ولأننا مازلنا نترقب التعديل الوزارى المحتمل، تعالوا أحدثكم عن أول رئيس وزراء شغل هذا المنصب فى مصر رغم أنه لا يتحدث اللغة العربية، هو نوبار باشا القادم من أصول أرمنية، شغل مناصب عديدة فى مصر، واختير أول رئيس وزراء لمصر فى مجلس النظار الذى أسسه الخديوى إسماعيل عام 1878، وتولى هذا المنصب ثلاث مرات آخرها كانت من 16 ابريل 1894 حتى 11 نوفمبر 1895.
اختار نوبار باشا أسماء حكومته الأولى التى شكلها طبقًا لتكليف من الخديو إسماعيل، وكان هذا التكليف هو الأول من نوعه فى تشكيل الحكومات بمصر، حيث كان الحاكم هو الذى يترأس كل شىء ويعاونه مستشارون يختارهم هو، ذهب «نوبار» إلى الخديو فى الإسكندرية باسماء حكومته. واقترح اسم الانجليزى «وليسون» وزير العمالية، ورياض باشا وزيرًا للداخلية. و«على مبارك» للمعارف العمومية وراتب باشا «للجهادية» واحتفظ هو بوزارتى الحقانية والخارجية إلى جانب رئاسته للوزراء.
انتقل نوبار إلى الإسكندرية لعرض أسماء حكومته على الخديو، وطلب «إسماعيل» تغيير الشكليات فى مسألة تشكيل الحكومة، فبدلاً من أن يوافق الخديو على تقرير يقدمه نوبار بشأن تشكيل الحكومة، يوجه هو خطابًا أو منشورًا إلى نوبار كمبادرة منه هو شخصيًا من أجل تشكيل الوزارة، فوافق نوبار فى الحال على هذا الطلب وبناء عليه وجه إسماعيل خطابه بتشكيل الوزارة.
عندما تعرضت مصر لسوء الحالة المالية والاقتصادية، خرج الشعب للقيام بمظاهرات متتالية وقام الخديوى إسماعيل بتعيين نجله وولى عهده الخديو محمد توفيق خلفًا لنوبار باشا.. فقد وصلت مصر إلى حد خطير من الفوضى والإهمال حتى أن أكثر الموظفين لم يتقاضوا رواتبهم، كما ذهبت وفود كثيرة من الفلاحين من جميع الأنحاء إلى قصر عابدين فى مظاهرات صاخبة للتظلم من الشدة والصرامة فى تحصيل الضرائب منهم.
وأعلن الخديوى إسماعيل عن عدم مسئوليته عن الحالة التى وصلت إليها البلاد من الفوضى أمام القنصلين البريطانى والفرنسى، إلا إذا أعيد إلى منصبه الشرعى لحكم البلاد دون أى تدخل وذلك إما بترأسه مجلس الوزراء أو بانتخاب رئيس وزراء يثق به ويرتاح له. كما اشترط الخديوى أن ينسحب نوبار باشا من الوزارة لأن لديه معلومات أكيدة تدل على تآمره وعلى نفوذه، مما اضطر القنصلين بالاجتماع بنوبار باشا وأجبراه على الاستقالة. وبالفعل تقدم نوبار باستقالته وكانت هذه الاستقالة بمثابة انتصار من الخديو إسماعيل لأنه كان يريد الدفع بابنه الخديو توفيق فى الحياة السياسية وأن يؤهله لتولى الحكم من بعده!!.
وفى مذكراته التى ضمت (41 فصلا) التى غطت الفترة التى بدأت بقدومه إلى مصر حتى عزله سعى نوبار لإعادة رسم صورته التى تشكلت بشكل سلبى حين تولى مسئولية منصب رئاسة وزراء مصر ثلاث مرات خلال القرن التاسع عشر من تاريخ مصر الحديثة، واتهامه بأنه كان وراء إنشاء المحاكم القنصلية، وتحكم الانجليز وكثير من الدول الأجنبية فى مصر، وما ترتب عليها من ديون، ومن ثم احتلالها كشف نوبار عن الصراع الذى دار بين محمد على وابنه وقائد جيوشه إبراهيم باشا على الحكم، الذى وصل بالفعل إلى اقصاء الأول بسبب مرضه، ووصوله لمرحلة الهذيان ثم وفاة الثانى عقب عودته لمصر، بعد صراع طويل مع مرض الصدر، وتشييعه فى جنازة لم يشارك فيها سوى عدد من الفلاحين، حيث غضب عليه محمد على، وجعل قواده يغادرون بخيولهم واحدًا وراء الآخر، وينسلون من شارع الموسمى، فيما الجثمان يواصل طريقه فوق أعناق الفلاحين وقليل من رجال القائد الذى لم يمهله القدر لتحقيق ما كان يصبو إليه.
