أثار تدريس مواد عن العلاقات الجنسية بين المثليين والمتحولين جنسيا للصف السادس الابتدائي في إحدى المدارس الألمانية الخاصة جدلا في مصر، واعتبرها البعض مخالفا للأعراف والتقاليد المجتمعية.

وحالة الجدل المجتمعي التي وصل صداها إلى النائب العام والبرلمان ووزير التعليم أثارت تساؤلات بشأن الإجراءات الرقابية على المناهج الدراسية بالمدارس الدولية، فيما يراها البعض تقييدا للحريات وحقوق الأقليات.

وبدأت الأزمة عندما تقدم الأهالي بشكاوى للنائب العام بقيام المدرسة الألمانية التي تقع في منطقة التجمع الخامس بتدريس مواد تدعو للتسامح مع المثليين، وبعدها تقدم عدد من نواب البرلمان بطلبات إحاطة عن هذه القضية لوزير التعليم، رضا حجازي، الذي وجه بدوره، الثلاثاء، بتشكيل لجنة تتوجه إلى المدرسة لبحث المواد محل الخلاف قبل التوصل لقرار وزاري أو اتخذ إجراءات قانونية، وفقا لصحيفة "المصري اليوم".

أزمة بوزارة التعليم

وقالت الموجهة السابقة بوازرة التربية والتعليم، نادرة عبادة، لموقع "الحرة" إن "رغم ما تداولته وسائل الإعلام بشأن قرار وزير التعليم بتشكيل لجنة لبحث ودراسة وفحص المواد، فالواقع يشير إلى أن ما يحدث مجرد تهدئة للرأي العام لأن مصر ليست لديها سلطة على المواد التي تدرسها المدارس الألمانية على أرضها، وستظل هذه المناهج بدون حذف لأنها تتفق مع نظام التعليم الألماني".

وأضافت عبادة أن "الأزمة لها جانبان، الأول يتعلق بالقرار الوزاري، الذي صدر عام 2022، بشأن تنظيم عمل المدارس الألمانية بمصر، والذي يمنح الجانب الألماني وحده فقط حق إقرار المناهج الدراسية، ما يقوض وزارة التعليم في إقرار أو مراقبة المواد الدراسية".

وأضافت عبادة أن "المادة الثالثة من القرار الوزاري تنص على خضوع المناهج الدراسية المحددة للمقررات الدراسية، واختيار الوسائل التعليمية الخاصة بكل مقرر للرقابة الفنية، ورقابة الجودة من قبل كل من المؤتمر الدائم لوزراء تعليم الولايات الألمانية، والإدارة المركزية للمدارس الألمانية بالخارج، (وحدهما فقط)".

وأوضحت الخبيرة التربوية أنه "ومع ذلك، يوجد قصور من قبل وزارة التعليم المصرية، لأن القانون نفسه منح مصر صلاحية تشكيل لجنة لبحث ومراقبة المناهج التعليمية، ومن ثم إبداء ملاحظات عليها في حال خالفت التقاليد المصرية، لكن من الواضح أن الوزارة حتى لم تقم بهذه المهمة".

وتنص المادة الرابعة من القرار الوزاري على أن "تُشكل لجنة فنية من المتخصصين، وذوي الخبرة والكفاءة، ويعتمد تشكيلها من السلطة المختصة  بناء على عرض من رئيس قطاع التعليم العام، ولها أن تطلب من المدرسة، والسفارة الألمانية بالقاهرة المناهج التي يتم تدريسها بتلك النوعية من المدارس في مصر، للاطلاع عليها، وإبداء الملاحظات والتوصيات بشأنها، خاصة في حالة وجود تعارض بها مع الهوية المصرية، والعادات، والتقاليد، والأعراف المصرية، أو المساس بالأمن القومي المصري، على أن تبدي اللجنة ملاحظاتها، في مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر من تاريخ موافاتها بالمناهج من قبل المدرسة، والسفارة المشار إليهما"، وفقا لموقع "فيتو".

لكن الموجهة السابقة قالت إن" المادة لا تحدد مصير تلك الملاحظات، وما إذا كانت ملزمة أم فقط استرشادية بالنسبة لهذه المدارس".

وأشارت عبادة إلى أن "وزارة التعليم في مصر تشترط فرض 3 مواد أساسية على المدارس الدولية وهم اللغة العربية، والدين، والهوية القومية المصرية، لكن هذا لم يعد كافيا في العالم الذي نعيشه حاليا والذي يشهد الكثير من المتغيرات والتطور التكنولوجي".

