صحيفة التغيير السودانية:
2025-07-13@04:56:15 GMT

هذه ليست حرب جنرالين!

تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT

هذه ليست حرب جنرالين!

 

هذه ليست حرب جنرالين!

خالد عمر يوسف

ينشط بعض أبواق الحرب في الترويج لفرضيات ساذجة مفادها أن هذه الحرب ما هي الا صراع جنرالين وحسب أو مغامرة قائد مليشيا مجنون قرر ذات صباح أن يحرق كامل البلاد بعون خارجي وبس!! سردية مبسطة موغلة في السطحية تفترض أن السودان قد ولد في ١٥ أبريل الماضي وأن ما سبق ذلك كأنه لم يكن ولا علاقة له بحريق البلاد الشامل الذي يحدث الآن!!

الهدف من هذه السردية الساذجة هي الترويج لنموذج حل مفصل على مقاس من أشعلوا هذه الحرب.

. طالما إن هذه هي المشكلة “فالحل في البل”.. لا داعي أن يرهق أحد ذهنه في التفكير في جذور هذه الحرب ومسبباتها ومآلاتها.. ساعة النصر قادمة سيهزم فيها الأشرار “وخلاص بعدها كلو تمام سعادتك”.. سيخلو وجه السودان لمشعلي الحرب ليقيموا نموذجهم البائس بقوة الحديد والنار.. وسيسعون لاكساب حربهم هذه شرعية بتصويرها حرباً من أجل الوطن وسيادته وكرامته.. هكذا ببساطة لا عبرة ولا اعتبار.. فعن أي سيادة يتحدثون والسودان الآن لا دولة فيه، وعن أي كرامة يتحدثون والملايين يهيمون على وجههم لا يملكون قوت يومهم، ويموتون كل يوم في المنافي حسرة على ما آل له حالهم بفعل هذه الحرب لا يحلمون سوى بالعودة لديارهم فقط لا غير.

كيف يمكن فهم هذه الحرب بصورة كاملة دون الغوص عميقاً في فهم تاريخ المؤسسة العسكرية في السودان، والمصالح الاجتماعية التي عبرت عنها، وطموحاتها السلطوية، وتغولها على السياسة والاقتصاد، واستنصار قوى سياسية بها لحسم صراعات السلطة بينهم ومن ثم هيمنة الاسلاميين عليها لعقود طويلة واستخدام نفوذهم داخلها لفرض ارادتهم على شعب السودان.. استخدام تحدوا به ثورة خرج فيها الملايين فافسدوا الانتقال وانقلبوا مع قادة اطراف القتال الحالي على الفترة الانتقالية وقادوا البلاد لحرب حين فشل الانقلاب وابتدرت عملية سياسية تهدف لاستعادة مسار الانتقال المدني الديمقراطي.

كيف يمكن أن نحيط بحيثيات هذه الحرب دون ان نتدبر في تركيبة الدولة التي خلفها الاستعمار، والاختلالات الواضحة في بنيانها وتعبيرها عن مكوناتها، وثورات الهامش السلمية منها والمسلحة، وكيف تصرفت الدولة المركزية حيال ذلك؟ كيف قسمت القبائل وسلحتها واستخدمتها ضد بعضها البعض؟ تنشيء فصيلاً مسلحاً ليواجه فصيلاً مسلحاً اخر، ومن ثم تغير تحالفاتها لتنصر الفصيل الذي كان في خانة العدو وتستخدمه ضد صديق الأمس، طاحونة مستمرة تطحن البلاد، خلقت وضعية جيوش متعددة لا لشيء سوى الحفاظ على نمط مركزي محدد فشل ونحن نعيش الآن نتائج ذلك الفشل!

لن تتوقف الحرب بالتبسيطات، وإن كانت بدأت ظاهرياً كصراع مسلح بين القوات المسلحة والدعم السريع، فإنه من قصر النظر أن نغفل اليوم عن طبيعتها المتغيرة بصورة دراماتيكية.. كيف تصاعدت خطابات الكراهية وخلقت توتراً بين مجتمعات لا بين جنرالين فحسب.. كيف تصاعدت إرادة استعادة النظام القديم وقبر الثورة مرة وإلى الأبد.. كيف صار السودان ساحة لصراع اقليمي ودولي فتاك يستغل تمزيق السودانيين لبلادهم بأيديهم.. ان كانت هذه الحرب حرب جنرالين أو قائد مليشيا فحسب كما يريد البعض أن يصورها فإن الحل الآن ليس في مصالحة الجنرالين ولا في انتصار طرف على الآخر. لا مجال الآن إلا لصياغة عقد اجتماعي جديد يتعايش فيه جميع السودانيين/ات بعدالة وانصاف، وتنتهي فيه صراعات السلطة المسلحة ويصير تداول الحكم سلمياً عن طريق انتخابات حرة ونزيهة، وتكون فيها الدولة للجميع ليست لحزب أو مجموعة بعينها، ويبنى فيها جيش واحد مهني وقومي يعبر عن كل السودان بحق وينأى عن السياسة والاقتصاد وتقتصر مهامه على حماية البلاد من المهددات الأمنية وفق الدستور ويعمل تحت إمرة السلطة المدنية الشرعية.

