كان اكتشاف النفط في تشاد عام 2004 وبداية تصديره حدثا مفصليا في تاريخ البلاد، إذ دخلت في مرحلة جديدة من الصراع على السلطة بعد تشكل حركات مسلحة عدة اختلفت توجهاتها أو الجهات الداعمة لها، ولكن تشاركت في هدف الوصول إلى الحكم، ومن أبرز تلك الحركات اتحاد قوى المقاومة الذي تشكل عام 2009، وجبهة الوفاق من أجل التغيير التي تأسست عام 2014، ومجلس القيادة العسكرية لإنقاذ الجمهورية الذي ظهر عام 2016.

اتحاد قوى المقاومة

تشكلت فكرته خلال الحرب الأهلية التشادية، والتي كانت نتيجة اعتماد الرئيس الراحل إدريس ديبي تعديلا دستوريا يعطيه الحق في الترشح لانتخابات 2006، كما منح نفسه صلاحيات تغيير الدستور أو تعديله، مما جعل الكثير من حلفائه ينقلبون عليه، وشارك عدد منهم في تشكيل اتحاد قوى المقاومة.

تأسس الاتحاد عام 2009 وضم 8 حركات مسلحة، وتزعمه تيمان أرديمي ابن أخ الرئيس ديبي على الرغم من حكم الإعدام الصادر بحقه غيايبا من قبل المحكمة التشادية عام 2008.

ومع تفوق الجيش التشادي عسكريا في عام 2009 وتوقيع تشاد اتفاقية السلام مع السودان في العام نفسه تراجع الاتحاد وأعاد تشكيل نفسه في المناطق الليبية المجاورة لتشاد عام 2013.

ثم انشقت عنه مجموعة وشكلت جبهة الوفاق من أجل التغيير عام 2016، لكن المعارضة المسلحة بقيت مشاركة في العمليات ضد حكومة إدريس ديبي في تشاد حتى قتله في أبريل/نيسان 2021، وأيضا في العمليات العسكرية ضد قوات خليفة حفتر في ليبيا بين عامي 2018 و2023.

وكانت العملية العسكرية الأبرز للاتحاد في فبراير/شباط 2019 عندما أرسل رتلا من المقاتلين مع 50 شاحنة صغيرة من ليبيا عبر السودان، ولكن القوات الفرنسية قصفت الرتل بعد طلب إدريس ديبي المساعدة.

بعض قيادات اتحاد قوى المقاومة في تشاد (الفرنسية) جبهة الوفاق من أجل التغيير

قوة عسكرية أنشأها محمد علي مهدي في مارس/آذار 2016، وذلك بعد انشقاقها عن اتحاد قوى المقاومة، واتخذت من تانوا شمال تشاد مقرا لها.

ويتراوح عدد أعضائها بين ألف و1500 شخص ينتمون إلى قبائل القرعان التي تشكل 6% من تعداد السكان في تشاد، حيث تنتشر هذه القبائل من غرب السودان عبر مجموعة دازا، وعشائر كشردا وكريدا التي تنتشر من شمال تشاد إلى جنوب ليبيا حتى شرق النيجر.

هذا التنوع والسند القبلي رفع قدرة جبهة الوفاق من أجل التغيير على الحركة والتنقل وفتح خطوط الإمداد أثناء الاشتباكات.

وبرز الخلاف الأساسي بين قبائل القرعان وقبيلة الزغاوة التي ينتمي إليها إدريس ديبي، بسبب الانقلاب العسكري الذي قاده عام 1990 ضد الرئيس السابق حسين حبري الذي ينحدر من قبائل القرعان.

واستمرت قبائل القرعان معارضة لحكم ديبي حتى شاركت في اغتياله بعد أن شن 300 مسلح منها إلى جانب مسلحين من حركات معارضة أخرى هجوما في شمال تشاد على قوات الجيش في 15 أبريل/نيسان 2021، وذلك بعد أن دخلوا إلى تشاد عن طريق ليبيا، حيث يوجد معسكر لهم في الجنوب الليبي.

وعلى إثر الاشتباك بين الجبهة والجيش اتجه إدريس ديبي إلى نقاط الجيش في مكان الاشتباكات، وأصيب هناك ومات بعد 5 أيام إثر تعرضه لجروح خطيرة.

وتولى الرئاسة بعده ابنه محمد إدريس ديبي، وحينها أعلنت الجبهة رفضها انتقال الحكم إليه لأنه "لا يمكن أن يكون نظام الحكم في تشاد ملكيا أو أن يتم انتقاله بين الأسر"، وذلك حسب بيان نشرته الجبهة بعد تعيين الرئيس الجديد.

