البوابة نيوز:
2025-08-01@01:36:12 GMT

جحا والحمار

تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 بينما كان جحا ذات يوم يمشي مع ولده يريدان أن يسافرا إلى مكان بعيد، وكانت وسيلة السفر في ذلك الزمان الحمار أو الحصان.

 فالغني كان يقتني حصانًا بينما الفقير يشتري حمارًا أو يقوم بتأجيره، وجحا كان فقيرا فقرّر أن يستدين ويشتري حمارًا يساعده هو وابنه في رحلتهما.

بالفعل دبر جحا أمره، واشترى الحمار، وركب عليه هو وابنه، وبعد سفر قليل دخلا إحدى القرى العامرة بالناس.

 فقال أهلها: يا لهما من رجلين منزوعي الرحمة يركبان على الحمار  سويا من دون رأفة أو شفقة بأمر هذا الحمار المسكين المغلوب على أمره!

وعندما سمع جحا هذا الكلام أنزل ابنه من على الحمار وركب هو وابنه يمسك بلجام الحمار...

وسارا حتى دخلا قرية أخرى، وعندما شاهد أهل القرية جحا يركب الحمار وابنه يسير على قدميه قالوا: ياله من أب ظالم متغطرس يركب هو ويترك ابنه يُنهكه التّعب!

 فنزل جحا وترك ابنه يركب، وبعد مسير قليل دخلا قرية ثالثة، وعندما رأى أهل هذه القرية الابن يركب فوق الحمار، والوالد يسير على قدميه قالوا: ياله من ابن عاق، يركب هو ويترك أباه يسير على قدميه!

هنا قرر جحا أن ينزل هو وابنه من على الحمار وبالفعل سارا سويا والحمار خلفهما ممسكين بلجامه فقال الناس ما لهذين المجنونين يسيران على أقدامها ويتركان الحمار يسير خلفهما!

هنا كاد أن يجن جنون جحا ولكن ما صبره علمه علم اليقين أن الناس طبيعتهم لا يعجبهم العجب!

فجاءت شخصية جحا وحماره كقصة من التراث والفلكولور الشعبي المضحك والتي نقلتها إلينا بطون الكتب وتناولتها ألسنة الناس في مواقفهم وأمور حياتهم عبر العصور والدهور .

وإزاء هذه الشخصيه الجدلية انقسم الباحثون إلى قسمين:منهم من يرى أن هذه الشخصيه حقيقيه وتعود الى رجل من الحكماء والصالحين في قديم الزمان ويدعى"أبا الغصن دجين بن ثابت الفزاري" والذي ولد في النصف الثاني من القرن الأول الهجري في سنة 60 هجرية، وقد قضى شطر حياته في الكوفة وتوفي بها عام 160 هجرية أيام خلافة أبي جعفر المنصور.

بينما يرى البعض أنه عاش مائة سنة، وكانت أمه خادمة لأنس بن مالك فهو بذلك من جيل التابعين، وكان فقيها كبيرا وتولى القضاء وإلى هذا الرأي ذهب الإمام السيوطي، ومن وافقه من العلماء  والفقهاء بينما قول ضعيف ذهب إلى انتساب شخصية جحا إلى نصر الدين خوخة في بلاد الأناضول والذي عاصر الحكم المغولي. 

بينما يرى القسم الآخر: أن شخصية جحا هي شخصية خيالية تم استدعاؤها من وحي الخيال في الأزمنة القديمة المتعاقبة وتم تغليف مواقفها ورسائلها السياسية والاجتماعية في غلاف النكتة وخفة الدم.

وإن كنت أميل إلى ما ذهب إليه أصحاب الرأي الأول بأن جحا شخصية واقعية عايشت أحداث الناس في قديم الزمان وكانت معبرًا عن قضايا المجتمع فوصل صوتها إلى القاصي والداني وظلت في وجدان الأمم وضمائرها يستدعون مواقفها وأقوالها وقت الحاجة إلى ذلك .

وإذا كان الأمر كذلك فإنه من خلال  تتبعي لهذه الشخصية تتبعا تحليليا فإنني أرى مستويين لا ثالث لهما يدوران حولها.

الأول: أن هذه الشخصية كانت تمتاز بالذكاء وبالحس المجتمعي ما جعلها تتبوأ مكانة الصدارة  وقتذاك في الانحياز لضمير المجتمع والتعبير عما يعانيه من مشاكل وعما يطمح إليه من آمال وتطلعات.

