صنعاء ثبّتت معادلتها البحرية.. وواشنطن استنفدت أوراقها
تاريخ النشر: 28th, April 2024 GMT
خلال ثلاثة أيام، سلسلة ضربات يمنية طالت سفنًا بريطانية وأمريكية وإسرائيلية شملت خليج عدن والبحر الأحمر والمحيط الهندي، وكذلك استهداف مدمرة أمريكية، وضرب أهداف في إيلات جنوب فلسطين المحتلة بواسطة صواريخ باليستية ومجنحة، وأيضًا إسقاط طائرة استطلاع أمريكية من طراز MQ9 في أجواء محافظة صعدة شمالي اليمن.
لم يسجل رد فعل أمريكي أو بريطاني، ولوحظ خلال الآونة الأخيرة اكتفاء دول العدوان بالتصدي للمسيّرات والصواريخ، وليس بالضرورة إسقاطها، فكثير من الضربات البحرية أصابت أهدافها، وتم الإقرار بذلك.
بالتوازي، كانت واشنطن تسحب حاملة طائرات ومدمرة وتعيدهما إلى شرق المتوسط.
أمام المشهد أعلاه، يمكن الاستنتاج بأن الأمريكيين استنفدوا أوراقهم، إنْ بالترغيب أو بالترهيب، وعليه سلموا بواقع فرضته صنعاء وقواعد اشتباك تحكمت بها، ولم تتمكّن الغارات المعادية من منعها، بل شهدت المرحلة الماضية تطوّرًا في العمليات اليمنية، كمًّا ونوعًا وفي المديات.
قبل مدة، أجمع المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيموثي ليندرغينغ، وقائد القيادة الوسطى الجنرال كوريلا بأن لا حلول عسكرية للعمليات البحرية اليمنية، وهو ما يعد إقرارًا بالفشل والإخفاق في فرض انكفاء يمني عن مناصرة الشعب الفلسطيني، وهو أيضًا تسليم بما فرضته جبهات الإسناد من لبنان إلى العراق واليمن بأن لا وقف للعمليات قبل وقف العدوان على قطاع غزّة.
ما حاول الأمريكيون منعه على مدى أشهر، مع تجاهل مفتاح الحل الرئيس، بات مسلمًا به اليوم، وهو ضرورة تحقيق شروط المقاومة الفلسطينية وأولها وقف العدوان. ويبدو أن ثمة قناعة أمريكية بذلك، وهو ما فهم من المبعوث الأمريكي إلى لبنان عاموس هوكشتاين في زيارته الأخيرة إلى بيروت قبل شهر رمضان المبارك.
في اليمن، وبعد قرابة السبعة أشهر من الحرب، يلاحظ بسهولة أن صنعاء فرضت معادلتها البحرية، وهي ماضية في تطوّرها، وكذلك تموضعها ضمن وحدة الجبهات أو الساحات في المنطقة، وهو ما يعد مؤشرًا خطيرًا بالنسبة للأمريكيين الذين باتت حساباتهم تتّجه نحو التفكير بالمستقبل ومدى انعكاس وحدة الساحات والجبهات على الردع لديهم، حيث انكشفت هشاشته مع عجز أمريكي عن القدرة على إغلاق أي جبهة إسناد لغزّة.
وعليه، إن انكفاء واشنطن في اليمن إلى حدود معينة يعد ضربة ومراكمة للفشل، وهو ما أضر بصورة الأمريكيين خصوصًا أن ثمة اعترافًا ضمنيًّا بخطأ في التقدير قد ارتكب هناك، وأن التدخل دعمًا لــ “تل أبيب” أتى بنتائج عكسية، أقله تعريض السفن الأمريكية والبريطانية للاستهداف، وهو ثمن مباشر للعدوان.
إن صنعاء ماضية، كما يعبر قادتها، في دعم الشعب الفلسطيني وإسناد مقاومته مهما كان الثمن، وهي لن تتراجع عن تموضعها ضمن قوى ودول محور المقاومة وللأمر حساباته حال تعرض أي طرف لعدوان أمريكي أو إسرائيلي.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
تفوّق جوي مقابل تكتيك صاروخي: حرب إيران وإسرائيل تكتب معادلتها
أفرزت المواجهة بين إيران وإسرائيل معادلة ردع جديدة تمثلت بتفوق جوي إسرائيلي مقابل تفوق صاروخي إيراني، ففي حين سيطرت الدولة العبرية على أجواء إيران، نجحت الجمهورية الإسلامية في ضرب أهداف حساسة داخل إسرائيل. اعلان
في واحدة من أعنف المواجهات العسكرية في تاريخ الشرق الأوسط، كشفت الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل عن معادلة جديدة في ميزان القوى الإقليمي: سيطرة جوية إسرائيلية مقابل تفوق صاروخي إيراني. هذه المعادلة رسمت ملامح صراع غير مسبوق بين قوتين عسكريتين تتنافسان منذ عقود في الخفاء، لكنها اليوم تواجهتا بشكل مباشر وواسع النطاق.
