ماذا لو وجدت الدولة نفسها فى اتجاه حماية صحة مواطنيها من السمنة.. فهل يجوز لها التفرقة بين المواطنين بسبب هذا المرض العصرى المنتشر؟! وأن تستبعد السمين أو حتى النحيف من حساباتها فى العمل اللائق..
هذا ما حدث بالضبط من وزارة التربية والتعليم فهى تطلب معلمين ٣٠ ألف معلم ومعلمة رغم أن لديها الآلاف من العاملين لديها بالأجر أو بالحصة.
وهل الدولة ليست مسئولة عن سمنه مواطنيها ولماذا تعاملهم بهذا التمييز.. بالعكس الدولة عليها مسئولية وهى المتسببة فى انتشار هذا المرض السمنة، حيث كان عليها رفع مستوى معيشة المصريين حتى لا يضطر المواطن اللجوء إلى غذاء غير صحى لسد الجوع.
وهو ما يعيدنا إلى أصل الأمر وهو ضعف دخل المواطن الذى يلجأ إلى طعام غير صحى رخيص الثمن وفى الوقت نفسه مشبع..
أعتقد أن الظروف الصعبة لهؤلاء المعلمين مع وقف التنفيذ دفعتهم إلى التقدم بل والجرى والقفز للحصول على الوظيفة المؤهلين دراسيًا ونفسيًا للعمل بها وأنه لولا الحاجة ما تحركت الأجسام تسابق وتقفز فى كل اتجاه لنيل الرضا والموافقة على منح الوظيفة..
تذكرت وأنا أقرأ الخبر ذكرياتى فى صلاة الجمعة بالمسجد المجاور لمركز الشرطة وهذا الرجل الأربعينى الذى يرتدى البدلة السوداء كان يستعين بمن يساعده فى خلع حذائه بسبب فرط السمنة وتعجبت أيهما أولى باللياقة البدنية.
لقد استطاع الشباب المتقدم للوظيفة للحصول على قرار من هيئة المفوضين توصى بإلغاء قرار استبعاد المعلمين بسبب الوزن الزائد..
وهل هناك عدل أو عقل يقول أن تتم التفرقة بسبب الوزن الزائد، حيث طلبت الوزارة من المتقدمين فى مسابقة ٣٠ ألف معلم اجتياز الاختبار الطبى والرياضى فى الكلية الحربية وتم استبعاد ١٤ ألف مُعلمة ومُعلم من التعيين، ضمن المسابقة بعد اجتيازهم اختبارات الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، دورات وتدريبات وزارة التعليم. والسبب هو الوزن الزائد.. لا شك أن هناك وظائف أخرى غير التدريس تحتاج إلى الرشاقة والوزن المثالى ومنها بالطبع الوظائف العسكرية ولكن فى التدريس والمدارس ليس مطالبًا بأن يصبح المعلم رشيقًا إلا لو كانت الوظيفة مدرس الألعاب الرياضية وهى المادة التى لا تهتم بها المدارس رغم أهميتها بل هى بداية تحمل الدولة مسئولية حماية المواطن من مرض السمنة والنحافة.. وفى النهاية نقول لوزارة التربية والتعليم الأولى فى التعيين هم من تتفلت من بين أيديهم الحياة فى فراغ وهم ينتظرون بمنتهى الصبر أن ترضى عنهم الدولة وتعينهم فى المدارس لأنهم تعبوا من العمل فى التدريس بالأجر دون تعيين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خالد حسن صكوك العمل اللائق
إقرأ أيضاً:
معلمو عُمان والذكاء الاصطناعي.. قيادة تحويلية نحو المستقبل
أمل بنت سيف الحميدية **
مع التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات التكنولوجيا والتعليم، تتقدّم سلطنة عُمان بخطى واثقة نحو بناء منظومة تعليمية ذكية، تتكامل فيها الرؤية الوطنية مع الإمكانات الرقمية، ويقف في طليعتها المعلم العُماني، بوصفه قائدًا تحويليًا يستشرف المستقبل ويقود التغيير داخل الفصول الدراسية.