بينما أرى أن المستوى الثاني: هو سعي السلطة السياسية الحاكمة في قديم الزمان لتوصيف هذه الشخصيه بالبلادة والغباء مواجهة لمدها المجتمعي وما حظيت به من تواجدها الحقيقي في صفوف قضايا الناس .

مات جحا، وبقي نجمه ساطعا في سماء الأمم والشعوب، وما يقابلها في حياتها من أفراح وأتراح، ومن مصاعب وإشكاليات، وقد نستطيع القول إن هذه الشخصيه وما حولها من نكت ومضحكات هي تجميع لعصور متناوبة مختلفة أحيانا ومتسقة ومتناغمة أحيانا أخرى وكما يقولون: فإن التاريخ قد يعيد إنتاج نفسه مرات ومرات.

وأن العبرة من قصص جحا وحكاياته تعني أن من راقب الناس، وتطلع إلى آرائهم وأمزجتهم المتقلبة والغير متجردة مات حسرة وكمدًا.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: جحا الحمار أهل القرية

إقرأ أيضاً:

الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّة.. شِفَاءٌ يُرْتَجَى أَمْ مَكَاسِبُ تُجْتَنَى

كتبه

خليف بن هيشان العنزي

بسم الله الرحمن الرحيم

في زمن تداخلت فيه المفاهيم، وازدادت فيه الحاجات والآلام، باتت "الرُّقْية الشَّرعيَّة" ملجأً لكثير من الناس، يطلبون بها الشفاء، ويتلمسون بها الرحمة.

وهي بابٌ من أبواب الشفاء، دلّت على مشروعيتها نصوصٌ من القرآن والسنة.

قال الله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾، وقال أيضًا: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾، وهاتين الآيتين دليل على أن في القرآن شفاءً للقلوب والأبدان، ومنه تُستخرج الرُّقى المشروعة.

وفي حديث عائشة رضي الله عنها:" كان رسول الله ﷺ إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوّذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها".(رواه البخاري ومسلم).

وهو دليل صريح على أن النبي ﷺ رقى نفسه ورُقي بغيره.

غير أن هذا الباب، الذي شَرَعَه الله تيسيرًا ورحمةً، دَخَلَه من لا علم عنده ولا وَرَع، فجَعلوا من الرُّقيةِ تجارةً رابحةً، ووسيلةً سهلةً لاستغلال الناس.

ومن أخطر ما في الأمر أن بعض هؤلاء الرُّقاة غير المؤهّلين، لا يُفرّق بين الأمراض النفسية والروحية والعضوية كجرثومة المعدة، أو فقر الدم، أو القولون العصبي، أو حتى نقص الفيتامينات، فيجعلَ كلَّ ضيقٍ أو ألمٍ أو اضطرابٍ، سحرًا أو مسًّا أو عينًا، وهذا فتحٌ لباب الوسواس على مِصْراعيْه.

وبعضهم يزيد الطين بِلّة، حين يخبر المريض أن من أصابه بالعين هو فلان أو فلانة أو شخص بصفات معينة، فيزرع الشك بين القرابة، ويهدم البيوت، ويقطّع الأرحام.

وكم من العلاقات تفككت، ومن عائلةٍ تمزقت بسبب راقٍ جعلهم يَعيشون على الظنون والأوهام.

ومنهم من يغالي في التأثير، فيُقيم رُّقى جماعية فيها صراخ وتشنجات، بلا ضابط شرعي، أو يدَّعي مخاطبة الجن و"حوار الأرواح"، وكل ذلك دون علم أو ورع.

والأخطر حين يُستغل ضَعف النّسَاء، أو يُغرِى الناسَ بالتعلُّق به وكأن الشفاء لا يكون إلا على يديه.

وتَظْهر خُطُورةٌ أخرى في إقامة "جلسات جماعية" للرُّقية، حيث تختلط الأصوات بالصراخ، والانفعالات بالهستيريا، دون أي ضابط شرعي، بل وفي أماكن مختلطة أحيانًا، مما يُدخل المرضى في أجواء نفسية مشوشة قد تُفاقم حالتهم.

