على حافة البكاء في أبسط المواقف.. ماذا تعرف عن العبء العاطفي؟
تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT
"ستظل تتحمل وتتجاوز حتى تصل إلى اللحظة التي تجد نفسك خلالها تبكي لأن أحدهم قدّم لك كوبًا من الشاي دون مقدار السكر الذي تُفضّله". انتشرت هذه الدعابة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وشاركها العديد من الأشخاص، وبغض النظر عن روح السخرية والدعابة التي تحملها المقولة السابقة، إلا إنها تشرح بوضوح المقصود بالعبء العاطفي أو الأمتعة العاطفية، والذي يُمكنك التعرّف عليه أكثر من خلال متابعة السطور التالية.
يوضح موقع "فيري ويل مايند" أن مصطلح العبء العاطفي والذي يُطلق عليه أيضًا اسم "الأمتعة العاطفية" (Emotional Baggage) يشير إلى المشكلات العاطفية والضغوطات ومشاعر الألم التي مررنا بها سابقًا، ولم تتم معالجتها، وهو الأمر الذي يجعلها لا تزال تشغل مساحة في أذهاننا وتؤثر على حاضرنا بمختلف جوانبه.
تؤكد سابرينا رومانوف، طبيبة نفسية سريرية وأستاذة في جامعة هارفارد، على أن العبء العاطفي يمكن اعتباره في الأساس صدمة "غير معالجة". جميعنا نمر بتجارب سلبية وأزمات وصدمات خلال حياتنا، المشاعر التي لم تتم معالجتها أو التعامل معها لن تختفي من تلقاء نفسها، بل سيظل الشخص يحملها بداخله وفي قلبه.
يُشير موقع "سيكولوجي توداي" إلى أن العبء العاطفي الذي يُعاني منه الكثيرون يمكن أن يتضمن المشكلات العاطفية التي لم يتم حلها منذ مرحلة الطفولة، بما في ذلك الصدمات الحادة، والإيذاء الجسدي، والنفسي، أو الجنسي، والضغوطات المستمرة، والمشكلات الأسرية، وغيرها من التجارب السلبية التي تشكل مواقفنا وعواطفنا وسلوكنا وتؤثر بشكل ضار على حياتنا الحالية.
التجارب السلبية المبكرة والأفكار والعواطف والسلوكيات المرتبطة بها تصبح راسخة في اللاوعي الخاص بك مثل "أمتعتك". لذلك سُميت هذه المشاعر بالأمتعة العاطفية، هذه المشاعر بمثابة قوى خفية تشكل حياتك، وتدفعك للسير في اتجاه غير صحي.
تشمل الأمثلة على الأشكال الشائعة من العبء العاطفي: تدني احترام الذات، السعي إلى الكمال، الخوف المرضي من الفشل، الخوف من العلاقة الحميمة، النقد الذاتي المبالغ فيه. ووصولًا إلى المعاناة من الاضطرابات العقلية الخطيرة.
عبء ثقيل لا تعرف أسبابهالمشكلة الأساسية هنا هي أن البعض قد لا يدركون أنهم يعانون من العبء العاطفي، لأن عملية تخزين المشاعر هذه عادة ما تكون غير واعية، نحن ندرك هنا فقط أننا كثيرًا ما نفكر ونشعر ونتصرف بطرق سلبية ومدمرة للذات. وعندما نبدأ في التنقيب عن سبب قيامنا بهذا، فإننا سنصل إلى كم المشاعر والمواقف السلبية المدفونة في لاوعينا، والتي تمثل عبئنا أو أمتعتنا العاطفية.
من الأعراض التي تُشير إلى إصابتك بالعبء العاطفي ما يلي:
انعدام الثقة: قد تستخدم تجارب الماضي المؤذية كقالب أو دليل لما يمكن توقعه في علاقاتك الحالية.
الغضب: مشاعر الغضب الناتجة عن التعرض لصدمة ما، خلال الطفولة، والتي لم يتم حلها أو علاجها، يمكن أن تؤثر بشدة على قدرتك على التعامل مع مشكلات الحياة اللاحقة بطريقة صحية، هذا الغضب يسهل استثارته، وقد تم ربطه بالعديد من اضطرابات الصحة العقلية لدى البالغين.
الخوف: غالبًا ما يكون الخوف علامة على العبء العاطفي. فقد يؤدي الخوف من تكرار التجارب المؤلمة مرة أخرى إلى الرغبة في العزلة والانغلاق العاطفي.
الشعور بالذنب والندم: قد يولد العبء العاطفي، شعورًا دائمًا بالذنب أو الندم، مما قد يؤثر على الصحة العقلية ويؤدي إلى أعراض القلق والاكتئاب.
