(«يتمثل أعظم إنجاز في أنني تمكنت من إقناع الإدارة الأمريكية بأن معاداة الصهيونية هي نفسها معاداة السامية».. هكذا أجاب سفير إسرائيلي في واشنطن عن سؤال أحد الصحفيين الإسرائيليين عن أهم ما أنجزه لإسرائيل).

(أبراهام ملتسر، صنع معاداة السامية أو تحريم نقد إسرائيل، ترجمة: سمية خضر)

ربما بسبب هذا الإنجاز المزعوم صَدَّقَ الكيان الصهيوني بأنه خارج عن حدود القانون وأنه فوق النقد الأخلاقي ولا يمكن اعتراض ممارساته المنتهكة لحقوق الشعب الفلسطيني وحقه في الحياة والأرض، فالنقد لسياسات كيان الاحتلال يعني بالضرورة وفقًا للحسابات الصهيونية معاداة للسامية.

جاءت الاحتجاجات الطلابية التي طغت اليوم على معظم الجامعات الأمريكية لتمثل تحولًا لافتًا على صعيد الوعي الأمريكي بالقضية الفلسطينية وهو ما أكدته استطلاعات الرأي كمقارنة بين ما قبل السابع من أكتوبر وما بعده، خرج الصوت المعارض للدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي من أعرق الصروح العلمية في أمريكا كمفارقة صادمة للنخبة السياسية الأمريكية، فعلى الرغم من سطوة الصهيونية وثقلها على المجتمعات الأمريكية بكل ما أوتيت من مخزون رأسمالي وتزييف إعلامي ورقابة تسلط عينها على المناهضين للصهيونية خارج حدود حرية التعبير وحقوق الإنسان، إلا أن صوت الضمير الإنساني خرج عن صمته ليصدح عاليا من أروقة الجامعات الأمريكية بكل ما أوتي من قوة، وهو بهذا الصنيع الإنساني يتعالى على التهديدات الصهيونية وعلى تزييف الإعلام الموجَّه.

كان تَشَبُّثُ أتباع الصهيونية وإصرارهم على اتهام مخالفيهم بمعاداة السامية حيلة ناجحة في السنوات الماضية في الدول الأوروبية والأمريكية وكافية لقمع من يجرؤ على انتقاد السياسات الإسرائيلية سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي في علاقتها بفلسطين والدول العربية. وَرَدَ مصطلح معاداة السامية لأول مرة في كتاب معجم الدولة لمؤلفه روتيك فلكيشن في عام 1865م وتجذر هذا المفهوم في القرن العشرين كتبرير مزعوم لاحتلال فلسطين وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني حتى بلغ الأمر ذروته في ممارسات جيش الاحتلال لجرائمه واستمراره في إبادة أهل غزة.وعندما انتفض طلاب الجامعات رفضًا لإبادة أهل غزة توالت التصريحات الصهيونية كعادتها بإلصاق تهمة معاداة السامية بهذه الاحتجاجات الطلابية، والمتتبع لتاريخ الصهيونية لن يتفاجأ بهذه التهمة ولن تنطلي عليه هذه الخدعة مرة أخرى، بل إن ما يحدث اليوم من انتفاضة الجامعات الأمريكية والتي امتدت إلى جامعات أوروبية أخرى ينبئ بصحوة العالم ويقظته تجاه التبعات الخطيرة والمخيفة في أهداف الاحتلال الصهيوني وتطرفه.

