يمانيون:
2025-10-12@18:48:50 GMT

ارتفع صوت المقاومة

تاريخ النشر: 5th, May 2024 GMT

ارتفع صوت المقاومة

يمانيون- بقلم- وديع العبسي|

لا يمكن اعتبار التعنت الإسرائيلي وزعمه إمهال حماس أسبوعا للقبول بمقترحات جولة التفاوض الجارية في القاهرة، إلا فعل كبرياء، القصد منه الحفاظ على ما بقي للكيان من سمعة وثقة لدى مستوطنيه، أما الخارج، فقد وقف على الحقيقة العسكرية الزائفة، وعلى الانحراف في السلوك، وعدم أهلية الكيان ليكون ندا لباقي دول العالم المحكومة بمنظومة من القيم الإنسانية والأخلاقية ومن الثوابت والتشريعات القانونية في السلم أو الحرب.

الأمور كما يبدو تسير في اتجاه إقرار الالتزامات التي سيكون على الكيان القيام بها، وكل المعطيات باتت تخنقه من كل اتجاه، وما عاد لديه حتى متسعا للتنفس، وقد صار كل العالم ضده، حيث الغليان يلهب شوارع العالم رفضا لمنهجه التدميري، وحيث المستوطنون يفقدون الثقة في كيان عجز عن تأمين حياتهم أو إعادة أسراهم، وحيث صوت محور المقاومة صار أعلى وأكثر وقعا وتأثيرا.

والأسبوع الماضي فقط، شهد العالم دخول طرف جديد في العمل المقاوم بضربات وجهتها المقاومة الإسلامية البحرينية على هدف في إيلات، أما أهم ما فاجأ العالم، فهو التوجه اليمني الذي ينذر بتحولات حاسمة تلوح في أفق الكيان.

فحتى وقت قريب جدا، ورعاة الكيان يحاولون امتصاص تأثير الضربات اليمنية الراسخة، كي لا يتراجعوا عن إبادة الفلسطينيين، وفي موازاة ذلك ساروا في اتجاه التصعيد والتهديد والوعيد بإيقاف الهجمات على البحر الأحمر بالقوة، إنما في ذروة ذلك، وما ظنوه كافيا لترهيب اليمنيين، جاء الإعلان بجولة التصعيد الرابعة التي كشف عنها السيد عبدالملك الحوثي الخميس، ودخلت فعلا حيز التنفيذ وفق إعلان القوات المسلحة، الجمعة، بتفاصيل محبطة للكيان الأمريكي وقد تزيد من جو الشقاق داخل إدارته.

والأسبوع الماضي شهد حراكا أمريكيا بالغ التشنج لوضع حد للصدمات التي يتعرض لها جيش واشنطن خلال مواجهته اليمن، وبلغ التشنج بوزير خارجيتها الصهيوني بلينكن إلى حد (الحُمّى)، ليهذي بالعودة إلى فرض الحصار على اليمن ومنع دخول المواد الغذائية إلى المناطق الشمالية، حسب تعبيره، إلى جانب ما يجري الترتيب له عسكريا.

وفضلا عن أن مثل هذا الفعل ليس بجديد، إذ عاش اليمن حالة حصار امتدت لسنوات بالتزامن مع عدوان مدمر أضاعت أمريكا بوصلته وما عادت تدري لماذا كان أصلا، فإن الحصار واستخدام ورقة التجويع بدرجة أساس – كما جاء في تصريح بلينكن – يكشف بوضوح مستوى الإفلاس الذي بلغته أمريكا حتى تعود إلى أسلوبها التقليدي في معاقبة الشعوب بالتجويع على رفضها الانصياع لإرادتها.

والإيقاع السريع للتحرك الأمريكي جاء – كما هو واضح – قبيل بدء الكيان الصهيوني هجومه على رفح، إذ أن صنعاء كانت حذرت من فداحة ما ستؤول اليه الأمور حال نفذ العدو تهديده، الأمر الذي دفع بأمريكا للتحرك سريعا لمعالجة هذا التدخل اليمني في المعركة، وبإعلان صنعاء صراحة عن توسيع نطاق الضربات ليشمل البحر المتوسط، بحيث تطبق الحصار على الكيان، أخذ نقاش القاهرة منحى المرونة، فما خسره الكيان ومعه أمريكا وبريطانيا كثير جدا، وهي خسائر استراتيجية أقلها فقدان ما تُعرف بالقوّة العظمى أمريكا، التأثير على مجريات الأحداث في المنطقة، والقدرة على ضبط إيقاع التفاعل المقاوم ضد البلطجة الصهيونية، سواء على مستوى المنطقة أو الداخل الأمريكي والعالم، كما ومما خسرته أيضا هيبة الردع التي تحطمت بصورة قطعية، فلا الاستعراض بالقطع البحرية كان له أثر ومنع عنها الضربات اليمنية، ولا السلاح أثبت فاعليته، والباتريوت الأمريكي – الذي أخرجه الكيان عن الخدمة لفشله الذريع في رد الهجمات الإيرانية عنه – خير شاهد.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

غزة.. انتصار الكرامة وتوحد الإنسانية

 

 

 

صالح بن سعيد الحمداني

 

ها هي غزة تلك البقعة الصغيرة على خارطة العالم تعود من تحت الركام شامخة كعهدها تحمل في ملامحها حكاية أمةٍ تنبض من جديد في عروقها الكرامة والإيمان ولم تمت، توقفت أصوات القنابل وخفت دويّ الصواريخ، لكنّ صوت النصر ارتفع من بين أنقاض البيوت ومن صدور الأمهات والآباء والأطفال، يُعلن أن غزة العزة لم تنكسر، وأنَّ المقاومة سطّرت صفحة جديدة من تاريخ الصمود العربي والإسلامي والإنساني.