ردود الفعل العنيفة: وجود ردود فعل عاطفية مُبالغ فيها بشدة تجاه بعض المحفزات أو المواقف يمكن أن يدل على المعاناة من العبء العاطفي.
مما يمكنك فعله للتعامل بفعالية مع الشعور بالعبء العاطفي، ما يلي:
تطوير الوعي الذاتي: يمكن أن تساعدك اليقظة الذهنية في تحديد وفهم العبء العاطفي، لأن الوعي الذاتي يجعلك مدركًا لمشاعرك وأفكارك ومتناغمًا معها. هنا يجب إلقاء نظرة تحليلية على الاتجاه الخاطئ الذي تسلكه بسبب شعورك بالعبء العاطفي، وتحديد كيف يؤثر ذلك على سعادتك وصحتك العقلية والجسدية وعلاقاتك وتطلعاتك.
تغيير طريقة التفكير: قد يزداد الشعور بالعبء العاطفي حدّة، عندما تتصور أنك وحدك في الحياة من يتعرض للأذى، هنا يجب أن تغير من طريقة تفكيرك، قد يكون من المفيد أن تتذكر أن الجميع تقريبًا قد تعرضوا للأذى أو المعاملة السيئة في مرحلة ما من حياتهم، وأن ما يفرق شخصًا عن الآخر بشكل إيجابي هو عدم الاستسلام ومحاولة التطور والتعلم من التجربة.
التركيز على الحاضر: يميل الأشخاص الذين يعانون من الصدمات التي لم يتم حلها إلى التفكير المستمر في تجاربهم السلبية السابقة، من المهم أن تدرك وتحدد متى تستجيب لحاضرك من خلال عدسة الماضي ومتى يكون عليك التركيز بشكل كامل في الحاضر فقط وعيش اللحظة الحالية.
عدم إنكار المشاعر السلبية: سيكون عليك أيضًا أن تعترف بتجربتك المؤلمة ومشاعرك السلبية التي نتجت عنها، هذا الاعتراف بالغ الأهمية، لأن إنكار المشاعر السلبية لن يؤدي إلا إلى تضخيمها.
ممارسة الرعاية الذاتية: تناول الطعام الصحي المتوازن واشرب الكثير من الماء، واحصل على قدر كاف من النوم المريح كل ليلة، ذلك لأننا عندما نشعر بالجوع أو الجفاف أو الإرهاق الناتج عن الأرق، فمن المرجح أن نتفاعل مع الأشياء بشكل عاطفي زائد عن الحد وغير متناسب مع حجمها الواقعي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات التی لم یمکن أن الذی ی
إقرأ أيضاً:
من منى إلى فلسطين.. هل غاب الإيمان أم غيّبوه؟
الأسوار المنيعةهنالك ما منه بد أن يقال عن أهلنا في فلسطين، إنه لا يمكننا الخروج من الوضع الفلسطيني المعاصر بالأدوات نفسها التي تشكل منها والتي فقدت قدرتها على العطاء، السلطة الفلسطينية الحالية ابنة حقبة اليسار والقومية والتحرر من الاستعمار، وخضعت لعوامل التغير بناء على تغير تلك الظروف، ولا تزال تتغير بهذا النمط حتى تزول. ليستا، الفيتنام وجنوب إفريقيا، بأحسن قدوة نتأسى بها، لقد مرت أسود بأولى القبلتين وحققت فيها الانتصار، ومشروع صلاح الدين ليس جبهة جمّع لها شخصيات وجمعيات، إنها عقيدة ساق لها الأمة جمعاء فطرد بها الصليبيين.
عنفوان الثورة يبدأ في الضعف والتلاشي عندما يقبل الثوار على أنفسهم وعلى ما في أيديهم المذلة والهوان بتلقي الضربات من دون رد يذكر؛ لا بد أن يستوعب الثوار السوريون أن لكل حياة كريمة ضريبة تدفع، وأن المناورة من أجل كذا وكذا لا تمنع من استخدام الشوكة كلما جد جدها. وفي التاريخ أمثلة لا تحصى على هذا، منها إنفاذ الخليفة الثاني الوصية النبوية بإرسال جيش أسامة رغم تعري المدينة من الحماية، ومنها تحرش المغرب بالجزائر عقب الاستقلال، وإيران على أفغانستان بعد جلاء الأمريكان... وفي كل هذه الأمثلة كانت الغلظة هي التي وجدها المعتدون.