التفوق الجوي الإسرائيلي: سيطرة كاملة على سماء إيرانمنذ الأيام الأولى للحرب، أثبت سلاح الجو الإسرائيلي تفوقه الكامل، إذ تمكن من فرض سيطرته على المجال الجوي الإيراني عبر سلسلة من الغارات المعقدة والدقيقة التي طالت منشآت نووية ومواقع عسكرية استراتيجية. ورغم أن الدفاعات الإيرانية أسقطت عددًا من الطائرات المسيّرة، فإن هذا لم يمنع الطائرات الإسرائيلية من الوصول إلى عمق الأراضي الإيرانية.
الصواريخ الإيرانية: موجات محدودة وفعالية عاليةفي المقابل، اعتمدت إيران على سلاحها الأبرز في هذا النزاع: الصواريخ الباليستية. استهدفت هذه الصواريخ مواقع حساسة داخل إسرائيل، من بينها محطات توليد كهرباء ومنشآت أمنية وعلمية.
اخترقت بعض الصواريخ أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية والأميركية المتطورة كـ"ثاد" و"أرو 3"، وتمكنت من إلحاق أضرار غير مسبوقة بالداخل الإسرائيلي، سواء على صعيد البنية التحتية أو الحرب النفسية.
Relatedهل تستفيد غزة من نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران؟ما بعد وقف إطلاق النار: أي دروس تستخلصها إيران من المواجهة مع إسرائيل؟إيران بين المكاسب والخسائر: قراءة في حصيلة المواجهة مع إسرائيل بعد وقف إطلاق النارالحرب النفسية وتكتيكات التحذير المبادلةاللافت في هذا التصعيد العسكري استخدامُ إيران لأسلوب إسرائيلي معروف، يتمثل في توجيه تحذيرات قبل قصف مواقع معينة، بهدف إخلائها من المدنيين أو العاملين، وهو ما رُصد في هجمات استهدفت منشآت في النقب ومطار بن غوريون، حيث وردت إنذارات مسبقة. وقد مثّل هذا السلوك انتقالاً نوعياً في تكتيك إيران.
في المقابل، فرضت إيران تعتيماً إعلامياً محكماً على ما يجري داخل حدودها، إذ لم تُنشر سوى مقاطع محدودة جداً توثق آثار الغارات الإسرائيلية، في محاولة واضحة للحد من أثر الضربات على الرأي العام المحلي والدولي، والاستفادة من هذه الاستراتيجية في إدارة المعركة النفسية إلى جانب الميدانية.
في تطور غير مسبوق في حروب الشرق الأوسط، ظهر نوع من "التناظر" في الاستهداف بين الطرفين. فعلى سبيل المثال، بعد أن ضربت الدولة العبرية منشآت طبية في إيران، ردّت طهران بقصف مستشفى في منطقة بئر السبع داخل إسرائيل. كما جاء استهداف القناة 14 الإسرائيلية كرسالة من طهران على قصف التلفزيون الرسمي الإيراني.
وفي تصعيد لافت، أطلقت إيران الاثنين العدد نفسه من الصواريخ على قاعدة العديد الأميركية في قطر، وهو العدد ذاته الذي استُخدم في ضرب موقع فوردو النووي، في رسالة مزدوجة مفادها أن واشنطن ليست بعيدة عن معادلة الردع الجديدة.
توازن جديد لكن غير مستقرأظهرت هذه المواجهة أن التفوق الجوي الإسرائيلي لم يعد كافياً لردع إيران، وأن الأخيرة باتت قادرة على فرض كلفة باهظة على أي هجوم إسرائيلي. في المقابل، لا تزال تل أبيب تملك اليد العليا تقنياً وتكتيكياً في الجو، وتحتفظ بقدرتها على الوصول إلى العمق الإيراني في أي لحظة.
تشكّل هذه المعادلة الجديدة تحدياً صريحاً للمجتمع الدولي، وتطرح أسئلة خطيرة حول حدود الحرب المقبلة، وما إذا كانت هذه الجولة بداية لتوازن ردع مستقر، أم مجرد فصل في صراع مفتوح لم يُكتب له نهاية بعد.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة