كيف نفهم سبب مبالغتنا في الإنفاق؟
تاريخ النشر: 20th, April 2024 GMT
يعد الإفراط في الإنفاق مصدر قلق شائع بشكل متزايد يصيب الأفراد عبر مختلف المستويات الاجتماعية والاقتصادية. ورغم أن الأمر قد يبدو ظاهريا مجرد فشل في إدارة الشؤون المالية بالشكل الكافي، فإن جذور الإفراط في الإنفاق تتشابك بشدة مع كل من سوء التقدير الاقتصادي والتأثيرات النفسية.
وفي عالم تتغذى فيه النزعة الاستهلاكية باستمرار على الرغبات الجديدة وحيث تتصاعد الضغوط المالية باستمرار، يصبح فهم الطبيعة المزدوجة للإفراط في الإنفاق أمرا بالغ الأهمية.
ويتعمق هذا التقرير في الجوانب الاقتصادية والنفسية للإفراط في الإنفاق، بالاعتماد على رؤى من كبار المستشارين الماليين والدراسات النفسية لتقديم نظرة شاملة.
ومن خلال دراسة الأنماط التي تؤدي إلى التهور المالي والمحفزات العاطفية الأساسية، فإننا نهدف إلى تسليط الضوء على الإستراتيجيات الفعالة لمعالجة هذه القضية المتفشية وسبل التخفيف من حدتها.
من وجهة النظر الاقتصادية، فإن الإفراط في الإنفاق المعتاد يمكن أن يقوض الاستقرار المالي الفردي بشدة، ويؤثر على الهياكل الاقتصادية على نطاق أوسع.
وكثيرا ما يواجه المستشارون الماليون العملاء الذين يكافحون من أجل تحقيق التوازن في ميزانياتهم، وغالبا ما يعجلون بتداعيات مالية طويلة الأجل تتجاوز مجرد قضايا التدفق النقدي الفوري.
المشتريات الكبيرة بداية الحكايةأحد أكثر أشكال الإنفاق المفرط شيوعا يتضمن عمليات شراء كبيرة، وغالبا ما تكون مدفوعة بدفقات عاطفية، مثل المنازل والمركبات. ووفقا لتقرير صادر عن بنك الاحتياطي الفدرالي (المركزي الأميركي) في نوفمبر 2023، فإن تكاليف الإسكان هي أكبر نفقات الأسر الأميركية، حيث يصل متوسط أقساط الرهن العقاري إلى 1500 دولار شهريا.
ومع ذلك، فإن العديد من الأفراد يتجاوزون إمكانياتهم عند شراء منزل، مما يسهم في انتشار حالات التأخر في سداد الرهن العقاري والتعثر فيما بعد.
وقد لاحظ خبراء ماليون مثل لويس باراخاس وكاثي كيرتس في دراسة مشتركة، أن مثل هذه النفقات يمكن أن تعرض الاستقلال المالي للفرد للخطر.
وعلى سبيل المثال، شراء منزل دون تخطيط مناسب أو الحصول على رهن عقاري يفوق الحاجة أولا، ويفوق القدرة المالية للفرد ثانيا يمكن أن يؤدي إلى ضغوط اقتصادية شديدة.
ووجدت دراسة أخرى أجراها مكتب الحماية المالية للمستهلك في الولايات المتحدة أن 80% من المقترضين الذين فقدوا منازلهم خلال الأزمة المالية عام 2008 تأثروا بأقساط الرهن العقاري غير المستدامة، والتي عادة ما كانت لعقارات تفوق الحاجة سواء في المساحة أو عدد غرف المعيشة التي تفوق عدد المقيمين في المنازل بمرات أو في المناطق الجغرافية الأكثر غلاء والتي لا حاجة ملحة للأفراد للمكوث فيها.
الارتباط بالتعليم الجامعي باهظ التكلفة يمكن أن يثقل كاهل الآباء بالتزامات مالية غير مستدامة، خاصة إذا كان ذلك على حساب الادخار سواء للتقاعد أو لأي سبب آخر
الإنفاق التقديرييعد الإنفاق التقديري (غير ضروري) على منتجات مثل المجوهرات أو العطلات أو السلع الفاخرة مجالا آخر يظهر فيه الإفراط في الإنفاق.
ويشير باري غلاسمان، وهو مخطط مالي معتمد ومؤسس شركة غلاسمان ويلث سيرفيسيز في تقرير له، بوضوح إلى مدى خطورة المشكلة من خلال تجربة عملائه.