لقد عمّت الفرحة المدن العربية والإسلامية وتسابقت القلوب قبل الكلمات في التعبير عن الفخر والاعتزاز بما أنجزه أبطال المقاومة في وجه آلة الدمار التي أرادت أن تطفئ نور الحياة في غزة لكنها لم تدرك أنَّ هذا الشعب الذي عاش على وقع الحصار والحرمان لسنوات طويلة لا يعرف الانحناء ولن يعرفه لأنهم أحفاد أبطال سطروا التاريخ بدمائهم وكرامتهم وبطولاتهم التي تغذي جيلًا بعد جيل معنى كل هذه المعاني السامية.

لم يكن انتصار غزة فرحة تخص الفلسطينيين وحدهم ولكنه عيد تتقاسمه الأمة بأسرها فرحة عمَّت القلوب في شوارع كل مدينة عربية وإسلامية بل والعالم أجمع، حيث الأحرار الذين سطروا للإنسانية صورًا مشرقة بمظاهراتهم ووقفاتهم، عمت الفرحة كل مدينة وخرجت الأصوات بالدعاء والتهليل رافعة راية المقاومة مشيدة ببطولة أولئك الذين واجهوا الموت بصدورهم العارية وإيمانهم الراسخ، في الأزقة الشعبية كما في الجامعات والمقاهي كانت غزة حديث الناس ومصدر إلهامٍ للأجيال الجديدة التي رأت في المقاومة درسًا في الكرامة والسيادة والإصرار. أما في العواصم الإسلامية فقد امتزجت الدموع بالفرح؛ إذ شعر المسلمون بأن جرح فلسطين هو جرحهم، وأن نصرها نصر لهم، وأن كل طلقة صمود أطلقت في وجه العدوان كانت دفاعًا عن عقيدة وعن أمةٍ بأكملها.

حتى أولئك الذين قد يكونون بعيدين عن الجغرافيا، لم يكونوا بعيدين عن الوجدان، فكُل إنسان حُر في هذا العالم أحسّ أن غزة لا تدافع عن نفسها فقط، وإنما عن قيمة الإنسان عن حقه في الحياة والكرامة وعن معاني العدالة التي حاولت القوى الظالمة طمسها لعقود طويلة، لقد أثبتت المقاومة الفلسطينية- بكل فصائلها وتنوعها- أن الإرادة أقوى من السلاح وأن العدل أقوى من الطغيان وصمدت في وجه أعتى الجيوش وأحدث التقنيات العسكرية لكنها كانت تمتلك ما لا يمكن قياسه بالمقاييس المادية الإيمان، إيمانٌ بعدالة القضية وبأنَّ النصر وعدٌ من الله لا يتحقق إلا بالصبر والثبات.

سقط الشهداء نعم، لكنهم ارتقوا وهم يرسمون ملامح مستقبلٍ جديدٍ للأمة، قادةٌ تركوا خلفهم وصاياهم بأن لا تُرفع راية الاستسلام ونساءٌ قدمن أبناءهن فداءً للوطن وشيخٌ يبتسم وسط الركام لأنه يعلم أنَّ الدم الطاهر لا يذهب سدى. أما الأطفال الذين حملوا حجارتهم الصغيرة في وجه الدبابات فقد علموا العالم كله أن الطفولة في غزة تولد وهي تعرف معنى البطولة، لقد تعلمنا من أولئك الأطفال الأبطال معنى الشجاعة وقول كلمة الحق وعدم الخنوع والجبن والعار.

إنَّ هذا النصر لم يكن عسكريًا فحسب، لقد كان نصرًا للروح والإيمان والإنسانية؛ إذ أعاد التوازن إلى الضمير العالمي وأجبر كثيرًا من الإعلام المُضلِّل على أن يُراجع روايته بعدما رأى الملايين حول العالم الحقيقة كما هي شعبٌ أعزل يقاتل من أجل حريته في مواجهة احتلالٍ لا يعرف سوى لغة القوة والعقاب الجماعي، وعندما توقفت الحرب تنفست الأمهات في غزة الصعداء، لكن الدموع لم تتوقف فقد كانت دموعًا من نوعٍ آخر دموع الفرح المشوب بالحزن والاعتزاز الممتزج بالحنين إلى الشهداء.

