كشف وسيط دولي بين الحكومة اليمنية ومكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، عن الحالتين الوحيدتين اللتين خضعت خلالهما ميليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن للشروط الأممية.

محمود شحرة، الدبلوماسي السابق والزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تشاتام هاوس، نشر مقالا تحدث فيه عن "تصنيفُ الولايات المتحدة الأخير الميليشيات كمنظمة إرهابية بشكل خاص"، وإمكانية إخضاعه لهذه الميليشيات وإيقاف هجماتها على السفن وخطوط الشحن الدولية وإجبارهم على الرضوخ للسلام.

وقال شحرة في مقاله: "في الأيام الأخيرة من عهده الرئاسيّ في عام 2021، صنّف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحوثيين منظَّمةً إرهابيةً أجنبية. آنذاك، كنتُ حلقةَ الوصل بين الحكومة اليمنية ومكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن". 

واضاف "لم يسبق أن رأيتُ الحوثيين يتصرفون بطريقة متعاونة ومساومة كما حدث خلال الأسابيع التي أبقت فيها إدارة ترامب على التصنيف"، مشيرا إلى أنه وخلال تلك الفترة جرى الإفراج عن مئات اليمنيين الذين احتجزهم الحوثيون تعسُّفيّاً من دون إبلاغهم بالتهم الموجهة إليهم. 

واستدرك: "وعندما رفع الرئيس الأميركي جو بايدن التصنيف في وقتٍ لاحق، ويرجع ذلك في جانبٍ منه إلى ضغوط المنظمات الإنسانية، عاد الحوثيون على الفور إلى ممارساتهم السابقة وبدأوا عمليات عسكرية جديدة في جميع أنحاء اليمن"، مؤكدا أنه حتى في الأيام التي تلت سحب التصنيف، توقَّفَ القادة الحوثيون عن الرد على المكالمات الهاتفية من مسؤولي الأمم المتحدة. 

شحرة في مقاله قلل من أهمية العقوبات الأخيرة التي فرضتها حكومتا الولايات المتحدة وبريطانيا، وأكد أنه ينبغي توجيهها إلى المجموعة ككل واستهداف الشبكات والاستثمارات المالية الحوثية في دول مثل: عمان وتركيا والمملكة العربية السعودية وماليزيا وغيرها. 

وقال: "يتعيّنُ أن تهدف حزم العقوبات أيضاً إلى إضعاف المصالح التجارية للحوثيين في شبكات الوقود والصيرَفة الآخذة بالتوسع وبالتالي فهي عُرضة للضغوط".

وفيما يلي نص المقال:

تصنيفُ الولايات المتحدة الحوثيينَ جماعةً إرهابية: خطوةٌ ضئيلةٌ بعدَ فوات الأوان  

محمود شحرة

دفعت هجماتُ الحوثيين على السفن في البحر الأحمر البلدانَ الأوروبية إلى تشكيل تحالفات لحماية الشحن البحري، ما أدّى فعلياً إلى عسكرة أحد أهم طرق التجارة في العالم. ولكن إذا كان ثمّة من درسٍ نستقيه من التاريخ عن الحوثيين، فهو أنّ الجماعة لا تستجيب لأنصاف التهديدات أو "اللعب الخفيف". ولذلك فإنّ الإجراءات الانتقامية من قبيلِ الضربات الجوية الأخيرة التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في اليمن، وكذلك الخطوة التي اتخذتها الولايات المتحدة بتصنيف الحوثيين كياناً إرهابياً عالمياً مصنَّفاً تصنيفاً خاصّاً (SDGT)، ليست سوى خطوات ضئيلة جاءت بعد فوات الأوان. إذْ لن تُغيّر هذه الإجراءات من سلوك الجماعة ولن تكون كافية لردع هجماتها في المستقبل. ويلزم أن يتخذ المجتمع الدولي إجراءات أقوى لتحقيق هذه الأهداف. ومن الأهمية بمكان أن يعمد صانعو السياسة الدوليّون إلى تنفيذ تدابير تنسيقٍ صارمة، وفرض المزيد من العقوبات، وانتهاجِ استراتيجية شاملة تركِّز على تغيير السلوك، ما من شأنه أن يدفع الحوثيين في نهاية المطاف إلى الالتزام بالسلام. 