وفي هذا السياق، يبرز الذكاء الاصطناعي (AI) باعتباره نقلة نوعية تتجاوز أدوات التكنولوجيا التعليمية التقليدية؛ فهو لا يقتصر على تقديم المحتوى أو إدارة الصف إلكترونيًا، بل يشمل قدرات تحليل البيانات، وتخصيص التعليم وفق احتياجات المتعلمين، والتفاعل الذكي مع أساليب التعلم الفردية بوصفه أداة استراتيجية لإعادة تشكيل أساليب التعليم، مما يستدعي نمطًا قياديًا فاعلًا ومؤثرًا، يتجاوز الأدوار التقليدية إلى القيادة التحويلية. وقد أشار البروفيسور يوانغ كاي-فو (Kai-Fu Lee,2018)، أحد أبرز رواد الذّكاء الاصطناعيّ، إلى أنّ "الذكاء الاصطناعي لن يحلّ محل المعلمين، لكنه سيصبح أفضل مساعد لهم، يمنحهم الوقت للتركيز على ما يهم: الإبداع، التوجيه، والقيادة الإنسانية".
وتتوافق هذه الرؤية مع توجه سلطنة عُمان الطموح نحو تعليم مستقبلي قائم على تمكين الإنسان لا استبداله. كما تسعى رؤية عُمان 2040 إلى تعزيز الاقتصاد المعرفي وتمكين القدرات الوطنية، ويُعد قطاع التعليم أحد أهم روافد هذا التوجه. من هذا المنطلق، لم يعد دور المعلم محصورًا في التلقين أو التوجيه، بل أصبح محورًا رئيسًا في قيادة عملية التحول الرقمي، عبر توظيف أدوات الذّكاء الاصطناعيّ في التعليم. وقد بدأت وزارة التربية والتعليم خطوات جادة لدمج هذه التقنيات في المناهج والممارسات الصفية، مع التركيز على رفع جاهزية المعلمين رقميًا ومهنيًا. تقوم القيادة التحويلية، كما حددها Bass (1985)، على أربعة أبعاد رئيسة: التأثير المثالي والتحفيز الإلهامي والاستثارة الفكرية والاعتبارات الفردية. وتنعكس هذه الأبعاد بوضوح في شخصية المعلم العُماني، الذي يتبنّى الابتكار ويشجع طلابه على التفكير النقدي ويهيئ بيئة تعليمية مرنة تستوعب التغيير. فالمعلم التحويلي لا يكتفي بتطبيق أدوات الذّكاء الاصطناعيّ، بل يوظفها لإلهام طلابه وتحفيزهم على التعلم الذاتي والتفاعل الإبداعي.
وقد أدركت سلطنة عُمان أن بناء قيادة تعليمية مستقبلية يبدأ من تمكين المعلم؛ وهو ما تؤكده دراسة اليونسكو (2022)، التي تشير إلى أن الاستثمار في تدريب المعلمين على الذكاء الاصطناعي يعزز جودة التعليم ويُمكّن المعلم من أداء أدواره التربوية الجديدة بفعالية. وفي هذا الإطار، أُطلقت وزارة التربية والتعليم العديد من المبادرات الوطنية الهادفة إلى رفع كفاءة المعلمين في التعامل مع الذّكاء الاصطناعيّ وتوفير منصات تعليمية ذكية وإنشاء بيئات رقمية تفاعلية. وتُظهر نتائج هذه الجهود أن المعلمين القادرين على دمج التقنية مع القيادة التحويلية يحققون نتائج إيجابية في تحفيز الطلبة وتعزيز تفاعلهم. إن بناء جيل رقمي واعٍ لا يمكن أن يتحقق دون معلمين يمتلكون رؤية مستقبلية وقدرات قيادية عالية. ولذلك، يُوصى بتعزيز فلسفة القيادة التحويلية في السياسات التعليمية وتضمينها في برامج إعداد وتدريب المعلمين. كما ينبغي توفير الدعم المؤسسي والمعنوي، من خلال برامج تدريب مستمرة، وتقديم حوافز مهنية وتوفير منصات تعليمية رقمية متقدمة للمعلمين القادرين على الابتكار والقيادة، ليكونوا في طليعة قادة التغيير نحو تعليم رقمي متجدد ومتين.
وانسجامًا مع توجهات رؤية "عُمان 2040" التي تؤكد على الابتكار والتمكين والتحول الرقمي، يمكن النظر إلى المعلم العُماني بوصفه قائدًا تحويليًا يجسّد هذه المبادئ داخل البيئة التعليمية ويسهم في إعادة تشكيل التعليم بما يتوافق مع متطلبات المستقبل. وبقيادته التحويلية وروحه المبادِرة ووعيه بمتطلبات العصر الرقمي، يستطيع أن يقود الجيل القادم نحو المستقبل، حيث يتكامل الإنسان والتقنية في خدمة التعليم والجودة والابتكار.
** باحثة دكتوراة في القيادة التحويلية وتربوية