يمانيون – متابعات
عتبر العطلة الصيفية من المحطات الهامة التي يستغلها شعب الحكمة والإيمان في تنشئة أجيال المستقبل؛ لتنويرهم بالوعي والإيمان وتحصينهم من الوقوع في شراك الشيطان المتمثل في الحرب الناعمة.

وتشهد المراكز الصيفية في مدن وأرياف المحافظات اليمنية اكتظاظاً بشرياً، حَيثُ عهد اليمنيون منذ تسعينيات القرن الماضي على الدفع بأولادهم في المراكز الصيفية للتزود بالعلوم الدينية كعلوم القرآن والفقه والطهارة وغيرها من العلوم الدينية، بالإضافة إلى تعلم علوم اللغة العربية كالخط والإملاء والتعبير والنحو، ولا يقتصر عمل المراكز الصيفية على ذلك وحسب، وإنما تقام العديد من الأنشطة الرياضية والترفيهية والثقافية تكسب المتلقي معارف متعددة تشمل علوم الحياة.

ويتزايد عدد الملتحقين بالمراكز الصيفية من عام إلى آخر، حَيثُ بلغ عدد الملتحقين بالمراكز الصيفية خلال العام الماضي1444هــ مليون وخمسمِئة طالب وطالبة.

وفي كلمة تدشينه للمراكز الصيفية للعام1445هـ، أكّـد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- أن الأعداء ينزعجون من الدورات الصيفية انزعَـاجاً شديداً، موضحًا أن وسائل الإعلام الموالية لأمريكا و”إسرائيل” وعملائهم في الداخل والخارج ينظمون حملات تشويهية للمراكز الصيفية وهو ما يثبت الأهميّة القصوى لها ودورها التنويري للجيل الصاعد وتحصينه من مؤامرات الأعداء التضليلية التي يستهدفون بها الشبابَ المسلم.

وفي هذا السياق يقول الناشط السياسي والإعلامي، مدير عام الإعلام والعلاقات العامة بصندوق المعاقين، حسن عردو: إنه “في الوقت الذي توفق فيه اليمنيون بأن منحهم الله قيادة حكيمة تهيأت لهم أشياء كثيرة من ضمنها المراكز الصيفية التي كان لوجودها أهميّة كبيرة في تنشئة أجيالنا التنشئة الصحيحة، والتي في ظلها ستكون أجيالنا محصَّنةً ومحمية من الاختراقات التي تسعى لها الصهيونية وتعمل على توظيف كُـلّ ما تملك؛ مِن أجلِ إفسادهم وتحويلهم إلى أدوات سهلة الاستخدام”.

ويضيف: “المراكز الصيفية استطاعت أن تصنع رجالاً محصنين بالثقافة القرآنية وهي الثقافة التي يحسب لها الأعداء ألف حساب ويعتبرونها السلاح الفتاك الذي ينسف كُـلّ ما يعدون ويخططون له”.

ويعتبر عردو ثبات المرابطين في مختلف الجبهات وتصديرهم أروع البطولات في ميادين المواجهة مع قوى تحالف العدوان ومرتزِقته على مدى تسعة أعوام ثمرة من ثمار المراكز الصيفية.

ويشير إلى أن العدوّ يسعى لتشويه المراكز الصيفية كونه على معرفة تامة ويقين مطلق بدور المراكز الصيفية في تخريج أجيال قوية ومؤمنة ينسفون كُـلّ مخطّطات الأعداء ويشكلون خطراً على بقائه.

تأهيل الأجيال على أسس قرآنية:

بدوره يؤكّـد الناشط السياسي زكريا المؤيدي، أن قوى الشر العالمي أمريكا و”إسرائيل” وحلفاءهم وعملاءهم المنتشرين في مختلف دول العالم يرسمون للعالم النظريات الثقافية والسياسية والإعلامية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المجالات بما يخدم الصهيونية العالمية.

ويشير إلى أن قلق العدوّ الصهيوني من الدورات الصيفية يكمن في أنها تنسف برامج ومشاريع الصهيونية وتجعلها تذهب أدراج الرياح ناهيك عن الدور الجوهري للمراكز الصيفية في رسم ملامح الحضارة الإسلامية العالمية والتي تنطلق من اليمن لتعيد مجد الإسلام وتزيل الكيان الصهيوني المؤقت.

ويلفت إلى أن مناهج المراكز الصيفية تؤهل الأجيال على أسس قرآنية صحيحة تبني أُمَّـة إسلامية قوية ومقتدرة في مختلف المجالات والميادين؛ الأمر الذي يسهم بلا شك في نسف جهود التطبيع التي يسعى الكيان الصهيوني لترسخيها في الدول الإسلامية والعربية.