في كانون الثاني/ ديسمبر 2018، واجه الحوثيون ضغطاً عسكرياً كبيراً من قوّات الحكومة اليمنية المتمركزة في محيط مدينة الحُدَيدة الساحلية على البحر الأحمر، وبعدَ أشهُرٍ من رفضهم إرسال وفد للتفاوض من خلال جهود السلام والوساطة التي تقودها الأمم المتحدة، وافقت الجماعة في نهاية المطاف على حضور محادثات السلام في السويد. ووافقت الجماعةُ على تقاسم إيرادات ميناء الحديدة مع الحكومة اليمنية، والسماح بفتح الطرق في تعز، والامتثال لإجراءات تخفيف التصعيد الأخرى. ولكن بمجرَّد أن أصبحت لهم اليد العليا في ساحة المعركة في الحُدَيدة، تراجَعَ الحوثيون عن الالتزامات التي تعهّدوا بها سابقاً في إطار الاتفاق الذي جرى التوصّل إليه برعاية الأمم المتحدة. 

ولئِن كان من غير المتوقع أن تُغيّر الضربات الجوية التي تشنّها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد أهداف الحوثيين قواعد اللعبة، إلا أنه قد يكون من الممكن اتخاذ إجراءات عسكرية أخرى لتغيير سلوك الجماعة واستعادة الأمن في البحر الأحمر. والأهم من ذلك أنّ أيّ خطة عسكرية ستتطلب من الحلفاء الإقليميين مثل: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تبادل المعلومات الاستخباريّة وتنسيق العمل العسكري وممارسة الضغط السياسي على الحوثيين. كما أنه من الضروري التنسيق مع قوات الحكومة اليمنية ودعمها، فهي على الرغم من عيوبها، في وضعٍ أفضل للضغط على الحوثيين على الأرض. 

وعلاوةً على ذلك، من المهم إعادة تطبيق آليات تفتيشٍ صارمة للسفن المتجهة إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، لمنعها من تلقّي الأسلحة المهرّبة من إيران. إذْ يستورد الحوثيون قطع الغيار التي يجري تجميعها في وُرَشٍ يشرف عليها خبراء إيرانيون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ومن شأن تعزيز بروتوكولات التفتيش أن يساعد في منع تهريب الأسلحة من إيران. وفي الوقت نفسه، ينبغي للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وغيرها من الأطراف الفاعلة ممارسة الضغط على طهران لوقف إرسال الأسلحة إلى الحوثيين. من الضروري السماح بمرور المواد الغذائية والوقود فقط، لأنّ بمقدور الحوثيين استخدامُ الواردات الأخرى غير العسكرية، مثل التبغ، كمصدر دخل لتأجيج الصراع.  

ومن التدابير الأخرى التي يجب على المجتمع الدولي النظر فيها فرضُ "خطوط حمراء" منسَّقة لمنع الحوثيين من حَرفِ مسارِ المساعدات الإنسانية عن المستفيدين المقصودين، ما يُشكّل انتهاكاً للمبادئ الإنسانية. على مدى سنوات من الصراع الأهلي، سمح الحوثيون بإيصال المساعدات إلى عائلات مؤيديهم وحرموا أولئك الذين لا يخضعون لتعاليمهم العقائدية من تلقّيها –حتى إنهم رفضوا تنفيذ نظام تحديد الهوية البيومترية لتوزيع المساعدات الغذائية لبرنامج الأغذية العالمي في المناطق التي يسيطرون عليها. ولم يبدأ الحوثيون في السماح لمنظمات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى بالعمل بمستوى معيَّن من الاستقلالية إلّا بعد أن جمَّد برنامج الأغذية العالمي أنشطته مؤقتاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في شمال اليمن. 

