قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، في ذكرى اندلاع الحرب في السودان في الخامس عشر من أبريل 2023، بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، يجب ألا ينسى العالم شعب السودان.

وقال جوتيريش ـ بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة ـ إن ما يحدث أكبر من كونه صراعا بين طرفين متحاربين، إذ إنه حرب تُشن على الشعب السوداني، إنها حرب على آلاف عديدة من المدنيين الذين قُتلوا وعشرات الآلاف غيرهم الذين شُوهوا مدى الحياة.

حرب على 18 مليون شخص يواجهون الجوع الحاد، وعلى مجتمعات تواجه التهديد المرعب بحدوث مجاعة خلال الشهور المقبلة.

وحذر الأمين العام من أن الهجمات العشوائية التي تؤدي إلى قتل وإصابة وترهيب المدنيين، قد تصل إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مشيرا إلى مهاجمة قوافل الإغاثة ومستودعاتها والعاملين في المجال الإنساني، وتعرض النساء والفتيات للعنف الجنسي المتفشي.

وقال جوتيريش، إن أثر الصراع امتد عبر الحدود، إذ اضطر أكثر من 8 ملايين شخص إلى الفرار من ديارهم بحثا عن الأمان، 1.8 مليون منهم عبروا الحدود إلى الدول المجاورة، وبعد مرور عام على اندلاع الحرب، يحتاج نحو 25 مليون شخص - أي نصف سكان السودان - إلى مساعدات إنسانية.

وأشار أمين عام الأمم المتحدة إلى تصاعد الأعمال العدائية في الفاشر، عاصمة شمال دارفور. وقال إن الميليشيات الموالية لقوات الدعم السريع هاجمت وأحرقت قرى غرب المدينة مما أدى إلى حدوث نزوح جديد، وإن الهجمات المضادة أدت إلى وقوع مزيد من الوفيات والإصابات.

وحذر من أن أي هجوم على الفاشر سيكون مدمرا للمدنيين وقد يؤدي إلى صراع مجتمعي شامل في أنحاء دارفور، كما أنه من شأنه أن يقلب عمليات الإغاثة رأسا على عقب في منطقة على حافة المجاعة لأن الفاشر كانت دوما مركزا إنسانيا مهما للأمم المتحدة.

وشدد أمين عام الأمم المتحدة، على ضرورة أن تيسر جميع الأطراف الوصول الآمن والعاجل بدون عوائق لعاملي الإغاثة والإمدادات الإنسانية عبر جميع الطرق المتاحة إلى الفاشر، مؤكدا ضرورة فعل كل ما يمكن لضمان وصول أقصى قدر من المساعدات إلى دارفور وغيرها من المناطق.

وأشار الأمين العام إلى المؤتمر الإنساني الدولي حول السودان وجيرانه، الذي استضافته في باريس (الحكومتان الفرنسية والألمانية والاتحاد الأوروبي)، وقال إن الشعب السوداني بحاجة ماسة إلى دعم وسخاء المجتمع الدولي لمساعدته على تجاوز هذا الكابوس.

وقال إن خطة الاستجابة الإنسانية المخصصة لتلبية الاحتياجات في السودان خلال العام الحالي، لم تتلق حتى قبل انعقاد المؤتمر سوى 6% من إجمالي التمويل المطلوب البالغ 2.7 مليار دولار، كما لم تُمول خطة الاستجابة الإقليمية المتعلقة باحتياجات اللاجئين سوى بنسبة 7% فقط من أصل 1.4 مليار دولار.

وأشار أمين عام الأمم المتحدة إلى التزامات أطراف الصراع في جدة بشأن ضرورة ضمان الوصول الإنساني الكامل عبر الحدود والخطوط الأمامية للمعارك لتصل المساعدات الحيوية حيثما تشتد الحاجة إليها، مؤكدا ضرورة إنصات الأطراف إلى دعوة مجلس الأمن الدولي لضمان الوصول الإنساني العاجل والآمن بدون عوائق وحماية المدنيين.

وشدد جوتيريش على أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من هذا الرعب، والشعب السوداني يحتاج إلى أكثر من الدعم الإنساني، فهو يحتاج إلى السلام ووقف سفك الدماء.

وأكد الأمين العام أهمية الضغط الدولي المتضافر لوقف إطلاق النار في السودان، يتبعه عملية سلام شاملة، وقال إن مبعوثه الشخصي للسودان رمطان لعمامرة يعمل بلا كلل، بجهود مكثفة للوساطة. يشمل ذلك لقاءه مع قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بالإضافة إلى القادة من أنحاء القرن الأفريقي ومنطقة الخليج، وجهوده مع الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) وجامعة الدول العربية وعدد من الدول الرئيسية.

