معظم الحالات، في أول 5 سنوات من عمر الطفل.

ظاهريا، لا يتميز المصاب بالتوحد عن غيره في شيء، لكنه يختلف في طرق تواصله وتفاعله وتعلُّمه عن الآخرين. بشكل عام، يحتاج بعض المصابين به إلى الكثير من المساعدة لمجاراة الحياة اليومية، وبعضهم يتمكن من العمل والعيش بشكل طبيعي تماما دون أي مساعدة من الآخرين أو بالقليل منها. لمعرفة إن كان ابنك مصابا بالتوحد، عليك مراقبته من سن صغيرة، هناك مهارات وسمات كثيرة لا تظهر إلا مع التقدم في العمر، خاصة بعد أول سنة. يقسِّم المختصون أعراض التوحد أو سماته إلى فرعين: التواصل الاجتماعي، والاهتمامات ذات الطابع التكراري.     • أولا: مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي - يتفادى الطفل التواصل البصري أو تلاقي العيون، أو يقطعه بسرعة.
- لا يستجيب حين يُنادى باسمه بعد تجاوزه الشهر التاسع من عمره.
- لا يُظهر تعابير على وجهه مثل الحزن والغضب والامتعاض والمفاجأة.
- لا يستجيب للألعاب التفاعلية مثل ألعاب التصفيق بعد إتمامه عامه الأول.
- يستخدم القليل من الإيماءات - مثل التلويح عند الوداع - أو لا يستخدمها إطلاقا.
- لا يفصح عن اهتماماته، كأن يخبرك عن لعبته المفضلة أو مكانه المفضل أو طعامه المفضل، بعمر السنة والنصف.
- لا يستجيب لا بالإشارة ولا النظر حين تُشير له إلى شيءٍ ما بعمر السنة والنصف.
- لا يلاحظ حين يُظهِر مَن حوله علامات الحزن أو الألم، أو لا يُبادلك الابتسام حين تبتسم له، وهو بعمر السنتين.
- لا يمثِّل خلال اللعب، مثل أن يمثل إطعام الدمية أو قيادة سيارة بعمر السنتين والنصف.
- يظهر اهتماما فاترا بمن في مثل سنه.
- يواجه صعوبة في فهم مشاعر مَن حوله أو التعبير عن مشاعره عند بلوغه ثلاث سنوات أو أكثر.
- لا يلعب الألعاب التي تقوم على تبادل الأدوار مثل "الغميضة" عند بلوغه سن الخمس سنوات.     • ثانيا: السلوكيات أو الاهتمامات المحدودة أو التكرارية     - صَفُّ الألعاب أو الأدوات في نظام معين دون استخدامها، والاستياء من أي خلل فيه.
- تكرار كلمات أو عبارات بعينها.
- فَهم العبارات بشكل حرفي.
- اللعب بألعابه بالطريقة نفسها كل مرة.
- التركيز الدقيق مع جزء من شيء، على عجلات اللعبة مثلا.
- الانزعاج الشديد من التغييرات الطفيفة في محيطه.
- الهوس المفرط باهتمامات أو مواضيع معينة ورفض غيرها.
- الغضب الشديد في حال طُلب منه فعل شيء ما.
- صعوبة قد تصل لحد العجز في مصادقة مَن حوله، وتفضيل البقاء وحيدا.
- يُحب اتّباع روتين معين بشكل صارم، ويرفض أي تغيير فيه وإن كان بسيطا.
- الحركات التكرارية المتواترة، مثل التصفيق باليدين أو أرجحة الجسد أو الدوران في مكانه.
- إبداء ردود فعل غير معتادة، مثل الصراخ العنيف أو الاستياء الشديد، على روائح الأشياء أو مذاقها أو شكلها أو شعوره بها. لدى معظم المصابين باضطراب طيف التوحد سمات أخرى، قد يَظهر بعضها وليس جميعها عليهم، مثل تأخر تطور المهارات اللغوية أو الحركية أو الإدراكية أو التعليمية، أو السلوك المفرط في نشاطه أو اندفاعيته أو شروده، الإصابة باضطراب الصرع أو نوباته، المعاناة مع عادات غير معتادة في الأكل والنوم، والتعرض لمشكلات في الجهاز الهضمي مثل الإمساك، كذلك إبداء ردود فعل عنيفة عاطفية، والقلق والتوتر أو انعدام الخوف من أشياء مخيفة أو الخوف بشكل مبالغ فيه من أشياء عادية.     ماذا أفعل؟