في كل بيتٍ غزّي، حكاية فخر وفي كل شارعٍ لوحة من بطولاتٍ لا تُحصى، وتحت وأسفل كل ركام جثث ما زالت تنتظر الدفن والإكرام، كل شبر في غزة يتحدث عن بطولات وظلم وعربدة وبطش، ولكن كان هناك رب يحفظ عباده، وعباد تمسكوا بوعد ربهم؛ فنالوا الكرامة؛ فالشهيد عند ربه مُكرَّم، والبطل يعيش ملامح النصر، ولا عزاء لكل صهيوني ملعون.

أما في العالم العربي والإسلامي، فقد كان وقف الحرب بمثابة لحظة صحوة، شعر الكثيرون أن الأمة لا تزال حيّة، رغم محاولات التشويه وإشاعة اليأس، وأن فلسطين لا تزال البوصلة التي يمكن أن توحد الصفوف، مهما تفرقت السياسات واختلفت الأجندات. لقد جاءت فرحة النصر في غزة لتوقظ الضمائر، ولتذكِّرنا أنَّ العروبة ليست شعارًا، لكنها موقف، وأن الإسلام ليس طقوسًا فحسب، وإنما قيم عدل ورحمة ونصرة للمظلوم. ولذا رأينا كيف تفاعل الناس من كل الأديان والألوان من أوروبا إلى أمريكا اللاتينية مع مأساة غزة، وكيف تحوّلت المعاناة إلى منصةٍ عالمية للحق والحرية، فكان انتصار الإنسانية قبل السياسة.

ما حدث في غزة لم يكن مجرد نصر عسكري أو سياسي، وإنما نصر أخلاقي وإنساني بكل المقاييس. لقد فضحت الحرب القيم الزائفة التي ترفعها بعض الدول تحت شعارات "حقوق الإنسان"، بينما كانت تتواطأ بالصمت أو الدعم للعدوان. وفي المقابل أضاءت غزة وجه الإنسانية الحقيقي، حين توحدت الشعوب الحرة من المسلمين والمسيحيين واليهود الأحرار والملحدين في رفض الظلم والمطالبة بوقف القتل، فكُل لافتة رُفعت في لندن أو نيويورك أو جوهانسبرج، كانت تقول بصوت واحد "غزة ليست وحدها".

لقد انتصرت الإنسانية حين رأى العالم أن هناك من لا يبيع مواقفه، وأن الضمير الإنساني لا يزال قادرًا على الحياة، رغم كل محاولات التزييف. غزة اليوم تتحول من وجع الحصار إلى فجر الكرامة، وستبقى غزة رمزًا للكرامة العربية وصوتًا لا يخبو في ذاكرة الأمة؟ لقد علَّمت غزة الجميع أن النصر لا يأتي من قصور السياسة، ولا من موائد المفاوضات؛ بل من الميدان ومن صبر الأمهات ومن سواعد المقاتلين ومن دماء الشهداء التي تكتب التاريخ بمدادٍ من العزة. وها هو العالم اليوم يرى أن الواقع قد تغيّر. لقد أثبتت المقاومة أنها رقمٌ صعب لا يمكن تجاوزه وأن إرادة الشعوب أقوى من أي تطبيعٍ أو تواطؤٍ أو خذلان، وأن نصر غزة هو نصر لكل حُر ولكل قلبٍ ما زال يؤمن أن الحق لا يموت مهما طال ليله.

 

وبعد عامين من المذابح والتهجير والجوع والعطش والحرمان والحصار، نعيش فرحة وقف الحرب وانتصار المقاومة لا نحتفل بنهاية معركة فقط، وإنما ببداية وعيٍ جديد.. وعيٌ بأن الأمل لا يموت، وأن الشعوب الحرة قادرة على صنع التاريخ، متى ما آمنت بعدالة قضاياها وتمسكت بوحدتها. غزة لم تنتصر وحدها، فقد انتصرت الأمة فيها، وانتصر الإنسان في كل مكان، وستظل كلماتها خالدة في وجداننا "هنا صمدنا وهنا قاومنا وهنا انتصرنا لأننا آمنا بالله أولًا وبأن الحرية لا تُمنح؛ بل تُنتزع بدماء الأحرار".

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • غزة.. انتصار الكرامة وتوحد الإنسانية
  • غزة.. أسطورة الصمود التي كسرت هيبة الاحتلال وأعادت للحق صوته
  • ناشط مغربي: اتفاق غزة ثمرة صمود المقاومة والجبهة اليمنية التي أربكت العدو الصهيوني
  • تعرف على ترتيب مجموعات تصفيات كأس العالم عن أمريكا الوسطى والكاريبي
  • من هو مروان البرغوثي؟ .. الزعيم الفلسطيني الذي ترفض إسرائيل الإفراج عنه
  • المدن التي دمرتها الحروب حول العالم.. غزة في المقدمة
  • لازلو كراسناهوركاي.. الكاتب الذي عبر من الأدب إلى السينما وصولا إلى نوبل
  • هل يعود الكيان للحرب‎
  • المنوفي الذي هزم أمريكا وإسرائيل
  • الفرح: موقف اليمن ثابت إلى جانب المجاهدين الفلسطينيين ضد العدوان الصهيوني