صدى البلد:
2025-06-12@03:46:41 GMT

خالد الشناوي يكتب: جحا والحمار

تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT

بينما كان جحا ذات يوم يمشي مع ولده يريدان أن يسافرا إلى مكان بعيد وكانت وسيلة السفر في ذلك الزمان الحمار أو الحصان .

فالغنيّ كان يقتني حصانًا بينما الفقير يشتري حمارًا أو يقوم بتأجيره،
وجحا كان فقيرا فقرّر أن يستدين ويشتري حمارًا يساعده هو وابنه في رحلتهما .

بالفعل دبر جحا أمره واشترى الحمار وركب عليه هو وابنه، وبعد سفر قليل دخلا إحدى القرى العامرة بالناس.

..
فقال أهلها: يا لهما من رجلين منزوعي الرحمة يركبان على الحمار  سويا من دون رأفة أو شفقة بأمر هذا الحمار المسكين المغلوب على أمره!

وعندما سمع جحا هذا الكلام أنزل ابنه من على الحمار و ركب هو وابنه يمسك بلجام الحمار ... وسارا حتى دخلا قرية أخرى، وعندما شاهد أهل القرية جحا يركب الحمار وابنه يسير على قدميه قالوا: يا له من أب ظالم متغطرس يركب هو ويترك ابنه يُنهكه التّعب!

فنزل جحا وترك ابنه يركب، وبعد مسير قليل دخلا قرية ثالثة، وعندما رأى أهل هذه القرية الابن يركب فوق الحمار، والوالد يسير على قدميه قالوا: يا له من ابن عاق، يركب هو ويترك أباه يسير على قدميه!

هنا قرر جحا أن ينزل هو وابنه من فوق ظهر الحمار وبالفعل سارا سويا والحمار خلفهما ممسكين بلجامه فقال الناس ما لهذين المجنونين يسيران على أقدامها ويتركان الحمار يسير خلفهما !

هنا كاد أن يجن جنون جحا ولكن ما صبره علمه علم اليقين أن الناس طبيعتهم لا يعجبهم العجب!

فجاءت شخصية جحا و دحماره كقصة من التراث والفلكولور الشعبي المضحك والتي نقلتها الينا بطون الكتب و تناولتها ألسنة الناس في مواقفهم وأمور حياتهم عبر العصور والدهور  .

وإزاء هذه الشخصيه الجدلية انقسم الباحثون إلى قسمين:منهم من يرى أن هذه الشخصيه حقيقية وتعود الى رجل من الحكماء والصالحين في قديم الزمان ويدعى"أبا الغصن دجين بن ثابت الفزاري" والذي ولد في النصف الثاني من القرن الأول الهجري في سنة 60 هجرية، وقد قضى شطر حياته في الكوفة وتوفي بها عام 160 هجرية أيام خلافة أبي جعفر المنصور.
بينما يرى البعض أنه عاش مائة سنة، وكانت أمه خادمة لأنس بن مالك فهو بذلك من جيل التابعين ،وكان فقيها كبيرا وتولى القضاء وإلى هذا الرأي ذهب الإمام السيوطي ومن وافقه من العلماء  والفقهاء، بينما قول ضعيف ذهب إلى انتساب شخصية جحا إلى نصر الدين خوخة في بلاد الأناضول والذي عاصر الحكم المغولي. 

بينما يرى قسم آخر أن شخصية جحا هي شخصية خيالية تم استدعاؤها من وحي الخيال في الأزمنة القديمة المتعاقبة وتم تغليف مواقفها ورسائلها السياسية والاجتماعية في غلاف النكتة وخفة الدم.

وإن كنت أميل إلى ما ذهب إليه أصحاب الرأي الأول بأن جحا شخصية واقعية عايشت أحداث الناس في قديم الزمان وكانت معبراً عن قضايا المجتمع فوصل صوتها إلى القاصي والداني وظلت في وجدان الأمم وضمائرها يستدعون مواقفها وأقوالها وقت الحاجة إلى ذلك .
واذا كان الامر كذلك فإنه من خلال  تتبعي لهذه الشخصية تتبعا تحليليا فإنني أرى مستويين لا ثالث لهما يدوران حولها .
الأول: أن هذه الشخصيه كانت تمتاز بالذكاء وبالحس المجتمعي ما جعلها تتبوأ مكانة الصدارة  وقتذاك في الانحياز لضمير المجتمع والتعبير عما يعانيه من مشاكل وعما يطمح إليه من آمال وتطلعات .

بينما أرى أن المستوى الثاني: هو سعي السلطة السياسية الحاكمة في قديم الزمان لتوصيف هذه الشخصية بالبلادة والغباء مواجهة لمدها المجتمعي وما حظيت به من تواجدها الحقيقي في صفوف قضايا الناس  .