وتطرقت الموجهة السابقة إلى الأزمة التي تعاني منها وزارة التربية والتعليم في مصر حاليا، قائلة إنه "بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور وعجز الموازنة العامة، قررت الحكومة أن تقيد ميزانية الوزارة، وتقليل النفقات تبعه إيقاف أي تعيينات جديدة للمدرسين أو الخبراء، وبالتالي من يخرج على المعاش لا يتم استبداله بآخر، فضلا عن ضعف المرتبات".

وأوضحت أن "هذا ما لم يصرح به أي مسؤول وزاري في التربية والتعليم وهي أن الوزرة تعاني عجزا شديدا في الكوادر التعليمية والمهنة، ما يجعل من الصعب توفير مراقبة ومتابعة دقيقة لعمل المدارس الخاصة والدولية".

وتبلغ مخصصات قطاع التعليم بموازنة العام الماضي، والذي بدأ أول يوليو 2023، نحو 229 مليار و891 مليون جنيه تقدر بنحو 7.7% من قيمة الاعتمادات الموجهة لقطاعات الموازنة العامة للدولة، وفقا لصحيفة "اليوم السابع".

جدل حول الحريات

وقالت إحدى أولياء أمور الأطفال في المدرسة الألمانية والتي تعمل مدرسة بإحدى المدارس الخاصة في مصر، فاطمة سعد، لموقع "الحرة" "أحد أهم أسباب عدم وجود رقابة حكومية هو أن المدارس الدولية أصبحت عبارة عن مشاريع استثمارية بحتة تفرض مبالغ مرتفعة على أولياء الأمور دون أي رقيب".

وأضافت أن "الأمر أصبح لا يتعلق بالمصاريف الدراسية فقط، بل بتشكيل الهوية الثقافية والدينية أيضا، لاسيما أن المشهد التعليمي في مصر أصبح في حالة فوضى كبيرة، لأن واقع التعليم الحكومي في مصر في حال يرثى لها، ولا يمكن اعتباره بديلا، ولذلك "لا مفر من الخضوع لشروط وثقافة أي جهة خارجية والتي بالطبع ستتعارض مع هويتنا وثقافتنا".

وقالت إن "الحكومة المصرية آخر همها التعليم، وبالتالي تحاول الأسر تعويض هذه الفجوة من خلال إلحاق أبنائهم بالمدارس الأجنبية، وهذا سيؤدي بالطبع إلى أزمة هوية وصدام مجتمعي وثقافي وشيك".

وفيما يتعلق بالحريات، قالت سعد إنه "ليس من الدقيق ربط هذه الواقعة بالحريات لأن ما يحدث لا يمكن قبوله بألمانيا على سبيل المثال".

وأضافت "لا يمكن تدريس مواد تتعلق بالهوية الإسلامية وتدعو لنشر الإسلام في المدارس الخاصة بألمانيا أو مثلا معاداة السامية، وينطبق هذا الأمر على العديد من القضايا الأخرى".

وأقام أحد المحامين بالنقض دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد كل من وزير التربية والتعليم الفني ومدير الإدارة العامة للتعليم الخاص والدولي ورئيس مجلس إدارة إحدى المدارس الألمانية بالقاهرة للمطالبة بإلزام وزارة التربية والتعليم الفني بإصدار قرار عاجل بإلغاء ترخيص المدرسة، وذلك على خلفية اتهام إدارة المدرسة بتدريس بعض المقررات الدراسية لطلاب الصف السادس الابتدائي والتي تحتوي علي تشجيع المثلية الجنسية والدعوة إلى التسامح مع أصحابها، وفقا لحصيفة "الخمصري اليوم".

وتعد مصر ثاني أكبر دولة في العالم لديها مدارس ألمانية بعد إسبانيا بعدد 8 مدارس ألمانية معتمدة بالإضافة إلى 35 مدرسة شريكة، وتضم 4500 طالب مصري، وهو ما يفوق تعداد المدارس الألمانية في الصين أو في الولايات المتحدة الأميركية، طبقا لتصريح السفير الألماني في مصر، فرانك هارتمان، في مارس 2023، بحسب صحيفة "الأهرام".