وإنّ من أشدّ ما يُخلّفه بعض الرُّقاة غير المؤهّلين، ليس مجرد الخسارة المالية أو التعب الجسدي، بل ما هو أخطر من ذلك: داء الوهم، الذي يستقرّ في نَفسِ المريض وعقله، ويَصعُب شفاؤه.

فالمريض حين يعاني أعراضًا غامضة ولا يدري ما به، يُصبِح قابلاً لتَصْديق أي تفسير يُعرض عليه، مهما بدا غريبًا أو غير منطقي.

فإذا وقع في يد راقٍ غير مؤهّل، زاد الطين بِلّة، إذ يغذّي هذا الوهم ويوحي إليه أنه مصاب بسحر أو مسّ أو عين.

ومن العجائب المؤلمة التي رُويت لي في هذا الباب، ما حدّثني به أحد الأصحاب، وهو دكتور في الشريعة، حين طُلب منه الرقية لامرأة تَرفضت الخُروج من بيتها منذ اثني عشر عامًا.

كانت المرأة على قناعة راسخة بأن خروجها سيُعرضها لمكروه، أو إصابة، أو حتى نوبات صرع.

وبعد أن قرأ عليها، وتحدث إليها، تبيّن له أنها سليمة، وروحها مرهقة بالوهم، وعقلها أسير لكلمة قيلت لها منذ سنوات.

فقد أخبرها أحد الرُّقاة غير المؤهلين قبل اثني عشر عامًا بأنها "مسحورة"، وأن خروجها من المنزل قد يُجدد السحر أو يُفَعَّل أثَرُه.

صَدَّقت المرأة هذا الوهم، ومنذ ذلك الحين، عاشت أسيرة للقلق والخيالات، لا لشيءٍ إلا لجهل ذلك الرَّاقي غير المؤهل، الذي غرس في نفسها الخوف بدل الطمأنينة، وربط بين حياتها الطبيعية وشرٍ موهوم لا دليل عليه.

وهذه القصص ليست نادرة، بل تتكرر بصور متعددة، في نِسَاءٍ ورِجَالٍ وأطْفالٍ، تضرروا نفسيًا واجتماعيًا بسبب تشخيصٍ خاطئ و جهلٍ مركب.

أما الجانب المالي، فقد أصبح مقلقًا بحد ذاته، إذ لم تعد الرقية بابًا للشفاء بقدر ما صارت خدمة تُسعَّر وتُفصَّل، فالجلسة بمبلغ، والماء بثمن، والزيت بسعر خاص، وربما تُضاف أعشاب وأوراق وكتيبات، كلها تُباع تحت شعار "الرقية الشرعية".

بل بلغ الحال ببعضهم أن يُحضر معه جهاز السحب البنكي( الكنّت)، ليتم الدفع بالبطاقة مباشرة، وكأنك أمام محل تجاري لا جلسة ذكر وشفاء.

وقد يربط بعضهم الشفاء بالاستمرار في الدفع، وكأن الآيات لا تؤتي ثمارها إلا بعد تحويل الأموال!.

إن هذا التعامل يُفرغ الرُّقية من معناها الإيماني، ويَزرع الشك في قلوب الناس تجاه كل راقٍ حتى ولو كان صادقًا، ويفتح الباب للربح باسم الدين، على حساب المرضى والبسطاء الذين يبحثون عن الراحة بأي ثمن.

ومع ما سبق من نقد لحال بعض الرُّقاة، لا يجوز أن يُنسى أو يُجحد فضل الرقاة الورعين الصادقين، الذين حملوا هذا الباب العظيم من أبواب الخير بإخلاص ورفق وعلم.

هؤلاء هم الذين يعرفون حدود "الرُّقْية الشَّرعيَّة"، ويقفون عند النصوص، لا يبتدعون ولا يُهوّلون، ولا يَطلبون أجرًا إلا إن أُعطي لهم من غير طَلبٍ ولا شرط، وقد يتورعون عن أخذه تمامًا.

بل ترى فيهم من يوجّه المريض أولًا للطبيب، ويجمع بين الدعاء والدواء، ويُذكّر الناس بأن الشفاء من عند الله، لا من عنده، فيربطهم بالخالق لا بالمخلوق.

إنهم رُقاةٌ عرفوا عِظَم الأمانة، فرفقوا بالناس، وصَدقوا مع الله، وكانوا سببًا في شفاء قلوبٍ وأبدانٍ، وطمأنينة أرواحٍ تَعِبَة.

