أثارت واقعة الشيخ محمد السلكاوي جدلا واسعا بعد وقوعه في بعض الأخطاء خلال تلاوة القرآن في إذاعة القرآن الكريم، خلال فجر ثاني أيام عيد الفطر المبارك، وهو ما فتح المجال للتساؤل حول حكم الشرع في الخطأ أثناء قراءة القرآن الكريم.

ما حكم الخطأ في قراءة القرآن الكريم؟

وقالت دار الإفتاء المصرية عن حكم الشرع في الخطأ أثناء قراءة القرآن الكريم، إنه إذ ارتكب الشخص خطأ في قراءته للقرآن، فإنه يُشجع على تصحيح الخطأ والسعي لتعلم القراءة بالطريقة الصحيحة باللجوء إلى معلم مؤهل في علوم القرآن أو القراءة، من خلال سور يحفظها ولا تكون صعبة عليه.

الخطأ في قراءة القرآن بسبب المرض

وأضافت «الإفتاء» خلال الحديث عن حكم الشرع في الخطأ أثناء قراءة القرآن الكريم، أنه إذا كان الشخص يقرأ القرآن بأداء صحيح ولكن بسبب المرض أو الضعف البدني يُخطئ في القراءة، فلا يُعاقب ولا يوجد عليه إثم، لأن الله تعالى يراعي حالة الإنسان وظروفه، والخطأ في قراءة القرآن الكريم ليس بالضرورة يعتبر ذنبًا، خاصة إذا كانت النية صادقة والشخص يسعى لتصحيح أخطائه، إنما يُشجع على التعلم والسعي لتحسين الأداء للقراءة بالطريقة الصحيحة.

إتقان قراءة القرآن

وفي سياق متصل، قال الدكتور شوقي علام ، مفتي الجمهورية، خلال حديث له عن حكم الخطأ في قراءة القرآن الكريم واللحن فيه، إن الأفضل أن يسعى المسلم إلى إتقان قراءة القرآن وحفظه، وإن لم يستطع فهو مأجور على قراءته لما روته السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ؛ أي: يقرأه بصعوبة وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ»؛ وأما المتصدر والمتخصص في القراءة فعليه أن يحرص على الحفظ والمراجعة.

استماع الرسول للقرآن الكريم

وأشار المفتي إلى أن السُّنة قد وردت باستحباب الاستماع إلى القرآن الكريم؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب أن يسمع القرآن من أصحابه رضي الله عنهم؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْرَأْ عَلَيَّ»، فقلت: يا رسول الله! أَقْرأُ عليك وعليك أُنْزِل! قال: «فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» فقرأت عليه سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: 41] قال: «حَسْبُكَ الآنَ»، فالتفتُّ إليه، فإذا عيناه تذرفان» (متفق عليه).

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أَسْتَمِعُ لِقِرَاءَتِكَ الْبَارِحَةَ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ» (متفق عليه).

ماذا قالت نقابة القراء عن واقعة الشيخ السلكاوي؟

وكانت نقابة القراء أعربت عن حزنها الشديد حول واقعة الشيخ السلكاوي، موضحة أنها ليست المرة الأولى التي يقع فيها الشيخ في مثل هذه الأخطاء، وستعقد جلسة لحسم مصيره وبحث صلاحيته لمزاولة المهنة، ومن المتوقع ان تكون العقوبة هي الإيقاف لمدة سنة أو 6 أشهر.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: نقابة القراء الشيخ السلكاوي واقعة الشيخ السلكاوي صلى الله علیه وآله وسلم واقعة الشیخ رسول الله رضی الله

إقرأ أيضاً:

حجية السنة المشرفة ومكانتها فى التشريع (2 - 2)