وعلى الرغم من أن الحركة الصهيونية استغلت العداء الأوروبي المعهود في القرن التاسع عشر ضد اليهود لاختزال مصطلح السامية على القومية اليهودية، فهذا لا ينفي أن أصل المصطلح يُعْنَى به شعوب الجزيرة العربية ولغتهم، لكن الحركة الصهيونية تُصرُّ اليوم على أن معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية وهي بهذا تحتكر المصطلح على الصهيونية وعلى دولة الاحتلال، وليس من قبيل الصدفة أن نرى الصهاينة يتَّهمون اليهود المناهضين لإقامة دولة إسرائيل بمعاداة السامية، والشواهد على ذلك كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال، عندما وصف الفنان يوفال أبراهام -الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية- ما يحدث في غزة على أنه جرائم حرب ترتكبها دولة الاحتلال، واجه سيلا من الاتهامات له بمعاداة السامية وقد وصف الفنان نفسه هذه الحادثة بقوله: «صُعِقْتُ عندما تم اتهامي باللاسامية» [المصدر السابق].

في نوفمبر من عام 1975م قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن «الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري»، حدث ذلك قبل أن تمارس الحركة الصهيونية سطوتها الرأسمالية وإسرافها في تزييف الحقائق وتمثيل دور الضحية، استند القرار إلى مراجع أخرى لقرارات صادرة من منظمات وجمعيات متعددة «أدانت الصهيونية بأقصى شدة بوصفها تهديدًا للسلم والأمن العالميين [وأن] على جميع البلدان مقاومة هذه الأيديولوجية العنصرية الإمبريالية.. [التي يمثلها] النظام العنصري الحاكم في فلسطين المحتلة [ذو] الأصل الاستعماري» [يمكن الاطلاع على نص القرار -رقم 3379 الصادر بتاريخ 10 نوفمبر 1975م- في الموقع الرقمي للجمعية العامة للأمم المتحدة].

ذات يوم من عام 1948م كتب بن جوريون -أول رئيس وزراء إسرائيلي- إلى ابنه رسالة يقول فيها: «قريبا لن نكون قادرين على مواجهة العالم» [المصدر السابق]، ولعل التطورات المتسارعة -التي يشهدها العالم تجاه حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني المقاوم- تبشر باقتراب عجز الحركة الصهيونية عن مواجهة العالم الذي يعني بالضرورة بداية النهاية لكيان الاحتلال الصهيوني.

عزان المعولي كاتب عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الجامعات الأمریکیة الحرکة الصهیونیة معاداة السامیة

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم العالى يجتمع بنخبة من العلماء المصريين بالجامعات البريطانية

عقد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى والبحث العلمى، اجتماعًا مع نخبة من العلماء والأساتذة المصريين المتميزين في مختلف الجامعات البريطانية الأعلى تصنيفًا. 

وزير التعليم: إدخال الذكاء الاصطناعي في مناهج الثانوية العامة وزير التعليم العالي: بنك المعرفة ساهم في الارتقاء بتصنيف الجامعات

جاء ذلك على هامش مشاركته فى فعاليات "المنتدى العالمى للتعليم"، المُنعقد فى لندن، والذي ينظمه المركز الثقافي البريطاني بالمملكة المتحدة؛ بحضور 122 وزيرًا من وزراء التربية والتعليم حول العالم، بهدف تحديد أولويات ووضع الإجراءات اللازمة لجعل التعليم أقوى وتحسين مُساهمته في بناء عالم أفضل.

وعقد الاجتماع بتنظيم المكتب الثقافى المصرى بلندن، بحضور  شريف كامل سفير مصر بلندن، ود. مصطفى رفعت الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات، ود.رشا كمال الملحق الثقافى ومدير البعثة التعليمية بالمملكة المتحدة وأيرلندا، ومارك هاورد رئيس المجلس الثقافى البريطانى، وشيماء البنا مدير القسم التعليمى.
 

استهل وزير التعليم العالي كلمته بالترحيب بالأساتذة والعلماء المصريين، مؤكدًا أن هذا الاجتماع يأتى فى إطار المبادرة الرئاسية"جسور التنمية"؛ بهدف تعزيز التواصل بين العلماء المصريين في مختلف أنحاء العالم، والاستفادة من خبراتهم في تنفيذ الخُطة الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والتعليم عبر الحدود، مقدمًا الشكر للمكتب الثقافى المصرى بلندن لتنظيم هذا اللقاء الذى يساهم فى ربط جسور التواصل بين الوزارة والكفاءات المصرية العلمية بالخارج.