مات جحا وبقى نجمه ساطعا في سماء الأمم والشعوب وما يقابلها في حياتها من افراح وأتراح ومن مصاعب واشكاليات  وقد نستطيع القول إن هذه الشخصيه وما حولها من نكت ومضحكات هي تجميع لعصور متناوبة مختلفة أحيانا ومتسقة ومتناغمة أحيانا أخرى وكما يقولون: فإن التاريخ قد يعيد إنتاج نفسه مرات ومرات، وأن العبرة من قصص جحا وحكاياته تعني أن من راقب الناس وتطلع إلى آرائهم وأمزجتهم المتقلبة وغير المتجردة مات حسرة وكمدا.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

الفنيش: الحكومة تستهدف بعض الفصائل الخارجة عن سيطرتها بينما تُبقي تحالفاتها مع مجموعات أخرى

الفنيش: الفوضى الأمنية في ليبيا أعمق من أن تُحل بلجان مؤقتة.. والحل يبدأ بمسار سياسي شامل

ليبيا – قال الباحث السياسي وعضو الأمانة العامة لحزب ليبيا النماء، حسام الفنيش، إن معالجة الواقع الأمني في ليبيا لا يمكن أن تتم عبر آليات بيروقراطية مؤقتة، مؤكدًا أن جذور الفوضى الأمنية والحقوقية أعمق بكثير من صلاحيات أي لجنة أو نوايا حكومية مهما كانت.

المشهد الأمني خاضع لهيمنة جماعات مسلحة
أوضح الفنيش، في تصريحات خاصة لموقع “إرم نيوز”، أن الجماعات المسلحة هي التي تهيمن فعليًا على المشهد الأمني في ظل غياب سلطة الدولة المركزية، مشيرًا إلى تقاطع مصالحها أحيانًا مع بعض مؤسسات الدولة، ما يعقّد أي محاولة حقيقية لفرض الأمن أو المحاسبة.

اللجان تعيد التوازنات بدلًا من تفكيك التشكيلات
رأى الفنيش أن تشكيل اللجان لا يُعد بالضرورة خطوة نحو تفكيك الجماعات المسلحة، بل قد يكون وسيلة لإعادة ترتيب التوازنات بين تلك التشكيلات، معتبرًا أن الحكومة تستهدف من خلال هذه الخطوات بعض الفصائل الخارجة عن سيطرتها، بينما تُبقي تحالفاتها مع مجموعات أخرى.

الانتقائية تُعيد إنتاج الانقسام
شدّد على أن هذه المقاربة الانتقائية لا تؤسس لحل دائم، بل تُكرّس منطق الولاءات السياسية وتُعيد إنتاج الانقسام داخل الدولة، محذرًا من أن ذلك سيقود إلى مزيد من التعقيد في المشهد الأمني والسياسي.

غياب رؤية استراتيجية يضعف قدرة الحكومة
لفت الفنيش إلى أن قدرة الحكومة على تفكيك البنية المسلحة تبقى محدودة في ظل ضعف المؤسسات وغياب رؤية استراتيجية شاملة تعيد تعريف وظيفة الأمن والسلاح داخل الدولة، وتُميز بين الميليشيا والتشكيلات النظامية وفق معايير علمية واضحة.

المسار السياسي هو الحل الحقيقي
أكد أن أي إصلاح حقيقي لا يبدأ بتشكيل اللجان، بل بإطلاق مسار سياسي شامل يعالج جذور الأزمة، ويضع حدًا لاستخدام أدوات الدولة لتصفية الخصوم أو إعادة ترتيب المشهد لصالح أطراف بعينها.

عدالة انتقالية ومصالحة وطنية حقيقية
ختم الفنيش بالقول إن إنهاء الفوضى الأمنية والانتهاكات الحقوقية يتطلبان عملية سياسية شاملة تنطلق من تفاهم وطني واسع، يعيد بناء المؤسسات على قاعدة المواطنة، ويؤسس لعدالة انتقالية تضمن المحاسبة دون انتقام، وتحقق المصالحة دون إنكار للجرائم، مضيفًا: “دون هذا المسار، ستبقى الخطوات الجزئية مجرد محاولات لتسكين الجرح في حين يستمر النزيف”.

مقالات مشابهة

  • إخفاء الألم.. كيف يواصل مراسل حرب مسيرته بينما عائلته هي الضحية؟
  • بعد 14 عاما على وفاته.. حقيقة تعاون حسن الأسمر مع نجله في دويتو «أغلى من عنيا»
  • مطاردة حمار وحشي فر من منزل مالكه قصة مثيرة على المنصات الأميركية
  • نجل الشهيد خالد عبد العال: والدي فدائي وعاش حياته يُحب الوطن
  • القبض على حمار وحشي هارب بعد تسببه في فوضى وإغلاق طرقات
  • ابن الشهيد خالد عبد العال: أبويا مستخسرش روحه وعمره علشان الناس
  • الفنيش: الحكومة تستهدف بعض الفصائل الخارجة عن سيطرتها بينما تُبقي تحالفاتها مع مجموعات أخرى
  • استشهاد أب وابنه في ضربة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان
  • احتجاجات حميدتي بصوت خالد عمر!
  • خالد.. بطل العاشر من رمضان الذي افتدى الناس بروحه