ويضيف نوبار فى مذكراته أن محمد على باشا «فقد عقله تمامًا» وصار وهو فى سن الشيخوخة يتخيل نفسه وهو على رأس جيشه الجرار، يحارب على أبواب القسطنطينية، ويعطى أوامر لضباط لم يعد أحد منهم على قيد الحياة.
وفى أيامه الأخيرة كان محمد على «يدرك» الحالة التى هو عليها ويراقب نفسه، وما أن يشعر بأنه سوف يدخل فى نوبة هذيان وفقدان العقل إلا وقد كان يختلى بنفسه، فى عزلة تامة، محاولاً بكل قوة أن يستعيد تسلسل أفكاره». وعمدا بلغه خبر وفاة ابنه إبراهيم قال محمد على: «كنت أعرف.. كان قاسيًا معى كما كان مع الجميع. لقد عاقبه الله وأماته».
بريق الكرسى، يخلب الألباب، ويطيح بالعقول لكنه دوار لا يستقر على حال ولا يدوم، وفى الوقت الحالى أصبح غير مغر بعد انتهاء اسطورة عبده مشتاق!!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود غلاب حكاية وطن المنصب مصر اللغة العربية محمد على
إقرأ أيضاً:
إسماعيل بيومي قاهر خط بارليف: أنا كنت أول جندي يقوم بعبور القناة وقطع ذراعي ودفنته في الرمال
أكد الجندي إسماعيل بيومي قاهر خط بارليف، أنه "أنا من أبناء مدينة الإسماعيلية، ومنذ صغري ونحن شباب نلعب رياضة وكنا في المقاومة الشعبية، مشيرا إلى أنه في النكسة كنا معانا بنادق وهما بيضربوا طيران، وتم تجنيدي في 69، وكنت أتمنى أن أكون في الجبهة وعلى خط المواجهة مع العدو، كنت في مجموعة مضخات المياه لتحطيم الساتر الترابي."
وقال إسماعيل بيومي، خلال لقاء له لبرنامج “واحد من الناس”، عبر فضائية “الحياة”، انه “أنا كنت أول جندي يقوم بعبور القناة، وكانت لحظة تاريخية، تدربنا عليها كثيرًا حتى نستطيع إزالة الساتر الترابي.”ونفذنا المهمة في 6 أكتوبر، وأثناء عبور القناة سقط صاروخ في القارب وأصبت في جسدي وعيني، وكنت أسقط في المياه حتى وصلت إلى البر الغربي، وأرادوا أن نروح كتيبة طبية ورفضت، واستمريت في القتال، حتى جاء أمر أن كل واحد يحمي الموقع بتاعه، وبالفعل كانت موقعة ومعارك شرسة."
وتابع العدو كان يرمي قنابل محرمة دوليًا، وسقط صاروخ على الحفرة اللي كنت فيها وأغمي عليَّ، وتهشم ذراعي، وافتقدت ذاكرتي في تلك المعركة، وحاول زملائي أن أخرج من المعركة ورفضت، واستمريت في القتال، وصرحت فيهم أنا مكمل والدماء تنزف مني، ودفنت ذراعي في مكاني ونزلت النبات، وقمت بالسباحة بذراع واحدة، وكنت أقول الشهادة حتى وصلت إلى الضفة الغربية، وكنت ماسك بيد واحدة لمدة ليلة كاملة حتى طلع النهار، ووجدت جنود مصريين فوقي، رموا حبل حتى طلعت فوق الساتر، واستمريت مع زملائي في الحرب."