إنّ الضغط على الحوثيين يُجدي نفعاً عندما لا يفتقر إلى الجِدِّية أو التنسيق. في الأيام الأخيرة من عهده الرئاسيّ في عام 2021، صنّف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحوثيين منظَّمةً إرهابيةً أجنبية. آنذاك، كنتُ حلقةَ الوصل بين الحكومة اليمنية ومكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن. ولم يسبق أن رأيتُ الحوثيين يتصرفون بطريقة متعاونة ومساومة كما حدث خلال الأسابيع التي أبقت فيها إدارة ترامب على التصنيف. وخلال تلك الفترة، جرى الإفراج عن مئات اليمنيين الذين احتجزهم الحوثيون تعسُّفيّاً من دون إبلاغهم بالتهم الموجهة إليهم. وعندما رفع الرئيس الأميركي جو بايدن التصنيف في وقتٍ لاحق، ويرجع ذلك في جانبٍ منه إلى ضغوط المنظمات الإنسانية، عاد الحوثيون على الفور إلى ممارساتهم السابقة وبدأوا عمليات عسكرية جديدة في جميع أنحاء اليمن. حتى إنه في الأيام التي تلت سحب التصنيف، توقَّفَ القادة الحوثيون عن الرد على المكالمات الهاتفية من مسؤولي الأمم المتحدة. 

ينبغي ألّا تقتصر العقوبات على قادةٍ حوثيين محدَّدين، مثلما كان الحال مع الحزمة الأخيرة الصادرة عن المملكة المتحدة. بل ينبغي توجيهها إلى المجموعة ككل واستهداف الشبكات والاستثمارات المالية الحوثية في دول مثل: عمان وتركيا والمملكة العربية السعودية وماليزيا وغيرها. ويتعيّنُ أن تهدف حزم العقوبات أيضاً إلى إضعاف المصالح التجارية للحوثيين في شبكات الوقود والصيرَفة الآخذة بالتوسع وبالتالي فهي عُرضة للضغوط.   

كما يتعيّن على الاتحاد الأوروبي أن ينظر بالمِثل في فرض عقوبات على الحوثيين وإدراجهم ضمن تصنيفٍ رسميّ، فالدول الأوروبية الأعضاء والأعمال التجارية تعاني أيضاً من انعدام الأمن في البحر الأحمر.   

للمجتمع الدولي بشكل عام مصلحة في التصدّي لتهديد الحوثيين لحركة الشحن في البحر الأحمر، بالنظر إلى تداعياته على الاقتصاد العالمي والوضع الإنساني في اليمن. وما لم يتصرف صانعو السياسة الدوليّون الآن وبحزم، فإنهم سيواصِلون إرسال الإشارات الخاطئة للحوثيين بأنّ بإمكانهم عرقلة التجارة العالمية والإفلات من العقاب. وبالتالي، من أجل دفع عجلة السلام في اليمن وتأمينِ البحر الأحمر، يجب ضرب الحوثيين بقوة –ويجب أن يحدث ذلك بسرعة. ثمّة حاجة إلى اتخاذ إجراءات أكثر حزماً تتجاوز أنصاف الإجراءات الحالية غير الكافية. 

محمود شحرة: زميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تشاتام هاوس يرُكّز على ملف اليمن

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الحکومة الیمنیة فی البحر الأحمر الأمم المتحدة على الحوثیین فی الأیام فی الیمن

إقرأ أيضاً:

أبو زهري: استهداف التعليم الفلسطيني جريمة حرب ويستوجب تدخلًا دوليًا عاجلًا

دعا عضو  اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم علي أبو زهري، إلى إدراج التعليم الفلسطيني ضمن منظومة الحماية والأولوية الدولية.

وأكد أن استهداف الجامعات والطلبة والمعلمين يشكّل جريمة حرب تتطلب المساءلة الدولية، وأن إنقاذ التعليم في فلسطين أصبح مهمة عاجلة للمجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال مشاركة فلسطين في اجتماع اتحاد مجالس البحث العلمي العربية في مسقط، حيث أشار أبو زهري إلى أن التعليم والبحث العلمي، خصوصًا في غزة، يتعرضان لدمار غير مسبوق يهدد مستقبل المعرفة العربية.