وأكد أنطونيو جوتيريش، أن جهود تحقيق السلام تعني مواصلة العمل على مسار الانتقال الديمقراطي في السودان بدعم وتمكين المدنيين ومنهم جماعات حقوق المرأة، والشباب، وقال إن تلك العملية يجب أن تكون جامعة وتعكس كل الأصوات. كما أكد أنه سيواصل دعوة جميع الأطراف لإسكات الأسلحة وتلبية تطلعات الشعب السوداني لمستقبل يعمه السلام والأمن.

اقرأ أيضاًعام على الأزمة السودانية.. نزوح 1.5 مليون سوداني هربا من ويلات الحرب

البعثة الأممية لتقصي الحقائق بالسودان تطالب بوقف القتال وتسهيل إيصال المساعدات

السيسي يهنئ رئيس مجلس السيادة السوداني بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: السودان جوتيريش السودان اليوم السودان مباشر الحرب في السودان الأمم المتحدة الأمین العام فی السودان وقال إن

إقرأ أيضاً:

السودان وفروقات الوعي السياسي

أن الحرب تعتبر أعلى درجات الأزمة في أية مجتمع، و العقل السياسي الذي تسبب في الأزمة حتى وصلت إلي الحرب، لا يستطيع أن يحدث تغييرا في واقعها، إلا إذا استطاع تغيير طريقة تفكيره.. و التغيير لا ينتج بعقول خاملة لا تستطيع أن تنتج أفكار جديدة، فقط تعيد إنتاج ذات المقولات التي تسببت في الحرب.. المطلوب عقول جديدة، تنتج أفكار جديدة، تستطيع من خلالها أن تحدث تنشيط في الفعل السياسي يتجاوز سلبيات الماضي.. لكن محاولات إعادة ذات العقليات برفع ذات الشعارات القديمة سوف تعيد إنتاج الأزمة.. أن النخب السياسية السودانية تتخوف من نقد ممارساتها التي أوقعتها في الأخطاء التي قادت إلي الأزمة.. لذلك الكل يميل للتبرير الذي يغيب معرفة الأسباب و يعيد إنتاج الأزمة بصور مغايرة..
أن أغلبية النخب السودانية السياسية، أو المثقفة التي تدور في المحور السياسي، لا يفكرون إلا من خلال مصالحهم الخاصة، أو مصالح أحزبهم، لذلك ينظرون لواقع الأحداث من خلال عدسات ضيقة لا تساعد على النظرة الكلية للأزمة.. مثالا لذلك نشرت سودان اندبندنت خبرا يقول ( طالب نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ز جعفر الميرغني رئيس الوزراء كامل إدريس بالعمل على تهيئة المناخ للانتخابات العامة في السودان) و أضاف قائلا ( إقامة مؤسسات انتخابية تضمن انتقال السلطة عبر انتخابات حرة و نزيهة) أن جعفر الميرغني لم يجد ما يقوله إلي رئيس الوزراء غير الانتخابات الأداة الموصلة للسلطة.. رغم أن البلد ماتزال الحرب مستمرة فيها، المؤامرات الخارجية تنوع في تحدياته.. فالعقل الذي لا ينظر للأزمة بكلياتها لا يكون مفيدا في معالجة الأزمة.. و أيضا هناك أحزاب و سياسيين متمسكين بالتفاوض ليس قناعة منهم إنه طريقا ناجعا للحل، بل لأنهم يعتقدون أن أنتصار الجيش على الميليشيا سوف يحدث واقعا سياسيا جديدا يصعب عليهم شروط الالتحاق به.. و أيضا هناك قوى سياسية تريد أن تنتهي الحرب لكي تواصل فعلها الثوري.. الأمر الذي يؤكد خمول العقل السياسي في إنتاج أفكار جديدة تتجاوز بها الأزمة..
أن الحرب ليست عملية سياحة للترفيه، أو حالة من حالات الغضب و بعدها ترجع الأشياء كما كانت قبل الحرب.. الحرب تستخدم فيها كل أدوات القتل و التدمير، و يظهر السلوك السالب بكل تفاصيله، و كلها أشياء سوف يكون لها انعكاسات على حياة الناس و سلوكهم و علي طريقة تفكيرهم.. الحرب حتما سوف تظهر قوى جديدة من الشباب الذين شاركوا في القتال، هؤلاء يجب أن يكون لهم دورا في مستقبل البلاد السياسي.. الجيش بعد الانتصار أيضا لديه مهمة أخرى.. هي حفظ الأمن و جمع السلاح من كل المقاتلين و فرض السلام الاجتماعي و السياسي في البلاد.. و وضع حد لتدخل النفوذ الخارجي في الشأن السياسي السوداني.. و كلها قضايا في حاجة للتفكير العقلاني الموضوعي... و ليس التفكير القائم على المصالح الضيقة..