فهؤلاء يُشكرون، ويُدعى لهم، ويُحتذى بهم، وهم الأصل الذي نرجو أن نُعيد إليه ثقة الناس بهذا الباب النبيل من أبواب الشفاء.

ولا حرج على الرَّاقي الصادق أن يأخذ شيئًا "يسيرًا " من المال، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه – في قصة راقي الفاتحة لما رقى سيد القوم وأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك: « فَقالَ: وَما يُدْرِيكَ أنَّها رُقْيَةٌ؟ ثُمَّ قالَ: قدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، واضْرِبُوا لي معكُمْ سَهْمًا. فَضَحِكَ رَسولُ اللَّهِ  ».[رواه البخاري ومسلم]

ووجه الدلالة من هذا الحديث : أن النبي ﷺ أقرَّهم على أخذ المال، بل قال "اضربوا لي معكم سهمًا"، فدل على "جواز" أخذ العِوَض كما يُؤخذ على الطب أو التعليم، لأن الرُّقية جُهد وتَفرغ، ومُرهقة ذِهنيًا ونَفسيًا، فلا يُمنع الراقي من المقابل إن كان مُعتدلًا، ولا يُبالغ فيه، ولا يُجعل هدفًا.

وذهب بعض الفقهاء إلى أن أخذ الأجرة على الرُّقية لا يجوز إلا بعد حصول الشفاء، محتجّين بأن الشفاء غير مضمون، وأن اشتراط الأجرة على ما لا يُعلم تَحققه فيه نوع من الغرر.

لكن هذا القول مرجوح، لمخالفته للنص الصريح الصحيح، الذي جاء في حديث أبي سعيد الخدري  السابق، وضَعف أدلة القائلين بالمنع إلا بعد حصول الشفاء.

وختاماً: إلى كل من يمارس "الرُّقْية الشَّرعيَّة"، أو يتصدر لهذا الباب العظيم:

اتقِ الله فيما وُكل إليك، واعلم أنك تتعامل مع آيات الله، لا مع تجارة، ولا مع جهل الناس وضعفهم.

فكن راقيًا على منهاج النبوة، نقيًّا في نيتك، ورِعًا في أسلوبك، متجنبًا للشبهات، ناصحًا لا مُتَكسبًا، راحمًا لا مُسّتَغِلًا.

ولا تجعل الرُّقية مهنة تَسْتَدرُّ بها الأموال، بل سبيلاً للإحسان ونفع الخلق، يُرجى بها الأجر من الله .

وإلى الناس جميعًا: لا تُسلموا عَقُولَكم لكلّ من تَصَدَر لهذا الباب، ولا تجعلوا بوابة الشفاء مدخلاً للوسواس والخوف والتعلق بغير الله.

توكّلوا على الله، وخذوا بأسباب الشفاء الطبية والنفسية والشرعية معًا، ومَيّزُوا بين من يرقيكم رحمةً بكم، ومن يبيع لكم وهمًا بثمن.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد،،،،

القرآن الكريمالرقية الشرعيةالسنة النبويةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة القاهرة: الابتكار بصمة شخصية ونستهدف ربط الجامعة بالصناعة والاستثمار
  • ماذا يركب الناس؟.. أكثر 10 سيارات شعبية ومبيعا في العالم
  • 31 شخصية إسرائيلية بارزة تطالب المجتمع الدولي بفرض عقوبات على إسرائيل احتجاجًا على تجويع غزة
  • 31 شخصية إسرائيلية تطالب بعقوبات دولية على إسرائيل
  • 31 شخصية إسرائيلية بارزة تدعو لفرض عقوبات قاسية على إسرائيل
  • خالد أبو بكر: الإخوان تخوض معركة ثأر شخصية ضد الرئيس السيسي
  • الرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّة.. شِفَاءٌ يُرْتَجَى أَمْ مَكَاسِبُ تُجْتَنَى
  • أليسون يعود من جولة ليفربول الآسيوية لأسباب شخصية
  • فدوى عابد: أحببت شخصية سماح فى «فات الميعاد».. ولا أضع توقعات لأعماليl خاص
  • أخبار السيارات | مدينة يركب 76% من سكانها سيارات كهربائية فقط .. أغلى سيارة في التاريخ في مزاد علني