استعراض استراتيجية التعليم العالي 

واستعرض الوزير الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالى والبحث العلمى، والتى أطلقتها الوزارة بهدف؛ تطوير المنظومة التعليمية والبحثية، وتهيئة بيئة مناسبة للاستثمار والتنمية، وتوفير البنية التحتية والرقمية اللازمة لتطوير مؤسسات التعليم العالى وتحويلها لمؤسسات ذكية تناسب الجيل الرابع والخامس من الجامعات وتواكب متطلبات الثورة الصناعية والتغيرات التكنولوجية الهائلة التى يشهدها العالم، لافتا إلى إطلاق المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية"، لتحقيق التكامل بين الجامعات والمؤسسات الصناعية والشركات الكبرى المختلفة، على المستوى الإقليمى لخدمة أغراض التنمية المحلية على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية.

واستعرض وزير التعليم العالي ما حققته مبادرة "تحالف وتنمية"، منوهًا بما تحظى به المبادرة من متابعة مستمرة من القيادة السياسية، وكذا الدعم الكامل لها من القيادة السياسية، وقد أطلقت المبادرة 7 تحالفات إقليمية، كما تم تشكيل المجلس التنفيذى للاستراتيجية الوطنية للتعليم العالى والبحث العلمى؛ لوضع خطط عمل التحالفات، ومتابعة تطبيق أهدافها، لافتًا إلى أن التحالفات تعمل على رسم خريطة لأولويات كل إقليم واحتياجاته من المشروعات التنموية لتسهيل وتسريع عملية التنمية المطلوبة بالإقليم.

وأبرز وزير التعليم العالي الاهتمام الذى توليه خطة الإستراتيجية لمبدأ "التخصصات المتداخلة" ضمن مبادئها السبعة، وكيفية الربط بين التخصصات العلمية بما يخدم التنمية الاقتصادية، وكذا الاهتمام بمبدأ "الاتصال" لتفعيل التواصل بين الجامعات والمؤسسات التعليمية على المستويين المحلى والدولى.

ولفت وزير التعليم العالي إلى تركيز مبدأ "المشاركة الفعالة" على تعزيز دور الجامعات فى خطط الدولة الإستراتيجية، والدور الكبير والهام للمستشفيات الجامعية فى خدمة المجتمع، والمساهمة فى المبادرات الرئاسية المعنية بصحة المواطن، مؤكدًا كذلك على الاهتمام بتحقيق مبدأ "الاستدامة" على المستوى الاجتماعى والاقتصادى لأعضاء هيئة التدريس وكذا العاملين بالجامعات المصرية.

وأشار وزير التعليم العالي إلى تطور ترتيب الجامعات المصرية فى التصنيفات العالمية، من 3 جامعات فى تصنيف التايمز لعام 2016، إلى 28 جامعة فى نفس التصنيف عام 2024، وكذا إدراج 49 جامعة مصرية فى تصنيف سيماجو العالمى بنسخته الأخيرة، فضلًا عن وصول بعض التخصصات والبرامج الدراسية ضمن فئة أعلى 50 جامعة على مستوى العالم، وتحقيق نتائج متميزة فى مختلف التصنيفات الدولية، كما أوضح الدعم الكبير الذى تقوم به الوزارة للابتكار، والتقدم فى نشر الأبحاث العلمية، والتركيز على ربط المخرجات البحثية بالصناعة وخدمة الاقتصاد.