ويشدّد المؤيدي على أن المراكز الصيفية تقدم النموذج المشرف، الذي يبهر العالم، ويفوق النظريات الغربية والشرقية الليبرالية والاشتراكية والعلمانية التي تهاوت وفاقمت مشاكل المجتمع البشري بدلاً عن تقديم الحلول الناجعة.

ويذكر المؤيدي أن العدوّ يقلق من الدورات الصيفية كونه يعرف أنها تربي الأجيال على أسس قرآنية تعريفية تبصر الناس بعدوهم الحقيقي المتمثل في قوله تعالى: “لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا”، مبينًا أن المراكز الصيفية تفشل تسويق الأعداء أنفسهم بأنهم أصدقاء للمسلمين وتحويل بوصلة العداء إلى أطراف إسلامية بعد تمزيق الأُمَّــة كي يتناحر المسلمون فيما بينهم.

ويلفت المؤيدي إلى أن مراكز الدورات الصيفية ستسهم في تبصير أجيال العالم وتبين انخداعهم بمشاريع قوى الشر التي تهدف لمسخ الهُــوِيَّة وتجريد الأجيال من القيم والأخلاق والعادات المتوائمة مع الفطرة الإنسانية.

صفعات متتالية للعدو:

وفيما تواصل أبواق الإعلام حملاتها التشويهية ضد المراكز الصيفية، يواصل أولياء الأمور الدفع بأولادهم إلى المراكز الصيفية للتزود بعلوم القرآن والنهل من علوم أهل البيت التنويرية للشباب والهادفة إلى تحصين الأجيال الصاعدة وجعلهم قوة عصية لا يستهان بها.

ويؤكّـد نائب وزير الخارجية، حسين العزي، أن عدد الطلاب الملتحقين بالمراكز الصيفية بلغ منذ الافتتاح وحتى اللحظة مليون وخمسمِئة شخص.

ويقول في تدوينة له على منصة “إكس”: “بحسب عمليات اللجنة العليا للمراكز الصيفية فَــإنَّ الالتحاق بالمراكز الصيفية لا يزال مُستمرّاً وفي تصاعد”.

وفي السياق ذاته يؤكّـد الناشط السياسي إبراهيم محمد الوريث، أن أكبر معارك العدوّ تجاه المسلمين هي طمس الوعي وتمييع الهُــوِيَّة وفرض الهُــوِيَّة الغربية الكافرة على مجتمعات المسلمين.

ويعتبر الوريث التوافد الكبير للطلاب إلى الدورات الصيفية بمثابة صفعات متتالية للعدو في أهم رهاناته، مؤكّـداً أن ما يجري في المراكز الصيفية نعمة كبيرة وثمرة من ثمار التولي للقيادة الصادقة من أعلام الهدى.

أما الناشط الإعلامي مازن إدريس، فيصف المراكز الصيفية بالكابوس المؤرق لقوى الشر العالمي وعملائهم.

ويقول في تدوينة له على منصة “إكس”: “لا شيء يغيظ دولَ التطبيع والخيانة تحت عناوين الانفتاح والحداثة ويرعبها ويقض مضاجعها ويصيبها في مقتل ويفقدها صوابها ويجعلها تطلق أبواقها المرتزِقة للنباح بشكل هستيري أكثر من الدورات الصيفية”.

ويضيف: “المراكز الصيفية تبني جيلاً قرآنياً صافياً نقياً، لا تشوبه شوائب فكرية وخلفيات حزبية وسياسية وثقافات دينية مغلوطة، وهذه بالطبع ردة فعل طبيعية منهم”.

ويؤكّـد إدريس أن الأعداء ومرتزِقتهم يدركون جيِّدًا سر الصمود اليماني في مواجهة الحرب الكونية التي شنها تحالف العدوان على مدى تسعة أعوام والذي يكمن في الثقافة القرآنية.

ويشدّد على أن أعداء اليمن على يقين تام بأن الثقافة القرآنية جعلت اليمنيين أشداء وحولتهم إلى قوة عظمى أدبت الغزاة المعتدين، وجعلتهم يدركون جيِّدًا سر القوة الفاعلة في اليمنيين والتي حولتهم إلى قوة فاعلة على مستوى المنطقة والعالم.