برنامج إيران العسكري عامة والنووي خاصة قد توجه، وآيته ما فعله النظام في طهران بالكيان المحتل "المحصن" بالقباب الزجاجية بعد استشهاد نصر الله، فكيف بغير الكيان المشرعة سماؤهم؟ حتى القصف بالنووي لا يجدى نفعا مع الجبال الشاهقة التي تحمي القوة الإيرانية. يبقى الحل الموضوعي الذي أنصح به "ليندسي غراهام"- هذا المراهق السياسي- وإدارة "ترامب" المتهورة بالعودة إلى سياسة "باراك أوباما" في الاحتواء، عندما طلب في عهدته الأخيرة من السعودية أن تتقاسم النفوذ مع إيران، علما بأن مصلحة السعودية الآن هي في التحالف مع تركيا لتكون أيديهما العليا. السعودية خادمة الحرمين الشريفين لا سليلة الثورة العربية الكبرى.
أقفاص المماليك
لا تسمع من خطيب "رسمي" خطبة رنانة تحيي النفوس وتهتز لها عروش السلاطين، محال ذلك اليوم إلا ما كان خارج النطاق، كما حدث مع الخطيب المسجون ظلما صالح آل طالب (فك الله قيده)! خطبة يوم عرفة كغيرها من خطب الحرمين الشريفين حجج على أصحابها أمام شهود بالملايين غير راضين عما يلقى فيها، يدع الخطيب هموم الأمة وآمالها ويقتصر على عظة باردة ودعاء طويل يرضي ولاة الأمور، ثم يتظاهر الخطباء بالصلاح والوقار لجلب الانتباه وتحقيق المكانة بين الناس؛ إنها مهزلة حقيقية تقع على منابر رسول الله.
الحد من عدد الحجاج بهذه النسبة المجحفة من أجل "خدمتهم وأمنهم" ليس مبررا البتة للتواني عن السعي الجاد وفق رؤية علمية استشرافية لتهيئة المشاعر المقدسة لتستوعب المزيد من الحجاج، إن ذلك يطرح ألف سؤال وسؤال، خاصة إذا استحضرنا رغبة المملكة في تنظيم كأس العالم لكرة القدم واستعدادها لإنفاق "ما يلزم" في غضون السنوات القادمة كي تستوعب ملايين من اللاهين خلال شهر واحد، في حين لم يتم إنجاز خطط التوسعة رغم مرور عقود، ولا أحسبها ستنتهي في عقود أخرى قادمة.
إحصائيات الخدمات في موسم الحج "بروباغندا" تتحطم عند مشاهدة الواقع. ولقد حججت العام الماضي وشاهدت أن منى بخيامها ليست صالحة لصد الحر ولا لإقامة تعبدية مناسبة. كما أن المعاملة من "القوات الخاصة" الموكل إليها تأطير الحجيج فظة، والعمال الآسيويون عموما يتسولون أكثر مما يخدمون. والوفيات بسبب سوء التسيير وقلة التهيئة العمرانية للمشاعر المقدسة، لا لسبب آخر خارج عن مهام إدارة الموسم المعظم.
هو ذاك إذن، ولهذا ترى نسبة الحجيج لا تتعدى الواحد من كل ألف مسلم، ولا يسعى القائمون على إدارة الحج لرفع النسبة عاما بعد آخر، علما بأن المشاعر المقدسة خلقت ووضعت لتستوعب كل من استطاع إلى الحج سبيلا، وهم أكثر بكثير من المسموح لهم بالحج اليوم. ولا سبب وجيها لتعثر التوسيعات مقارنة بالتهيئة السريعة لمشاريع الترفيه ومدن الأحلام كـ "نيوم!"
تحتاج المشاعر المقدسة إلى تأهيل جذري ليكون الحج ميسورا والحاج معتكفا على العبادة بلا مشاق مفتعلة. التوسيعات تسير سير السلحفاة، والمعاملة في الحرمين فجة، وأموال الأمة تغدق بالتريليونات على العتاة في الأرض، ثم يتحدثون لنا عن خدمة زوار بيت الله الحرام!مبنى الجمرات أحسن ما بني من إنشاءات في المشاعر المقدسة، شيد هندسيا ليستوعب الملايين لا مليونا ونصفه. الحرارة والحجاج غير النظاميين ليستا حجة لتبرير ما يزهق من أرواح جاءت متشوقة لتحج ثم تؤوب إلى أهلها؛ قضية غير النظاميين لا تعجر سلطة قادرة على إدارة الحج بإحكام، ناهيك أنها تحمل معنى آخر بأن أعدادا كثيرة من المسلمين ترغب في أداء هذا الركن ولا تجد لذلك سبيلا؛ أما قضية الطقس فمقدور على تذليلها بالمظلات، والاستراحات، والسلالم السيارة والمياه... لأن طريق عرفات- الجمرات هو طريق حياة أو ممات.