واستمع وزير التعليم العالي إلى مقترحات العلماء والأساتذة المصريين، والمشروعات التى يمكن التعاون بشأنها، ومن بينها؛ "مشروع صناعة السيارات ببريطانيا وكيفية تخفيف وزنها"، وبحث تطبيقها فى مصر، وكذا مشروعًا حول؛ تطوير النقل والمواصلات، ومقترحًا لإنشاء كلية "النقل" بالجامعات المصرية، ومقترحًا حول كيفية تدريب العاملين بالقطاع الطبى من الأطباء البشريين والممرضين والفنيين، والتعاون فى وضع برامج لرفع التأهيل حول سبل استخدام الأجهزة الطبية والتقنية الحديثة من خلال الجامعات التكنولوجية، فضلًا عن مقترح لمشروع "العلاج عن بُعد باستخدام التكنولوجيا الحديثة".

وفى نهاية اللقاء قدم وزير التعليم العالي الشكر للأساتذة والعلماء المشاركين فى الاجتماع، مؤكدًا على وضع مقترحاتهم موضع العناية من كل أجهزة الدولة، والترحيب بهم لخدمة بلدهم، وتذليل أى عقبات تواجههم فى تنفيذ مقترحاتهم ومشروعاتهم.

وعرض مارك هاورد فى كلمته أهمية التعليم العابر للحدود، وإنشاء فروع للجامعات البريطانية فى مصر، مشيرًا إلى مساهمة المجلس الثقافى البريطانى فى تقديم المنح المالية للمشاريع البحثية المشتركة.
وقدم السيد/ شريف كامل سفير مصر بلندن الشكر للأساتذة والعلماء المصريين لحضورهم والتزامهم الدائم بدعم أى فعاليات من شأنها خدمة وطنهم.
وأكدت د. رشا كمال على دور المكتب الثقافى المصرى بلندن فى تيسير أى عقبات أو تحديات تواجه العلماء والأساتذة المصريين، والترحيب الدائم بمقترحاتهم والاستفادة من أفكارهم، مشيرة إلى استعداد المكتب لتنظيم سلسلة من الاجتماعات خلال المرحلة القادمة للعلماء المصريين.

جدير بالذكر، أن المنتدى العالمي للتعليم (EWF)، والذي يعقد سنويًا في لندن، يُعد من أكبر المنتديات لوزراء التعليم في العالم، ومنصة هامّة لتبادل الأفكار والخبرات، وتحديد أفضل الممارسات في مجال التعليم، حيث يُتيح هذا الحدث فرصة فريدة لوزراء التعليم وصنّاع السياسات ورواد التعليم والخبراء من مختلف دول العالم التواصل والتعاون، من أجل تطوير منظومة تعليمية أفضل للأجيال القادمة، كما سيُعقد العديد من الجلسات؛ كجزء من تقييم صادق للقضايا والتحديات المشتركة بين البلدان في مجال التعليم؛ ممّا يُساهم في وضع الحلول المناسبة.

مقالات مشابهة

  • قمع تظاهرة مساندة لفلسطين في نيويورك واعتقال عدد من المشاركين
  • جامعة الفيوم ضمن أفضل 500 جامعة عالميًا بتصنيف التايمز البريطاني
  • جامعة “جورج تاون” تمنح محمد القرقاوي الدكتوراه الفخرية في الإدارة الحكومية
  • المقاومة الفلسطينية: العدوان الإسرائيلي الهمجي على جباليا يؤكد فاشية الاحتلال وسلوكه الإجرامي
  • حماس: الاحتلال يواصل هجماته على مخيم جباليا لليوم السابع
  • تضامناً مع فلسطين… مظاهرة حاشدة في لندن وتواصل الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية
  • وزير التعليم العالى يجتمع بنخبة من العلماء المصريين بالجامعات البريطانية
  • ماذا يحدث للإنسان إذا اندلعت حرب نووية؟.. وفاة 5 مليارات شخص جوعا
  • كيف أنهت الجامعات الأمريكية احتجاجات الطلاب ضد الحرب في غزة؟
  • الاحتجاجات الطلابية حول العالم.. المرحلة الحرجة للاحتلال الإسرائيلي