• تعلَّم مراحل تطور طفلك
وظيفتك الأساسية هي الفهم والمراقبة، أن تقرأ عن مراحل النمو الإدراكي للطفل والمتوقع منه في كل مرحلة عمرية، تحديدا في السنوات الخمس الأولى، هذا ما سيساعدك على التقاط إشارات الاضطراب. يُشير المختصون إلى صعوبة التشخيص قبل أن يبلغ الطفل عامه الثاني، لكن يعود سبب هذا أحيانا إلى إغفال الأعراض واعتبارها أمرا طبيعيا دون البحث عنها أو استشارة الطبيب.   • شاركه وشجعه بتروٍّ
كن صبورا وهادئا. يتوق المصاب بالتوحد للحديث عن الموضوع الوحيد الذي يهتم به وقتها، قد تجد الأمر موغلا في الملل، لكن عليك مشاركته فيما يحب، أن تدخل لعقل طفلك من النوافذ التي يتركها مفتوحة لك. اِقضِ معه وقتا تفاعليا طويلا، شارك معه تمثيل مسرحيته المفضلة أو قراءة كتابه المفضل مع محاولة إضافة عنصر جديد بسيط للغاية وغير ملحوظ دون ضغط عليه. إحدى المهارات التي على والدَي المصاب بالتوحد تعلّمها هي فهم مناطق الراحة التكرارية التي يسكنها الطفل، والتدريب على دفعه خارجها خطوة بخطوة. سيؤدي الاستعجال أو توقع استجابات فورية إلى نتائج عكسية تصل إلى حد الألم الجسدي، لأن الطفل يرى العالم ويستقبل روائحه وأصواته والمشاهد العادية بشكل مختلف تماما عمّا تراه أنت.   • امتصّ غضبه
لا تنهره إن غضب غضبا غير مبرر، علِّم الطفل طرائق بديلة للتعبير عن غضبه دون اللجوء إلى العدوانية، ليعرف أنه ليس مضطرا لكتم مشاعره. تحدَّث معه وهو هادئ أن الغضب شعور طبيعي لكنه يزول، وأن من الأفضل الإشارة بكلمةٍ تتفقان عليها في حال غضبه، أو تتفقان على هدنة قصيرة يجلس فيها وحده قبل أن يبكي وينهار أرضا، أو تجدان طريقة خاصة بينكما للتعبير عنه. في أوقات الهدوء، احكِ له أن يخبرك ما أغضبه فورا، أو ألّا يراكم غضبه من حدثٍ وقع في المدرسة فينفجر حين يستاء من شيء في المنزل.
عزز السلوكيات الإيجابية التي تصدر عن الطفل بالإشارة إليها ومكافأته عليها. كذلك يميل الطفل المصاب بالتوحد إلى العدوانية لجذب انتباهك، عادة أفضل طريقة للتعامل معه حين يلجأ للصراخ هي التجاهل التام والتحدث عن ذلك فيما بعد. كذلك من المهم الانخراط مع الطفل في أنشطة بدنية باعتباره طريقة للتواصل معه، مدى تركيز المصابين بالتوحد قصير للغاية، فيفقد تركيزه بسرعة في التواصل اللفظي، لذا يستحسن تكثيف النقاشات وجعلها مباشرة قدر الإمكان، ومشاركة الطفل أنشطة مثل الجري أو اللعب الحر ستساعد في تهدئته والتقرّب منه.   • استشر المختصين
يتفق الباحثون على أنه كلما أمكن تشخيص الطفل مبكرا زادت فعالية علاجه والاختيارات المتاحة للأبوين.
في التدخل المبكر يتعلَّم الطفل كيفية التعلُّم، تختلف الحالة من طفل لآخر، لكنه يتعلَّم في الأساس كيف يلعب بألعابه، كيف يندمج مع أقرانه في مجموعات أو يتبادل معهم الأدوار، كيف يحل مشكلاته أو كيف يتجنب نوبات الغضب التي تنتابه. حين يتعلم الطفل تلك المهارات تتغير طريقة تفاعله وحديثه مع الناس. تشجعه تلك المهارات على عيش تجارب حياتية يتجنبها مصابو التوحد، مثل حضور حفلات أعياد الميلاد، تفويت هذه الأحداث بسبب العجز عن مجاراتها هي ما يؤلم الطفل ويقصيه أكثر، لأنه حين لا يُبدي الطفل المصاب اهتماما بممارسة نشاط معين، يعزف أقرانه عن دعوته إليه.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: م الطفل