وتبقى أنشطة المراكز الصيفية هي الحصن الحصين للأجيال اليمنية الصاعدة والتي تجعلهم قادة الأُمَّــة الإسلامية المؤهلة لمواجهة المشروع الصهيوني وهزيمته وإنهائه وإزالته من الوجود ليتحقّق بذلك مصاديق الوعود الإلهية المتجسدة في قوله تعالى: [فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسوا خِلَالَ الدِّيَارِ، وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا] صدق الله العظيم.

-المسيرة- محمد حتروش

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: من الدورات الصیفیة المراکز الصیفیة للمراکز الصیفیة الصیفیة ف إلى أن

إقرأ أيضاً:

لماذا غابت الفيديوهات التي توثق ما يجري في الأقصى؟

مع دخول المسجد الأقصى المبارك في موسم الاقتحامات الأطول والأعتى خلال العام، والذي بدأ برأس السنة العبرية، مرورا بيوم الغفران وانتهاء بالموسم الأخطر، وهو عيد العُرش (المظال)، كان لا بد من بسط قضية التغطية الإعلامية لما يجري في المسجد على طاولة البحث والدراسة.

فالمتابع لأحوال المسجد الأقصى لا يخفى عليه التراجع الشديد مؤخرا لعدد الصور والفيديوهات التي توثق الاقتحامات، وما يقوم به أفراد جماعات المعبد المتطرفة داخل المسجد يوميا.

حتى وصل الأمر إلى أن جميع الصور والفيديوهات التي وثقت اقتحامات رأس السنة العبرية في 23 من سبتمبر/أيلول الماضي واقتحامات يوم الغفران مطلع أكتوبر/تشرين الأول الحالي، كانت من خارج المسجد، بل من خارج البلدة القديمة كلها.

وكان عدد لا بأس به من الصور التي بثتها صفحات إخبارية ووسائل إعلام عربية لتغطية الحدث قد التقطت من فوق جبل الزيتون الذي يبعد مسافة حوالي 500 متر هوائي عن أسوار المسجد الأقصى الشرقية.

وهذه الزاوية بدورها لا تغطي إلا مساحة صغيرة من المسجد الأقصى أمام الجامع القبلي، ولا يمكن منها مراقبة ما كان يجري خلال تجمع المستوطنين في المنطقة الشرقية للمسجد، أو خلال أدائهم طقوسهم الدينية في الجهة الشمالية أو الغربية من المسجد الأقصى.

أما الصور والفيديوهات التي أظهرت أفعال هذه الجماعات فكان مصدرها للأسف هو صفحات هذه الجماعات نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد نشرها صورا وفيديوهات تبين ما فعله أفرادها في المسجد من باب التفاخر بإنجازاتها خلال الاقتحامات.

ولعل أحد أهم النماذج التي بينت خطورة ما يجري هو مسألة نفخ بوق رأس السنة العبري داخل المسجد، حيث غاب هذا الحدث عن التغطيات بشكل كامل، حتى ادعت جماعة "بيدينو" المتطرفة أن المستوطنين نفخوا البوق داخل المسجد خمس مرات في ذلك اليوم، بينما أظهرت شهادات المقدسيين الذين تمكنوا من الوصول إلى الأقصى في تلك الفترة سماعَ صوت البوق مرة أو مرتين خلال اليوم دون تصوير.

إعلان

ولم يكن بالإمكان تأكيد ذلك أو نفيه، إلى أن نشرت نفس الجماعة المتطرفة فيديو لأحد المستوطنين ينفخ البوق داخل المسجد قبل أن يتم إخراجه من المسجد على يد شرطة الاحتلال.

فيما يحتفي الحاخام المتطرف يهودا غليك عراب اقتحامات المسجد الأقصى المبارك بهذه العملية، ويسوقها كـ"انتصار رمزي" في معركة السيطرة الدينية على المكان.

خلال العام الأخير، شددت قوات الاحتلال قبضتها على المسجد الأقصى المبارك بشكل غير مسبوق، حيث وصل الأمر إلى تدخلها في كل صغيرة وكبيرة داخل المسجد، وحتى التدخل في عمل دائرة الأوقاف الإسلامية كمنع ذكر غزة في خطب الجمعة، أو حتى الإشارة إليها وإن من بعيد، تحت طائلة الإبعاد عن المسجد دون النظر إلى طبيعة شخصية الخطيب ومركزه الديني والاجتماعي والرسمي، كما فعلت مع الشيخ محمد سرندح خطيب المسجد الأقصى، والشيخ عكرمة صبري خطيب الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا، والشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية، وغيرهم.