اقرأ أيضًا.. قاضي قضاة فلسطين: مصر أفشلت مُخطط تهجير شعبنا

وزير الاقتصاد السوري: إلغاء قانون قيصر يزيل أكبر العوائق أمام اقتصادنا حماس تتهم إسرائيل بالمماطلة وتحذر من تفاقم المعاناة الإنسانية في غزة

 وأكد ضرورة دعم برامج التعليم في الطوارئ وتأمين التمويل المستدام لاستمرار العملية التعليمية، معتبراً التعليم بوابة نحو الحرية والكرامة.

وأكدت الأمم المتحدة، اليوم، أن الفلسطينيين عانوا لعقود طويلة من فقدان حقوقهم الأساسية، محذرة من الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، حيث لا توفر الخيام الحالية حماية كافية للسكان من الظروف الجوية القاسية. 

ودعت المنظمة المجتمع الدولي إلى التحرك بسرعة لضمان الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، بما يشمل تحسين ظروف المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار، وحماية السكان من أي مخاطر إضافية تهدد حياتهم وأمنهم في القطاع.

أعلن الدفاع المدني في غزة، اليوم، عن انهيار مبنى على سكانه في حي الزيتون جنوب شرقي المدينة نتيجة المنخفض الجوي الذي يضرب القطاع. 

وأكدت الفرق أن الحادث أسفر عن أضرار مادية، محذرة المواطنين من السكن في المباني الآيلة للسقوط، خصوصاً مع استمرار الأمطار والرياح العاتية. 

ودعت المديرية إلى اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، والابتعاد عن المباني غير المستقرة لتجنب وقوع ضحايا، مؤكدة على ضرورة تفعيل فرق الطوارئ والإسعاف لمتابعة حالات الطوارئ وحماية الأرواح والممتلكات من تداعيات الأحوال الجوية القاسية.

وقال محمد نضال الشعار، وزير الاقتصاد السوري، إن إلغاء قانون قيصر يزيل أكبر العوائق أمام اقتصاد البلاد. 

وأضاف :"إلغاء قانون قيصر سيسهل عودة الشركات الأجنبية لسوريا".

قانون قيصر هو تشريع أميركي فُرض عام 2020 ويهدف إلى زيادة الضغط الاقتصادي والسياسي على الحكومة السورية عبر فرض عقوبات واسعة تطال شخصيات وكيانات مرتبطة بالدولة، إضافة إلى الشركات والدول التي تتعاون معها في مجالات إعادة الإعمار والطاقة والقطاعين العسكري والأمني.

 يستند القانون إلى صور ووثائق سرّبها مصوّر عسكري منشق يُعرف باسم "قيصر"، توثّق انتهاكات ارتكبت خلال سنوات الحرب.

وتؤكد الولايات المتحدة أن هدف القانون هو دفع دمشق إلى الانخراط في عملية سياسية حقيقية وفق القرار 2254، بينما ترى أطراف أخرى أن العقوبات تزيد من تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي في سوريا.

واتهمت حركة "حماس" الاحتلال الإسرائيلي بالمماطلة والتنصل من التزاماته ضمن اتفاق وقف إطلاق النار، محذّرة من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • ضاحي خلفان يعبر عن أمنيته بتحرير شمال اليمن من قبضة الحوثيين
  • تطوير ميناء المخا.. رهان اقتصادي يعيد إحياء بوابة تجارة هامة في اليمن
  • تصاعدت بشكل لافت...كيف تستفيد مليشيا الحوثي من قضايا الثأر في اليمن
  • حزب الإصلاح يعطل جهود تحرير اليمن من الحوثيين
  • إعلامي سعودي: السعودية ترفض استنساخ نموذج الحوثي في شرق اليمن والانتقالي يتحمل المسؤولية
  • أبو زهري: استهداف التعليم الفلسطيني جريمة حرب ويستوجب تدخلًا دوليًا عاجلًا
  • واشنطن تندد باحتجاز الحوثيين لموظفي السفارة الأمريكية في اليمن
  • شحنات لا تصل...كيف استغل الحوثيون المهرة لتهريب السلاح والخبراء
  • واشنطن تندد باحتجاز الحوثيين موظفين محليين بسفارتها في اليمن
  • واشنطن تندد باحتجاز الحوثيين لموظفي سفارتها في اليمن