الطريق لصياغة هذا العقد الاجتماعي يتم عبر وضع البنادق جانباً الآن ودون تأخير والنأي عن الظن بامكانية اخضاع طرف لأي طرف آخر، والجلوس لتفاوض سلمي يقود لسلام مستدام على أسس حقيقية تخاطب خطايا الماضي والحاضر وتبني مستقبلاً مزدهراً لبلادنا التي نحب.

 

الوسومالبرهان الحرب السودانية حرب الجنرالين حميدتي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: البرهان الحرب السودانية حرب الجنرالين حميدتي

إقرأ أيضاً:

“كيانات شرق السودان” تكشر عن أنيابها في وجه الإمارات

اتهمت التنسيقية العليا لكيانات شرق السودان دولة الإمارات العربية المتحدة بلعب دور خطير في تأجيج الحرب الدائرة في السودان، من خلال تقديم دعم واسع لقوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني.

وقالت التنسيقية في بيان أصدرته إن الإمارات، بقيادة محمد بن زايد، تتحمل مسؤولية مباشرة عن الكارثة التي تضرب السودان، من خلال ما وصفته بالتورط في إرسال السلاح والأموال إلى قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين منذ اندلاع القتال في أبريل 2023.

البيان الذي صدر السبت 12 يوليو 2025 ووقعه الأمين العام مبارك النور عبدالله، كشف ما وصفه بمعلومات موثقة تؤكد وجود دعم إماراتي مباشر لقوات الدعم السريع، سواء عبر الطائرات أو شبكات إقليمية لتهريب الذهب والسلاح. واستندت التنسيقية في ذلك إلى تقارير منشورة في وسائل إعلام عالمية مثل CNN و”وول ستريت جورنال” و”لوموند”، والتي أشارت إلى مسارات تهريب تبدأ من الإمارات وتنتهي بتمويل الحرب في الخرطوم ودارفور.

وأشار البيان إلى أن هذا التدخل الموصوف بـ”الخطير وغير المشروع” ساهم في إطالة أمد الحرب وعرقلة جهود الحل السلمي، كما تسبب في وقوع جرائم واسعة النطاق في ولايات عديدة، أبرزها العاصمة السودانية الخرطوم، وولايات دارفور، ومدني، وسنار، والفاشر. ولم يقتصر الأمر على الدعم العسكري فقط، بل شمل أيضًا تسهيل عمليات تهريب الذهب السوداني إلى دبي، وهي العملية التي قالت التنسيقية إنها تُستخدم لتمويل المليشيا المسلحة، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية.

ودعت التنسيقية في بيانها إلى فتح تحقيق دولي عاجل، تشرف عليه الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية، من أجل كشف خيوط الدعم الخارجي ومعاقبة المتورطين فيه.

كما طالبت بإدراج الكيانات والشركات الإماراتية المتورطة في الحرب ضمن قوائم العقوبات، ومنعها من ممارسة أي أنشطة اقتصادية أو سياسية داخل السودان مستقبلًا.

تنسيقية كيانات شرق السودانمبارك النور

مقالات مشابهة

  • السودان.. اختفاء النساء: قصص الحرب والألم والصمت
  • سد مروي “خارج الخدمة”.. وانقطاع التيار الكهربائي عن ست ولايات سودانية
  • “كيانات شرق السودان” تكشر عن أنيابها في وجه الإمارات
  • المبشر: طرابلس ليست غنيمة لأحد ولا ساحة يُجرب فيها توازن القوى
  • استمرار الحرب في السودان يُفاقم أزمة النازحين غرب البلاد
  • كيف يتم وقف التدهور الاقتصادي والمعيشي بعد الحرب؟
  • صحف عالمية: ترامب ونتنياهو يخفيان خلافات كبيرة
  • نتنياهو: سننهي الحرب بلا حماس وهوية أسرى الصفقة ليست بيدنا
  • ثلاثة أرباع العمال الإسرائيليين يفكرون في المغادرة جراء الحرب
  • توقعات الطقس في السودان خلال الـ24 ساعة القادمة