ويروي حادثة معبرة حول الأمر، حين أدرك زوجان من عملائه أنهما أنفقا 1.4 مليون دولار على شراء مجوهرات في 18 شهرا فقط تبين لاحقا أنهما ليسا بحاجة إلى ربعها، وهو رقم خفضاه بشكل كبير عند مراجعة نفقاتهما فيما بعد.
ويسلط هذا المثال الضوء على قضية اقتصادية أساسية: الفشل في التمييز بين الثروة والدخل، هو ما يؤدي غالبا إلى عادات إنفاق غير مستدامة، وفقا لغلاسمان.
الإنفاق التقديري ليس سلبيا بطبيعته، ومع ذلك، بدون تخطيط إستراتيجي، يمكن أن يؤدي بسرعة إلى عدم الاستقرار المالي. ومن الضروري التأكد من أن هذا الإنفاق يتماشى مع الأهداف المالية الأوسع، ولا يعيق خطط الادخار أو الاستثمار الأساسية.
النفقات التعليمية ليست "بريئة"غالبا ما يُنظر إلى الاستثمار في التعليم باعتباره طريقا نحو التحسين الاقتصادي، ولكنه أيضا يمكن أن يصبح مصدرا للإنفاق الزائد. وكما يشير تيد جينكين مستشار خدمات أكاديمية، فإن الارتباط بالتعليم الجامعي باهظ التكلفة يمكن أن يثقل كاهل الآباء بالتزامات مالية غير مستدامة، خاصة إذا كان ذلك على حساب الادخار سواء للتقاعد أو لأي سبب آخر.
ويشير تيد إلى أن جاذبية المؤسسات المرموقة يمكن أن تؤدي إلى قرارات ترهق الميزانيات، وتؤدي إلى أضرار مالية طويلة الأجل، وهو ما يؤكد الحاجة إلى تخطيط مالي متوازن ومستنير.
زيادة إنفاق الفرد مع نمو دخلهزحف نمط الحياة، وهي ظاهرة تشير إلى زيادة إنفاق الفرد مع نمو دخله، وغالبا دون زيادات مقابلة في الرضا أو الأمن المالي، وهو شكل خفي لكنه منتشر من الإفراط في الإنفاق.
ويمكن أن يؤدي هذا الارتفاع التدريجي في نمط الحياة إلى تآكل المكاسب المالية التي تم تحقيقها من خلال زيادة الرواتب أو المكافآت أو الترقيات، مما لا يترك الأفراد في حال أفضل مما كانوا عليه قبل الزيادة، وفي بعض الأحيان أسوأ حالا.
وجدت دراسة نشرت في مجلة أبحاث المستهلك أن الأفراد يميلون إلى التكيف مع مستويات الدخل المرتفعة بسرعة نسبيا، مما يؤدي إلى زيادة الإنفاق للحفاظ على مستوى معيشتهم المرغوب فيه. وتؤكد هذه الظاهرة أهمية التخطيط المالي وإعداد الميزانية الاستباقية لمواجهة آثار تضخم نمط الحياة.
الإفراط في الإنفاق غالبا ما يكون بمثابة هروب عاطفي أو نفسي من التوتر أو الحزن.
2- الأسس النفسية للإفراط في الإنفاقتمتد الأسباب الكامنة وراء الإفراط في الإنفاق لما هو أبعد من سوء إدارة الميزانية إلى محفزات نفسية أعمق. وفقا لخوان هاتاي، المعالج المالي في "جيه بي مورغان تشيس"، فإن الإفراط في الإنفاق غالبا ما يكون بمثابة هروب عاطفي أو نفسي من التوتر أو الحزن.
وتؤيد كلية روس لإدارة الأعمال بجامعة ميشيغان هذا الرأي في دراسة نشرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، حيث تشير إلى أن التسوق يمكن أن يعزز مشاعر السيطرة الشخصية ويخفف من المشاعر السلبية.
ويشير شيرمان ستاندبيري، وهو محاسب قانوني معتمد ومشارك في الدراسة، إلى الدور الكبير الذي تلعبه الضغوط الاجتماعية، إذ يكون الإنفاق مدفوعا بالرغبة في دعم أو رفع المكانة الاجتماعية للفرد.
ويتفاقم هذا بسبب زحف نمط الحياة، إذ تؤدي زيادة الدخل إلى زيادة الإنفاق بشكل متناسب، وغالبا دون أن يلاحظ الفرد ذلك.