إقرأ أيضاً:

“نموذج الضربات الثلاث”.. رؤية جديدة لأسباب التوحد وسبل الوقاية المبكرة

#سواليف

كشفت دراسة جديدة عن نموذج يفسّر دور #الجينات و #البيئة في #اضطراب_طيف_التوحد، ويقترح طرقا للوقاية المبكرة.

وعرض فريق من كلية الطب بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، نموذجا ثلاثي المراحل لإشارات التمثيل الغذائي، يعيد تعريف التوحد كاضطراب يمكن علاجه عبر تعديل التواصل الخلوي واستقلاب الطاقة.

وأشارت الدراسة إلى أن التدخلات قبل الولادة وفي مراحل الطفولة المبكرة قد تساعد في الوقاية من نصف حالات التوحد تقريبا أو الحد من حدتها.

مقالات ذات صلة 7 أطعمة تمد الجسم بالمغنيسيوم أفضل من المكملات 2025/12/13

وطور الباحثون ما أسموه ” #نموذج_الضربات_الثلاث”، والذي يوضح أن التوحد يتطور عند اجتماع ثلاثة عوامل:

الاستعداد الوراثي: بعض الجينات تجعل الميتوكوندريا ومسارات الإشارات الخلوية أكثر حساسية للتغيرات. المحفز المبكر: مثل عدوى الأم أو الطفل أو الإجهاد المناعي أو التلوث، ما يفعّل استجابة إجهاد خلوية تعرف باسم "استجابة خطر الخلية" (CDR). التفعيل المطوّل: استمرار استجابة الإجهاد الخلوية لفترة طويلة، نتيجة التعرض المستمر لعوامل الإجهاد من أواخر الحمل وحتى السنوات الأولى من عمر الطفل، قد يعوق نمو الدماغ الطبيعي ويساهم في ظهور سمات التوحد.

وتقوم استجابة خطر الخلية (CDR) بمساعدة الخلايا على التعافي من الإصابات والتكيف مع الظروف المتغيرة، لكنها عادة قصيرة الأمد. وعندما تصبح مزمنة نتيجة ضغوط مستمرة أو فرط حساسية وراثية، قد تعطّل التواصل الخلوي وتغير وظيفة الميتوكوندريا، وتؤثر على نمو دوائر الدماغ الأساسية.

وبما أن المحفزات البيئية والتفعيل المطوّل قابلان للعكس، فإن الكشف المبكر والتدخل يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالتوحد. ويمكن للوقاية المبكرة ودعم الأطفال الأكثر عرضة للخطر أن يقلل أو يمنع نحو 40-50% من حالات التوحد.
استراتيجيات الوقاية والتدخل المبكر

تشمل الاستراتيجيات المحتملة:

الفحص قبل ظهور الأعراض، مثل تحليل الأيض للأمهات واختبار الأجسام المضادة الذاتية. تحاليل متخصصة للمواليد لتحديد الأطفال المعرضين للخطر قبل ظهور الأعراض.

الآثار المستقبلية على البحث والعلاج

تعيد الدراسة تعريف التوحد كاضطراب عصبي أيضي ومناعي، بدلا من النظر إليه كحالة وراثية أو سلوكية فقط، ما يفتح المجال أمام تطوير علاجات جديدة.

ويقترح الباحثون اختبار أدوية تنظم إشارات الأدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP- المركب الكيميائي الرئيسي الذي يمد خلايا الجسم بالطاقة للقيام بوظائفها الحيوية) وتحاكي التوازن الطبيعي للاستجابة الخلوية، بالإضافة إلى برامج فحص مبكر تجمع بين البيانات الوراثية والأيضية والبيئية.

وقال الدكتور روبرت نافيو، معد الدراسة: “فهم التوحد من منظور الإشارات الأيضية لا يغير فقط طريقة تفكيرنا، بل ما يمكننا فعله حيال الحالة. إذا تمكنا من تهدئة استجابة الإجهاد الخلوي قبل أن تصبح مزمنة، فقد نتمكن من تحسين أو منع بعض الأعراض الأكثر إعاقة”.

مقالات مشابهة

  • والدة السباح يوسف محمد: هفضل وراء حق ابني.. وأنتظر نتائج تحقيقات النيابة
  • باحث في استراليا يكشف لـعربي21 تفاصيل هجوم سيدني وكيف يستغله نتنياهو؟
  • مسرح موسيقي تفاعلي لرفع قدرات أطفال التوحد
  • أعرف حالة الطقس اليوم الأحد 14-12-2025 في بني سويف
  • بعد رفع الحدين الأدنى والأقصى.. أعرف هتقبض كام لو طالع معاش؟
  • بعد رفع الحدين الأدنى والأقصى.. أعرف هتقبض كام لو طالع معاش
  • ٦٠ مشارك بتدريبات المشروع القومي لاطفال التوحد بالاسكندرية
  • “نموذج الضربات الثلاث”.. رؤية جديدة لأسباب التوحد وسبل الوقاية المبكرة
  • ياسمين عبد العزيز : لا أعرف القهر .. ومحبش الست الضعيفة
  • منظمة الصحة العالمية: لا علاقة بين اللقاحات واضطرابات التوحد