لا يجادل فى مكانة السنة النبوية المشرفة وحجيتها وعظيم منزلتها إلا جاحد أو معاند لا يعتد بقوله، فقد أجمع أهل العلم على أن السنة النبوية المطهرة هى المصدر الثانى للتشريع، ومن ثمة كانت العناية الفائقة بها، حفظًا، وروايةً، وتدوينًا، وتخريجًا، وشرحًا، واستنباطًا للأحكام، غير أن وقوف بعض قاصرى الفهم عند ظواهر النصوص دون فهم مقاصدها قد أدى إلى الجمود والانغلاق فى كثير من القضايا، وهو ما يجعل الحديث عن الفهم المقاصدى للسنة النبوية أمرًا ضروريًّا وملحًّا لكسر دوائر الجمود والانغلاق والتحجر الفكرى. 
ولا شك أن السنة جاءت شارحة ومبينة ومتممة لبعض ما أجمل أو ورد من أحكام فى القرآن الكريم، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»، ويقول سبحانه: «وَأَنزَلَ الله عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيمًا»، ويقول سبحانه: «هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ»، ويقول سبحانه: «وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُوا الله وَاعْلَمُوا أَنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ»، وقال (عز وجل): «وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِى بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ الله وَالْحِكْمَةِ إِنَّ الله كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا».
وقد تحدث العلماء والفقهاء والأصوليون عن حجية السنة حديثًا مستفيضًا، يقول الإمام الشافعى (رحمه الله): وضع الله (عز وجل) رسولَه (صلى الله عليه وسلم) من دينه وفرضِه وكتابِه الموضعَ الذى أبان - جل ثناؤه - أنه جعله علَمًا لدِينه بما افترض من طاعته، وحرَّم من معصيته، وأبان من فضيلته بما قرن بالإيمان برسوله (صلى الله عليه وسلم) مع الإيمان به، فقال تبارك وتعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بالله وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ الله أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ»، فجعل كمال ابتداء الإيمان الذى ما سواه تبعٌ له الإيمانَ بالله ورسوله، فلو آمن عبد به ولم يؤمن برسوله لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبدًا حتى يؤمن برسوله معه.
ويقول (رحمه الله): لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا نَسَبَهُ النَّاسُ أَوْ نَسَبَ نَفْسَهُ إلَى عِلْمٍ يُخَالِفُ فِى أَنْ فَرَضَ الله (عَزَّ وَجَلَّ) اتِّبَاعَ أَمْرِ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والتسليمَ لحكمه بأن الله (عز وجل) لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله تعالى علينا وعلى من بعدنا وقبلنا فى قبول الخبر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واحد.
ويقول ابن حزم (رحمه الله): فى أيِّ قرآن وُجِد أن الظهر أربع ركعات، وأن المغرب ثلاث رَكَعَات، وأن الركوع على صفة كذا، والسجود على صفة كذا، وصفة القراءة فيها والسلام، وبيان ما يُجْتَنَب فى الصوم، وبيان كيفية زكاة الذهب والفضة، والغنم والإبل والبقر، ومقدار الأعداد المأخوذ منها الزكاة، ومقدار الزكاة المأخوذة، وبيان أعمال الحج من وقت الوقوف بعرفة، وصفة الصلاة بها وبمزدلِفة، ورمى الجمار، وصفة الإحرام، وما يُجْتَنَب فيه، وقطع السارق، وصفة الرَّضاع المحرم، وما يحرم من المآكل، وَصِفَتَا الذبائح والضحايا، وأحكام الحدود، وصفة وقوع الطلاق، وأحكام البيوع، وبيان الربا، والأقضية والتداعى، والأيمان، والأحباس، والْعُمْرَى، والصدقات وسائر أنواع الفقه؟ وإنما فى القرآن جُمَل لو تُركنا وإياها لم نَدْرِ كيف نعمل بها؟ وإنما المرجوع إليه فى كل ذلك النقلُ عن النبى (صلى الله عليه وسلم).
ويقول الشوكاني(رحمه الله): والحاصل أن ثبوت حجية السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية، ولا يخالف فى ذلك إلا من لا حظَّ له فى دين الإسلام. 
ويقول الأستاذ / عبدالوهاب خلاف (رحمه الله): السنة إما أن تكون سنة مفصّلة ومفسِّرة لما جاء فى القرآن مجملاً، أو مقيِّدة ما جاء فيه مطلقًا، أو مخصِّصَة ما جاء فيه عامًّا، فيكون هذا التفسير أو التقييد أو التخصيص الذى وردت به السنة تبيينا للمراد من الذى جاء فى القرآن، لأن الله سبحانه منح رسوله حق التبيين لنصوص القرآن بقوله عز وجل: «وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ»، ومن هذا: السنن التى فصلت إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، لأن القرآن أمر بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، ولم يفصِّل عدد ركعات الصلاة، ولا مقادير الزكاة، ولا مناسك الحج، والسنن العملية والقولية هى التى بَيَّنت هذا الإجمال؟ وكذلك قوله تعالى: «وَأَحَلَّ الله الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا»، والسنة هى التى بَيَّنَت صحيح البيع وفاسده، وأنواع الربا المحرم، والله حرم الميتة، والسنة هى التى بينت المراد منها ما عدا ميتة البحر وغير ذلك من السنن التى بينت المراد من مجمل القرآن الكريم ومطلقه وعامه، وتعتبر مكملة له وملحقة به.
وتأسيسًا على كل ما سبق من نصوص القرآن الكريم وسنة الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم)، وأقوال أهل العلم، يتضح لنا إجماع أهل العلم على عظيم مكانة السنة النبوية، وعلى حجيتها شارحةً ومفسرةً ومبينةً ومفصلةً لما أجمل فى القرآن الكريم، لا يجادل فى ذلك إلا جاحدٌ أو معاندٌ، أو شخص لا حظَّ له فى العلم، ولا يعتد برأيه عند أهل الاعتبار والنظر.
وزير الأوقاف

مقالات مشابهة

  • خالد الجندي: أغلق باب تصحيح الأحاديث
  • حجية السنة المشرفة ومكانتها فى التشريع (2 - 2)
  • فضل تحفيظ القرآن الكريم للأطفال
  • نجل أقدم مُحفّظ قرآن في كفر الشيخ بعد وفاة والده: أجاز عددا كبيرا من الحفظة
  • هل يجوز قراءة القرآن بدون وضوء؟.. الإفتاء تجيب
  • عن عمر يناهز 93 عاما.. وفاة أقدم محفظ للقرآن الكريم بكفر الشيخ
  • خالد الجندي: حافظ القرآن يشفع لوالديه ودعاؤه مستجاب
  • وزير الأوقاف خلال المؤتمر الأول لأهل القرآن: القارئ المتميز داعية بقراءته
  • أمير القصيم يكرم «براعم» القرآن الكريم
  • العجب