3- إستراتيجيات مكافحة الإفراط في الإنفاقيمكن أن يؤدي الإفراط في الإنفاق بسرعة إلى اضطرابات مالية، ولكن مع الإستراتيجيات الصحيحة، من الممكن استعادة السيطرة وتأمين الصحة المالية للشخص. وهنا، نتعمق في العديد من التقنيات الفعالة للمساعدة في الحد من النفقات المفرطة وتعزيز الاستقرار المالي.
1- إنشاء ميزانية مفصلة تتبع الدخل والمصروفات: ابدأ بفهرسة جميع مصادر الدخل، وكل النفقات لمدة شهر. توفر هذه اللقطة صورة واضحة عن مصدر الأموال وأين تذهب. تعيين حدود الإنفاق: استخدم البيانات التي تم جمعها لتعيين حدود إنفاق واقعية لفئات مختلفة. يمكن لأدوات مثل تطبيقات الميزانية تبسيط التتبع والالتزام بهذه الحدود. المراجعة والتعديل بانتظام: يجب أن تتطور الميزانية مع تغير الظروف المالية. وتضمن المراجعات المنتظمة أن تظل ذات صلة وفعالة في الحد من الإنفاق غير الضروري.2- الاستفادة من الأدوات المالية والتكنولوجيا
الادخار الآلي: قم بإعداد التحويلات التلقائية إلى حسابات التوفير لإعطاء الأولوية للادخار على الإنفاق. تضمن إستراتيجية "ادفع لنفسك أولا" تحقيق أهداف الادخار قبل حدوث الإنفاق التقديري. تنبيهات الإنفاق: تقدم العديد من البنوك والتطبيقات المالية ميزات تنبيه تُعلمك عندما تقترب من حدود الإنفاق المحددة. يمكن أن يساعد هذا في منع الإفراط في الإنفاق في الوقت الفعلي. نظام المغلف النقدي: بالنسبة لأولئك الذين يعانون من الإنفاق الرقمي، فإن استخدام النقد لتغطية النفقات التقديرية يمكن أن يسهل الالتزام بالميزانية. بمجرد نفاد الأموال النقدية الموجودة في المظروف المخصص، يتم إيقاف الإنفاق في هذه الفئة مؤقتا حتى الدورة التالية.3- حدد أهدافا مالية واضحة
الأهداف قصيرة المدى وطويلة المدى: حدد ما تدخر من أجله، سواء كان صندوقا للطوارئ، أو إجازة، أو تقاعدا. يمكن للأهداف الواضحة أن تحفز الالتزام بالميزانية وتحد من الإنفاق المندفع. تحديد أولويات الأهداف: تقييم أهمية وإلحاح كل هدف لتخصيص الأموال بشكل مناسب. وقد يعني هذا المساهمة بشكل أكبر في سداد الديون ذات الفائدة المرتفعة قبل تمويل رغبات أخرى أقل أهمية. تصور التقدم: استخدم الرسوم البيانية أو التطبيقات لتصور التقدم المالي. إن رؤية تمثيل مرئي لكيفية مساهمة أفعالك في تحقيق أهدافك يمكن أن يعزز الدافع والانضباط المالي.4- تثقيف نفسك حول محو الأمية المالية
ورش عمل ودورات التثقيف المالي: تقدم العديد من المراكز المجتمعية والبنوك والمنصات عبر الإنترنت دورات مجانية أو منخفضة التكلفة تعمل على تحسين مهارات إعداد الميزانية والاستثمار والادخار. اقرأ الأدبيات المالية: ابق على اطلاع من خلال قراءة الكتب والمقالات والأخبار المالية. يمكن أن يساعد فهم الاتجاهات الاقتصادية والمشورة المالية في تحسين إستراتيجيات الإنفاق والقرارات المالية. استشر مستشارا ماليا: للحصول على نصيحة شخصية، فكر في استشارة مستشار مالي. يمكنهم تقديم إستراتيجيات مخصصة والمساعدة في التنقل في المواقف المالية المعقدة.5- المراجعات المالية المنتظمة
تسجيلات الوصول الشهرية: قم بمراجعة البيانات المصرفية وملخصات تطبيق الميزانية بانتظام لتتبع أنماط الإنفاق وتعديلها حسب الحاجة. المراجعة المالية السنوية: قم بإجراء مراجعة شاملة لوضعك المالي سنويا. يتضمن ذلك إعادة تقييم أهدافك المالية، وأدائك الاستثماري، وفعالية إستراتيجيات الميزانية الخاصة بك.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات تمويل شخصي الاستقرار المالی یمکن أن یؤدی نمط الحیاة العدید من غالبا ما من خلال
إقرأ أيضاً:
الإفراط في استخدام الهواتف الذكية يقوض العلاقة الزوجية
مع التطور الرقمي المستمر وتزايد اعتماد الأفراد على الهواتف الذكية، يبرز تساؤل اجتماعي مهم حول مدى تأثير الاستخدام المفرط للشاشات الإلكترونية على طبيعة العلاقات الأسرية، والعلاقة الزوجية بشكل خاص، خصوصا في السنوات الأولى من الزواج، التي يُفترض أن يكون فيها التواصل والحضور العاطفي أمرا مهما لبناء علاقة زوجية ناجحة ومستقرة، ففي هذا الحوار، تُسلّط الأخصائية الاجتماعية والمرشدة الأسرية عواطف بنت عبدالحسين اللواتية الضوء على واحدة من هذه الظواهر التي باتت تهدد الاستقرار العاطفي داخل البيت، وخصوصا العلاقة بين الزوجين.
