لم تفرّق تأثيرات التشديدات الإسرائيلية المطبقة على الضفة الغربية بما فيها القدس، بين فلسطيني مسلم وآخر مسيحي، فالكل يخضع لهذه السلطات التي تزداد تطرفا وعنفا منذ أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

الأب الفلسطيني طلعت عواد (55 عاما)، راعي كنيسة "رقاد العذراء" في قرية عابود غرب رام الله وسط الضفة الغربية، يقول إن الإجراءات الإسرائيلية بعد 7 أكتوبر 2023 حوّلت حياته كما بقية الفلسطينيين إلى كابوس ومعاناة يومية.



الأناضول زارت المكان، وشهدت كيف أنه لوصول رجل الدين وبقية الأهالي إلى بلدتهم، عليهم أن يسلكوا طريقا التفافيا وترابيا، بعد إغلاق مدخلها الرئيسي منذ 7 أكتوبر بقرار من جيش الاحتلال.

وقال الأب عواد للأناضول: "إغلاق مداخل عابود والتفتيش على الحواجز العسكرية جعلا أبناء شعبنا يتكبدون معاناة يومية، ويضيعون الكثير من الوقت بسبب الإجراءات التي يتخذها جيش الاحتلال وينغّص بها حياة الناس في ذهابهم وإيابهم".

وأشار إلى أن "مدخل القرية مغلق ببوابة حديدية، ولا يمكن لأحد الاقتراب منها خشية إطلاق النار عليه من قبل قوات من الجيش الإسرائيلي في نقطة عسكرية مقامة على المدخل".

قسوة غير مسبوقة
وبيّن أنه في إطار مبدأ "الحاجة أم الاختراع، يبحث الشعب عن بدائل، في بداية الإغلاق، كنا نمر عبر عدة مسارات لمسافات طويلة للوصول إلى القرية، وقبل أسابيع افتتحنا طريقا ترابيا من الجهة الغربية".

وبحسب الأب عواد، يمرّ الطريق عبر جدار إسرائيلي شُيّد حول مستوطنة عمنوئيل المقامة على أراضي عابود والقرى المجاورة.

وعن ذلك يقول رجل الدين "هذه مجازفة ومخاطرة أن نمر بها.. لذلك دوما نكون على أعصابنا".

ويبدو الطريق الذي سلكه طاقم الأناضول غير مؤهل لعبور المركبات، غير أن شاحنات نقل كبيرة ومركبات نقل وحافلات تمر منه، وفي معظمه حفر وقواطع صخرية وترابية.



وعن المخاطر التي يعيشها للوصول إلى بلدة عابود من مكان سكنه في مدينة رام الله، يقول الأب عواد: "أخرج من رام الله حتى أصل عابود، نعاني من حواجز وأزمات ومضايقات وخوف من المستوطنين الذين ينتشرون على الطرقات".

وبحسب الأب عواد، "هناك الكثير من أبناء عابود تعرضت مركباتهم للرشق بالحجارة من قبل المستوطنين".

ومعبرا عن خشيته من تفاقم الأمور واتخاذها منحى أكثر خطورة، قال: "الله أعلم، اليوم يرشقون المركبات بالحجارة، وغدا قد يستخدمون أسلحتهم التي زوّدهم بها وزراء حكومتهم".

وعادة ما يستغرق الطريق نحو البلدة 20 دقيقة، غير أن الإغلاقات الإسرائيلية جعلت الأمر أكثر صعوبة حيث تستغرق اليوم 40 دقيقة وإذا ما أغلق الطريق الترابي المستحدث يأخذ الأمر وقتا أطول يتجاوز ساعة.

ويقول الأب عواد: "الظروف التي يمر بها شعبنا الفلسطيني غير مسبوقة، لم أشعر بحياتي قسوة كما هذه الأيام".

من أقدم 3 كنائس بالعالم
ويصلي الأب عواد ورعيته من أجل السلام، ويقول "نصلي لله ونتوسل أن يمنّ علينا بالسلام لنحيا كما بقية شعوب الأرض، رسالة الشعب الفلسطيني رسالة محبة وسلام، لا نضمر شرا لأحد ولا نكره أحدا، حتى الإسرائيلي نكره أعماله لا نكره شخصه".

ويواصل رجل الدين الفلسطيني عمله في الكنيسة التي تعد واحدة من أقدم 3 كنائس في العالم، بعد كنيستي القيامة في القدس، والمهد ببيت لحم (جنوبي الضفة).

وأشار إلى أن أهمية الكنيسة تأتي لقدم تاريخها وعدم انقطاع الصلاة فيها منذ 1700 عام.

يعيش في قرية عابود الصغيرة 2300 فلسطيني، نصفهم تقريبا من المسيحيين، ومنهم لاجئون من أراضي عام 1948، وعن ذلك يقول الأب عواد: "عابود وطن مصغر نعيش فيه بأمن وسلام".