معلوم في الفكر السياسي أن عملية البناء و النهضة تؤسس عن طريقين.. الأول أن تكون هناك أحزاب ناضجة و فاعلة، على رأسها قيادة لها مشروع سياسي، يلتف حولها الشعب و تعمل بجد، و عمل إداري بخبرات عالية، و نزاهة و شفافية. و التزام قوى بتطبق القوانين، و استطاعت أن تنجح في ذلك حدث ذلك في البرازيل و الهند و تركيا و ماليزيا و رواندا.. و هناك دول نهضت من خلال حزب واحد أو قيادات عسكرية أيضا استطاعوا أن يلتزموا بمعايير النهضة.. المشروع السياسي و حسن الإدارة و النزاهة و الشفافية و تطبيق القوانين و حدث ذلك في الصين و سنغافورة و كوريا الجنوبية و فيتنام.. و النجاح في الثاني الرهان عليه في التحول غلي الديمقراطية مرتبط بالتطور الاقتصادي الذي يبرز طبقة أوسطى جديدة تقود إلي تحول ديمقراطي من خلال دورها السياسي و الفكري و الثقافي في المجتمع..
إذا أردنا أن نقارن العملية السياسية في السودان.. بالتطورات التي حدثت بعد ثورة ديسمبر نجد أن الشارع كان أكثر وعيا من القوى السياسية، التي فشلت في إدارة الأزمة السياسية، لأسباب عديدة.. اولا - أنها لم تكن لديها مشروعا سياسيا.. ثانيا - القيادات التي قدمتها للمواقع الدستورية " الوزارات" أغلبيتهم كانت ذات خبرات ضعيفة، و بعض منهم أول وظيفة له في حياته و حياتها كانت وزارة.. ثالثا - خسارتهم للشارع الذي جاء بهم للسلطة.. رابعا – راهنوا على الخارج أن يعيدهم للسلطة.. خامسا - تحالفهم مع الميليشيا و أصبحوا جناحها السياسي.. سادسا - فشلوا في تقييم التجربة و مايزالون يرهانوا حتى الآن لكيفية العودة للسلطة، دون أن يكون لهم تصورا مقنعا للشارع... سابعا – عندما تفشل قيادة الأحزاب في معركتها و تخسر الشارع تبدأ بتغيير قياداتها في محاولة من أجل كسب الشارع، لكن قلة الخبرة، و عدم وجود قيادات أفضل ظلت الأحزاب تصارع بذات القيادات التي باتت غير مقبولة في الشارع..
أن البلد ليس كما قال جعفر الميرغني (بإنها في حاجة إلي مؤسسات انتخابية تضمن انتقال السلطة عبر انتخابات) البلد حتى يكون فيها أحزاب قادرة على تحمل المسؤولية الوطنية، هي في حاجة لتشريعات " قانون الأحزاب" أن تجرى الأحزاب مؤتمراتها قبل كل أنتخابات على أن لا يترشح أي عضو أكثر من دورتين.. و في الفترة الانتقالية أن تجري الأحزاب انتخاباتها مرتين قبل الانتخابات.. لكي يضمن الشعب ليس هناك احتكارية للأحزاب من قبل شلة أو مجموعات بعينها، أو بيوتات، أو أفراد، و بالتالي يضمن تداول القيادة في الأحزاب، و الانتخابات تضمن تجديد للأفكار و البرامج، و النافسة هي التي تخلق الوعي، و تقدم قيادات مدركة لدورها، إلي جانب مراقبة ألأموال حتى لا يتدخل النفوذ الخارجي عبر التمويل.. أن أهم خطوة قبل الانتخابات قانون الأحزاب.ز حتى تأتي قيادة ضعيفة القدرات لأنها لم تصعد لقمة الحزب إلا بسبب علاقة الأبوة و المحسوبية و الشللية و غيرها.. نسأل الله حسن البصيرة

zainsalih@hotmail.com

 

مقالات مشابهة

  • دمار كبير في القطاع الصناعي سببه الحرب في السودان
  • نقابة أطباء السودان تستبعد القضاء على الكوليرا في ظل استمرار الحرب .. حمدوك يخاطب العالم… و«أطباء بلا حدود» تحذِّر من ازدياد الإصابات
  • الشعب السوداني الآن هو ليس الشعب البائس التعيس كما يريد القحاتة والمرجفين إقناعنا
  • السودان بين أقدام الفيلة-الحرب، والمصالح الدولية، والتواطؤ الصامت
  • السودان وفروقات الوعي السياسي
  • حرب غزة تدخل مرحلتها الأعنف فكيف بدا المشهد الإنساني؟
  • وزير الكهرباء ووزير النفط السوداني يبحثان إعادة تأهيل الشبكة الكهربائية بالسودان
  • وزير الكهرباء يبحث مع وزير النفط والطاقة السوداني التعاون وإعادة بناء وتأهيل الشبكات ومستجدات مشروع الربط
  • ترامب: بوتين "أصابه الجنون"
  • مستشار مجلس السيادة لشؤون المنظمات والعمل الإنساني يلتقي الممثلة المقيمة للأمم المتحدة في السودان