اثنان من أعضاء مجلس القيادة العسكرية لإنقاذ الجمهورية أثناء محاكمتهما (الفرنسية)

وبعد اغتيال إدريس ديبي أطلق الجيش التشادي عملية عسكرية ضد جبهة الوفاق من أجل التغيير وقتل العشرات من عناصرها واعتقل نحو 250 مسلحا، مما اضطر الجبهة إلى الانسحاب نحو ليبيا.

وفي ليبيا شاركت الجبهة في المعارك إلى جانب قوات حكومة فايز السراج ضد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، إذ شاركت في معارك سرت والجفرة وبراك الشاطئ، كما اقتحمت قوات حفتر قواعد للجبهة بالجفرة في ديسمبر/كانون الأول 2016.

كما شارك مسلحو الجبهة إلى جوار كتيبة الدفاع عن بنغازي التابعة لحكومة السراج في الهجوم على بنغازي والموانئ النفطية في رأس لانوف وخليج السدرة التي كانت تسيطر عليها قوات حفتر في عام 2017.

في 8 أغسطس/آب 2022 شاركت 52 جهة عسكرية وسياسية في مؤتمر للمصالحة بالعاصمة القطرية الدوحة، بينها الحكومة الليبية وجبهة الوفاق من أجل التغيير، وتم توقيع اتفاق للسلام بين الحكومة وعدد من الحركات لم تكن منها الجبهة، إذ رفضت تفاصيل الاتفاق لعدم تضمنه إطلاق سراح السجناء السياسيين من الصحفيين ومنتسبي الأحزاب وإعادة هيكلة الجيش والأمن.

وبعد المؤتمر بـ7 أشهر -أي في مارس/آذار 2023- حكمت محكمة الدولة في تشاد بالسجن المؤبد على أكثر من 400 عنصر من عناصر الجبهة -بينهم قائدها محمد مهدي- ودفع مبلغ 30 مليون يورو للدولة تعويضا عن الأضرار التي سببتها الجبهة، و1.5 مليون يورو لورثة الرئيس الراحل إدريس ديبي.

وفي 25 أغسطس/آب 2023 قصفت القوات الجوية التابعة لخليفة حفتر مقرات للجبهة داخل الأراضي الليبية، وذلك بعد هجمات عدة من الحركات المعارضة التشادية ضد قوات الجيش التشادي على الحدود مع ليبيا.

شعار جبهة الوفاق من أجل التغيير مجلس القيادة العسكرية لإنقاذ الجمهورية

تأسس عام 2016 بعد انشقاق داخل اتحاد قوى المقاومة، ويتركز نشاطه في المناطق الشمالية من تشاد والجنوبية من ليبيا والغربية من السودان، ويهدف إلى الإطاحة بنظام ديبي، سواء قبل قتل إدريس أو حتى بعد تولي ابنه الحكم.

وشارك المجلس -الذي يضم نحو 4500 مقاتل- في المعارك الدائرة بليبيا بين عامي 2016 و2018 إلى جانب حكومة فايز السراج، ويتخذ مسلحوه من جبال تيبستي في شمال تشاد مقرا لهم.

وشن المجلس أكبر عملياته على الجيش التشادي في منطقة كودي بوجودي بجبال تيبستي في أغسطس/آب 2018، وأصبحت تلك المنطقة لاحقا مقرا له، ومنها يشن هجماته.

قاد مجلس القيادة العسكرية لإنقاذ الجمهورية محمد حساني بولماي (2016-2017) الذي تم اعتقاله في النيجر وتسليمه إلى تشاد، وبعد ذلك حافظ المجلس على سرية قياداته خوفا من اغتيالها أو اعتقالها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الجیش التشادی إدریس دیبی شمال تشاد فی تشاد

إقرأ أيضاً:

محللون: هذه أوراق العرب لوقف حرب غزة بعضها لترامب

تتصاعد التساؤلات عن المصير الذي آلت إليه قرارات وتوصيات صدرت عن القمم العربية بشأن إغاثة أهل غزة ونصرتهم، في وقت يبحر فيه نشطاء دوليون على متن سفينة "مادلين" لكسر الحصار عن القطاع الفلسطيني المحاصر.

وتتساءل نداءات متكررة من داخل غزة وخارجها عن الموقف العربي بمستوييه الرسمي والشعبي عمّا يتعرض له أهل القطاع، في ظل حرب إبادة غير مسبوقة.

أين العرب؟

وفي حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"، أعرب الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي عن قناعته بأن إسرائيل أصبحت "لا تعبأ بالدور المصري سياسيا وعسكريا وإقليميا"، مطالبا القاهرة بـ"ألا تخطئ الحسابات".