كما يرفض مصطلح التعايش بين المسلم والمسيحي ويقول: "نحن نعيش حياة مشتركة، وكل إنسان يمكن أن نعيش معه إذا مد يده للسلام حتى لو اختلف معنا دينيا وعقائديا".

مخطط تهجيري
في أحدث تقرير لها، رصدت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير، ما مجموعه 1156 اعتداء نفذه مستوطنون في الضفة الغربية "تسببت في استشهاد 12 مواطنا فلسطينياً" منذ 7 أكتوبر الماضي.

وأشار التقرير إلى أن "إجراءات الاحتلال وإرهاب مليشيا مستعمريه أدت منذ 7 أكتوبر إلى تهجير 25 تجمعاً بدويًا فلسطينيًا تتكون من 220 عائلة تشمل 1277 فردًا من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى".

وأضاف أن عدد الحواجز الدائمة والمؤقتة من بوابات وحواجز عسكرية أو ترابية التي تقسم الأراضي الفلسطينية وتفرض تشديدات على تنقل الأفراد والبضائع "بلغت حتى اللحظة ما مجموعه 840 حاجزا عسكريا وبوابة، منها أكثر من 140 بوابة وُضعت بُعيد 7 أكتوبر".

الصلاة لا تحتاج إلى تصاريح
عواد تطرق إلى الإجراءات الإسرائيلية بفرض قيود على وصول الفلسطينيين إلى مدينة القدس من المسلمين في شهر رمضان وكذلك المسيحيين.

وقال إن "كل تلك الإجراءات مرفوضة، الإنسان ليس بحاجة إلى تصاريح لكي يصلي، ومن يريد الصلاة يجب أن تفتح له السبل".

وأضاف: "اشتدت تعقيدات الوصول إلى القدس بلا شك وسببت معاناة للمسلمين فهم لا يستطيعون الوصول إلى الأقصى لأداء الصلاة والتراويح".

وتابع: "بعد أيام قليلة سنشهد تكثيف الصلوات في الكنائس وسبت النور (قبل عيد الفصح المسيحي)، وأيضا سنشهد تشديدات حيث أبلغت البطريركيات أنه لن يسمح بدخول أعداد كبيرة من الوفود المسيحيين إلى القدس لدواعٍ أمنية".



ويبدأ المسيحيون الشرقيون في 11 أبريل/ نيسان الجاري أيام الصيام التي يرافقها تكثيف الصلوات في الكنائس، على أن يحتفلوا في 4 مايو/ أيار المقبل بسبت النور، وفي الخامس منه بعيد الفصح المجيد.

وأردف الأب عواد: "يخافون من إنسان يصلي، ونحن بأمسّ الحاجة أن نرسل صلواتنا لله"، مؤكدا أنه "واهم من يظن أن المدفع يأتي بالسلام، إن لم يسكن السلام في قلبك لن يكون سلام، لا قوة تجلب السلام".

وتحدث الأب عواد عن وجود خطة لإفراغ الأراضي المقدسة والشرق الأوسط من المسيحيين.

وقال: "هناك خطة لإفراغ الأرض من أصحابها الأصليين، ونحن أصحاب الأرض، وهناك خطة مدروسة عند كثير من أصحاب الأجندات تحاك في أروقة ومنابر رؤساء دول لإفراغ الشرق من المسيحين".

وعلق: "سنكون واثقين بأن نخيّب آمالهم وإن قلّ عدد المسيحيين إلا أنهم كما الملح سيبقى المسيحي رديفا وسندا للمسلم ولا يمكن الفصل بيننا، يجب أن نبقى للدفاع عن هذه الأرض والحفاظ عليها".

وبالتزامن مع حربها ضد قطاع غزة، تشهد الأوضاع في الضفة الغربية توترا كبيرا جراء تصعيد الاحتلال عمليات الدهم والاعتقال والاقتحامات، إلى جانب قيوده على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، بالتزامن مع حربها على قطاع غزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الضفة فلسطيني الاحتلال المسيحيين قيود فلسطين الاحتلال قيود الضفة المسيحيين المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

اشتباكات في بلاطة وجنين والاحتلال يقتحم مدنا وبلدات بالضفة

قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن 3 فلسطينيين أصيبوا برصاص قوات الاحتلال خلال مواجهات تلت اقتحامها مخيم بلاطة شرقي نابلس في الضفة الغربية، فيما شهدت بلدتان غربي جنين اشتباكات مسلحة ومداهمات من قبل قوات الاحتلال.

كما ذكرت مراسلة الجزيرة أن قوات الاحتلال اقتحمت مدينة قلقيلية أقصى شمال الضفة الغربية.

وأفادت مصادر محلية فلسطينية باستهداف مقاومين جرافة إسرائيلية بعبوة ناسفة محلية الصنع بمخيم بلاطة.