حيث وصفت الهواتف الذكية على أنها «منافس صامت»، يتسلل إلى أدق تفاصيل الحياة الزوجية، ويُضعف الحضور النفسي والعاطفي، لصالح عوالم افتراضية تسرق الانتباه والمشاعر، باستنادها إلى دراسات ميدانية وتجارب واقعية من محيط عملها، لتكشف كيف تحوّلت الأجهزة الذكية من وسيلة للتواصل إلى جدار يفصل بين الزوجين؟ وكيف باتت تزرع فجوات غير مرئية تنمو بصمت وتنفجر على شكل خلافات مفاجئة، أو شعور دفين بالإهمال والبرود؟
وأوضحت اللواتية أنه بالرغم من إيجابيات الهواتف الذكية التي وصفتها بـالشاشات الصغيرة السارقة، في تسهيل التواصل مع الأرحام والأصدقاء، إلا أنها تحوّلت إلى منافس صامت في كثير من البيوت، يسرق من الإنسان الانتباه والمشاعر والوقت، مؤثرةً بذلك على الحياة الأسرية وإضعاف الحضور الحقيقي بين الزوجين.
وأشارت إلى أن الهواتف أصبحت تدخل في صلب العلاقة الزوجية كمنافس غير مرئي، يهزّ توازنها ويقوّض بنيانها، خاصة عندما يُستبدل الحوار العاطفي والتواصل البصري بين الزوجين بالتركيز على الشاشات، ولفتت إلى أن هذه المشكلة تظهر بوضوح أكبر في السنوات الأولى من الزواج، إذ يُفترض أن يكون الحضور بين الطرفين أقوى، لكن الهاتف ساهم في إيجاد فجوة صامتة لا يُدركها الطرفان إلا بعد فوات الأوان.
وبيّنت اللواتية أن من أخطر تجليات هذه الظاهرة هو شعور أحد الزوجين وغالبًا ما تكون المرأة بالإهمال العاطفي، خصوصا إذا لاحظت أن زوجها يُنصت لهاتفه أكثر مما يُنصت لها، أو يتفاعل مع منشورات الغرباء أكثر مما يتفاعل مع حديثها، مؤكدةً أن بعض الزوجات يُعبّرن بمرارة عن هذا الإهمال بعبارات مثل «ليتني كنت الهاتف، ليراني كما يراه»، وهو شعور صادق يُعبّر فيه المتأثر في العلاقة بهذه التكنولوجيا التي غزت الخصوصية والمشاعر.
وقالت: إن الهاتف لا يقتصر ضرره على الإهمال، بل يزرع أيضًا ثقافة المقارنة، حيث يقضي أحد الزوجين وقتًا طويلا في متابعة حياة الآخرين، مما يدفعه لا شعوريًا إلى مقارنة ما يشاهده ويتابعه بشريكه ليكون بتلك الصور المثالية والمصطنعة، مما يشكل فجوة جديدة مبنية على الإحباط وعدم الرضا.