وقد ترافق ذلك مع تضييق ممنهج على الصحفيين المقدسيين والمصورين الذين يشكلون عين الناس على ما يجري داخل المسجد، إذ أصبح كثير منهم عرضة للاستدعاء، أو الإبعاد، أو مصادرة الهواتف والكاميرات عند محاولتهم توثيق أي حدث، بل وبلغ الأمر بشرطة الاحتلال، تفتيش هواتف المصلين المسلمين أثناء وجودهم داخل المسجد الأقصى؛ للتأكد من أنهم لم يلتقطوا صورا أو فيديوهات للمستوطنين خلال الاقتحامات، الأمر الذي جعل من عملية نقل الصورة من داخل المسجد شبه مستحيلة في كثير من الأوقات.

وتشير شهادات عدد من الصحفيين والناشطين المحليين، إلى أن قوات الاحتلال لم تكتفِ بإغلاق الأبواب في وجوههم، بل قامت في أحيان كثيرة بإخراجهم من باحات المسجد قبل بدء الاقتحامات بدقائق، أو منعهم من دخول المسجد أصلا تحت ادعاءات مختلفة؛ ليبقى الميدان خاليا إلا من المستوطنين والشرطة.

وهذا الإخلاء المسبق للمكان من الإعلاميين والمرابطين يأتي ضمن خطة واضحة لتغييب الصورة الحقيقية لما يحدث، بحيث لا تصل الصورة إلا بعد انتهاء الحدث عبر الرواية الإسرائيلية الجاهزة التي تُقدَم بصفاقة على أنها "صلاة محدودة" أو "زيارة جماعية منظمة" لباحات عامة مفتوحة حسب التعريف الإسرائيلي للمسجد الأقصى.

ومع غياب العدسة الميدانية، تضعف قدرة الرأي العام العربي والإسلامي على متابعة ما يجري في المسجد، لتتحول القدس إلى مجرد عنوان عابر في نشرات الأخبار، بينما تتواصل في داخلها عمليات فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى بهدوء وصمت تام.

فالمشهد الذي كان قبل سنوات يملأ الشاشات بأصوات التكبير والاحتجاج، أصبح اليوم صامتا إلا من بيانات مقتضبة تصدر عن دائرة الأوقاف الإسلامية، أو وزارة الخارجية الأردنية، أو عن بعض المؤسسات المختصة والمهتمة.

إن ما يجري ليس مجرد صدفة ظرفية، بل هو نتاج سياسة طويلة المدى تهدف إلى سلخ المسجد الأقصى عن حضوره الإعلامي، وهو جزء من هندسة الوعي العام بإلغاء المسجد منه.

فالمعركة على المسجد ليست معركة حجارة ومبانٍ فقط، بل معركة رواية وصورة وذاكرة، إذ إن المشهد المرئي هو واحد من أبرز أدوات تحفيز الوعي القادرة على خلق التعاطف لدى الناس، ومن يمتلكُ القدرة على نقل الصورة، يملك القدرة على تشكيل الرواية، ومن يحتكرُ الرواية، يستطيع أن يبرر الفعل ويطمس الحقيقة.

إعلان

ولأن الاحتلال أدرك مبكرا أن صورة الجندي وهو يقتحم المسجد أو صورة المستوطن وهو يرفع علمه في باحات الأقصى كفيلة بإشعال غضب عالمي واسع، فقد قرر أن يمنع الكاميرات من الدخول، وأن يفتح المجال بالمقابل لعدسات إسرائيلية مختارة تلتقط المشهد بالطريقة التي يريدها هو، ثم تُوزع لاحقا في وسائل التواصل الاجتماعي لجماعات المعبد المتطرفة مصحوبة برؤيتها وتبريراتها للحدث.

ما يزيد خطورة المشهد أن منصات التواصل الاجتماعي التي شكلت على الدوام أداة مهمة لنشر ما يجري في الأقصى، ومقاومة التعتيم الإسرائيلي، أصبحت هي الأخرى ساحة للرقابة الصامتة.

فبمجرد أن تنتشر مقاطع توثق أي اقتحامات، أو اعتداءات على المسجد الأقصى أو المصلين فيه، تُحجب أو تُخفض درجة ظهورها؛ بحجة "مخالفة معايير المجتمع"، وهو ما يجعل التعتيم اليوم أكثر إحكاما وتطورا، إذ لم يعد بحاجة إلى جنود يمنعون الكاميرات عند الأبواب بالضرورة، بل يكفي أن تعمل خوارزميات الشركات الكبرى لحجب الصورة في لحظة.