ويرفض باحث الدراسات الاجتماعية للطفولة في جامعة "بيركبك" البريطانية، كريم عمادالدين، ربط الأمر بالحريات بقدر ما هو مرتبط بالصحة الثقافية والمجتمعية، قائلا لموقع "الحرة" إنه "من الضروري أن يتعرف الأطفال على أن ثمة اختلافات في المجتمع، ومن المهم أيضا أن يعرف الأطفال أن ثمة عائلات يقودها ذكران أو أنثيان سواء اختلفنا مع ذلك أو اتفقنا".

وأضاف أن التعليم الأوروبي بشكل عام والألماني بشكل خاص يرى أن "المدارس الابتدائية ينبغي أن تكون قادرة على اختيار ما تدرّسه بشأن علاقات المثليين، إذا هي اعتبرت ذلك مناسبا للفئة العمرية المستهدفة لمساعدة التلاميذ في التأهل للحياة في مجتمع ألماني وأوروبي حديث ومتنوع بعد مغادرة المدرسة".

لكن في حالة دولة مثل مصر، يرى عمادالدين أن "مديري المدارس ينبغي أن يستشيروا أولياء الأمور حتى لو لم يكن لهم الحق في الاعتراض على ما يتم تدريسه لأن هذا الأمر تحديدا شائك وجدلي في المجتمع المصري، وليس من الطبيعي التعامل بالمثل في الدولتين مع عدم مراعاة الاختلاف الثقافي والديني للطلاب وأولياء أمورهم".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المدارس الألمانیة التربیة والتعلیم وزارة التعلیم فی مصر

إقرأ أيضاً:

محو للأحلام.. شهادات مؤلمة لفتيات أفغانيات حرمن من حقهن في التعليم

رصدت صحيفة "غارديان" البريطانية، شهادات مؤلمة لفتيات وشابات أفغانيات حرمن من حقهن في التعليم، وذلك منذ أن استولت حركة طالبان على الحكم في 15 أغسطس 2021.

وبالنسبة لأسماء (اسم مستعار) فإنها كانت في الـ15 من عمرها عندما هز انفجار قوي مدرستها، في مايو 2021، حيث ماتت 85 طالبة وقتها، بينما نجت هي من الموت بأعجوبة.

وعندما تعافت من جروحها، كانت حركة طالبان قد أمسكت بزمام الحكم في البلاد، وبالتالي حُرمت من إتمام تعليمها الثانوي، لتجد نفسها بعد مدة قد أُجبرت على الزواج.

وأوضحت أسماء، التي تبلغ من العمر حاليا 18 عاما، أنها توسلت إلى والديها بعدم دفعها للزواج، لكنهما ضحكا وأخبراها بأن "لا أمل لها بالعودة إلى المدرسة" بعد أن وصلت طالبان للحكم.

وأضافت أن "الدنيا أظلمت في عينيها عندما علمت أنها حامل بأثنى"، مضيفة: "الفتيات لا أمل لديهن هنا، وعائلة زوجي قالوا لي إنهم اشتروني من أهلي وعلي أن أقوم بخدمتهم".

"محو الأحلام"

ووفقا لمنظمات حقوقية، فقد مر أكثر من 1000 يوم على منع حركة طالبان الفتيات من الالتحاق بالمدارس الإعدادية والثانوية، وبالتالي فإن هناك أكثر من  1.2 مليون فتاة مراهقة منعن من إتمام تعليمهن.

بينهم 12 امرأة.. جلد علني لعشرات بأيدي طالبان دانت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان، الأربعاء، الجلد العلني لأكثر من 60 شخصا، من بينهم أكثر من 12 امرأة، على يد حركة طالبان في ولاية ساري بول الشمالية.

وقالت الباحثة في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، هيذر بار : "لا يوجد تاريخ انتهاء للرعب الذي يحدث للفتيات المراهقات في أفغانستان.. ما فعلته طالبان لم يوقف أحلام كل هؤلاء الفتيات، بل  تم محوها".

ومع تضاؤل ​​مكانتهن في المجتمع وانعدام الحماية من السلطات، تواجه المراهقات، خاصة اللاتي أجبرن على الزواج المبكر، العنف داخل المنزل وخارجه، حسبما تقول جماعات مختصة بحقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، قالت قدسية إن شقيقتها بينافشا (الاسمان مستعاران) كانت تبلغ من العمر 13 عامًا عندما استولت طالبان على السلطة، وعليه قررت عائلتها أنها إذا لم تتمكن من الذهاب إلى المدرسة فعليها أن تتزوج.