وفي دراسة أجرتها اللواتية على شريحة من المتزوجين الجدد، أكّدت النتائج أن 70% من الأزواج يشعرون بالإهمال العاطفي نتيجة انشغال الطرف الآخر بالهاتف، رغم وجودهم في المكان نفسه، ورأت أن هذه النسبة مقلقة للغاية، خاصة أنها ظهرت في مرحلة يُفترض أن تكون أكثر حميمية وتقاربا وانسجاما في العلاقة الزوجية، مشددةً على أن العلاقة الزوجية لا تقوم على الحضور الجسدي، بل تحتاج إلى حضور نفسي وعاطفي وتواصل مستمر، معتبرة أن هذه الشاشات تسرق من الزوجين هذه المساحات شيئًا فشيئًا، ما يوجد حالة من التقارب الجسدي المصحوب بالتباعد العاطفي.
وترى اللواتية أن الهواتف الذكية تفقد الانتباه والتفاعل بين الزوجين، وتؤدي إلى تراجع المهارات الاجتماعية بين الأزواج، كالاستماع الفعال، وتقديم الشكر والثناء، والمديح، وتبادل النظرات، وكلها تفاصيل صغيرة لكنها تصنع فارقًا كبيرًا في استقرار العلاقة.
وأكدت اللواتية أن من أكثر السلوكيات إزعاجا، هو إدخال الهاتف إلى السرير، معتبرةً ذلك أنه تجاوز لأقدس المساحات في العلاقة الزوجية، مؤكدةً أن لحظات ما قبل النوم يجب أن تُخصص للحديث بين الأزواج، والتقارب، والأنس، وليس وقتا لتصفح الرسائل الخاصة ومقاطع الفيديو، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ومن الضروري أن يُبلّغ أحد الزوجين الطرف الآخر عن سبب استخدامه للهاتف، سواءً كان لقراءة كتاب أو حضور محاضرة، وغيرها... فالاستخدام العشوائي بغرض التسلية، غالبًا ما يجلب الشكوك ويزرع بذور الغيرة والبرود.
وأشارت إلى أن الأزواج لا يُدركون أن الهواتف تُحدث خلافات صامتة، تتراكم في نفس الشخص، حتى تنفجر فجأة على شكل صراخ أو لوم أو انسحاب، دون أن يعرف الطرفان أن أصل المشكلة كان هاتفًا سرق الوقت والاهتمام، ليُفقد بذلك الأمان العاطفي في العلاقة وهو ما تحتاجه للاستمرار.
وعن الفروقات بين تأثير الهواتف الذكية على الرجل والمرأة، رأت اللواتية أن المرأة بطبيعتها العاطفية تتأثر أكثر، وتشعر بالإقصاء إذا لم تجد اهتماما واضحا من زوجها، مشيرة إلى أن البرود العاطفي قد يبدأ من شعورها بأنها «غير مرئية»، أو أن الهاتف يحظى بأولوية أعلى منها، وغالبًا ما يستخدم الرجل الهاتف للهروب من التوتر أو التفكير الزائد، لكنه لا يدرك أن هذا الهروب يزيد من بعده العاطفي عن زوجته، ويجعلها أكثر جفافًا في مشاعرها.
وأكدت على أهمية وضع حدود واضحة لاستخدام الهاتف في البيت، خصوصًا بعد العودة من العمل، كأن يتم وضع الهواتف في مكان مخصص، أو الاتفاق على أوقات خالية من الشاشات، ولفتت إلى أن الهواتف الحديثة تُتيح تفعيل رنات خاصة للحالات الطارئة، مما يُمكّن الزوجين من البقاء على اتصال بالأهل عند الحاجة دون أن يُضحّوا بوقتهم الخاص، كما دعت إلى تبني إشارات داخلية بين الزوجين لتنبيه الآخر بلطف، مثل غمزة أو كلمة متفق عليها، توضح أن الوقت ليس مناسبًا للهاتف، وأن هناك من ينتظر الحديث والتواصل، وأكدت أن الاتفاق المسبق على هذه الإشارات يُسهم في تعزيز الاحترام والتقدير المتبادل.
وفي حال تعذر ضبط استخدام الهاتف، نصحت اللواتية باللجوء إلى استشارة أسرية مهنية، لتقييم مدى تأثير الهاتف على العلاقة الزوجية، ووضع خطة علاجية لاستعادة التوازن العاطفي، وبيّنت أن الاعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى للحل، خاصة إذا بات الهاتف يأخذ مكان الشريك.
وأكدت اللواتية على أن الهواتف ليست عدوا، ولكن سوء استخدامها يجعلها كذلك، واعتبرت أن العلاقة الزوجية تحتاج إلى رعاية مستمرة، تمامًا كما نعتني بأجهزتنا الذكية وتحديثاتها.