وأبدى المرزوقي ثقته في قدرة مصر على الوقوف في وجه إسرائيل، التي قال إن ممارساتها بغزة تمس الأمن القومي المصري، مناشدا القاهرة بالتعامل بإيجابية مع تحركات شعبية عربية مرتقبة.

وأشار إلى أن إستراتيجية إسرائيل تتلخص في دفع الغزيين إلى جنوب القطاع وتجويعهم، ومن ثم إجبارهم على التحرك واجتياز الحدود المصرية.

بدوره، تساءل الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي عن الموقف العربي والإسلامي في ظل الحراك الذي يجوب دولا أوروبية وعالمية، ويتزامن مع أوضاع مأساوية داخل القطاع.

إعلان

وأشار إلى أن قرارات القمم العربية بشأن غزة لم تنفذ، إذ لم تفرض عقوبات على إسرائيل، ولم تقطع العلاقات بها، ولم تدخل المساعدات إلى القطاع المحاصر.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) قد حذرت من أن الحصار يدفع غزة إلى حافة المجاعة، و"الأطفال يدخلون مرحلة غذائية مميتة"، مؤكدة أن الوقت الحالي "هو الأسوأ على الإطلاق بالنسبة للنساء والأطفال في غزة".

من جانبه، قال الباحث والناشط في العمل الإنساني عثمان الصمادي، إن الإنسانية تزهق روحها على مرأى ومسمع الجميع، معربا عن قناعته بأن جميع الدول العربية والإسلامية غير محمية من سيناريو الحرب.

وأكد الصمادي، أن لا شيء يعذر العرب والمسلمين، أنظمة وشعوبا في نصرة أهل غزة، مشيرا إلى أن الدول العربية أعدمت الحياة السياسية فيها لصالح الحكم الشمولي.

كما أسقطت الدول العربية -حسب الصمادي- ورقة الشعوب العربية، إذ تخشى حاليا السماح لها بالتحرك نصرة للغزيين.

ما المطلوب؟

ووفق المرزوقي، فإن "خوف الأنظمة العربية من واشنطن وتل أبيب أكثر من شعوبها"، مطالبا الجماهير العربية بالخروج إلى الشوارع.

من جهته، قال البرغوثي، إن النشطاء الدوليين على سفن كسر الحصار يخاطرون بحياتهم في ظل التجارب الإسرائيلية السابقة، ووصفهم بأنهم يمثلون ضمير الإنسانية ومشاعر شعوب العالم.

وشدد البرغوثي على ضرورة أن يقول العرب للرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن مصالح بلاده في المنطقة واستثماراتها ستكون "مرهونة بوقف الحرب على غزة".

وطالب أيضا بإرسال قوافل مساعدات إلى غزة باسم الدول العربية والإسلامية، مؤكدا ضرورة أن يتعظ الجميع ويبادر، "فالسكوت على ما يجري أكثر ألما من الجوع نفسه".

وخلص البرغوثي إلى أن المجازر الإسرائيلية لن تكسر إرادة الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن المطالب لا تنحصر في كسر الحسار فحسب، بل وقف حرب الإبادة.

إعلان

وناشد الصمادي الأنظمة العربية السماح لشعوبها بالتحرك على الأرض للضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل، محذرا من توسع جيش الاحتلال في المنطقة.

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال حرب إبادة على سكان القطاع الفلسطيني، وفق توصيف خبراء دوليين، وقد استشهد خلالها أكثر من 54 ألف فلسطيني وأصيب أكثر من 125 ألفا، وشُرد كل سكان القطاع تقريبا وسط دمار لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.

مقالات مشابهة

  • بعد لقاء مجلس الصحوة.. كامل إدريس يؤكد ضرورة وقوف ودعم كل المكونات المجتمعية للقوات المسلحة في حرب الكرامة
  • المحافظ إدريس يلتقي مشايخ ووجهاء عزلة مذوقين آل وهاش بريف البيضاء
  • مفوضية اللاجئين: أزمة السودان وصلت نقطة اللاعودة مع تضاعف أعداد اللاجئين بتشاد
  • احميد: التشكيلات المسلحة في غرب ليبيا أصبحت أقوى من الحكومة نفسها
  • مقتل فتاة برصاص قناص حوثي شمال الضالع
  • ليبيا..تجدد المعارك بين الميليشيات بعد انهيار الهدنة
  • ليبيا… معارك تهز العاصمة طرابلس بعد انهيار الهدنة
  • دا أحد أثمان المشاركة الضارة في حرب السودان يا ديبي الإبن!
  • كشف تفاصبل زيارة رئيس الوزراء كامل إدريس الى منطقة البحر الأحمر العسكرية
  • محللون: هذه أوراق العرب لوقف حرب غزة بعضها لترامب