بالمقابل، فإن المرابطين والناشطين المقدسيين الذين يوثقون لحظات الاقتحام والاعتداء، ولو من بعيد وينشرونها بسرعة قبل أن يقبض عليهم الاحتلال، أصبحوا اليوم خط الدفاع الأول عن الذاكرة البصرية للمسجد، ولولاهم لانقطعت الصلة بين العالم وبين ما يجري فعلا في باحاته. لكن هذه الجهود الفردية، مهما بلغت شجاعتها، تفتقد اليوم إلى منظومة دعم إعلامي ومؤسسي تحميها للأسف.

إذن، فالتعتيم الإعلامي لم يعد مجرد عَرَض جانبي للصراع على المسجد الأقصى، بل أصبح أداة رئيسة في إدارة المشهد. فحين لا تُرى الانتهاكات، لا يُحاسَب أحد، وحين تغيب الصورة، يغيب معها الإحساس بخطورة ما يجري. ولهذا يبدو الاحتلال أكثر حرصا على إغلاق العدسات من حرصه على إغلاق الأبواب.

هذا يفتح الباب للسؤال عن كيفية التعامل مع ما يجري، وهنا لا بد من الإشارة مباشرة إلى الجهات الرسمية في المسجد الأقصى، وتحديدا دائرة الأوقاف الإسلامية التي تتبع وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الأردنية، التي بات الاحتلال يتعامل معها باعتبارها تدير الوجود الإسلامي داخل المسجد الأقصى فقط، ولا تدير المسجد نفسه، وهذا الأمر ينبغي عدم السكوت عنه وعدم التهاون معه.

إن المطلوب من الأردن الرسمي أن يمارس حقه القانوني والسياسي الكامل في إدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك حتى لو أدى ذلك إلى تأزيم الموقف مع إسرائيل، فالتأزيم وإن كان يبدو سلبيا للوهلة الأولى إلا أن نتائجه على المستويين؛ المتوسط والبعيد إيجابية، فالاحتلال الذي يحاول أن يظهر اليوم قويا بإطلاق جنونه في غزة والضفة الغربية في الحقيقة لا يمكنه في هذا الوقت المغامرة بفتح جبهات أكثر من اللازم.

ومغامرة التصعيد والتأزيم مع بلد مثل الأردن، ستعمق الشرخ في المجتمع السياسي الإسرائيلي المنقسم على نفسه أصلا، خاصة بالنظر إلى أن الأردن يقع على أطول خط حدود برية مع إسرائيل.

ملف المسجد الأقصى بالنسبة للأردن يعتبر مسألة وجودية لا يمكن ولا يجوز التهاون فيها مهما كانت النتائج. ولذلك، فإن أقل ما يمكن للأردن أن يفعله هو ممارسة حقه المكفول بموجب القانون الدولي باعتباره يمثل السلطة الدينية صاحبة الحق الحصري في إدارة الأقصى وصيانته وإعماره بما في ذلك مراقبة كافة أرجاء المسجد الأقصى ونشر حراسه فيها لتوثيق ونشر ما يحدث فيه من عدوان لا يمكن السكوت عنه؛ وإلا فإن هذا التعتيم المقصود يمكن أن يكون مدخلا لطمس هوية الأقصى والتأسيس للمعبد معنويا وماديا تحت ستار الحصار والتعتيم، وعند ذلك لن ينفع الندم.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • المقاومة الفلسطينية تنفذ حكم الإعدام بحق عملاء لكيان العدو الصهيوني في غزة
  • وزير الشباب العدوان: تهيئة المرافق وتفعيل المراكز أولوية لتوفير بيئة آمنة وصديقة للشباب في مأدبا
  • إعلام الأسرى الفلسطينيين : تحرك الحافلات لنقل الأسرى الفلسطينيين من سجون العدو الصهيوني
  • القسام تعلن الالتزام باتفاق وقف الحرب بغزة والجداول الزمنية ما التزم العدو الصهيوني بذلك
  • العدو الصهيوني يداهم منازل الأسرى في رام الله ويستدعي أهالي من القدس المحتلة
  • العدو الصهيوني يقتحم منازل أسرى قبيل الإفراج عنهم ويحذر عائلاتهم من الاحتفال
  • مستوطنون يدنسون “الأقصى” بحماية شرطة العدو الصهيوني
  • مقطع مصور يوثق تنكيل قوات العدو الصهيوني بأسرى فلسطينيين قبيل تحررهم
  • ناشط مغربي: اتفاق غزة ثمرة صمود المقاومة والجبهة اليمنية التي أربكت العدو الصهيوني
  • لماذا غابت الفيديوهات التي توثق ما يجري في الأقصى؟