وقالت مراسلة الجزيرة إن قوات الاحتلال قامت بتجريف وتخريب بنية تحتية وشوارع داخل المخيم.

تغطية صحفية: من انتشار قوات الاحتــــلال بمحيط مخيم بلاطة شرق نابلس تزامنا مع اقتحامه. pic.twitter.com/QC99nkaqLT

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) June 1, 2024

 

كما دارت اشتباكات مسلحة بين مقاومين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها بلدتي برقين وكفرذان غربي جنين.

ودفع الاحتلال بالآليات العسكرية من حاجزي دوتان والجلمة باتجاه البلدتين، فيما واصل تسيير آلياته في شوارع البلدة واقتحم عدة منازل بالبلدتين منها منزل الشهيد مصطفى عابد الذي قتله الجيش بعد تنفيذه هجوما على حاجز سالم العسكري غرب المدينة قبل نحو شهر.

كما أفادت مراسلة الجزيرة بأن قوات الاحتلال شنت حملة دهم في عدة منازل في بلدة كفردان.

وأعلنت سرايا القدس-كتيبة جنين أن مقاتليها يتصدون لاقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للبلدة بصليات كثيفة من الرصاص والعبوات الناسفة.

وفي بلدة يعبد جنوب غرب مدينة جنين، اندلعت اشتباكات مسلحة بين مقاومين فلسطينيين وقوات الاحتلال عند حاجز "دوتان" العسكري.

وأفاد مراسل الجزيرة بوقوع اشتباكات في محيط الحاجز، كما دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات عسكرية إلى المكان بدعوى البحث عن منفذين لعملية إطلاق النارـ كما اقتحمت المدخل الرئيسي للبلدة.

وفي الخليل جنوبي الضفة الغربية، اقتحمت قوات الاحتلال الاسرائيلي بلدة سعير وقرية امريش في مدينة دورا وداهمت منزلا لمواطن كانت اعتقلته على حاجز بيت عينون شمال الخليل بعدما أوقفت مركبته وفتشتها عصر أمس.

وخلف جنود الاحتلال خرابا كبيرا في المنزل بعد تفتيشه وتفتيش الأراضي المحيطة به.

كما أطلقت قوات الاحتلال النار على سائق مركبة عمومي عند منطقة جسر حلحول شمال الخليل، وأصابت واحتجزت شابا فلسطينيا قبل أن تتمكن مركبة إسعاف فلسطينية من نقله إلى مستشفى الخليل الحكومي لتلقي العلاج.

وأفاد مراسل الجزيرة بأن قوات الاحتلال اقتحمت أيضا مخيم الفوار جنوب الخليل، وأطلقت الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز المدمع، خلال مواجهات عنيفة اندلعت مع شبان من المخيم.

كما اعتلى قناصة الاحتلال أسطح المنازل، بينما تمركز الجنود وسط المخيم.

وتمكن الشبان الفلسطينيون من إسقاط طائرة مسيرة استخدمها جنود الاحتلال خلال الاقتحام.

تغطية صحفية: جيش الاحتــــلال يدفع بتعزيزات عسكرية برفقة جرافة تجاه المنطقة الشرقية بنابلس. pic.twitter.com/NOV1t2562l

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) June 1, 2024

هدم

من ناحية أخرى، هدم مستوطن مدخل منزل ناشط في ما يعرف بـ "تجمع شباب ضد الاستيطان" في منطقة تل الرميدة وسط مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية.

وقال الناشط عيسى عمرو للجزيرة إن المستوطن هدم الجدار تحت حماية الجيش الإسرائيلي.

ويتعرض سكان تل أرميدة والمناطق المغلقة المجاورة لاعتداءات يومية من المستوطنين، حيث يمنعونهم من الخروج والدخول إلى بيوتهم، ويلقون الحجارة على منازلهم.

يشار إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي صعد منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عملياته في الضفة الغربية المحتلة مخلفا مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمعتقلين.

مقالات مشابهة

  • من بينهم 131 طفلًا.. 521 شهيدًا بالضفة الغربية منذ 7 أكتوبر
  • الاحتلال يعتقل 10 فلسطينيين في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية
  • استشهاد فلسطيني متأثراً بإصابته برصاص الاحتلال في الضفة الغربية
  • اشتباكات في بلاطة وجنين والاحتلال يقتحم مدنا وبلدات بالضفة
  • «القاهرة الإخبارية»: قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدة سعير في الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال تقتحم مدن وقرى في الضفة الغربية (فيديو)
  • إصابة فلسطيني جراء اقتحام قوات الاحتلال مناطق في الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال تقتحم عدة مدن في الضفة الغربية.. واشتباكات في نابلس (شاهد)
  •  قوات الاحتلال تقتحم عدة مدن في الضفة الغربية 
  • مواجهات في رام الله.. قوات الاحتلال تقتحم عدة مدن في الضفة الغربية (شاهد)