تحتاج المشاعر المقدسة إلى تأهيل جذري ليكون الحج ميسورا والحاج معتكفا على العبادة بلا مشاق مفتعلة. التوسيعات تسير سير السلحفاة، والمعاملة في الحرمين فجة، وأموال الأمة تغدق بالتريليونات على العتاة في الأرض، ثم يتحدثون لنا عن خدمة زوار بيت الله الحرام!
كيف يمكن الجمع بين التبشير بالديمقراطية وما تتطلبه من معارضة تضمن تجديد النظام السياسي وبين الثناء على التجربة الملكية العربية في إدارة ثرواتها الهائلة وقد "حققت" لشعوبها رخاء اقتصاديا فاقت فيه دولا اسكندنافية! علما بأن النرويج حدّت من استخدام الطاقة الأحفورية لتبقي ثوراتها للأجيال القادمة ولم تنفق في يومين تريليونات من الدولارات سفها بغير علم على السراب والوهم. فإذا كان ولا بد من التخلي ولو فرضيا عن الإعجاب بالديموقراطية فلنيمم شطر الدولة الإسلامية في عهديها النبوي والراشدي ولندرس التجربة، ففيها كل الخير للأمة وللبشرية.
تسويق الأوهام
الساسة الغربيون يدمنون على بيع الأوهام لمن يصدقها، بل يعتبرونها "مخدرا" لشعوب لا راعي لها، يهبهم بعض الوقت لتدبير شؤون المنطقة كما يريدون، وما من مشروع لهم نجح وما من رؤية عندنا صالحة حتى الساعة. للدولة العبرية خطط متعددة كلها تصب في تقوية موقعها وإضعافنا، ورغم التناقضات الصداعة فيما بين الصهاينة إلا أنهم يديرونها بما لا يؤدي إلى الانهيار حتى الآن، ولن تستمر سياستهم ناجعة إذا ما بقيت المقاومة تضغط على بنية الكيان وتحمّي الصدام بين متناقضاتها، وذلكم مكمن الهشاشة في هذه الملحمة التاريخية.
تريد الولايات المتحدة إضعاف أوروبا لابتزازها من جديد، كما فعلت في الحقبة التي تلت الحرب العالمية الثانية. روسيا ليست في وارد المنافسة الاقتصادية للولايات المتحدة، فتتخذها الأخيرة فزاعة هنا وهناك لجلب الحلفاء إليها وابتزازهم كما فعلت بالخليجيين قبل أيام. الصين لديها نقاط ضعف اقتصادية ولا تقوى على المجابهة طويلا، لذلك ستنزع نحو المسالمة.تريد الولايات المتحدة إضعاف أوروبا لابتزازها من جديد، كما فعلت في الحقبة التي تلت الحرب العالمية الثانية. روسيا ليست في وارد المنافسة الاقتصادية للولايات المتحدة، فتتخذها الأخيرة فزاعة هنا وهناك لجلب الحلفاء إليها وابتزازهم كما فعلت بالخليجيين قبل أيام. الصين لديها نقاط ضعف اقتصادية ولا تقوى على المجابهة طويلا، لذلك ستنزع نحو المسالمة. يبقى التحدي الأكبر للأمريكان في الإرادة الإلهية، التي تأبى الاستكبار في الأرض والطغيان، فتأخذ الظالم بعد أن تفتح له أبواب كل شيء، ومراقبة ذلك استشراف حقيقي للمستقبل.
المنظور الأمريكي للروس لم يتغير بعد ورطة أفغانستان، لأنه دفع بهم مجددا إلى أوكرانيا، لكن هل تعلّم الأمريكان من تجربة الروس الأفغانية كما يجب؟ وماذا عن الخيبة في العراق؟ القول بأن "الصناعة الجهادية" ماركة أمريكية خالصة فيه نظر، فأمثال أسامة والظواهري وغيرهما ليسا سهلي الاستيعاب والاستدراج، وقد قضيا على أيدي القوات الأمريكية بعدما نالا منها في الحادي عشر من أيلول نيلا شديدا، وقد دفع أسامة نفسه شبهة العمالة هذه بالقول إنها كانت تقاطع مصالح.
لا يؤمن الغرب الرأسمالي بما يسمى "القيم الغربية للديمقراطية"، بعضنا يصدق هذه الأكذوبة ويروج لها ويحاكم الغرب على أساسها، وهو لاه عنا بما يحقق له الربح والسيطرة والنفوذ ولا تهمه الدماء، إنه منطق الاستعمار على الدوام وقد عاد إليه الغرب بشكل أكثر صلافة. "تعجبني" خطابات ممثل الجزائر في مجلس الأمن ومرافعاته الصادقة عن قيم الإنسانية والرحمة، وهو جالس بين ذئاب وتماسيح جائعة! على الفلسطينيين أن يقاتلوا حتى يحكم الله بينهم وبين أعدائهم.