وأوضحت قدسية أن أختها التي تبلغ من العمر حاليا 16 عاما، تعرضت للضرب العنيف على يد زوجها، مما اضطرها للجوء إلى القضاء طلبا للحماية، لكن عوضا عن ذلك تم الزج بها في السجن.

وتابعت: "كانت لدينا صور توضح كيف قام زوج أختي بضربها، ورسائل نصية وتسجيلات صوتية تظهر كيف كان يهينها".

وختمت: "لقد انحاز القاضي إلى جانب زوجها، قائلا إن النساء يبحثن دائما عن عذر بسيط للانفصال، وقيل لأختي إنها ستبقى في السجن طالما أنها ترفض العيش مع زوجها".

"بانتظار معجزة"

وكانت دراسة أجرتها الأمم المتحدة في ديسمبر الماضي بأفغانستان، قد وجدت أن 76 بالمئة من النساء والفتيات المشاركات قد صنفن صحتهن العقلية على أنها "سيئة" أو "سيئة للغاية"، وأبلغن عن إصابتهن بالأرق والاكتئاب والقلق وفقدان الشهية والصداع نتيجة للصدمات التي تعرضن لها.

"مغامرة محفوفة بالمخاطر".. رحالة بحرينية تروي تفاصيل جولتها في "معقل طالبان" لم يقف أي عائق عثرة أمام الرحالة البحرينية، رشا يوسف، لتحقيق حلمها المتمثل بالسفر لجميع دول العالم، سواء كانت تلك العوائق حروبا تعيشها بعض الدول أو حتى المغامرة في الذهاب لدولة يقودها نظاما يقمع النساء.

 ووجد استطلاع آخر أجرته منصة "بيشناو" الرقمية الأفغانية، أن 8 بالمئة من المشاركين "يعرفون امرأة أو فتاة واحدة على الأقل حاولت قتل نفسها منذ أغسطس 2021".

وفي هذا الصدد، قالت مارزيا، والدة أرزو البالغة من العمر 15 عامًا، إن ابنتها أصبحت "منعزلة ومكتئبة بشكل متزايد" لأنها لم تتمكن من العودة إلى المدرسة، مردفة: "إنها تتحدث أقل وتنام معظم الوقت".

وزادت: "أعلم أن السبب هو إغلاق المدرسة، لكن لا يوجد شيء يمكننا القيام به.. كنت أحلم دائمًا بأن تدرس ابنتي وتصبح طبيبة حتى تتمكن من الوقوف على قدميها".

أما فاريا (اسم مستعار)، وهي أم لمراهقة تبلغ من العمر 16 عامًا في كابل، فتؤكد أن ابنتها ترفض التخلي عن الأمل في أن حياتها لن تكون دائمًا كما كانت على مدى السنوات الثلاث الماضية، "لكنها على وشك اليأس".

وتابعت: "إنها مأساة لا أستطيع التعبير عنها بالكلمات، ليس فقط بالنسبة لها، لكن بالنسبة لأفغانستان والعالم".

ولفتت إلى أن ابنتها لا تزال تعتقد أنها ستعود إلى المدرسة بمعجزة ما، مردفة: "لا أريد أن أسحق روحها المتفائلة فأقول لها (نعم، هذا ممكن)، لكن في أعماقي أعلم أنني أكذب.. ليس لدي أي أمل في مستقبلنا، ولا أحد يأتي لمساعدتنا".

مقالات مشابهة

  • محمود العسيلي يثير جدلاً حول حقيقة شجاره مع هذا الفنان
  • إعلان نتائج بعض الفرق الدراسية بكلية التجارة والكلية المصرية الصينية بجامعة القناة
  • مدير تعليم المنشاه يشهد ختام أنشطة مرحلة رياض الأطفال
  • محو للأحلام.. شهادات مؤلمة لفتيات أفغانيات حرمن من حقهن في التعليم
  • صحفي إسرائيلي يثير جدلا في مصر بسبب تغريدة عن أهرامات الجيزة
  • محام مصري يفجر مفاجأة عن تدريس مجلد كبير عن المثلية الجنسية للتلامذة المصريين
  • صور إباحية لعشرات الطالبات بالذكاء الاصطناعي تفجّر أزمة في مدرسة
  • المدرسة العمرية.. مبنى تاريخي من عهد المماليك يثير مطامع الاحتلال
  • صور إباحية لعشرات الطالبات بالذكاء الاصطناعي تفجّر أزمة في مدرسة أسترالية
  • تسريب الامتحانات يثير جدلا في الكويت.. واعتقالات في وزارة التربية